7 سنوات على فتنة ديسمبر.. مخطَّطاتُ العدوان تصطدمُ بوعي الشعب
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
يمانيون../
تحلُّ علينا اليومَ الذكرى السابعة لأحداث فتنة الـ2 من ديسمبر للعام 2017 لزعيم الخيانة الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح.
وحتى هذه اللحظة لا يزال الخائن طارق عفاش يتصدر المشهد بدعم كبير من الاحتلال الإماراتي، حَيثُ يسيطر على مديرية المخاء المطلة على مضيق باب المضيق، ويعمل على استمالة المسلحين من مختلف مناطق اليمن؛ لتنفيذ الأجندة والمخطّطات الإماراتية الصهيونية في اليمن.
كان المشهد مخيفًا في مثل هذا اليوم، حَيثُ أفاقَ الشعبُ اليمني على تصريحات الخائن صالح الذي يوصَفُ بـ “الراقص على رؤوس الثعابين”، ملقيًا خطابًا تحريضيًّا على الجيش واللجان الشعبيّة، وداعيًا الشعب اليمني للخروج بانقلابٍ؛ خدمة للعدوان ومرتزِقته، لتنكشف بعد ذلك ورقة “صالح” التي ادَّخرها العدوانُ للطعن في ظهر اليمن في الوقت والمكان المناسِبَينِ، لكن هذه الدعوة كانت البداية للنهاية المخزية للخائن “صالح” الذي ظلَّ متربعًا على عرش اليمن لمدة 33 سنة.
وخلال هذه الفتنة 2 ديسمبر، كشف الخائن علي عبد الله صالح قناعه الحقيقي؛ فأراد في مثل هذا اليوم المتزامن مع العيد الوطني لدويلة الإمارات، القيام بانقلاب، يستهدف أمن اليمن وسلامته، وأدى إلى شرخ الصف الوطني، هادفًا إلى إحداث تغيير في موازين القوى لصالح العدوان السعوديّ الإماراتي الأمريكي، غير أن إرادَة الله كانت فوق كُـلّ مخطّطاته الإجرامية؛ فقد انتهت أحداث الفتنة والمؤامرة الكبرى بمقتله بعد أَيَّـام من المعارك الضارية بالقرب من قصره المعروف بـ “قصر الثنية” في العاصمة صنعاء، وهو ما شكَّلَ صفعةً مدويةً للعدوان وانتصارًا عسكريًّا ساحقًا على “الرياض” و”أبو ظبي” وأدواتهما ومرتزِقتهما ومن خلفهما أمريكا والكيان الصهيوني.
لم يكن التمرد في الـ2 من ديسمبر للعام 2017، الذي قاده زعيم الفتنة، بريئًا وطارئًا، بل كان مدعومًا وبشكل مباشر من قوى العدوان، وهو ما كشفت عنه وسائل الإعلام التابعة لدول الاحتلال السعوديّ الإماراتي التي ظلت تعمل لصالحه، وحَوَّلته إلى بطل قومي، فيما كانت قبل ساعاتٍ تصفُه بالمخلوع والمراوغ، وناكر الجميل وبمختلف عبارات الشتم والبذاءة.
لقد فضح الخائن صالح نفسه، وأماط اللثام عن وجهه الحقيقي عندما أراد خيانة الله ورسوله والمؤمنين، من خلال التنكيل بالمجاهدين في الجبهات، بعد أن تعمد في ذلك اليوم نشر ميليشياته ومسلحيه على جنبات الطريق المؤدية إلى صرواح ونهم، لتبدأ تلك المجاميع فجرًا في نصب نقاط تعمل على استهداف سيارات المجاهدين المتجهة إلى أرض المعركة بما فيها سيارات الإمدَاد، حَيثُ جاء قطع الطرق المؤدية إلى الجبهات ضمن مخطّط مدروس تم الاتّفاق عليه بين زعيم الفتنة وبين دول العدوان السعوديّ الإماراتي؛ بهَدفِ هزيمة مقاتلي الجيش واللجان الشعبيّة المرابطين في تلك الميادين؛ ما يسهِّلُ الطريقَ على العدوّ بالتقدم عسكريًّا بعد أن فشل أمام ضربات اليمنيين وأصبح أضحوكةً أمام العالم.
