117 حالة كل دقيقتين.. لماذا تواصل معدلات الطلاق القفز في مصر؟
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
واصلت نسب الطلاق في مصر ارتفاعها سنويا وسجلت 269.8 ألف حالة طلاق عام 2022 مقابل 254.8 ألف حالة عام 2021، بنسبة ارتفاع قدرها 5.9%، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، وسط قلق مؤسسات المجتمع المدني والحكومية.
وبلغ متوسط عدد حالات الطلاق في الشهر 22.5 ألف حالة و 739 حالة في اليوم،و31 حالة في الساعة، و حالة طلاق كل 117 ثانية مقابل حالة زواج كل 34 ثانية، وشكلت نسبة حالات الطلاق 29% من إجمالي عقود 929.
وتشير الأرقام الأخيرة إلى أن حالات الطلاق آخذة في الزيادة بشكل مطرد ومقلق، إذ كانت تمثل نحو 16.8% فقط من عقود الزواج عام 2012، حيث بلغت حالات الطلاق حينها 155.3 ألف مقابل 922.4 ألف عقد زواج.
ووثق تسجيل 269.8 حالة طلاق عام 2022 مقارنة بنحو 155.3 حالة طلاق في عام 2012، ما يشير إلى ارتفاع نسبة الطلاق بنسبة 73.7%، على الرغم من أن عدد عقود الزواج خلال العامين محل المقارنة كانت متقاربة رغم أن الفرق بينهما عقد من الزمن وكان عدد السكان نحو 82 مليون نسمة مقارنة بنحو 105 ملايين نسمة.
ووفقاً لإحصاءات الجهاز المركزي تصدرت العاصمة المصرية القاهرة نسب الطلاق، تليها محافظة الإسكندرية، ثم محافظات الجيزة والشرقية والدقهلية، والقليوبية بينما تعد المحافظات الحدودية ومحافظات الصعيد هي الأقل في نسب الطلاق.
الأرقام غير الرسمية
حول أسباب هذه الزيادة المطردة في عدد حالات الطلاق التي باتت تشكل نحو 30% من حالات الزواج، يقول المستشار الأسري ومدير "أكاديمية بسمة للسعادة الزوجية"، الدكتور محمود القلعاوي، "نحن أمام ظاهرة كبيرة وفي ازدياد وتدعو إلى قلق المؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدني؛ لأن انعكاسها على المجتمع سلبي للغاية ومؤشر على وجود مشاكل ينبغي معالجتها".
ولا تعبر هذه الأعداد عن الأعداد الحقيقية للطلاق في مصر بأنواعه، بحسب تصريحات القلعاوي لـ"عربي21" الذي أشار إلى أن "هناك فجوة في الأرقام بين تلك التي يعلنها جهاز الإحصاء وحالات الطلاق الفعلية في البيوت المصرية؛ وهناك أشكال مختلفة من الطلاق مثل طلاق الصمت والطلاق العاطفي وبيوت الثلج وطلاق التباعد وغيره".
وأوضح أن "أسباب الطلاق في مصر كثيرة، لكن الوضع الاقتصادي جزء لا يتجزأ من الأزمة وهو أحد الأسباب الرئيسية في تراجع عقود الزواج التي لم ترتفع منذ أكثر من 10 سنوات وزيادة حالات الطلاق؛ نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية منذ تلك الفترة، وتردي الأوضاع المعيشية لملايين الأسر المصرية، بسبب زيادة متطلبات الإنفاق وغلاء الأسعار من جهة، وتراجع الدخول وضعف القوة الشرائية من ناحية أخرى".
10 سنوات من التوتر والاضطرابات
وقال الناشطة في المجتمع المدني، هبة حسن، أن "المجتمع في مصر يعيش أزمة كبيرة رصدها متخصصون وإحصائيات ودراسات متعددة تتعلق بوجود أزمات في العلاقات الاجتماعية، ويعيش المجتمع على صفيح ساخن من التوتر والخصومة وبالطبع زادت معدلات الطلاق ما ينذر بتفكك الأسر وتمزقها، وهو أكبر خطر يتهدد النسيج المجتمعي".
