نتنياهو جمد جبهة لبنان تحضيرا لمواجهة إيران
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
سرايا - قرر بنيامين نتنياهو تجميد جبهة الحرب في لبنان، في مسعى إلى التحضير لخوض مواجهة أوسع مع إيران، في ما قد يواجه ضغوطاً من دونالد ترامب للوصول إلى سلام واسع في المنطقة. وقد يدوم وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله"، ولكن يُستبعد أن يحمل في طياته بوادر سلام أوسع.
***
أشرقت الشمس فجر الأربعاء الماضي على ضاحية بيروت الجنوبية، كما في باقي الأيام على مدار الشهرين الماضيين، على وقع الانفجارات وأصوات الطلقات النارية، لكنها في هذه المرة كانت مختلفة كونها كانت تبشر بحلول السلام.
وكما كان الحال في كثير من المرات السابقة، قرر مؤيدو "حزب الله" الاحتفال في أعقاب مواجهة وصلت إلى طريق مسدود مع إسرائيل، بغض النظر عما تكبدوه من خسائر. وربما لا يكون المشككون مخطئين عندما يقولون إن وقف إطلاق النار الحالي هو مجرد هدنة مؤقتة. ومع ذلك، فإن أمد هذه الهدنة قد يطول إذا ما قرر وكلاء السلطة من الطرفين، ومن يدعمهم خارجياً، أن استمرارها يخدم مصالحهم.
في لبنان وشمال إسرائيل قد يكون تنفس الصعداء مبرراً لدى الناس العاديين. فالاتفاق على وقف إطلاق النار بين إسرائيل والحكومة اللبنانية، بالنيابة عن "حزب الله"، يعني أن الجيش الإسرائيلي سينسحب إلى ما وراء الحدود الجنوبية بعد 60 يوماً، بينما يعود مقاتلو "حزب الله" إلى مناطق خلف نهر الليطاني على مسافة 30 كيلومتراً تقريباً من الحدود الإسرائيلية، وبالتالي تعد هذه النتيجة تعادلاً وليس ضربة قاضية.
واصلت إسرائيل شن غاراتها الجوية العنيفة حتى اللحظة الأخيرة، في وقت كان "حزب الله" قد أطلق 250 صاروخاً نحو الأراضي الإسرائيلية قبل ذلك بيوم. وقد تكبد "حزب الله" ومعه المدنيون اللبنانيون إصابات وأضراراً تزيد بأضعاف على تلك التي حاولت الميليشيات المسلحة إلحاقها بالجيش الإسرائيلي والمستوطنين في إسرائيل. لكن أكثر ما يثير قلق إسرائيل اليوم هو أنه على الرغم من تلك الهجمات المدمرة التي شملت توجيه ضربات دقيقة باستخدام الاستخبارات وأجهزة البيجر المفخخة، فضلاً عن غارات صاروخية خارقة للتحصينات بهدف اغتيال قائد "حزب الله" حسن نصر الله، حارب "حزب الله" حتى الرمق الأخير ولم يُهزم. وتشير الترجيحات إلى أن وقف إطلاق النار سيبقى قائماً، في الوقت الراهن على الأقل، مع أنه من المستبعد أن يحمل في طياته بوادر سلام أكثر شمولاً.
برر بنيامين نتنياهو قرار إيقاف الحرب على الجبهة الشمالية لإسرائيل بالقول إنه كان ضرورياً لإعادة تزويد قواته بالذخائر القادمة من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، وحتى يتمكن من تكثيف جهوده للقضاء على "حماس" في قطاع غزة. بل أوضح أن الهدف من وضع حد للعمليات العسكرية هو أكبر من ذلك، ويتمثل في مواجهة إيران كتهديد استراتيجي، إلى جانب التصدي لوكلائها في مناطق عدة، بدءاً بسورية والعراق ومروراً بالضفة الغربية ووصولاً إلى الحوثيين في اليمن.
ما يرجح بقاء "حزب الله" فعلياً خارج أي معارك مستقبلية في الجنوب هو حاجته إلى التعافي وإعادة ترتيب صفوفه أكثر من الرهان على قدرة الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) على فرض السيطرة الفعلية على المنطقة.
وقد يشير عجز نتنياهو عن تحقيق الأهداف في غزة حتى اليوم إلى أنه سينقل قوات الجيش الإسرائيلي إلى هناك للقضاء على "حماس" وتحرير ما بقي من الأسرى، مع أنه شدد على أن العدو الأكبر لإسرائيل الآن هو إيران، كما منح الحوثيين ذكراً خاصاً باعتبارهم من الأهداف المستمرة.