إجماعٌ شعبي لرفض الفتنة:
في فتنة الـ2 من ديسمبر، حصل ما لم يكن في حسبان زعيم الفتنة، وهو الإجماع الشعبي غير المسبوق لرفض كافة أشكال المؤامرة التي يقودها حاكم اليمن الأسبق ضد أبناء بلده، وهو ما جعلهم جميعًا يلتفون حول القيادة الثورية ممثلة بالسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- والرئيس الشهيد صالح الصماد، اللذَين تعاملا منذ البداية على أَسَاس الاحترام، وضبط النفس تجاه التحَرّكات المريبة للخائن “صالح” ونجل أخيه الخائن طارق عفاش، والتي سبقت يوم 2 ديسمبر؛ حرصًا منهما على الشراكة الوطنية، وتفويت الفرصة على دول العدوان، وهو ما اعتبره الخائن صالح ضَعفًا ودفعه إلى المضي قدمًا لتنفيذ مخطّطاته، وإحداث الفتنة التي باءت بالفشل، وانتهت بمصرعه، بفضل الله ووعي أبناء الشعب اليمني.
في الـ2 من ديسمبر للعام 2017، يتذكر الجميع مناشدات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي عبر خطاب متلفز صباح ذلك اليوم، موجهًا للخائن “صالح” بأن عليه أن يوقف تحَرّكاته العسكرية، وأن يضع حَدًّا لمسلحيه، مبديًا استعدادَه للاحتكام حتى إلى قيادات المؤتمر الشعبي العام، وهو الخطابُ الحكيم الذي اعتبره كثيرون من باب إقامة الحُجَّـة، وكان سببًا في فضح زعيم الفتنة، أمام أنصاره ومؤيديه.
وفي ذلك اليوم، سجَّلت غالبيةُ الأحزاب والقوى السياسية مواقفَ مشرِّفةً، من خلال رفضها الانصياع لمخطّط الفتنة التي يقودها الخائن “صالح” ونجل ابن أخيه، بالإضافة إلى مشايخ وأعيان وحكماء اليمن الذين سطروا أنصع صفحات الوفاء، عبر انحيازهم لصف الوطن والشعب والاستجابة لصوت المنطق والعقل، لا سِـيَّـما بعد أن اتضحت لهم الرؤية، وعرفوا حقيقة كُـلّ الأطراف، وفشلهم في إقناع زعيم الفتنة بالعدول عن مؤامراته والعمل على حقن الدماء.
سقطت كُـلّ أشكال الخداع والتشويه خلال هذه الفتنة التي قادها الخائن “صالح” ضد القوى المدافعة عن الوطن، ضد العدوان السعوديّ الأمريكي الإماراتي، عبر تزييف الواقع ودغدغة عواطف الجماهير وخلق قصص وهمية لإثارة الشارع، في محاولة منه لحرف أنظار الشعب اليمني عن مواجهة العدوان، وما يدور في ميادين العزة والكرامة، ودعوة المواطنين إلى استرجاع أبنائهم المقاتلين من الجبهات، بالإضافة إلى نيته إسقاط العاصمة صنعاء بعد تشكيل خلايا مسلحة وتوزيعهم على مختلف المديريات والحارات والأحياء السكنية، حَيثُ كان من ضمن الأهداف لتلك الخلايا هو رصد تحَرّكات القيادات الثورية والأمنية والعسكرية وكل من له علاقة بمناهضة دول العدوان.
بفضل الله، ثم بفضل كُـلّ الشرفاء والأحرار في اليمن، فشلت أحداثُ الفتنة التي قادها الخائن “صالح” وانتهت بمقتله بعد يومَينِ من إشعالها، وتحديدًا في الـ 4 من ديسمبر 2017، وهو ما دفع السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، إلى المسارعة في بث روح الإخاء والتسامح، من خلال إصدار التوجيهات لكل القوى الوطنية بعدم استغلال الحدث والتحذير من المساس بأيٍّ من قياداتِ وأنصار وقواعد المؤتمر الشعبي العام، والسعي نحو الانتقام، حَيثُ كانت لخطاب السيد القائد في اليوم ذاته أصداء كبيرة، واحتلت كلماته مكانةً عالية في نفوس اليمنيين، بعد أن وجّه رسائلَ اطمئنان للجميع قائلًا: “غير مسموح لأحد أن يحمل نزعة انتقامية، أَو تصفية حسابات شخصية، أَو استغلال ما حدث لأغراض شخصية.. غير مسموح هذا أبدًا، وعلى الدولة أن تقوم بمسؤولياتها في منع ذلك، وعلى الجميع أن يطمئن في هذا البلد، ولسكان العاصمة صنعاء جميعًا أن ينعموا من جديد في الأمن والاستقرار فيما بينهم وفي وضعهم الداخلي”.
