بايدن في أفريقيا.. ماذا وراء دبلوماسية الأيام الأخيرة؟
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
يقوم الرئيس الأميركي جو بايدن أخيرا بزيارته الموعودة منذ فترة طويلة إلى أفريقيا، لعرض مشروع السكك الحديدية المدعوم من الولايات المتحدة في 3 دول، والذي دفع به باعتباره نهجا جديدا في مواجهة بعض النفوذ العالمي للصين.
ويبدأ بايدن جولته في أفريقيا اليوم الاثنين من أنغولا، حيث سيصنع التاريخ بصفته أول رئيس أميركي يزور هذا البلد الأفريقي، وفقا لما ذكرته وسائل إعلام أميركية.
وفي طريقه إلى أنغولا، توقف بايدن في جزيرة الرأس الأخضر في المحيط الأطلسي قبالة ساحل غرب أفريقيا لعقد اجتماع مع رئيس الوزراء يوليسيس كوريا إي سيلفا.
ممر لوبيتويركّز بايدن -في زيارته الأولى والأخيرة خلال رئاسته لأفريقيا جنوب الصحراء- على مشروع ممر لوبيتو لتطوير السكك الحديدية بين زامبيا والكونغو وأنغولا.
ويهدف المشروع إلى تعزيز الوجود الأميركي في منطقة غنية بالمعادن الحيوية المستخدمة في بطاريات السيارات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية وتقنيات الطاقة النظيفة.
ويعد هذا مجالا رئيسيا للمنافسة بين الولايات المتحدة والصين، وتسيطر الأخيرة على المعادن الحيوية في أفريقيا.
ومنذ سنوات، عملت الولايات المتحدة على بناء علاقات في أفريقيا من خلال التجارة والأمن والمساعدات الإنسانية، لكن تحديث ممر السكك الحديدية البالغ طوله 1300 كيلومتر بتكلفة 2.5 مليار دولار يعد خطوة مختلفة، ولها ظلال من إستراتيجية "الحزام والطريق" الصينية، كما تقول وكالة أسوشيتد برس.
إعلان هل يدعمه ترامب؟ووصفت إدارة بايدن الممر بأنه إحدى المبادرات المميزة للرئيس، لكن مستقبل لوبيتو وأي تغيير في الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع القارة التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة يعتمد على الإدارة الأميركية المقبلة، التي ستتسلم السلطة بعد تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.
وقال مفيمبا ديزوليلي، مدير برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، إن "الرئيس بايدن لم يعد هو القصة. حتى الزعماء الأفارقة يركزون على دونالد ترامب".
التزمت الولايات المتحدة بتخصيص مئات الملايين من الدولارات لممر لوبيتو، إلى جانب التمويل من الاتحاد الأوروبي، ومجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، واتحاد شركات خاص بقيادة الغرب والبنوك الأفريقية.
وقال توم شيهي، زميل معهد الولايات المتحدة للسلام، وهو مؤسسة بحثية فدرالية، إن مبادرة ممر لوبيتو واحدة من المبادرات الرئيسية للشراكة الجديدة لمجموعة السبع من أجل البنية التحتية العالمية والتنمية والاستثمار، التي قادها بايدن، وتهدف إلى الوصول إلى الدول النامية ردا على مبادرة الحزام والطريق الصينية.
وكان بايدن قد وعد بزيارة أفريقيا العام الماضي، ثم أُرجئت الرحلة إلى 2024، ثم أُرجئت مرة أخرى في أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام بسبب إعصار ميلتون، مما عزز الشعور بين الأفارقة بأن قارتهم لا تزال ذات أولوية منخفضة.
بيد أن هناك تفاؤلا بأن مشروع لوبيتو -الذي لن يكتمل إلا بعد فترة طويلة من نهاية ولاية بايدن- قد ينجو من تغيير الإدارة الأميركية ويُمنح فرصة لمواجهة النفوذ الصيني الذي يتفق الحزبان الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة على السعي لتقليصه، وهي مهمة على رأس أولويات ترامب.
وقال محلل العلاقات الصينية الأفريقية كريستيان جيرو نيما "ما داموا يصفون لوبيتو بأنه إحدى الأدوات الرئيسية المناهضة للصين في أفريقيا، فهناك احتمال لاستمرار تمويله".
إعلان منافسة الصينيهدف مشروع ممر لوبيتو لتحديث وتوسيع شبكة السكك الحديدية من مناجم النحاس والكوبالت في شمال زامبيا وجنوب الكونغو إلى ميناء لوبيتو الأنغولي على المحيط الأطلسي، وهو طريق لنقل المعادن الحيوية من أفريقيا إلى الغرب.
