بوابة الوفد:
2025-04-28@00:40:16 GMT

قبل انفجار لغم «اللاجئين»

تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT

أثار قانون «تنظيم لجوء الأجانب» فى مصر حالة من الجدل بين التأييد انطلاقًا من الحاجة إلى توفير إطار قانونى يضمن التوازن بين حقوق المهاجرين والتزامات مصر اتجاه 9 ملايين لاجئ حسب تقديرات حكومية، بتكلفة 10 مليارات دولار سنويًا تتحملها الدولة، وبين من يرى أن بنود هذا التشريع المصرى الأول فى هذا الشأن، تثير حالة توتر ومخاوف من تقييد حقوق هؤلاء دون رقابة.


تلك الحالة من الجدل المتبادل لا تسير فى الإتجاه الصحيح، لأن الخطر ليس فى القانون من عدمه، الخطر الحقيقى عدم الانتباه إلى مخططات الإتحاد الأوروبى بتصدير هذا «اللغم» إلى دول شمال أفريقيا عمومًا ومصر خاصة، والسعى لتحويل بلدان خارج التكتل الأوروبى إلى «مراكز استقبال» اللاجئين والتخلص من تلك الأزمة التى أوشكت على تفجير الإتحاد من الداخل.
بداية الكابوس:
بدأت أزمة اللاجئين فى أوروبا 2015، فى هذا العام فرَّ مئات الآلاف عبر البحر المتوسط هربًا من جحيم الصراعات والحروب فى الشرق الأوسط، فى هذا العام توالت المشاهد المأساوية واحدًا تلو الآخر، بداية من حالات الغرق فى المياة الليبية، مروراً بعثور السلطات النمساوية على جثث 71 لاجئًا فى شاحنة تبريد مهجورة بالقرب من حدودها مع المجر، وصولًا لمشهد الطفل السورى «إيلان كردى» الذى جرفته الأمواج إلى شواطئ تركيا وهزت صورته ضمير العالم.
النقطة الفاصلة فى عام «أزمة اللاجئين» كانت 5 سبتمبر 2015 عندما قررت المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» فتح الحدود لإستقبال آلاف اللاجئين من سوريا وأفغانستان والعراق، قائلة عبارتها الشهيرة آنذاك:« نستطيع إدارة هذا الأمر»، كان قرار «ميركل» إنحيازًا للإنسانية، ضاربًا بأصوات تتهمها بتعريض هوية ألمانيا وأمنها للخطر عرض الحائط.
قمة الصراع:
بعد مرور تسع سنوات وحالة الصعود المتسارع لأحزاب يمينية متشددة فى أوروبا، بدأ المزاج العام يتحول من «التوطين والدمج الحذر» إلى نبرة رافضة لإستقبال المهاجرين، وفتح الحدود أمام ما يسمونه «إرهابى محتمل»، وأصبحت عواصم أوروبا تقول بشكل واضح:«لا..لا نستطيع»، ردًا على مقولة «ميركل»: « نستطيع إدارة هذا الأمر».
فى ظل تلك الضغوط السياسية للأحزاب اليمينية المتطرفة، أصبحت الحكومات تتنافس لاتخاذ تدابير صارمة لمكافحة الهجرة، وإجراءات حازمة لغلق الحدود وتشديد الرقابة، فقد أعادت ألمانيا فرض عمليات التفتيش على جميع حدودها، وتعهدت فرنسا بمراجعة تشريعات الاتحاد الأوروبى التى لم تعد تناسب باريس، واقترحت السويد وفنلندا قوانين ضد المهاجرين، وقال الائتلاف الجديد فى هولندا، بقيادة حزب الحرية المناهض للهجرة: «إن البلاد لم تعد قادرة على تحمل تدفق المهاجرين»، وقامت السويد بزيادة ما تدفعه للأشخاص الراغبين فى العودة إلى أوطانهم إلى 30 ألف يورو.
تلك الحالة المزاجية الرافضة للهجرة وتشديد الرقابة على الحدود، أصابت دول الإتحاد الأوروبى بالتوتر، ورأى البعض أنها ربما تقضى فى المدى البعيد على منطقة « شنغن» التى تسمح بحرية التنقل فيها دون جوازات سفر، تلك المنطقة التى تعتبر واحدة من أكبر إنجازات الاتحاد الأوروبى وأكثرها أهمية اقتصاديا.