وَأَضَـافَ السيد القائد: “نؤكّـد من جديد أن المعركة كانت مع مليشيات محدّدة، وزعيمها الذي أدارها وموَّلها ورعاها وأمرها وقادها وحركها، وهذه المليشيات تحَرّكت بعدوانٍ واضحٍ مرتبطٍ بقوى العدوان، وعملية تخريب إجرامية، وهدفت إلى توسيعها لتشمل البلد، ولكنها فشلت -بحمد الله- وبفعل جهود الشرفاء في هذا البلد ووعي أبناء هذا البلد”.
وأضاف: “ليست المشكلة مع المؤتمر الشعبي العام كحزب أبدًا لا مع أعضائه وهم شرفاء، وأنا أقول الكثيرُ ساهموا حتى عمليًّا في الموقف اشتركوا في كُـلّ الجهود وبذلوا جهودًا كبيرةً في إسقاط هذه المؤامرة؛ فالإخوة في المؤتمر الشعبي العام هم إخوتنا نحن وهم أصحاب -هم واحد- مسؤولية واحدة في الدفاع عن هذا البلد ضد هذا العدوان في الاستمرار في موقف موحد في الإسهام في أمن واستقرار هذه البلاد في وضعه الداخلي، يكفينا ما يحدث من قوى العدوان”.
لم يكتفِ القائد والعلم والإنسان، بتوجّـه رسائل الاطمئنان إلى أنصار المؤتمر عقب إجهاض فتنة ديسمبر، بل قفز إلى أكبرَ من ذلك، من خلال التوجيه بتقديم الرعاية الطبية الكاملة لأبناء وأقارب ومقاتلي الرئيس الأسبق، حَيثُ كلَّف الرئيسَ الشهيد صالح الصماد، ظهر يوم الاثنين، الموافق 4 من ديسمبر 2017م، الجهاتِ المختصةَ بسرعة نقل أولاد زعيم الفتنة لتلقِّي العلاج وإخضاعهم للرعاية الطبية الكاملة، ناهيك عن متابعة الصماد المُستمرّة لتطورات ومستجدات الأوضاع في العاصمة صنعاء والمحافظات عقب تمكُّن الأجهزة الأمنية من وأد الفتنة، وكان من قرارات الصماد زيارة الأحياء التي شهدت المواجهات المسلحة جنوبي العاصمة وكذلك نزوح بعض الأسر والأهالي، وكان الهدف من هذه الزيارة طمأنة المواطنين والوقوف على أبرز احتياجاتهم.
وللتأكيد فَــإنَّ ما بين ديسمبر الماضي والحاضر، تتضح الحقيقة الجلية للعيان التي أكّـدها الله جل وعلا في كتابه الكريم: “بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ، وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَٰذِبُونَ” (الأنعام – 28)؛ فالخائن طارق عفاش رجل الاحتلال الإماراتي في الساحل الغربي، الذي قاد تمرُّدًا وانقلابًا فاشلًا في العام 2017 أودت بحياة عَمِّه، بعد أن غدر بشركائه على الأرض وطعنهم من الخلف بسهام مسمومة، هو نفسه من يقود اليوم 2024 مساعيَ حثيثة لتفجير الأوضاع عسكريًّا داخل اليمن، وإحياء الفتنة من جديد؛ بهَدفِ إشغال القوات المسلحة اليمنية عن أداء واجبها الديني والوطني والإنساني تجاه نصرة الأشقاء في فلسطين؛ خدمةً لأسياده لأمريكا والكيان الصهيوني، وهو ما يؤكّـد تأصُّل الخيانة والعمالة والدناءة داخل عروق هذه الأُسرة المنبطحة وغير السوية.. فما أشبهَ اليومَ بالبارحة!
