صالون الإبداع السوداني يطلق نداء السلام ونبذ الكراهية في ذكرى رحيل الصادق المهدي
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
أطلق صالون الإبداع السوداني للثقافة والتنمية نداء السلام والتعايش ونبذ خطاب الكراهية، وذلك خلال احيائه الذكرى الرابعة لرحيل الإمام الصادق المهدي رئيس الوزراء السوداني الأسبق والرمز السوداني الكبير، وقال أحمد يوسف قربين رئيس الصالون، إن فقد الصادق المهدي حكيم الأمة السودانية كان فادحا، وإن صالون الإبداع تقديرا ووفاء لدوره يحيي ذكراه الرابعة بإطلاق نداء السلام والتعايش ونبذ خطاب الكراهية، ووجه التحية لمصر قيادة وحكومة وشعبا.
ومن جانبها، قالت أسماء الحسيني الكاتبة الصحفية ونائب رئيس صالون الإبداع، إن الصالون حرص على إحياء ذكرى الإمام الصادق المهدي بالدعوة للسلام والتعايش ونبذ خطاب الكراهية، الذي هو ليس فقط شعارا يرفع، بل هو منهج عمل وخطة يلتزم بها صالون الإبداع، اعتقادا منه بأن الشعب السوداني الذي عانى طويلا وقدم التضحيات يستحق سلاما حقيقيا وعادلا وشاملا ومستداما، وأنه يجب التعجيل بوقف الحرب لحقن دماء السودانيين ووقف إهدار أرواحهم حربا وجوعا ومرضا وقهرا.
وحذرت الحسيني من خطورة خطاب الكراهية والتحشيد والاصطفاف على أسس جهوية وقبلية وعربية وأيدولوجية وحزبية، وأثرها الكارثي على وحدة السودان شعبا وأرضا، ودعت لرفع رايات السلام والمحبة والإخاء والتعايش، وتجريم اسالة الدماء في كل أنحاء السودان.
ومن جانبها استعرضت رباح الصادق المهدي باسم اللجنة القومية لتخليد ذكرى الإمام الصادق المهدي نهج الصادق المهدي في التسامح والتعايش وعرضت أهم رؤاه ومواقفه المستندة إلى الجهاد المدني، وجنوحه الدائم إلى السلام والحوار والتلاقي والتوافق الوطني.
وقال اللواء فضل الله برمة ناصر رئيس حزب الأمة القومي في كلمته، تمر علينا ذكرى رحيل الإمام الصادق المهدي وبلادنا تخيم عليها ظلمة الحرب وتكسوها الأحزان ، وتعتصر قلوب شعبها الآلام وهي تفتقد حكيمها وفارسها الذي كان رجل المحبة والسلام ، وقال إن السودان يمر بأزمة وطنية تاريخية غير مسبوقة وأن المخرج منها هو أن نهتدي بخطي إمامنا الحقاني في التمسك بالمبادئ والمحافظة عليها والعمل علي وحدة صفنا الداخلي وصفنا الوطني من أجل إيجاد المخرج الآمن لوطننا الحبيب ، فهلموا الي كلمة سواء لرسم مستقبل أفضل لشعبنا الصابر والمثابر والمتطلع لغد أفضل، ودعا قيادات حزب الأمة وجماهير الأنصار الى الوقوف ضد العنف والحروب والاقتتال والظلم والكراهية والعنصرية والتوحش والتعامل مع ما يمر به السودان من فتنة كبرى بحكمة الحقاني والتصدي لها بروح المسؤولية التاريخية وتجاوز كافة أشكال الإختلاف ، من أجل إنقاذ شعبنا والتقسيم المقيت لوطننا والوقوف الي جانب الضحايا من أبناء شعبنا وعدم الإنحياز لخيارات الحرب والدمار.
ودعا رئيس حزب الأمة القومي كافة السودانيين إلى تجاوز كل الخلافات وتقبل بعضهم بتجرد تام وعمل مخلص وإعلاء المصلحة الوطنية علي المصلحة الحزبية والجهوية وأن نلتف حول موقف وطني موحد ينهي هذه الحرب اللعينة ويرفع المعاناة عن كاهل شعبنا، ويحقق تطلعاته المشروعة في الحرية والعدالة والمساواة والسلام عبر مائدة مستديرة للتوافق على مشروع وطني شامل يضع حلول واقعية لأزمة الوطن، كما دعا قيادات القوات المسلحة والدعم السريع وكل الذين يتقاتلون في الميدان إلى الاستماع لصوت التعقل والحكمة والاقبال علي طاولة التفاوض لإنهاء هذه الحرب اللعينة ، وإتاحة الفرصة للحلول السلمية ، للوصول لحلول تحقق تطلعات السودانيين وتنهي معاناتهم.
