لجريدة عمان:
2024-12-02@20:08:23 GMT

رأسمالية المحاسيب قادمة إلى أمريكا

تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT

دعونا نفترض أننا الآن في أواخر عام 2025 وأن ترامب فعل كل ما قال إنه سيفعله. أي فرض رسومًا جمركية (ضرائب) مرتفعة على السلع الواردة من الخارج ورسومًا بالغة الارتفاع على الواردات القادمة من الصين. هذه الرسوم ترتب عنها بالضبط نفس ذلك الأثر الذي توقعه العديد من الاقتصاديين على الرغم من إصرار ترامب على عكس ذلك.

أي إنها رفعت الأسعار للمشترين الأمريكيين.

ثم لنفترض إنك تدير نشاطًا اقتصاديًا يعتمد على مدخلات مستوردة ربما من الصين أو من المكسيك أو من أي بلد آخر. ماذا ستفعل؟

حسنًا، القانون التجاري للولايات المتحدة يمنح الجهاز التنفيذي سلطة تقديرية (حرية تصرف) واسعة في تحديد الرسوم التي ينبغي سدادها بما في ذلك القدرة على منح إعفاءات جمركية في حالات خاصة. لذلك أنت ستقدِّم طلبًا للحصول على أحد هذه الإعفاءات. هل سيُستجاب إلى طلبك؟

نظريًا يجب أن تعتمد الإجابة على ما إذا كان دفع هذه الرسوم الجمركية يفرض عَنَتا حقيقيا ويهدد الوظائف الأمريكية. وعمليًا يمكن أن تخمِّن وستكون على صواب بأن معايير أخرى ستلعب دورا في ذلك. إنها معايير من شاكلة ما حجم الأموال التي ساهمت بها للجمهوريين؟ وعندما تنظِّم فعاليات عمل لشركتك هل تفعل ذلك في ملاعب الجولف والمنتجعات التي يملكها ترامب؟

أنا لا أتحدث عن افتراضات لا معنى لها هنا. لقد فرض ترامب رسومًا جمركية خلال فترته الرئاسية الأولى وتقدمت شركات عديدة بطلبات إعفاء. من الذي حصل عليها؟ وجد تحليل إحصائي نشر مؤخرًا أن احتمال التصديق على طلبات الشركات التي لديها روابط بالجمهوريين قياسًا بمساهماتها في حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2016 كان أفضل بكثير مقارنة بطلبات الشركات المرتبطة بالديمقراطيين. لكن ذلك كان تمرينا بسيطا «بروفة صغيرة» لما يمكن أن يأتي. وفي حين لا نملك حتى الآن معلومات محددة، إلا أن مقترحات الرسوم الجمركية التي طرحها ترامب خلال الحملة الانتخابية كانت أوسع نطاقًا وإلى حد بعيد. وفي حالة الصين كانت معدلاتها أعلى من أي شيء شهدناه في المرة الأولى. لذلك هنالك مجال واسع جدًا للمحاباة السياسية.

حسب فهمي، مصطلح «رأسمالية المحاسيب» تم اختراعه لوصف الكيفية التي كانت تحدث بها الأشياء في الفلبين تحت ديكتاتورية فرديناند ماركوس الذي حكم في الفترة من 1965 إلى 1986. إنه يصف اقتصادا يعتمد فيه نجاحُ الشركة على الإدارة الجيدة بقدر أقل من اعتماده على العلاقات الصحيحة (المناسبة) والتي كثيرا ما يتم شراؤها بتقديم خدمات سياسية أو مالية لمن هم في سدَّة الحكم.

في المجر على سبيل المثال تقدر منظمة الشفافية العالمية أن ربع الاقتصاد تسيطر عليه شركات لديها روابط وثيقة مع الحزب الحاكم (حزب فيكتور أوربان). والآن من المرجح جدًا أن رأسمالية المحاسيب في طريقها إلى أمريكا.

هنالك تحليلات عديدة حول الأثر المحتمل لرسوم ترامب على الاقتصاد الكُلِّي والتي إذا كانت معدلاتها قريبة من تلك التي اقترحها ستكون تضخمية جدا. ويمكن القول على أي حال إن تأثيرها المفسِد سيكون أكبر في الأجل الطويل.