المسيرة – هاني أحمد علي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المؤتمر الشعبی العام العاصمة صنعاء السید القائد الفتنة التی هذا البلد الفتنة ا من خلال وهو ما بعد أن
إقرأ أيضاً:
أمريكا فشلت في ردع اليمن
تقرير _ علي ظافر:
في خطاب الخميس الأسبوعي، كشف السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي عن ست عشرة عملية عسكرية نفذتها القوات المسلحة اليمنية خلال الأسبوع المنصرم، سبع باتجاه عمق العدو الإسرائيلي آخرها حتى كتابة هذا المقال، عمليتان باتجاه يافا وحيفا المحتلتين،
توازيها تسع عمليات اشتباك استمر بعضها لساعات بين القوات اليمنية وقوات البحرية الأمريكية ممثلة بحاملتَي الطائرات “هاري ترومان” و”كارل فينسون” والقطع الحربية المرافقة لهما، وكشف ساخراً أن حاملة الطائرات “فينسون” التي وصلت مؤخراً إلى أقاصي البحر العربي، باتت تتدرب على الهرب”.
وكان السيد القائد قد كشف في خطاب الخميس قبل الماضي -أي بعد مرور شهر على العدوان الأمريكي -عن 78 عملية نفذتها القوات المسلحة اليمنية باتجاه العمق الفلسطيني المحتل، وضمن التصدي للعدوان الأمريكي في البحر، وبهذا نكون أمام 94 عملية عسكرية يمنية في البحر وعمق العدو الإسرائيلي، بمعدل يتراوح بين عمليتين إلى ثلاث كل يوم.
هذه العمليات ليست مجرد أرقام استعراضية، إذ إن هذه الحصيلة تحمل كثيراً من المعاني والدلالات والرسائل على مستويات عدة، وتجيب عن كثير من التساؤلات في ما يخصّ القدرات، والإرادة والقرار على المستوى اليمني.
وفي المقابل، عن جدوى حملة الضغوط الأمريكية العدوانية القصوى التي تجاوزت 1200 غارة وقصف بحري على المستوى العسكري، إضافة إلى ما سبق من قرارات سياسية كيدية بالتصنيف بالإرهاب، وما صاحبها من عقوبات اقتصادية، وعقاب جماعي للشعب اليمني وآخرها استهداف ميناء رأس عيسى النفطي الذي يمثل شرياناً حيوياً لأكثر من 80% من سكان اليمن يتجاوز عددهم 30 مليون نسمة.
كيف استطاع اليمن الصمود والتصدي للعدوان الأمريكي؟ على المستوى الوطني، فإن استمرار العمليات اليمنية في التصدي للعدوان الأمريكي المساند لـ “إسرائيل” واستمرارها أيضاً في إسناد غزة وبهذا التصاعد الملحوظ ( 94 عملية خلال 40 يوماً) يعكس حكمة القيادة في إدارة المعركة، وإدارة القدرات، وتجسد صلابة استثنائية في المضي في قرار الإسناد لغزة والتصدي للعدوان الأمريكي مهما بلغت التحديات ومن دون تراجع،
وهذا الأمر يمثل ترجمة عملية لما سبق، وأكد عليه السيد عبد الملك والرئيس مهدي المشاط، والقوات المسلحة اليمنية في أكثر من خطاب وبيان بأنه “لا يمكن التراجع قيد أنملة” و”وقف العمليات اليمنية”، ما لم يتوقف العدوان والحصار على غزة، هذا أولاً.
ثانياً، على مستوى القدرات والتطوير: إن تصاعد العمليات اليمنية الإسنادية والدفاعية في البر والبحر والجو، يؤكد حقيقة أن القدرات اليمنية لم تتضرر نتيجة الضربات الأمريكية المكثفة في جولتها العدوانية الثانية كما لم تتضرر في الجولة العدوانية الأولى، بدليل أن العمليات اليمنية نفذت بأكثر من 205 ما بين صاروخ فرط صوتي وباليستي ومجنّح وطائرة مسيّرة، خلال أربعين يوماً فقط حتى تاريخ كتابة هذا المقال وفق أرقام رسمية قدمها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي الخميس الماضي وقبل الماضي،
هذا الرقم يؤكد أن المخزون الاستراتيجي لليمن لم يتأثر، وأن قدراته لا تزال بألف خير، ويعني في المقابل فشل الأمريكي في الحدّ من قدرات اليمن أو التأثير عليها.