ورأت في تصريحات لـ"عربي21" أن "الأزمة الاقتصادية أحد أهم مسببات هذا الواقع المجتمعي المتردي بسبب ما أصبح يعانيه الجميع من أزمة في توفير المتطلبات الأساسية للحياة من مسكن وعمل يوفر الحد الأدنى لحياة آدمية من مأكل ومشرب وعلاج وتعليم وخلافه".
واستدركت رئيسة التنسيقية المصرية للحقوق والحريات: "فضلا عن اتساع الفجوة بين الطبقات المجتمعية ما بين شريحة عليا محدودة مغرقة في الترف تتحكم في المشهد العام وتمتلك غالبية موارد الدولة وغالبية لا تجد مقومات الحياة اليومية وتصطدم يوميا من خلال الإعلام والميديا بتغطيات ومحتوى يستفز مشاعرهم وينشر نمط استهلاكي لا يستطيعه رب الأسرة ".
وهو ما يمثل، بحسب حسن، ضغط نفسي على الأسر يفاقم من المشكلات والخلافات الدائمة التي لا تصمد أمامها كثير من الأسر ولا ينتهي الأمر للأسف بمشكلات الطلاق بل يمتد تأثير ذلك على الأبناء وما يصلون إليه من اشكاليات نفسية أو انحراف سلوكي".
وبحسب الإحصاءات الرسمية فإن نسبة الفقر في عام 2019/2020 قبل جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية الطاحنة التي أثقلت كاهل الشعب المصري كانت نحو 30%، وقدر البنك الدولي في تلك الفترة بأن حوالي 60% من سكان مصر إما فقراء أو عرضة له، وأن عدم المساواة آخذ في الازدياد.
وأشار البنك الدولي في تقريره عام 2019 إلى أن الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها السلطات المصرية قبل أن تخفق في تحقيق أي إصلاحات جذرية وحقيقية، أثرت على الطبقة الوسطى، التي تواجه ارتفاع تكاليف المعيشة نتيجة للسياسات المالية والاقتصادية الجديدة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات الطلاق مصر الفقر مصر طلاق فقر انفصال سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حالات الطلاق حالة طلاق طلاق فی فی مصر
إقرأ أيضاً:
ينتظرها نقاش في البرلمان.. مدونة الأسرة بالمغرب تدخل مرحلة الحسم
مراكش- زاد اهتمام المغاربة خلال اليومين الأخيرين بموضوع تعديل مدونة (قانون) الأسرة، وذلك بعدما كشفت الهيئة المكلفة بمراجعتها، الاثنين الماضي، عن أهم مضامين التعديلات، ومضمون الرأي الشرعي للمجلس العلمي الأعلى، والتي قام أعضاء من الحكومة بتقديمها أمام الملك محمد السادس في ورشة عمل رسمية.
ولاقت التعديلات المقترحة ردود أفعال على مواقع التواصل عكست جانبا من النقاشات التي يخوضها المغاربة في بيوتهم ومنتدياتهم بشأن أثر التعديلات على موقفهم من فكرة الزواج.
وكتب أحدهم على منصة فيسبوك: "أصبح الزواج يقترب من مفهوم الشركة، أكثر منه إلى التساكن واللباس". وردّ آخر "من يفكر في الطلاق، من الأفضل ألا يفكر في الزواج أصلا".
أما الجمعيات النسائية والهيئات الحقوقية والأحزاب السياسية من مختلف التوجهات الفكرية، سواء المحافظة التي تدعو إلى التشبث بالمرجعية المحلية ومراعاة خصوصية المجتمع المغربي المسلم، أو الحداثية التي تصر على ضرورة اعتماد المواثيق الدولية ومواكبة المتغيرات الحقوقية، فقد تلقت كل منها -من زاوية نظرها الخاصة- التعديلات المقترحة بإيجابية حذرة، يرى فيها كل طرف إرضاء لبعض مطالبه، في انتظار تلبية أخرى.