لماذا تُوجِد الرسوم الجمركية فرصة أكبر للمحسوبية من الضرائب الأخرى؟ لأن تفعيلها بموجب قوانيننا الأمريكية يتيح مساحة كبيرة لفرض التقديرات الذاتية. فوزير الخزانة لا يمكنه ببساطة إعفاء أصدقائه من ضرائب الدخل (على الرغم من أن الوزير أندرو ميلون قدَّم تخفيضات مطعونا في قانونيتها في عشرينيات القرن الماضي).

على أي حال يمكن للرئيس إعفاء الحلفاء من الرسوم الجمركية. وهل يصدق أي أحد أن إدارة ترامب ستبالغ في التمسك بالضوابط الأخلاقية لكيلا تفعل ذلك؟ ترامب نفسه تباهى بقدرته على الاستفادة من الثغرات في النظام الضريبي. فقد تبجح بأن عدم دفعه حصته المستحقة من الضرائب يجعله ذكيا. (المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون اتهمت ترامب أثناء مناظرة انتخابية في عام 2016 بأنه لا يدفع ضرائب الدخل. رد ترامب عليها بقوله «ذلك يجعلني ذكيا» - المترجم).

هل ستكون الرسوم الجمركية المحرِّك الرئيسي والوحيد المحتمل لرأسمالية المحاسيب في ظل الإدارة الأمريكية القادمة. من المشكوك فيه أن يكون ذلك كذلك. فخطط ترامب لترحيل المهاجرين ستتيح أيضا فرصا عديدة للمحاباة.

يتخيل بعض مستشاري ترامب كما يبدو وخصوصا ستيفن ميلر (المتشدد ضد الهجرة) أن في مقدورهم تطهير أمريكا بسرعة من المهاجرين غير الشرعيين باعتقال الملايين من الناس ووضعهم في «مرافق احتجاز ضخمة». لكن حتى إذا وضعتَ جانبًا القضايا القانونية من المحتمل أن تكون هذه المهمة مستحيلة لوجستيا. وغالبا ما سنشهد سنوات من المحاولات العشوائية لتطبيق هذه السياسة بمداهمات لمختلف الشركات التي يُشَك في توظيفها لمهاجرين غير شرعيين. لكن ما هي المقاييس التي ستحدد الشركات التي سيتم استهدافها أولا بهذه المداهمات؟ وما هي تلك التي ستُترك وشأنها. بمعنى تلك التي سيتم إعفاؤها لسنوات؟

هنالك المزيد بالطبع. فمثلا أشار ترامب إلى استعداده لسحب رخص الشبكات التلفزيونية التي تقدم في رأيه تغطية غير مرغوبة.

إذا كانت رأسمالية المحاسيب قادمة ما الذي ستفعله لأمريكا؟ من الواضح أنها ستكون مؤذية للديمقراطية بمساهمتها في تكريس ميزة مالية كبيرة للجمهوريين وضمان دعم قوي من الشركات لترامب مهما كان حجم الضرر الذي يمكن أن تسببه سياساته. وهي أيضا سَتُثري ترامب وأولئك الذين يحيطون به.

بخلاف ذلك، النظام الذي يكافئ الشركات على أساس روابطها السياسية يبطئ نمو الاقتصاد. فمثلًا هنالك عدة محاولات لتفسير السِّجِل الاقتصادي المحزن لإيطاليا خلال العقود القليلة الماضية. تنسب هذه الدراسات الأداءَ الضعيف إلى أسباب من بينها تفشي المحسوبية. ووجدت دراسة حديثة أن الأنظمة الشعبوية سواء اليمينية أو اليسارية والتي هي في عمومها رأسمالية محاسيب غالبا ما تعاني أيضا تباطؤا في النمو الاقتصادي بحوالي1% في كل عام.

