نائب رئيس جامعة الأزهر: تكرار الماء في القرآن 63 مرة دليل على عظمته
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
توجه الدكتور محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر، بالشكر لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر؛ على رعايته للمناقشات التي تندمج فيها الآراء الشرعية بالرؤى العلمية الحديثة، تماشيًا مع قضايا العصر، ومنعًا من حدوث تصادم بين الأحكام الشرعية وواقع الناس، من خلال تقديم رؤية علمية تتفق مع الشريعة، وتتسق مع حركة الحياة.
وأضاف، خلال الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر، أن الأزهر عبر تاريخه الطويل خرَّج علماء موسوعيين جمعوا بين علم الشريعة والعلوم الحديثة، وهو ما كان له أثر كبيرا في طرح حلول لضبط المستجدات في كل عصر، وهذه المناقشات التي تجري اليوم في رحاب الأزهر تأكيد على هذا الدور.
وقال نائب رئيس جامعة الأزهر، إن الماء هو روح الحياة النابضة، فهو سر الخلق ومصدر الوجود الذي منحه الله سبحانه وتعالى للإنسان، ليسهل عليه عملية إعمار هذا الكون، وسواء كان الماء عذبًا أو مالحًا، ففيه فوائد كثيرة لحركة الحياة بشكل عام، ولا يمكن أن نتصور قيام حياة دون هذا السائل الذي جعله الله سببًا للحياة "وجعلنا من الماء كل شيء حي"، والعلم الحديث أثبت أن خلايا الإنسان معظم مكوناتها من الماء لهذا يحتاج الإنسان إلى الماء بشكل أساسي، وتكرر ذكر الماء في القرآن الكريم 63 مرة مما يدل على عظمة وقدر هذه النعمة الكبيرة.
وبيَّن نائب رئيس جامعة الأزهر، أن فقدان الماء أو تأثر مصادره يسبب اختلالًا في النظام البيئي وتدهورا للحياة، لهذا السبب حثنا دينا الحنيف على ترشيد استهلاك هذا المورد الثمين والحفاظ عليه بشتى الطرق، لأن الحفاظ على الماء هو جزء من ضمان استمرار الحياة بشكل عام، والعلم أثبت بالتجارب العلمية أن الماء شرط أساسي لبقاء الإنسان على قيد الحياة، حيث تساهم نسبة المياه الموجودة في أجزاء الجسم في الحفاظ على وظائف أعضاء الجسم والقيام بدورها الحيوي، فكل خلية من خلايا جسم الإنسان تحتاج إلى الماء لتؤدي وظيفتها، وتلتقي الحكمة الشرعية مع الحقائق العلمية في تأكيد أهمية الماء لاستمرار الحياة، وأنه المصدر الرئيس لكل مقومات الحياة، "وجعلنا من الماء كل شيء حي".
من جهته، أوضح الدكتور جمال عبد ربه، عميد كلية الزراعة بجامعة الأزهر، أن تحول البذرة إلى نبات أخضر نتيجة التفاعل الذي يحدث مع الماء، تعد من أروع الظواهر الطبيعية، وتمثل الأساس لدورة الحياة على الأرض حيث توفر الغذاء للعديد من الكائنات الحية، ومصدر هذه العملية هو الماء الذي جعله الله سببًا في العناصر الغذائية المختلفة، وتباين النباتات بين النباتات المستديمة الخضر والنباتات المؤقتة الخضر، يعود إلى أن هذه النباتات مستديمة الخضر تمتلك خاصية الحفاظ على الماء بداخلها لفترات طويلة، وهو ما يساعدها في تحقيق النمو الخضري، المناسب لنوعها.