إن استمرار العدوان الأمريكي وطول أمده يمكّن اليمن من تطوير قدراته أكثر، وامتلاك تقنيات أسلحة أكثر تطوراً ودقة، وسبق أن كشف الرئيس مهدي المشاط خلال الاجتماع الاستثنائي لمجلس الدفاع الوطني أن القوات المسلحة استطاعت في ظرف قياسي أن تتجاوز منظومة الاعتراض الأمريكية “الكهرومغناطيسية” التي كانت واشنطن تخوّف بها الصين وروسيا، وبالفعل وصلت صواريخ اليمن مجدداً إلى حيفا المحتلة في خطوة شكّلت مفاجأة للكيان الصهيوني، وتم تحييد “ترومان” منذ بداية المعركة، وبات اليمن يملك قدرة الكشف عن “طائرة B2» الأمريكية.
وتمكنت الدفاعات الجوية من إسقاط 7 طائرات MQ9 في عهد ترامب، وتكبيد البنتاغون خسارة تقدر بـ 210 ملايين دولار، وهي أكبر خسارة له في الحملة العدوانية وفق وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، مضاف إليها 14 طائرة استطلاع مسلحة خلال الجولة العدوانية السابقة في فترة بايدن، ليبلغ العدد الإجمالي لطائرات MQ9 التي أسقطها اليمن 22 طائرة، وهذه الحصيلة تعد سابقة لا نظير لها في تاريخ الحروب وباعتراف خبراء ومحللين أمريكيين.
الأمر الثالث: أثبتت القدرات اليمنية قدرة عالية على التكيف مع كل موجات العدوان، وتفادي الخسائر لتكون في الحدود الدنيا، وأثبتت أيضاً قدرة عالية على التكتيك، والتطوير والإبداع.
الأمر الرابع، أظهر الشعب اليمني بخروجه المليوني كل أسبوع وصموده الأسطوري، قدرة عالية على التكيف والصمود، وتجاوز الصدمة والضغوط العسكرية والاقتصادية وغيرها، وتبخرت أمام وعيه وبصيرته وصلابته كل حملات الترويع والتخويف والتضليل، ومثل عاملاً مهماً في نجاح المعركة على مدى عشر سنوات، منذ 2015 وإلى اليوم ونحن في العام 2025، ومن يكذب هذه الحقيقة عليه أن يتابع تصريحات المتظاهرين على امتداد الساحة الوطنية، وتصريحات جرحى العدوان الأمريكي، وأقارب الشهداء عقب كل جريمة يرتكبها العدو الأمريكي، ليدرك أن العدوان لا يزيد الشعب إلا سخطاً وكراهية لأمريكا، وإصراراً على مواجهتها، والتفافاً حول القيادة والقوات المسلحة.
ما الذي حققته إدارة ترامب؟
من الواضح أن أمريكا واصلت عدوانها من الجو والبحر خلال ستة أسابيع، لكنها لم تحقق أهدافها ولا تزال تبدد أموال دافعي الضرائب وتحرق أوراقها وسمعة سلاحها، في معركة إسنادها لـ “إسرائيل”، ومن دون أي مقابل.
وهنا، من المهم أن نلفت إلى خسائرها على المستوى المالي، إذ لامست، وفق تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، 2 مليار دولار، وباتت واشنطن وفقاً للصحيفة نفسها أمام خيارات صعبة بين الاستمرار في نزيف الخسائر من دون طائل، وبين الانسحاب وبالتالي الهزيمة.
وباعتقادي أن النتيجة ستكون الهزيمة في كلا الخيارين، مع أن الانسحاب أفضل لناحية أنه سيوفر على واشنطن نزيف مزيد من الخسائر بلا طائل، خصوصاً أنها تقاتل بالنيابة عن “إسرائيل” من دون مقابل.
المسألة الثانية، أن إدارة ترامب أمام مأزق قانوني، ذلك أنها تجاوزت القانون والدستور الأمريكي وذهبت في قرار العدوان على اليمن وإسناد “إسرائيل” من الرجوع إلى المؤسسات التشريعية في أمريكا، وباتت تحت المساءلة القانونية ورسالة ترامب إلى الكونغرس مؤخراً تعكس هذا المأزق، وسيسأل عن الأموال التي بددتها في حرب بلا جدوى، وحرب لم يكن لها أي مبرر، ولم يكن هناك أي تهديد يمني لمصالح أمريكا لولا أنها اعتدت على اليمن، وحاولت منع موقفه الأخلاقي لوقف الإبادة والتجويع في غزة.