«مراكز العودة» ومحاولات الخروج:
فى ظل مواجهة تلك الأزمة التى باتت تعصف بالإتحاد الأوروبى، بدأت الأصوات تنادى بالتفكير والبحث عن حلول جديدة لمنع الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، فبرزت فكرة الإستعانة بدول خارج الإتحاد الأوروبى لإستقبال المهاجرين ومعالجة طلبات اللجوء أو ما يسمى بـ«مراكز الاحتجاز والعودة» استشهادًا باتفاقية إيطاليا وألبانيا، وصفقة بريطانيا ورواندا.
وتحت ستار الاستثمار ومشاريع التنمية، والشراكات الاستراتيجية، بدأ الإتحاد فى إبرام اتفاقيات مع دول شمال أفريقيا، أهم بنود تلك التفاهمات هو مكافحة الهجرة، فتم التوقيع مع تونس يوليو 2023، وتقديم حزمة من المساعدات منها 105 ملايين يورو لهذا البند، وفى مارس 2024 دخل الاتحاد الأوروبى فى شراكة استراتيجية مع مصر بقيمة 8 مليارات دولار لتعزيز استقرار البلاد وجهود مكافحة الهجرة غير الشرعية، كما تم عقد صفقة مع تركيا عام 2016 بقيمة 6 مليارات يورو، وتم دفع 210 ملايين يورو لموريتانيا، كذلك الأمر بالنسبة إلى ليبيا ولبنان والمغرب... إلخ إلخ
الإشكالية أن منح الإتحاد الأوروبى لن تكون « شيكًا على بياض» كما تصور البعض، وظن خطئًا أن تلك المساعدات «رزق وربنا بعته.. وربنا يزيدنا من فضله كمان وكمان »!
فبعد توقيع تلك التفاهمات، ظهرت تقارير تتحدث عن «مكبات النفايات الصحراوية» فى موريتانيا والمغرب وتونس، وكيفية دفع المهاجرين من أطفال ونساء إلى مناطق صحراوية نائية، وتركهم يتدبرون شئونهم بأنفسهم، وتناولت أخرى انتهاكات ضد المهاجرين فى ليبيا، وبذلك يكون الاتحاد الأوروبى تنازل عن قيمه، وألحق الضرر بسمعته فى مجال حقوق الإنسان، والدفاع عن مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون!
وبعيدًا عن تلك الحلقة المفرغة من مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون، رأى البعض أن تلك المحاولات من البحث عن دول خارج التكتل الأوروبى كمراكز لاستقبال اللاجئين، يجعل الإتحاد عرضة للإبتزاز والتلاعب بإستخدام الهجرة كسلاح ضده وورقة ضغط عليه، كما فعل الرئيس الليبى «معمر القذافى» 2011 وتهديداته بإطلاق «طوفان» من المهاجرين إلى أوروبا إذا استمرت فى دعم المحتجين، لنصل فى النهاية إلى حلقة مفرغة من الأزمات والصراعات تبحث عن حل دون جدوى.
أخيرًا: ربما شرحت السطور السابقة خطورة «لغم اللاجئين» الذى تعانى منه أوروبا وتريد تصديره خارج حدودها، ويمكن تلخيصه فى جملة كتبتها «انجيلا ميركل» فى مذكراتها التى صدرت مؤخرًا تحت عنوان «الحرية ذكريات 1954 -2021 » عن تلك اللحظة الفارقة بعد فتح حدود ألمانيا، والتوترات الاجتماعية والسياسية التى أعقبت هذا القرار تقول: كانت لحظة لها « ما قبل وما بعد»!
فى النهاية : يجب التوازن الشديد بين الالتزامات الأخلاقية ومصالح البلاد بعيدًا عن إغراءات المنح والتفاهمات، والانتباه إلى خطورة التورط فى تلك الأزمة نيابة عن أوروبا، فنصبح تائهين بين قرار: « سنتمكن من ذلك» وبين صرخات: « لن نستطيع.. لن نفعل ذلك »، ونكون بين عشية وضحاها أمام إنفجار لغم لا يمكن السيطرة عليه.
حفظ الله مصر من كل سوء.