ستخبرنا الأيام القادمة بما سيحدث. والأدلة تشير إلى أن القواعد التي تحكم كيفية النجاح في قطاع الأعمال الأمريكي على وشك أن تتغير. ولن يكون ذلك بطريقة حميدة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الرسوم الجمرکیة

إقرأ أيضاً:

تهديدات ترامب الجمركية.. كيف يمكن تنفيذها؟

قبل أسابيع قليلة من بدء ولايته الجديدة، هدد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، بفرض تعريفات جمركية على منتجات كندية ومكسيكية وصينية، ليعيد إلى الواجهة هذا السلاح الذي استخدمه خلال ولايته الأولى من أجل تحقيق أهداف سياسته الخارجية.

ووعد الرئيس المنتخب، مؤخرا، بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المئة على جميع الواردات من المكسيك وكندا، و10 في المئة على الواردات من الصين بمجرد تنصيبه في العشرين من يناير.

وكشف ترامب في إعلانه على حسابه في "تروث" أنه سيوقع "جميع الوثائق اللازمة" لفرض تلك الرسوم "على الحدود المفتوحة بشكل غير معقول" وفق تعبيره.

ويهدف ترامب إلى الضغط على المكسيك وكندا لحملهما على "حل مشكلة" المخدرات والمهاجرين على الحدود مع الولايات المتحدة.

وينص الدستور الأميركي على أن السلطة التشريعية هي التي لديها سلطات "فرض وجمع الضرائب والرسوم الجمركية وتنظيم التجارة مع الدول الأجنبية"، لكن الرئيس بات خلال العقود الأخيرة يتمتع بسلطات مستقلة بفضل الصلاحيات التي منحتها له القوانين، مع رفض المحاكم صراحة التدخل بموجب هذه الصلاحيات، وفق مجلة إيكونوميست.

والقانون الأبرز هو قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية، الذي صدر عام 1977وتم تحديثه في عام 2001 لفرض تعريفات جمركية أو عقوبات مالية.

وينص القانون، وفق موقع مجلس النواب، على قدرة الرئيس إصدار إجراءات اقتصادية طارئة للتعامل مع "أي تهديد غير عادي واستثنائي، يكون مصدره بالكامل أو جزئيًا خارج الولايات المتحدة، للأمن القومي أو السياسة الخارجية أو اقتصاد الولايات المتحدة".

ويمكن لترامب إعلان حالة الطوارئ بموجب هذا القانون للتعامل مع أزمة الفنتانيل، وتدفق المهاجرين عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة.

وخلال ولايته السابقة، أعلن ترامب نيته استخدامه لفرض رسوم جمركية على المكسيك حتى يتم "تخفيف أزمة الهجرة غير الشرعية من خلال الإجراءات الفعّالة"، ثم أعلن لاحقا أنه لن يمضي قدما في تهديده بعد التوصل إلى اتفاق مع المكسيك.

وقال ترامب أيضا إن القانون أعطاه السلطة "لإصدار أوامر" للشركات الأميركية بمغادرة الصين، وفي أواخر ولايته في أغسطس 2020 استشهد بالقانون مرة أخرى في محاولة لحظر منصة التواصل الاجتماعي المملوكة للصين "تيك توك".

ويمكن للكونغرس إلغاء استخدام القانون من خلال تمرير إعلان مشترك بالرفض، لكن وفق ستيفن كو، محامي التجارة "سكيون هذا عبئا ثقيلا، بالنسبة لكونغرس جمهوري" في بداية ولاية ترامب. وربما يختار الجمهوريون تمرير بعض التعريفات الجمركية التي يريد ترامب فرضها لإفساح المجال المالي للتخفيضات الضريبية التي وعدوا بها.

وقد يستعين ترامب بالمادة 301 من قانون التجارة لعام 1974، وقد استخدمها بالفعل لفرض تعريفات جمركية على 370 مليار دولار من الواردات الصينية، و7.5 مليار دولار من الاتحاد الأوروبي.، وفق خدمة أبحاث الكونغرس. وتمنح هذه المادة مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة سلطة فرض إجراءات جمركية للتعامل مع الممارسات التجارية التي تضر بالولايات المتحدة.

وكانت الولايات المتحدة تستخدم هذه المادة، قبل ولاية ترامب الأولى، من أجل التعامل مع النزاعات في منظمة التجارة العالمية، بينما تسعى إدارة ترامب لاستخدامها من أجل سد الفجوة التجارية بين الولايات المتحدة ودول العالم.