المسألة الرابعة، أن الإدارة الأمريكية تعيش حالة من الفشل والتخبط، وبات كثير من المراقبين يجمعون على فشلها في تحقيق الأهداف والعناوين التي رفعتها إدارة ترامب، ويتأكد لغالبيتهم بمن فيهم أمريكيون، أن الحملة العدوانية جاءت في الأساس استجابة لأزمة ملاحة العدو الإسرائيلي في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، واستجابة لنداء استغاثة إسرائيلية، خصوصاً أن الحملة منذ البداية تزامنت بعد أن قرر اليمن استئناف حظر الملاحة الإسرائيلية عبر منطقة العمليات المعلنة، رداً على الجولة التصعيدية الثانية للعدو الإسرائيلي على قطاع غزة بدعم وضوء أخضر من إدارة ترامب.
كما أن إدارة ترامب التي حددت -بناء على وهم القوة والردع – هامشاً زمنياً ضيقاً لحملتها العدوانية على اليمن، قد لا يتجاوز “أسابيع”، باتت اليوم بعد مرور أربعين يوماً، مطوّقة أكثر من أي وقت مضى بأسئلة ومساءلات صحفية وقانونية ملحّة ومحرجة عن أسباب العدوان على اليمن، وشرعية وقانونية اتخاذ قرار الحرب على اليمن، وأفقه ونتائجه؟
حتى إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كثير من لقاءاته العلنية وتصريحاته لم يعد يتطرق إلى اليمن، لأنه لا يملك إجابة مقنعة وصورة نصر يمكن تقديمها للرأي العام الأمريكي.
وفيما يستمر العدوان الأمريكي على اليمن، تتصاعد الخسائر ونفقات الحرب المرتبطة بتشغيل وتحريك حاملات الطائرات من المحيط الهادئ، وإرسال قاذفات الـ B2 الاستراتيجية من المحيط الهندي، وإطلاق صواريخ الاعتراض التي تتراوح كلفتها بين 1-4 مليون دولار، وخسارة 7 طائرات MQ9 بقيمة 210 ملايين دولار.
وبموازاة هذه الخسائر، تتعاظم المخاوف من استنزاف ذخائر البنتاجون الاستراتيجية عالية الكلفة، قليلة المخزون، قد تحتاجها واشنطن في أي حرب مقبلة مع الصين.
ترامب نفسه في تناقض عجيب على المستوى الشخصي، ففيما يدّعي أنه “رجل سلام” ويسعى للحصول على “جائزة نوبل للسلام”، فإنه يدعم ويشجع العدو الإسرائيلي على مواصلة جرائم الإبادة والتجويع في غزة، ويعلن عدواناً غاشماً وغير مبرر على اليمن على خلفية الموقف اليمني الإنساني الأخلاقي المساند لغزة والمطالب بوقف الحصار والتجويع وجرائم الإبادة والتهجير لسكانها.
إن سلوك ترامب في دعم الإبادة الصهيونية لسكان غزة، وعدوانه على اليمن يثبت أن “تصريحاته جوفاء”، كما عبّر عن ذلك عدد من أعضاء مجلس الشيوخ في رسالتهم إلى وزير الحرب هيغسث يطالبون بإيضاحات عن عشرات المدنيين أزهقت أرواحهم في العدوان الأمريكي على اليمن.
ما لا يمكن إنكاره من الإنجازات الأمريكية في الحملة العدوانية على اليمن، أنها ضاعفت رصيدها الإجرامي الحافل، بقتلها عمال ميناء رأس عيسى ومسعفيهم، واستهدافها ميناءً مدنياً يمثل مصالح الشعب اليمني، واستهدفت سوقاً شعبية في العاصمة صنعاء، وأحياء سكنية وأعياناً مدنية، ووسعت بجرائمها دائرة السخط على امتداد الجغرافيا اليمنية.
وفي المحصلة، لن تجني أكثر مما جنته إدارة بايدن التي عيرتها بالفشل، وعلى أمريكا بدلاً من الضغط العدواني والعبثي على اليمن، أن تضغط على “إسرائيل” ومفتاح الحل في غزة، بوقف العدوان ورفع الحصار عنها، وإلا فإن العمليات اليمنية في إسناد غزة والتصدي للعدوان الأمريكي لن تتوقف، وهذا موقف اليمنيين، قيادة وشعباً وقوات مسلحة، ولا تراجع عنه مهما بلغ العدوان وطال أمده.