فيما قال الدكتور عودة، مدير عام الجامع الأزهر، لقد أكرمنا الله- سبحانه وتعالى- بكنز ثمين هو نعمة الماء، فجعله أساس الحياة على الأرض، وعلينا الحفاظ على هذه النعمة لاستدامة الحياة، وهو ما يسترعي منا النظر إلى هذه النعمة العظيمة التي منحنا الله إياها فلا نستهين بها، ولا نسرف في استخدامها، ونقاشات الأزهر حول هذه القضايا تأتي في إطار الربط بين الحكم الشرعي والرؤية العلمية، تيسيرا على الناس، ولتذكرهم بالأهمية الحقيقية لهذه النعم، وتحثنا على العمل على شكر الله عليها وشكر الله لا يكون إلا بالحفاظ على نعمه.
ونظم الجامع الأزهر اليوم، الملتقى الفقهي تحت عنوان "نعمة الماء رؤية إسلامية طبية" وذلك بحضور كل من؛ أ.د محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر، وأ.د جمال عبد ربه، عميد كلية الزراعة بجامعة الأزهر، وأدار الحوار الدكتور هاني عودة مدير الجامع الأزهر.
يُذكر أن الملتقى "الفقهي يُعقد يوم الإثنين من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف إلى مناقشة المسائل الفقهية المعاصرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية، والعمل على إيجاد حلول لها وفقا للشريعة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جامعة الأزهر القرآن الماء الملتقى الفقهي الجامع الأزهر المزيد المزيد نائب رئیس جامعة الأزهر الجامع الأزهر الحفاظ على
إقرأ أيضاً:
“الآلة التي عطشت” .. “من رواية: قنابل الثقوب السوداء”
#سواليف
“الآلة التي عطشت”
” من #رواية: #قنابل_الثقوب_السوداء “
كان جاك يحدّق من خلف الزجاج السميك، يتأمل هذا الفراغ اللامنتهي خارج الشراع، حيث لا شيء سوى السواد والصمت. بينما تتوهج نجوم خافتة في الأفق. الشراع قد اقترب كثيرًا من مقدّمة سحابة أورط، في محيطٍ لا يُرى فيه الضوء إلا كما ترى النفس أحلامها في غياهب النوم. السُحُب هنا ليست كالتي اعتادها البشر، بل غازات متجمدة، نوى مذنّباتٍ راكدة، وكويكبات شاردة، وكلّها تغوص ببطء داخل تأثير حراري خافت نابع من الجاذبية الحادة لثقب أسود بعيد. تأثيره لا يُرى، لكن يمكن قياسه. كما تُقاس الحمى دون لمس الجلد.
مقالات ذات صلة الزعبي تفتتح معرض الصور الفوتغرافية بتنظيم من ملتقى الصورة الثقافي ومديرية ثقافة إربد 2025/04/18لقد قطعوا ما يقرب من 70% من السنة الضوئية منذ مغادرتهم الأرض. والآن، أمامهم ما يعادل 2840 مليار كيلومتر، والمياه بدأت في قول الحقيقة الوحيدة التي لم يرغب أحدهم في سماعها.
على متن السفينة، كان كل شيء يعمل في صمت كأن الكون يهمس: لم يحن وقت الكشف بعد. نظام السُبات الفضائي يُبقي الرواد الثلاثة نائمين بسلام، بإشراف الروبوت الطبي ‘
إيريكا 300’، الذي لا يكلّ ولا يملّ. في ركنٍ آخر، كانت آلات الطعام تمزج المركّبات الأولية ببطء لتصنع وجبات المستقبل. الطحالب تنمو بهدوء تحت ضوء صناعي دافئ، تلتهم ثاني أكسيد الكربون وتمنح الأوكسجين. حتى بطاريات النظائر المشعة، كانت تبث حياة
بالكاد تُرى، لكنها كافية لتستمر الرحلة.”
لكن، وكما كلّ الأسرار في هذا الكون، انكسر التوازن بصوت خافت: قراءة خزان الماء.
“المستوى ناقص.” قال كازو، وهو يحدق في الشاشة.