ويمكن لترامب استدعاء المادة 232، من قانون التجارة لعام 1962 الذي أصدر أثناء الحرب البادرة لمواجهة "تهديد غير عادي واستثنائي" للأمن القومي أو السياسة الخارجية أو اقتصاد الولايات المتحدة، لكن خبراء التجارة يقولون إن هذا سيتطلب تحقيقا قد يستمر شهورا.

وكان ترامب استشهد بهذه المادة عام 2018 لفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المئة على واردات الصلب العالمية، و10في المئة على الألومنيوم.

وهناك المادة 122، من قانون التجارة لعام 1974 التي يمكن أن تمنح ترامب القدرة على فرض تعريفات جمركية عالمية إضافية لمدة 150 يوما لتقييد الواردات في حالة حدوث خلل في ميزان المدفوعات، أو لمنع انخفاض كبير في قيمة الدولار، لكن القانون يحدد نطاق التعريفة الجمركية بـ150 يوما فقط، ما لم يتم تمديدها من قبل الكونغرس.

وهناك المادة 338، من قانون التعريفة الجمركية لعام 1930، التي تستهدف مكافحة التمييز التجاري. وتعطي تلك المادة لترامب القدرة على فرض رسوم جمركية تصل إلى 50 في المئة على البضائع من أي دولة تمارس التمييز ضد المنتجات الأميركية بطريقة تضعها في "وضع غير مؤات" مقارنة بالواردات من دول أخرى.

وبالنسبة إلى قدرة القضاء على إلغاء إجراءات ترامب، تقول مجلة إيكونوميست إنها "ظلت تحترم الرؤساء عندما يستدعون مسائل الأمن القومي" أثناء اتخاذ هذه القرارات.

والتحدي الذي قد يواجه إجراءات ترامب أن تؤدي التعريفات إلى ارتفاع أسعار المنتجات للمستهلكين داخل الولايات المتحدة.

وتشير رويترز إلى أن 32 في المئة من الفاكهة الطازجة تأتي من كندا والمكسيك.

وقال لانس جونجماير، رئيس جمعية المنتجات الطازجة، إن ترامب تعهد خلال حملته بالحد من التضخم في أسعار البقالة، ولو نفذ تهديده بفرض تعريفات جمركية جديدة "سوف تشهد ارتفاعا فوريا في أسعار متاجر البقالة، وسوف تغير المطاعم قوائمها بتقليل كمية المنتجات التي تدخل في الأطباق، أو رفع الأسعار"" وفق موقع الإذاعة الأميركية العامة.

وكانت مسؤولة كندية ألمحت أيضا إلى احتمال تأثر المستهلكين الأميركيين بقرارات ترامب. وقالت نائبة رئيس الوزراء الكندي، كريستيا فريلاند، في بيان إن "علاقتنا متوازنة ومتبادلة المنفعة، خاصة بالنسبة للعمال الأميركيين"، وأكدت أن أوتاوا ستواصل "مناقشة هذه القضايا مع الإدارة الأميركية الجديدة".

وفي السياق ذاته، حذرت الصين، الثلاثاء، من أن "لا أحد سينتصر في حرب تجارية". وقال ليو بينغيو، المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، إن بكين "تعتقد أنّ التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والولايات المتحدة مفيد للطرفين بطبيعته".

مقالات مشابهة

  • تهديدات ترامب الجمركية.. كيف يمكن تنفيذها؟
  • رئيس الوزراء الكندي يجتمع مع ترامب بعد «التهديدات الجمركية»
  • ترودو يبحث مع ترامب مسألة الرسوم الجمركية
  • رئيس وزراء كندا يلتقي ترامب وسط أزمة الرسوم الجمركية
  • ترودو يلتقي ترامب في فلوريدا لاحتواء أزمة الرسوم الجمركية
  • وسط أزمة الرسوم الجمركية.. رئيس وزراء كندا يزور فلوريدا للقاء ترامب
  • لقاء غير معلن..ترودو يلتقي ترامب لبحث أزمة الرسوم الجمركية
  • ترودو في فلوريدا للبحث مع ترامب في الرسوم الجمركية
  • ترودو يلتقي ترامب بفلوريدا وسط مخاوف من الرسوم الجمركية