أما المفكر المصري الدكتور نبيل عبد الفتاح الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فقدم رؤية عميقة عن دور ومكانة الإمام الصادق المهدي وأفكاره ورؤاه وأطروحاته، كما قدم رؤية من أجل إخراج السودان من أزمته الحالية عبر مقاربة تستلهم حكمة الإمام الصادق المهدي وتجربته في التوافق الوطني.
ومن جانبها، ذكرت انتصار العقلي رئيسة الحزب الناصري السوداني مواقف الإمام الصادق المهدي الداعمة للمرأة وقضاياها، كما قالت إن المرحلة العصيبة التي يمر بها السودان تحتاج إلى تعزيز الوعي وتوحيد الصف الوطني لخلق مجتمع مترابط ينبذ خطاب الكراهية.
فيما أكد محمد الهادي الأمين العام للحزب الوطني الاتحادي الموحد أهمية وضرورة وحدة القوى المدنية السودانية لتغليب خيارالسلام ووقف الحرب.
وأكد القس جوزيف من الكنيسة القبطية في السودان دور الإمام الصادق المهدي والحركة المهدية في تاريخ السودان، وشدد على مسئولية ودور كل سوداني في تحقيق السلام والاستقرار في السودان.
وقد شهدت الأمسية إبداعات الشاعر السوداني عبد المنعم الكتيابي، والمبدع اليمني الكبير الدكتور نزار غانم الذي تحدث عن علاقته بالسودان البلد الذي عاش فيه وأحبه، وألقى قصيدته الرائعة "يا مقرن النيلين" التي تعبر عن أشواقه للسودان، التي غناها بصحبة الفنان المصري المبدع محمد وحيد. كما صدح الفنان السوداني الأمين خلف الله بأغاني تراثية، وألقى الشاعر زروق العوض كلمة هيئة شئون الأنصار.
القاهرة: خاص
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الإمام الصادق المهدی صالون الإبداع خطاب الکراهیة
إقرأ أيضاً:
من ذا الذي يتعشى بالآخر: البرهان أم الكيزان؟
لاحظنا أن تاريخ السلطة السياسية لا يحتمل وجود ازدواجية قيادية في صنع القرار لفترات طويلة. وفي بلادنا لدينا نماذج معتبرة في سياق صراع النخبة المدنية - العسكرية حول حيازة النفوذ السلطوي. فقد كان أمام طرف من الشيوعيين أن يطيحوا بالنميري لكنه غلبهم، وفتك بهم بلا هوادة. ولاحقاً حاول النميري نفسه الفتك مرة ثانية بالإسلاميين، ولكن مقادير السياسة أطاحت به وبشريعته، وحلفائه الإسلاميين الذين ورطوه. ومعظمنا عاصر نهاية الترابي المتحالف مع أبنائه العسكر. إذ مرمطوا به، واعتقلوه، وشتموه، وشككوا في سودانيته. وقال البشير إنه يجوز له شرعاً قتل أميره السابق حتى يدخل بفعله الجنة. تقريباً أحداث كل هذه المباريات بين السلطة والأيديولوجيا اليسارية واليمينية التي دعمتها معشعشة لا بد في بال البرهان. وهو شخص قيل إنه كان كادراً بعثياً أصلاً، ولكنه وشى بمن نسميهم شهداء رمضان الذين أعدمهم الإسلاميون قبل عيد الأضحية ذاك بيوم. ومع ذلك فإن المتأمل ملياً في تاريخ البرهان يرى أنه لا يعد إنساناً مؤدلجاً كما هو حال العساكر الذين عرفناهم. فوضعه القدري في الجيش قاده لأن يكون انتهازياً يسير على هوى مرؤوسيه الإسلاميين، ويمكنه أن يتمثل أدبياتهم لمرحلة محددة، وأن يتعاون معهم لاحقاً بهدف تمديد حلمه في الوصول إلى السلطة عبر عضويته الانتهازية في المؤتمر الوطني. وذلك ما قد كان. قدر البرهان ثم دبر أنه باستطاعة الإسلاميين أن يكونوا قاعدة خفية له بعد انقلابه على الانتقال الديمقراطي. فقد تعاون معهم، ونقض كل أحكام فترة حمدوك الناشدة لإنجاز الديموقراطية. وفي فترة