منتدى الزهراء يشيد بتوجيهات الملك المتعلقة بمدونة الأسرة (الجزيرة) جدلخرجت مقترحات التعديلات إلى حيز الوجود بعدما تبنت الحكومة منهجية استشارية، بتعليمات ملكية، تلقت معها مقترحات مختلف التوجهات في إطار الوصول إلى توافق لم يكن يسيرا، في حين ينتظرها نقاش حاد تحت قبة البرلمان المغربي بعد المصادقة عليها من قبل مجلس الحكومة، قبل أن تتحول إلى قوانين ملزمة.
إعلانوأشادت الناشطة الحقوقية المسؤولة بمنتدى الزهراء (شبكة نسائية) صالحة بولقجام -في تصريح للجزيرة نت- بتفعيل الضوابط التي وضعها الملك بإحالة الإصلاحات المتعلقة بالجوانب ذات الطبيعة القضائية والمدنية إلى أهل الاختصاص، وإحالة الجوانب المرتكزة على نصوص الشريعة الإسلامية إلى المجلس العلمي الأعلى.
وثمنت بولقجام رفض كل المقترحات المتعارضة مع النصوص القطعية، على حد تعبيرها، مع فتح باب الاجتهاد في مجال التحولات الأسرية على المستوى القيمي والاجتماعي.
من جانبها، وصفت منسقة ائتلاف دنيا (شبكة نسائية) أمال الأمين -في حديث للجزيرة نت- الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالظاهرة الصحية والضرورية، والتي تعكس حيوية المجتمع وحرصه على تطوير منظومته القانونية بما يتماشى مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وأبرزت أن النقاشات الدائرة بين مختلف الأطراف والفاعلين تعتبر فرصة ثمينة لإثراء التصورات وإغناء الرؤى، بهدف الوصول إلى صياغة مدونة أسرة متوازنة وعادلة، تأخذ بعين الاعتبار حقوق جميع مكونات المجتمع، سواء كانوا نساء أو رجالا أو أطفالا.
وزير العدل عبد اللطيف وهبي خلال جلسة العمل الخاصة بمناقشة مقترحات المدونة (مواقع التواصل) تعديلاتجاءت بعض هذه المقترحات مخيبة لآمال البعض ومطمئنة لآخرين، ورأت الناشطة الحقوقية أمال الأمين في هذه التعديلات خطوة إيجابية نحو تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز حقوق الأفراد داخل المجتمع، إلا أنها عبرت عن استيائها العميق برفض اعتماد الخبرة الجينية (اختبار الحمض النووي) لإثبات النسب، على اعتبار أن ذلك يعد انتهاكا صارخا لحقوق الأطفال الذين ولدوا خارج إطار الزواج.
واعتبرت مسألة تحديد سن زواج القاصر عند 17 سنة كاستثناء مشروط خطوة إيجابية، رغم أنها لا تلبي تماما تطلعاتها لحماية حقوق الطفل، مبرزة أن مواصلة تمسكها القوي بالتوصيات الداعية إلى الحظر التام لزواج الأطفال وتجريمه بشكل صريح، ذلك أن الزواج في سن مبكرة، حتى وإن كان استثناء، يعرض الفتيات لمخاطر عديدة تمس بحقوقهن في التعليم والصحة والنمو السليم، يعوق مساهمتهن الفعالة في المجتمع.
إعلانبدوره، عبر أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعة إدريس أوهنا، للجزيرة نت، عن ارتياحه لمخرجات مراجعة المدونة بتضمنها على العموم تعديلات منصفة ومهمة، مثل تمتيع المرأة بحق النيابة القانونية وحق الحضانة، والاعتراف بحالات الزواج العرفي لتقنين الأوضاع القانونية وحماية الحقوق، بشرط التوثيق لاحقا، وتفعيل مقترح المجلس العلمي الأعلى، بخصوص موضوع إرث البنات، واستثناء بيت الزوجية من التركة، وجعل الطلاق الاتفاقي موضوع تعاقد مباشر بين الزوجين دون الحاجة لسلوك مسطرة قضائية.