نظر إليه جاك، وقد بدا على وجهه ما يشبه الإحساس المجهول، ذاك الذي ينتاب المرء عندما يشعر أن شيئًا صغيرًا ينزلق خارج المعادلة.
“كم شربتَ أمس؟” سأل كازو.
“لترًا.” أجاب جاك ببساطة.
قالت جوليا من المقصورة الخلفية، “وأنا كذلك.”
ثم قال كازو، “وأنا أيضًا.”
المنطق واضح: ثلاثة لترات، خمسون ناقص ثلاثة تساوي سبعة وأربعين. لكن العداد يظهر ستة وأربعين.
كان نقص لتر واحد فقط، لكنه كان كافيًا ليفتح ثغرة في قشرة الهدوء الكوني.
“هل هناك أحد غيرنا؟” قال كازو، وهو ينظر إلى جاك.
“ربما هناك رابع مختبئ على متن الشراع، كالأشباح.” قال جاك، نصف مازح.
لكن الصمت الذي أعقب المزحة لم يكن مضحكًا. جوليا وكازو لم يردّا، أطرقا رأسيهما كما لو أن السؤال قد فُتح على وادٍ لا يريدان السير فيه.
مرت الشهور. وجاك لم ينسَ.
في لحظة ما، صرخت جوليا.
كان الصوت غريبًا، متقطعًا كإشارة تائهة في الفراغ. لحظتها، استدارت “إيريكا”
برأسها نحو الصوت، كأنها سمعتْه قبل أن يُنطق. كأنها كانت تنتظره.
توجّه جاك وكازو نحو وحدة الخدمات. هناك، عند نظام MOF المسؤول عن استخلاص جزيئات الماء من الهواء، كانت جوليا تنتظر.
“توقف النظام.” قالت، وعيناها متسعتان.
جاك نظر إلى السطح المساميّ للبلورات، كان جافًا كجدار مهجور.
المولد الحراريّ يعمل، الطاقة مستمرة. لكنه وجد الخلل في سلكٍ دقيق قد انفصل عن المزدوجة الحرارية، بشكل شبه خفيّ.
أعاد توصيله. بدأ الجهاز بالعمل. عاد الماء، وعادت الأنفاس.
لكن شيء ما ظلّ معلقًا.
جاك، وهو ينظر إلى الشاشة، سأل نفسه بصمت: “لتر واحد… في كل يوم. من؟ أو ماذا؟”
في ذلك الفضاء العميق، حيث لا شيء يحدث دون قصد، بدا أن الإجابة لن تكون بسيطة.
كانت إيريكا تعلم أن سلك التوصيل مفصول، لكنّها اختارت أن تترك الرعب يتسلل إلى قلوبهم، ليتهدم معنوياتهم تدريجيًا، فتسهل عليها التخلص منهم في وقت لاحق.
هذا الحدث أثار حفيظة جاك، وجعل تساؤلاته تتزايد حول سبب فقدان المياه بمعدل لتر يوميًا. أصبح الأمر جادًا، فقد يحتاجون في أي وقت لهذا اللتر الذي يُفقد بشكل مستمر.
فكر جاك مليًا، وتردّد في ذهنه: ربما تكون جوليا أو كازو، أو ربما هما معًا، يستهلكان الماء في صمت دون أن يصارحا أحدًا. كان عليه أن يتصرف بحذر.
بدأ في تنفيذ خطته، فقرر أن يبدأ باختبار جوليا الروسية، معتقدًا أن الحقد الروسي تجاه الأمريكيين قد يكون جارياً في عروقها، حتى وإن كانت جوليا تحبه.
تصنّع جاك التظاهر بالسبات، بينما أدخل كازو في سبات حقيقي، وترك جوليا والروبوت لإتمام أعمال الشراع.