وهذه ليست أكثر من مجرد نقطة انطلاق للولايات المتحدة وشركائها، لأن الصين تهيمن على التعدين في زامبيا والكونغو. وتمتلك الكونغو أكثر من 70% من الكوبالت في العالم، ويتجه معظمه إلى الصين لتعزيز سلسلة إمدادات المعادن الحيوية.
وأصبح مشروع لوبيتو ممكنا بفضل بعض النجاح الدبلوماسي الأميركي في أنغولا، والذي أدى إلى فوز مجموعة شركات غربية بمناقصة المشروع في عام 2022 قبل المنافسة الصينية، وكانت تلك مفاجأة نظرا لعلاقات أنغولا القديمة والقوية مع بكين.
وكانت الصين قد مولت مشروعا سابقا لتطوير تلك السكك الحديدية.
سياسة "غير جادة"ويقول أولئك الذين يطالبون بمزيد من الوجود الأميركي في أفريقيا إن أنغولا ولوبيتو تظهران ما يمكن تحقيقه، حتى مع البلدان التي لها علاقات قوية مع الصين، إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للمشاركة باستمرار.
لكنهم يرون الفرق بالنسبة لأفريقيا عندما تعقد الصين قمة مع الزعماء الأفارقة كل 3 سنوات منذ عام 2000، في حين عقدت الولايات المتحدة قمتين فقط، في 2014 و2022، ولا توجد خطط لعقد القمة التالية.
وقالت ميشيل غافن، سفيرة الولايات المتحدة السابقة في بوتسوانا ومستشارة الرئيس السابق باراك أوباما لشؤون أفريقيا، إن الولايات المتحدة أخفقت في التعامل بشكل جاد مع أفريقيا على مدى إدارات عديدة، وهو اتجاه مشترك بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وهي لا ترى أن زيارة بايدن ومشروع لوبيتو يمثلان "نقطة انعطاف" رئيسية، وقالت إن الأمر "لا يتعلق فقط بمواجهة الصين، بل بالعمل على التواجد بطريقة أكثر جدية؟ إنه مشروع واحد. إنها فكرة جيدة. وأنا سعيدة جدا لأننا نقوم بذلك. لكنه ليس كافيا".
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة السکک الحدیدیة فی أفریقیا
إقرأ أيضاً:
«ترامب» يساند تل أبيب بتعيين شخصيات دبلوماسية داعمة لإسرائيل
كتب ديفيد برسونيس، نائب رئيس السفارة المسيحية الدولية بالقدس، مقالًا عبر موقع «ميدا» السياسى العبرى، عن شكل علاقة «ترامب» بإسرائيل خلال فترة رئاسته القادمة، موضحًا أنه على الرغم مما يحاول «ترامب» إظهاره أمام العالم بعد انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة، إلا أنه من المقرر أن يقدم خدمات كبرى لإسرائيل تؤكد مدى صلابة علاقته ودعمه لإسرائيل بشكل مستمر.
فى البداية أوضح «برسونيس» أن لعودة دونالد ترامب التاريخية لمنصب رئاسة الولايات المتحدة، تداعيات كبرى داخل أمريكا والعالم كله، ولكن بالنسبة للجمهور الإسرائيلى فإن السؤال الأهم هو هل سيساعد فوز «ترامب» إسرائيل لحسم الحرب بشكل سريع ضد محور الإرهاب المتمثل فى إيران؟، متابعًا: «إذا كنا نرغب فى معرفة مغزى نتائج الانتخابات من وجهة النظر الإسرائيلية يجب علينا فى البداية دراسة الفترة التى ترأس فيها بايدن البيت الأبيض، ونتذكر أن جو بايدن ومساعدوه، أرسلوا العديد من الرسائل التى تحمل معانى متناقضة بغرض إسقاط حكومة نتنياهو وتعطيل الجهود العسكرية الإسرائيلية فى حربها ضد حماس».
وأضاف: على الرغم من تحويل جو بايدن مبلغ ٢ مليار دولار لمصلحة إسرائيل خلال الحرب، إلا أن الجمهور الإسرائيلى شعر أنه غير مضطر لتحمل إمكانية فوز كاميلا هاريس، وأظهرت استطلاعات الرأى أن أكثر من ثلثى الإسرائيليين رأوا أن ترامب صديقًا أكثر لإسرائيل، وبالفعل خلال العملية الانتخابية أظهر ترامب دعمه لإسرائيل أكثر من أى مرشح آخر فى تاريخ الولايات المتحدة، وخلال فترة ولايته الأولى التى استمرت من ٢٠١٦ لـ ٢٠٢٠ قاد ترامب مجموعة من الخطوات المهمة بالنسبة لإسرائيل، حيث قام بنقل السفارة الامريكية للقدس بعد اعترافه بها كعاصمة لإسرائيل».