[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب حقوق المهاجرين تنظيم لجوء الأجانب الإتحاد الأوروبى الاتحاد الأوروبى

إقرأ أيضاً:

شؤون اللاجئين بالمنظمة تدين القرار الأميركي برفع الحصانة عن الأونروا

أدانت دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير الفلسطينية، قرار وزارة العدل الأميركية بعدم اعتبار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا "، هيئة تابعة للأمم المتحدة ولا تتمتع بالحصانة الدبلوماسية التي تحميها من الدعاوى القضائية في الولايات المتحدة.

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي، إن قرار العدل الأميركية يُعتبر سابقة خطيرة، ويشكل هجوما على المجموعة الدولية التي اعتمدت قرار 302 عام 1949 بأغلبية كبيرة دون اعتراض، وتعديا على القانون الدولي، وانتهاكا فاضحا لميثاق الأمم المتحدة (بما في ذلك المادتان (2) و(105)، ولقراراتها ذات الصلة بحصانات وحماية المنظمات الدولية بما فيها قرار تأسيس الأونروا رقم 302 وفق المادة (17)، ولاتفاقية 1946 بشأن امتيازات وحصانات الأمم المتحدة.

وأضاف: أن القرار الأميركي برفع الحصانة عن الأونروا وعدم اعتبارها جزءا من الأمم المتحدة سي فتح الطريق لمقاضاتها أمام المحاكم الأميركية، لافتا إلى أن القرار يتقاطع مع خطط دولة الاحتلال الإسرائيلي بتفكيك الأونروا، ومع القانونين اللذين أقرتهما الكنيست في أكتوبر الماضي والقاضيين بحظر عمل أنشطة الأونروا في القدس الشرقية المحتلة، ويقوضان ولايتها في مناطق عملياتها في الأرض الفلسطينية المحتلة، ما سيدفع بدولة الاحتلال إلى المضي قدما في تنفيذ القانونين بحظر أنشطة الأونروا وإغلاق مقراتها ومدارسها وعياداتها الصحية ومراكزها الإغاثية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وفي قطاع غزة .

ووصف أبو هولي القرار الأميركي، بـ"قرار مسيس ومتسرع"، خاصة أن مجموعة المراجعة الخارجية (المستقلة) التي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريش في 5 فبراير/ شباط 2024، برئاسة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا لتقييم حيادية الأونروا والرد على الاتهامات الإسرائيلية التي استهدفت عددا من موظفيها أثبت عدم صحة الادعاءات الإسرائيلية.

وأكد أبو هولي أن الأونروا جزء لا يتجزأ من الأمم المتحدة، وهي جزء من المنظومة الدولية التي ترسخ للنظام المتعدد الأطراف، لافتا إلى أن القرار الأميركي لا يلغي وضعية الأونروا باعتبارها هيئة تابعة للأمم المتحدة، وهو يشكل عقابا جماعيا لملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين يتلقون المساعدات المنقذة للحياة من الأونروا، في مناطق عملياتها الخمس وخاصة في قطاع غزة التي تشكل لهم شريان الحياة في ظل حرب الإبادة الجماعية التي تشنها دولة الاحتلال منذ أكثر من 17 شهرا.

وأضاف: أن مصير الأونروا يحدد من طرف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي يبلغ عددها 194 دولة، والتي تُمثَّل فيها الدول تمثيلًا متساويًا، والولايات المتحدة ودولة الاحتلال لا تملكان الحق في إسقاط الصفة الأممية عن الأونروا أو ملاحقتها قضائيا، لافتا إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة جددت تفويض عمل الأونروا بأغلبية ساحقة بتصويت 168 عضوا في الجمعية العامة لثلاث سنوات جدد في عام 2023، وتستمر الولاية الجديدة إلى العشرين من شهر يونيو/ حزيران 2026.

وطالب أبو هولي الإدارة الأميركية بالعدول عن قرارها المناهض للأونروا، وأن تتخذ خطوة إلى الأمام بعودة تمويلها للأونروا وحماية ولايتها، إلى حين إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين طبقا لما ورد في المادة (11) من القرار 194، والضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي لوقف العمل بالقانونين اللذين يحظران عمل الأونروا، وإلزامها حماية الأونروا والعاملين فيها، وتمكينها من القيام بولايتها الممنوحة لها بالقرار 302.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين بالفيديو: 3 شهداء في استهداف الاحتلال المواطنين بمواصي خان يونس فتح: قرار السلم والحرب يجب ان يكون بيد منظمة التحرير نائبان بريطانيان: تعرضنا للتحقيق من الاحتلال خلال زيارتنا فلسطين الأكثر قراءة نحو اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني  عن قوة نتنياهو وضعف المعارضة  أبو عبيدة: انتشال شهيد كان مكلفا بتأمين الأسير عيدان الكسندر الإعلام العبري: مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخرين بحدث أمني شرق غزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • ألمانيا والنمسا تبحثان مع دمشق إعادة اللاجئين السوريين
  • خبير: إسبانيا تغرد خارج السرب الأوروبى بعد العدوان على غزة
  • فوزي لقجع نائبا أول لرئيس الإتحاد الإفريقي لكرة القدم
  • شؤون اللاجئين بالمنظمة تدين القرار الأميركي برفع الحصانة عن الأونروا
  • الجزائر تفرج عن دفعة جديدة من المهاجرين المغاربة
  • تحذير أممي من تداعيات تدفق اللاجئين الكونغوليين إلى بوروندي
  • وكالة أوروبية: نتمنى عدم إعادة المهاجرين إلى ليبيا لكننا “بلا خيار”
  • وكالة “فرونتكس” الأوروبية: نتمنى عدم إعادة المهاجرين إلى ليبيا لكننا “بلا خيار”
  • معظمهم من السودانيين .. أزمة التمويل تحرم آلاف اللاجئين بمصر من العلاج
  • غارديان: إدارة ترامب تعيد احتجاز عائلات المهاجرين وتفاقم معاناتهم الإنسانية