ويفيد نتنياهو بأن إسرائيل قد تجاوزت مراراً الخطوط الحمر التي وضعتها دول أخرى، قاصداً بذلك بشكل رئيسي تجاهله محاولات الولايات المتحدة ضبط تصرفاته. وعند إعلانه وقف إطلاق النار في لبنان تباهى متحدياً ناقدي تصرفاته عندما قال: "أكدوا أننا (لن نعود للقتال بعد وقف إطلاق النار الذي وضع حداً للعمليات العسكرية ضد "حماس")، لكننا عدنا وبزخم كبير، وسنعود أيضاً في لبنان" إذا لزم الأمر.
في سياق متصل، استهدفت القوات الجوية الإسرائيلية بيروت بثلاث قذائف عملاقة بينما كان جو بايدن يتوجه إلى المراسلين الصحفيين في البيت الأبيض للإعلان عن وقف إطلاق النار، كخاتمة انتصارية لسياسته الرئاسية الخارجية. وكانت التصريحات الصادرة من القدس متناقضة بصورة كبيرة، وللأسف يبدو دور بايدن هامشياً وأقل تأثيراً في سياق الأحداث.
ويأمل بايدن في أن يكون وقف إطلاق النار المعلن في لبنان بمثابة سابقة تمهد لعلاقة جديدة بين إسرائيل وغزة. كما تحدث عن أهمية توسيع نطاق التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، وبذلك لفت انتباه نتنياهو إلى أن وقف إطلاق النار على الجبهة الشمالية يمهد السبيل لواقع جديد، مؤكداً أن القوة العسكرية للجيش الإسرائيلي تظل أكثر وقعاً وتأثيراً من مجرد آمال صادقة بعودة الهدوء إلى المنطقة.
يراهن نتنياهو في حساباته، على أن ترامب، خلال ولايته الرئاسية الثانية، سيمنحه الضوء الأخضر للانقضاض على إيران. ولذلك، مع تهدئة الحرب مع "حزب الله" بينما تستعد إسرائيل لإظهار قوتها الفعلية ضد إيران، فإن هدنة الستين يوماً لن تكون إرثاً لبايدن بقدر ما تمثل ورقة نعي لعهده.
في موازاة ذلك، أعلن دونالد ترامب أن وقف إطلاق النار هو بمثابة "تأثير ترامب: السلام باستخدام القوة"، وثمة احتمال قائم بأن يكون الرئيس المنتخب قد تدخل لإقناع إسرائيل بالحد من خسائرها في لبنان، في حين أبدى "حزب الله" استعداده لشراء الوقت عبر الموافقة على وقف إطلاق النار الذي يمنحه فرصة لإعادة بناء قدراته وتنظيمها، فيما تحظى إسرائيل بالوقت الضروري لإعادة رسم الخريطة في الجنوب.
بعد هذا كله يبقى السؤال: هل يتدخل ترامب وفريقه الداعم للتصعيد للضغط من أجل اتفاق سلام لم يتمكن بايدن من تحقيقه؟ أم يجمع نتنياهو بين الضربات العسكرية القوية ضد أعداء إسرائيل وبين الخطاب عن تحقيق السلام على طريقة ترامب باستخدام القوة؟
من المتوقع أن يتبع نتنياهو إستراتيجياته المعتادة، حيث يلعب على وتر الغطرسة عند الرئيس الجديد، بينما يتركه يتحمل المسؤولية عن أي فشل في تنفيذ الخطط القائمة. وفي الختام، لا يتوقع رئيس الوزراء الإسرائيلي سلاماً دائماً حتى في حال تحقيق أي انتصار. أما ترامب فيسعى إلى أن يكون صانع سلام من غزة إلى أوكرانيا. وبذلك، فإن تصاعد التوترات والمنافسات بين صاحب البيت الأبيض الجديد، المنشغل "بتنظيف الساحة"، وبين المحارب المخضرم في القدس، يبقى احتمالاً غير مستبعد على الإطلاق.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 1238
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 02-12-2024 08:56 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: وقف إطلاق النار بین إسرائیل فی لبنان حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تنفذ وعيدها بسلسلة غارات على لبنان
قال الجيش الإسرائيلي ، اليوم الاثنين، إنه بدأ سلسلة هجمات على لبنان ردا على قصف حزب الله لموقع رويسات العلم في مزارع شبعا في جنوب لبنان، وهو قصف قال الحزب إنه جاء ردا تحذيريا على الخروقات الإسرائيلية المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار.
وقال مراسل الجزيرة إن إسرائيل شنت غارات على مرتفعات الريحان وأطراف بلدتي جباع وحومين الفوقا ومحيط بلدة أرنون جنوبي لبنان.
وكان حزب الله قال في وقت سابق اليوم إنه نفذ ردا دفاعيا تحذيريا واستهدف موقع رويسات العلم التابع للجيش الإسرائيلي بتلال كفرشوبا المحتلة.