وتابع: «كما عمل على استقطاع الدعم المقدم للسلطة الفلسطينية، ووكالة الأونروا لدعم وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بدعوة الفساد وتمويل المنظمات الجهادية، وأخرج الولايات المتحدة من الاتفاق النووى مع إيران، والاعتراف بهضبة الجولان كأرض إسرائيلية ذات سيادة، وقاد إسرائيل لإبرام اتفاقيات تاريخية مع عدد من الدول العربية السُنية والتى عرفت باتفاقيات إبراهام، واعترف وزير الخارجية الذى قام بتعيينه مايك بومبيو، بالمشروعات التى أقامها مستوطنون يهود بالضفة الغربية واعتبرها شرعية، ولا يمكن لأى رئيس أمريكى آخر الاقتراب من الإنجازات التى حققتها سياسته الداعمة لإسرائيل».
وأوضح: «على الرغم من ذلك أعطى ترامب للداعمين لإسرائيل خلال الأربع سنوات الماضية أسبابًا تدفعهم للقلق من ولايته الثانية، لأن علاقته بنتنياهو تأثرت بشدة بعد تهنئة الأخير لجو بايدن بمناسبة فوزه فى انتخابات نوفمبر ٢٠٢٠ دون الوقوف فى صف ترامب الذى زعم أن الانتخابات قد تمت سرقتها منه آنذاك، وبعدها انتقد نتنياهو بشدة واتهمه بالشخص الضعيف لعدم مشاركته فى الهجوم الممنهج ضد قاسم سليمانى، رئيس الحرس الثورى الإيرانى، ومؤخرًا أعرب ترامب عن تحفظه من النشرات التى تبث يوميًا عن الهجمات الجوية التى يقوم بها الطيران الإسرائيلى ضد أهداف فى غزة ولبنان، ووصفها بالهدف الذاتى الذى يصب فى مصلحة الدعاية التابعة لحماس وحزب الله».
وتابع: «كما تبنى ترامب موقفًا مضادًا للحروب خلال حملته الانتخابية وتعهد بإنهاء الحروب بأوكرانيا والشرق الأوسط، وادعى أن هذه الحروب لم تكن لتندلع لو كان فى منصب رئيس الولايات المتحدة، وتعهد أيضًا أنه لن يبدأ فى شن أى حرب جديدة تجبر الجنود الأمريكيين على الموت دون ضرورة بأرض غريبة، التزامًا بأجندته التى تقول أمريكا أولًا، هذه التعهدات لاقت صداها فى العالم وتم استيعابها على أنها تنادى بالعمل على وقف الحروب والامتناع عن التورط فى أى صراع جديد، وجعلت من ترامب يبدو أنه مستعدًا لإهمال حلفاء أمريكا من بينهم أوكرانيا وإسرائيل».
وعلى الرغم من ذلك كما يقول «ديفيد برسونيس،: «هناك استثناء وحيد لثقافة العزلة الأمريكية وهو إسرائيل، حيث إنه خلال فترة قصيرة وبعد فوز ترامب بدأ فى تعيين شخصيات مهمة فى ولايته الثانية وهم فى الواقع أصدقاء مقربون من إسرائيل من ضمنهم مايك هاكابى، حاكم ولاية أركنساس المقرر أن يصبح سفير الولايات المتحدة بإسرائيل، وكان من الداعمين بضرورة ضم الضفة الغربية، والسيناتور ماركو روبين، المرشح لمنصب وزير الخارجية الجديد، والذى حمل حماس مسئولية الضحايا الفلسطينيين بغزة.
بالإضافة لعضوية مجلس النواب اليز ستيفانيك، سفيرة الولايات المتحدة الجديدة بالأمم المتحدة والتى وجهت اللوم لرؤساء جامعات هارفارد بسبب معارضتهم لمظاهرات معادية للسامية بالجامعات، مشيرًا إلى أن القائد الجديد للبنتاجون سيكون بيت هيجسيث، مقدم البرامج بقناة فوكس نيوز، الذى قام مؤخرًا بتصوير مجموعة من التقارير المصورة بإسرائيل اتهم فيها حماس بتبنى استراتيجية طويلة الأجل للحروب المستمرة ضد الدولة اليهودية، وكل ذلك يحمل العديد من البشرات السعيدة للإسرائيليين قبل أداء «ترامب» اليمين الرسمى يوم الـ٢٠ من يناير المقبل.