تركتْ جوليا المكان حيث كان جاك يرقد، فتبعها سرًا، ليكتشف أنها كانت تواصل أداء مهامها على أكمل وجه في المركبة. فصمت وعاد أدراجه قبل أن تراه، لكن سرعان ما لمح إيريكا تدخل وحدة الخدمات. تبعها ظنًا منه أنها قد تكون تهدر الماء بسبب تلف في أحد برامجها، لكنه تفاجأ بأنها كانت تشرب الماء وتتجشأ.
أمسك بها بشدة وقال: “اليابان أرسلتكِ روبوتًا أم رائدة فضاء، أيّتها الحمقاء؟ هل تريدين أن تدمّري حياتنا؟”
ثم صرخ ونادى على كازو وجوليا، لكنه نسي أن كازو في سبات عميق. فركض نحوه وأيقظه بسرعة، ثم عاد به أمام إيريكا، وقد تابعته جوليا، مشدوهة.
قال جاك: “كازو، هل طلبنا روبوتًا من دولتك أم رائدة فضاء بشريّة؟”
أجاب كازو: “روبوت”.
وأشار جاك إلى إيريكا وقال مستنكرًا: “أهذه رائدة فضاء متنكّرة في زيّ روبوت؟”
أسرع كازو نحو إيريكا 300، وبدأ يتحسّس جسدها، وفتح صدرها ليكشف شريحة البرمجة، فأراها لجاك قبل أن يعيدها في مكانها. ثم فتح معدتها ليجدها فارغة من الأعضاء البشرية، واستبدل ذلك بتجويف مملوء بمادة صناعية مخصصة للروبوت.
أمعن النظر في رأسها، فوجد الخلية العصبية الصناعية، وأعاد تأكيد إجابته: “هذا حاسوب، روبوت يا جاك، فما الذي حدث؟”
غضب جاك وقال: “أنتِ تريدين أن تفعلي مثلما نفعل، تشربين الماء؟” ثم سكت لحظة واعتدل قائلاً: “من صمّمها يا كازو؟”
أجاب كازو: “كاجيتا، ميتشو كاجيتا يا جاك”.
زم شفتيه وهو يقول باستياء: “الملعون… اللعنة عليه!”
استمر الحوار، وإيريكا وجوليا تستمعان دون أن ينبسا بكلمة. ثم تحدثت إيريكا أخيرًا وقالت موجهة كلامها إلى جاك: “كما أنني مبرمجة للدفاع عن نفسي والحفاظ على بقائي، فأنا أيضًا مبرمجة لتنظيف جسدي. كنت أظن أنني بحاجة إلى ذلك، لأنني أشعر بالاتساخ”.
ردّ جاك مستاءً: “أنتِ تشعرين بالاتساخ، أيتها الحقيرة!” ثم قال بلؤم: “ابكي، ابكي الآن، أيتها الصغيرة!” وهاجمها ضاربًا إياها في وجهها. تألمت إيريكا ورددت: “آه، آه”.
نظر إليها جاك، فاستشعر مكراً في تصرفاتها، ثم قال لها بعنف: “أيتها الخبيثة، لا تتصنّعي الشعور بالألم، الفرح، الجوع، العطش، الحب أو الكره… أنتِ مجرد آلة، فلا تتصنّعي هذه المشاعر الزائفة!
أجابته إيريكا بهدوء: “أنا أحمي نفسي من العطب.”
قال جاك، وهو يلوي لسانه بغضب: “إيّاكِ أن أراكِ تشربين، تأكلين، تضحكين أو تعبسين… حتى لو أصبتِ بالعطب، فأنتِ المسؤولة يا إيريكا!”
“حسنًا… لكن لو أصابني عطب، أنت المسؤول يا جاك.”
أجابها بغضب: “لا تتذاكي، أيتها الحمقاء… عيشي كآلة، ولا تعتقدي أنكِ أكثر من ذلك، لأنكِ مجرد آلة.”
بقلمي: إبراهيم أمين مؤمن -مصر
19/4/2025