كما أبرز أوهنا، وهو رئيس مركز القرويين للدراسات والبحوث، المشارك في المشاورات، أن هذه التعديلات أحاطت بعض الأحكام الشرعية القطعية بالصيانة اللازمة كأصل التعصيب، وعدم اعتماد الخبرة الجينية في إثبات النسب الشرعي، ورفض التوارث بين المسلم وغير المسلم.
لكنه استدرك على المادة المتعلقة بتعدد الزوجات جنوحها إلى مزيد من التضييق على التعدد بشروط أقرب إلى المنع من الإباحة، وهو ما لا يراه صائبا.
ارتياحوفي سياق ردود الأفعال، عبّر خالد الصمدي، الوزير السابق عن حزب العدالة والتنمية، عن ارتياحه في ما يتعلق بحذف تعديلات مثل التعصيب من نظام الإرث، والمساواة في الإرث بين الذكر والأنثى، ومنع تعدد الزوجات، وتجريم زواج القاصر دون سن 18، ومنح النسب للمولود وإن كان من علاقة غير شرعية، وعدم اعتبار اختلاف الدين في التوارث بين الزوجين.
في المقابل ثمّن حزب التقدم والاشتراكية، في بيان، رفع سن الزواج من 16 إلى 18 سنة، مع السماح بذلك في 17 سنة وبشروط وضمن دائرة الاستثناء، وأيضا التضييق على التعدد بوضع شروط جديدة، علاوة على ترحيبه بالمساواة في الوصية الواجبة بين الأبناء والبنات، وتحسين معايير النفقة وتسريع البت في قضايا الطلاق.
وخلال تقديمه للخطوط العريضة لمقترحات مراجعة قانون الأسرة خلال لقاء تواصلي، أمس الثلاثاء، بدا عبد اللطيف وهبي وزير العدل المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، أكثر حماسا وهو يتلو تعديلات دون غيرها، خاصة بتحديد سن الزواج، والتضييق على التعدد، والمساطر الجديدة للطلاق والتطليق.
إعلانوكذلك التأطير الجديد لتدبير الأموال المكتسبة في أثناء العلاقة الزوجية مع تثمين عمل الزوجة داخل المنزل، وعدم سقوط حضانة الأم المطلقة بالرغم من زواجها مرة ثانية، وجعل النيابة القانونية حقا مشتركا خلال الزواج وبعد الطلاق، وحق الزوج أو الزوجة بالاحتفاظ ببيت الزوجية، في حالة وفاة الزوج الآخر.
القانون والتربيةوفي إطار ما تطرحه تعديلات المدونة من ضمان لاستمرار الأسرة المغربية في جو من الود والوئام، شددت بولقجام على ضرورة تبني إصلاح قضائي يحافظ على خصوصية وكرامة الأسرة المغربية، وعلى تفعيل مؤسسات الوساطة الأسرية، قصد تخفيض نسب الطلاق ومظاهر العزوف عن الزواج في البلد.
في حين أكدت أمال الأمين أن ارتفاع نسبة الطلاق بعد اعتماد مدونة الأسرة سنة 2004 لا يعد مؤشرا سلبيا بقدر ما هو تعبير عن قدرة النساء على اتخاذ قرارات مصيرية بشأن حياتهن، وهو أمر يعكس تطورا في الحقوق والحريات الفردية، إذ إن المدونة جاءت لتكريس مبدأ المساواة بين الجنسين ومنح النساء فرصة التعبير عن أنفسهن قانونيا، مما يساهم في تحقيق نوع من التوازن الاجتماعي والأسري على المدى البعيد.
وتتفق المتحدثتان على أن القوانين تعد ركيزة أساسية لتنظيم المجتمع وحماية الحقوق، لكنها تظل غير كافية إذا لم ترافق بتنشئة اجتماعية سليمة، إضافة إلى حملات توعية لترسيخ مبادئ الاحترام والمسؤولية المشتركة داخل الأسرة.