الخليج الجديد:
2025-04-16@15:54:43 GMT

كيف رُميت فرنسا تحت القطار في النيجر؟

تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT

كيف رُميت فرنسا تحت القطار في النيجر؟

كيف رُميت فرنسا "تحت الباص" في النيجر؟

واشنطن لا تنظر بقلقٍ إلى انقلاب النيجر، عكس فرنسا التي تصرّفت بذعر وهي تراقب سقوط مناطق نفوذها الواحدة تلو الأخرى في منطقة الساحل الأفريقي.

هل تبنت واشنطن مقاربة براغماتية في التعاطي مع انقلاب النيجر، وإلقاء حليفتها فرنسا "تحت القطار" وتجنّب التورّط في أزمة جديدة في منطقة الساحل؟

حاولت واشنطن التعاطي بانفتاحٍ على الانقلابيين في النيجر، إذ نفت وجود علاقة لروسيا، أو لمجموعة فاغنر، بالعملية الانقلابية، بعكس ما حاولت فرنسا الإيحاء به.

كان واضحاً الغيظ الفرنسي من خطوة أميركية رأت فيها باريس تشجيعاً للانقلابيين على الاستمرار في نهجهم. ثم أعلنت واشنطن عن تأييدها التوصّل لحلّ دبلوماسي لأزمة النيجر.

لا تستطيع فرنسا التدخّل مباشرة لإطاحة العسكر، لأنّه سيبدو محاولةً من الدولة الاستعمارية السابقة لإطاحة حكومة تعارضها (ولو انقلابية) وتنصيب أخرى موالية لها (ولو منتخبة).

* * *

لم تخيّب الولايات المتحدة في تعاملها مع أزمة الانقلاب العسكري الذي شهدته النيجر أواخر الشهر الماضي (يوليو/ تموز) تقديرات العارفين بسياساتها التي تستمر في تبنّي مقاربة مغرقة في النفعية، مؤدّاها التعامل مع كل من يخدم مصالحها.

منذ الساعة الأولى للإعلان عن إطاحة الرئيس المنتخب، حاولت واشنطن التعاطي بانفتاحٍ واضحٍ على الانقلابيين في النيجر، إذ نفت وجود علاقة لروسيا، أو لمجموعة فاغنر، بالعملية الانقلابية، بحسب ما حاولت فرنسا الإيحاء به لاستنفار الغرب للوقوف في وجه الانقلاب، أخذاً بالاعتبار موجة العداء السائدة ضد روسيا في الغرب بسبب الحرب في أوكرانيا.

وكان هذا أول مؤشّر على أن واشنطن لا تنظر بقلقٍ إلى التغيير في النيجر، عكس فرنسا التي تصرّفت بذعر وهي تراقب سقوط مناطق نفوذها الواحدة تلو الأخرى في منطقة الساحل الأفريقي، عن طريق انقلابات عسكرية بدأت في مالي (2018) وانتقلت إلى غينيا (2021) ثم بوركينا فاسو (2022) وأخيراً النيجر (2023).

الضربة الثانية التي تلقّتها السياسة الفرنسية التي أطاح الانقلاب حلفاءها في حكم البلد الأفريقي الذي تستورد منه نحو 30% من احتياجاتها من اليورانيوم لتشغيل مفاعلاتها النووية المستخدمة في توليد الطاقة، تمثلت في إيفاد واشنطن ثاني أهم مسؤول في وزارة الخارجية، وهي نائب الوزير، فيكتوريا نولاند، إلى نيامي، عاصمة النيجر، حيث اجتمعت بقادة الانقلاب لحثّهم على التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة.

وكان واضحاً مقدار الغيظ الفرنسي من الخطوة الأميركية التي رأت فيها باريس تشجيعاً للانقلابيين على الاستمرار في نهجهم. بعد ذلك، أعلنت واشنطن بوضوح عن تأييدها التوصّل إلى حلّ دبلوماسي لأزمة النيجر.