وقال الحزب، في بيان، إنه استهدف موقع رويسات العلم ردا على الخروقات الإسرائيلية المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار، شملت تنفيذ غارات جوية وقصفا على لبنان.
وأفاد مراسل الجزيرة بإطلاق صاروخين من جنوب لبنان باتجاه موقع رويسات العلم.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الصاروخين سقطا في منطقة مفتوحة قرب مواقع عسكرية في مزارع شبعا، فيما قال الجيش الإسرائيلي إن حزب الله أطلق صاروخين دون وقوع إصابات.
FILE PH نتنياهو هدد بالرد بقوة على قصف حزب الله على الموقع الإسرائيلي (رويترز) تهديدات إسرائيليةوتعليقا على هذه التطورات قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الاثنين إن إسرائيل سترد "بقوة".
إعلانوأضاف نتانياهو في بيان أصدره مكتبه "إن إطلاق حزب الله النار على موقع اسرائيلي يشكّل انتهاكا خطيرا لوقف إطلاق النار، وسوف ترد إسرائيل بشدة على ذلك" مؤكدا "نحن مصممون على مواصلة تطبيق وقف إطلاق النار والرد على أي انتهاك من جانب حزب الله، سواء كان صغيرا أو خطيرا".
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول أمني أن الجيش سيرد على إطلاق حزب الله صواريخ باتجاه جبل الروس، ولن يتغاضى عن أي خرق.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن وزير الدفاع يسرائيل كاتس صادق على خطط لشن هجمات واسعة النطاق على حزب الله، مشيرة إلى أن إسرائيل أبلغت واشنطن نيتها تنفيذ سلسلة هجمات على لبنان ردا على إطلاق حزب الله صواريخ.
وأكدت الهيئة أن إسرائيل سترد خلال ساعات على انتهاك حزب الله قرار وقف إطلاق النار، ونقلت عن مصدر سياسي أن "الاتفاق يسمح باستهداف مواقع عند حدود لبنان وسوريا وهذا ما سنفعله".
وأشارت الهيئة إلى أن المستوى السياسي وافق على تكثيف الهجمات على الحدود السورية اللبنانية.
كما نقلت صحيفة يسرائيل هيوم عن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي إنهم سيهاجمون حزب الله بقوة ردا على انتهاكه الخطير، وسنستمر في ذلك.
وقال زعيم حزب "معسكر" الدولة الإسرائيلي المعارض بيني غانتس "إذا لم نرد بقوة ضد الدولة اللبنانية فإننا سنعود إلى مرحلة المعادلات"، فيما أكد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن على حزب الله أن يفهم أن المعادلة قد تغيرت، وأن ما كان في الماضي لن يتكرر وعصر الاحتواء قد انتهى.
وفي السياق نفسه نقل موقع أكسيوس عن مسؤول أميركي أن الإسرائيليين مارسوا لعبة خطيرة في الأيام الأخيرة، كما نقل عن مصادر أن الإدارة الأميركية أعربت سرا للإسرائيليين عن قلقها من احتمال انهيار وقف إطلاق النار الهش في لبنان.
كما نقل أكسيوس عن مسؤولين أميركيين أن المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكشتاين أبلغ إسرائيل أنه يتعين عليها إفساح المجال لآلية مراقبة وقف إطلاق النار، كما أعرب لإسرائيل عن قلقه بشأن ضرباتها المستمرة في لبنان.
إعلانوفي سياق متصل اتهم رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إسرائيل بـ"خرق فاضح" للاتفاق، ودعا لجنة المراقبة لبدء مهامها.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن، الاثنين، مواصلة هجماته ضد ما زعم أنها أهداف لحزب الله بلبنان، ردا على ما زعم أنها "أنشطة" للحزب "شكلت تهديدا لإسرائيل وانتهاكا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان".
وتابع أنه في إطار هذه العمليات، هاجم الجيش وسائل عسكرية كانت تعمل بالقرب من بنية تحتية عسكرية لتصنيع الصواريخ التابعة لحزب الله في منطقة البقاع (شرق)، كما زعم أنه تم استهداف وسائل عسكرية أخرى بالقرب من الحدود بين سوريا ولبنان في منطقة الهرمل (شرق)، حيث كانت تستخدم لنقل وسائل قتالية وشكلت تهديدا لإسرائيل.
وبشكل عام تنوعت خروقات إسرائيل للاتفاق بين تفجيرات لنسف منازل وقصف بالمدفعية والطيران الحربي والمسيّر، وتحليق للطيران المسيّر، وإطلاق نار من أسلحة رشاشة، وتوغلات، وتجريف طرقات، وإضرام نار في سيارات، ما أدى إجمالا إلى مقتل 4 أشخاص، بينهم عسكري، وإصابة آخرين.