وجيزة أعاد قائد الجيش الآلاف من الإسلاميين إلى الخدمة المدنية. بل ساعده القاضي أبو سبيحة في تقنين عودتهم، ورد ما عدوه مظلمات ضدهم من لجنة إزالة التمكين. وبحلول شهرين بعد الانقلاب سيطر الكيزان على الخارجية، والمالية، والإعلام وبقية الوزارات، وانتهت فكرة محاكمتهم محلياً، أو تفويجهم للجنائية. ولما فشل الانقلاب بان أن وجود رئيسين في المركب سيغرقه. وأعادت أوضاع الحوار حول الاتفاق الإطاري للأذهان أوضاع فترة الخلاف بين نميري والإسلاميين، وكذلك الأوضاع السابقة للمفاصلة بين الشيخ وحواره. ولذلك حاول البرهان المتعاون مع الإسلاميين بدء "الجهاد" ضد الدعم السريع لتجنيب البلاد من القيادة برئيسين أثناء الانقلاب. ولكن وتيرة الحرب سارت على عكس توقعات الحليفين الجديدين: سلطة البرهان والإسلاميين المنتمين للمؤتمر الوطني، وجماعات إسلاموية داعشية، وأهمها جماعة البراء. ومع استمرار القتال الضاري تمكن الإسلاميون من الإحاطة بالبرهان الذي وجد عندهم بالمقابل قاعدة بديلة تساعد في القضاء على حليفه السابق حميدتي. وحتى إذا تمكن الطرفان المتحالفان من تحقيق النصر المؤزر في الحرب سعوا للقضاء على تبعات ثورة ديسمبر بأحلامها المشروعة، ومدنييها الثوريين، ودعمها الميمون الذي وجدته من المجتمع الإقليمي، والقاري، والدولي، ومن ثم يستطيع الجيش وحلفاؤه كما هو متصور إعادة السلطة للإسلاميين برئاسة البرهان لمرحلة مؤقتة. ويُصح القول أيضاً بأن إستراتيجية الطرفين المتحالفين تقوم في المدى البعيد على التضاد بدلاً عن الاتفاق على تقاسم السلطة بينهما. ذلك يعني أن في أي مرحلة من مراحل ألحرب - أو لحظة انتهائها - يفترق الجمعان. فالبرهان ماكر في اللعب بالمختلفين بعضهم بعضاً. وحتى الآن اتضح أنه تلميذ جيد للبشير، ويعرف تماماً الاحتفاظ بالكرة في ملعبه المتسخ. ومن الناحية الأخرى لا يطمئن قادة المؤتمر الوطني للبرهان المتقلب الأطوار. ولذلك فإنهم مجبورون على الوقوف خلفه ما داموا هم الآن أكثر الفئات السياسية استفادةً من الحرب التي أشعلوها. وربما في المستقبل المنظور سيطيحون به عبر عدة سيناريوهات سياسية خشنة، أو خبيثة. كثير من الناس يدركون حتى قبل حديث عبد الحي الأخير أن مصير شهر العسل بين البرهان، وغالب الإسلاميين العسكر من جهة، والمؤتمر الوطني بجانب إسلاميين من الجهة الأخرى إلى زوال. ذلك أثناء الحرب أو بعده، والشواهد كثيرة، وتحتاج إلى شرح وافٍ لا يتحمله هذا الحيز. لكن المهم في كل هذا أن تاريخ الصراع بين قيادتين تسيطران على السلطة السياسية بحكم تحالف أيديولوجي دائماً ما يعيد نفسه مئة بالمئة، أو وقع الحافر على الحافر إلا قليلا. والآن أمام الطرفين فرصة سانحة بعد أن استمعنا إلى حديث عبد الحي الذي يؤمن به معظم قيادة وعضوية المؤتمر الوطني. فإما أن يعجل البرهان بالعشاء، أو يحسن المؤتمر الوطني صنع الغداء. ورغم أن الحرب أولها كلام فلا تكفي فقط المهاترات هنا وهناك بين رموز المتحالفين على خوض الحرب. فنحن بالكاد نحتاج بشدة إلى الاستمتاع بنهاية حقبة البرهان الذي ورطنا في الحرب. وفي ذات الوقت نتوق إلى معايشة غاية الآمال الكيزانية الفاشلة وهي مجسدة أمامنا. ولدي إحساس قوي بأن ليلة السكاكين الطويلة آتية لا ريب فيها لتحقق لنا متعة واحدة، على الأقل.
suanajok@gmail.com