ويُعتقد أن الموقف الأميركي ساهم في دفع دول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) وفي مقدّمتها نيجيريا، إلى التراجع عن فكرة التدخّل العسكري، وعن المهلة التي أعطتها للانقلابيين للتخلّي عن السلطة وإعادة الرئيس المخلوع، محمد بازوم، إلى السلطة.

في المقابل، كانت فرنسا تدفع فكرة التدخل العسكري وتشجع دول "إيكواس" على التحرّك لإزاحة الانقلابيين، على أن تؤمّن هي الدعم اللوجستي، والغطاء الجوي، مستفيدة من وجود ما يقرُب من 1400 جندي فرنسي في النيجر، في إطار عمليات مكافحة الجماعات المتطرّفة في منطقة الساحل.

ونظراً إلى موجة العداء الشعبي لها، باعتبارها الدولة الاستعمارية السابقة، لا تستطيع فرنسا التدخّل مباشرة لإطاحة حكم العسكر، لأنّ هذا سيبدو محاولةً من الدولة الاستعمارية السابقة لإطاحة حكومة تعارضها (ولو انقلابية) وتنصيب أخرى موالية لها (ولو منتخبة). وعليه، لن تستطيع باريس التحرّك من دون غطاء أفريقي، لن يتوفّر، على الأرجح، من دون موافقة أميركية.

وتجادل واشنطن بأن التدخّل العسكري محفوف بالمخاطر، وقد يؤدّي إلى انهيار كل منطقة الساحل الأفريقي في ضوء الانقسام داخل "إيكواس" وإعلان دول حزام الانقلابات (مالي وبوركينا فاسو وغينيا) عن استعدادها للتدخّل أيضاً دعماً لقادة الانقلاب في النيجر، في حال تدخّل حلف "الديمقراطيات"، ما يعني تفجّر حرب إقليمية واسعة في المنطقة الغارقة في الفوضى أصلاً.

تمثلت القشّة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة إلى الفرنسيين في إقرار إدارة الرئيس جو بايدن أول أمس الاثنين تعيين كاثلين فيتزغيبون سفيراً فوق العادة لواشنطن في نيامي. وكان مجلس الشيوخ الأميركي أقرّ هذا التعيين يوم 27 يوليو/ تموز الماضي، أي بعد يوم فقط من إطاحة الجيش الرئيس واستلامه السلطة.

ويرى كثيرون أن إرسال سفير إلى نيامي في هذا الوقت تحديداً، رغم موقف واشنطن الداعي إلى إعادة الحكم الديمقراطي وإطلاق سراح الرئيس المخلوع وعائلته، يعد بمثابة اعتراف بشرعية النظام العسكري، لا يقلّل من وطأته "تحجّج" إدارة بايدن بأنها رشّحت فيزغيبون لهذا المنصب في يوليو 2022.

يبدو واضحاً أن واشنطن تبنّت مقاربة براغماتية مكشوفة في التعاطي مع انقلاب النيجر، قرّرت بموجبها إلقاء حليفتها فرنسا "تحت القطار" وتجنّب التورّط في أزمة جديدة في منطقة الساحل، والمحافظة على وجودها العسكري في البلاد.

إذ تملك أميركا أكبر قاعدة مسيّرات في منطقة الساحل تستخدمها في ملاحقة التنظيمات الجهادية، إلى جانب 1100 جندي أميركي، أما الديمقراطية فيمكن الحديث عنها في يوم آخر.

*د. مروان قبلان كاتب وأكاديمي سوري

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أفريقيا أميركا فرنسا انقلاب النيجر بايدن ماكرون إيكواس التدخل محمد بازوم منطقة الساحل فی منطقة الساحل فی النیجر

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يهاجم الرئيس الفرنسي: الترويج لدولة فلسطينية خطأ فادح

انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشدة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بسبب تصريح الأخير بشأن إمكانية اعتراف باريس بدولة فلسطينية.

قال نتنياهو في تصريحات نقلتها عنه اليوم الأحد، تقارير عبرية إن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ارتكب خطأ فادحا بترويجه لدولة فلسطينية.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نشر رسالة عبر حسابه الشخصي على منصة إكس منذ قليل، كاشفا فيها موقف فرنسا من القضية الفلسطينية ووقف إطلاق النار في غزة جاء فيها: إليكم موقف فرنسا، وهو واضح: نعم للسلام، نعم لأمن إسرائيل، نعم لدولة فلسطينية دون حماس"

وتابع الرئيس الفرنسي: هذا يتطلب الإفراج عن جميع الرهائن، وقفاً دائماً لإطلاق النار، استئنافاً فورياً للمساعدات الإنسانية، والبحث عن حل سياسي على أساس دولتين، الطريق الوحيد الممكن هو الطريق السياسي.

ولم تكن تلك المرة الأولى التي يهاجم فيها نتنياهو الرئيس الفرنسي فقد انتقده سابقا، بسبب دعوته لوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، معتبرًا أن هذا الموقف يُعد إهانة للدول المتحضرة ويقوّض حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

جاءت تصريحات نتنياهو ردًا على دعوة ماكرون لوقف تسليم الأسلحة المستخدمة في العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة ولبنان.

أعرب نتنياهو عن خيبة أمله من موقف ماكرون، مشيرًا إلى أن الرئيس الفرنسي، الذي كان داعمًا لإسرائيل في بداية الحرب، اتخذ لاحقًا موقفًا يتعارض مع المصالح المشتركة بين البلدين.

وأضاف نتنياهو: يريد حظرًا على إسرائيل، لكني لا أرى إيران تفرض حظرًا على حزب الله أو حماس أو الحوثيين"، متسائلًا عن سبب فرض حظر على إسرائيل التي "تقاتل في حرب عادلة ضد الإرهاب الذي يختبئ خلف المدنيين ويستخدمهم كدروع بشرية.

من جانبه، أكد ماكرون في تصريحات سابقة أن فرنسا لا تقوم بتسليم أسلحة تُستخدم في النزاع الحالي، مشددًا على أهمية العودة إلى حل سياسي ووقف تصدير الأسلحة التي تؤجج الصراع.

تأتي هذه التصريحات في وقت تتزايد فيه الضغوط على فرنسا من منظمات حقوقية دولية لوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، خاصة بعد تقارير تفيد باستخدام معدات فرنسية في العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.

العدسة

يُذكر أن العلاقات بين فرنسا وإسرائيل تشهد توترًا متصاعدًا بسبب الخلافات حول السياسات المتعلقة بالصراع «الفلسطيني-الإسرائيلي»، مما يعكس تعقيد المواقف الدولية تجاه هذا النزاع المستمر.

اقرأ أيضاًعاجل| ماكرون: فرنسا قد تعترف بدولة فلسطين خلال شهرين

ماكرون: أغادر مصر بعد 3 أيام مؤثرة.. شكرا للرئيس السيسي وللمصريين (فيديو)

مقالات مشابهة

  • كيف نفهم ماكرون الحائر؟
  • منطقة «الساحل الغربي» تؤكد ضمان رفع مستوى الجاهزية والانضباط
  • بعد واشنطن.. باريس تؤكد: الحكم الذاتي الحل الوحيد لتسوية ملف الصحراء
  • محلل أمريكي: هل أوروبا مستعدة لتعويض توقف الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا؟
  • التسلح ومحاربة الإرهاب في الساحل الأفريقي.. محاور نقاش بمنتدى أنطاليا
  • عراقجي يكشف الدولة التي ستستضيف جولة المفاوضات الثانية مع واشنطن
  • الخارجية الإيرانية: واشنطن هي التي حرمت مواطنيها من الاستثمار في #إيران عبر وضع قوانين معقدة
  • سقوط ضحايا وجرحي في تصاعد الهجمات الأمريكية علي اليمن
  • نتنياهو يهاجم الرئيس الفرنسي: الترويج لدولة فلسطينية خطأ فادح
  • الناطق العسكري لكتائب القسام: لا يزال إخوان الصدق في اليمن يصرّون على شلّ قلب الكيان الصهيوني وقوفاً إلى جانب غزة التي تتعرض لحرب إبادة شعواء