لقد خسرت جامعة عدن وأبين كلها صديقي البروفيسورعبدالله الفضلي
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
تعرفت على صديقي الطبيب الاختصاصي/ عبدالله الفضلي، مُنذ العام 1975م حينما تزاملنا في المرحلة الدراسية الثانوية في ثانوية (باجدار) في مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين اليوم، وسابقاً كانت عاصمة الدولة الفضلية حتى يوم الاستقلال الوطني من المحتل البريطاني لجنوب اليمن في 30 نوفمبر 1967م، نعم تعرفت عليه وتزاملت معه ومُنذ ذلك التاريخ وهو صديق عزيز علينا، ولم تُفرِّقنا قسراً وظلماً سوى سنوات العدوان السعودي ــ الإماراتي ــ الأمريكي والذي لازال قائماً حتى لحظة كتابة مرثيتنا الحزينة على صديقي عبدالله الفضلي.
لم تنقطع علاقتنا الأخوية المتواصلة طيلة ذلك الزمان حتى لحظة مغادرته هذه الحياة الفانية، يوم الثلاثاء بتاريخ 25 يوليو 2023م، تزاملنا من المرحلة الثانوية مروراً بدراستنا الجامعية مع اختلاف الاختصاص، وعملنا معاً في العمل الأكاديمي في جامعة عدن كأعضاء هيئة تدريس، وظل تواصلنا الإنساني والأخوي متصلاً ومتواصلاً في كل تلك المراحل طيلة ما يزيد عن 47 عاماً، إنه زمنٌ قصير لم يشعر كلانا بالملل من تلك العلاقة ولا أتذكر أننا اختلفنا أو تناقضنا في الأمور الحياتية، لقد مرت كل هذه السنوات ونحن نُكِن لبعضنا البعض الاحترام الكبير والود العميق والأخوة الصادقة بدون حدود، إنه إنسان جميل بكل ما تحمله معاني مفردات الطيبة والشهامة والرجولة والأخلاق العالية.
إنه سلطانٌ جميل بكل معاني سلطنة الإنسان الوفي، والبعيد كل البعد عن مظاهر التعالي والتبجح والغطرسة الذي نلاحظها بين حينٍ وآخر لدى البعض من صنف البشر البائس، مع أنه يمتلك جميع خصائص التكبر لو شاء أن يرينا ذلك، فهو ناجح في دراساته الطبية كاختصاصي أنف وأذن وحنجرة، وهو مقتدر مالياً لأنه أحد أكبر الملاك الزراعيين في منطقة المسيمير، محافظة أبين، ويكفي أنه سلطان ابن سلطان على سنجه ورمح، لكن عبدالله الفضلي إنسان جميل رائع يحمل روح إنسانية عظيمة وأخلاق نبيلة عالية، ويتميز بطبية عشرته، وقدرته على التواصل الإنساني كطبيب يقدم الخدمات المجانية لمن يحتاج.
يمتلك صديقي الطبيب البروفيسور/ عبدالله الفضلي، روح دمثه ومرحه وصادقة في التعامل مع الأصدقاء وحتى من يعرفهم لأول مرة، يقدم لهم الخدمات مع ابتسامة لا تفارق محياه، وأتذكر أنه كان يقدم مساعدات مالية وخدمية لكل من لجاء إليه طالباً العون والمساعدة، لقد كان كريم النفس، وسامي الأخلاق وثاقب البصيرة في أمورٍ شتى، إنه بحق إنسان نادر واستثنائي جمع كل خصال الرجل الشجاع والكريم والرحيم، رحمة الله عليه.
أتذكر أنه كان يتصرف في معاملاته وسلوكه وتعامله مع الآخرين بمظهر الرجل النبيل منطلقاً من تربيته الأصيلة ومن تراثه الاجتماعي ومن منطلق دينه الإسلامي الحنيف، نعم إنه نوع محترم من صنف الرجال الكبار الأوفياء لسمعة ومكانة أسرتهم المحترمة.
كم أنا حزين جداً لفراقه ووداعه الأبدي، لأنني لم أستطع المشاركة في واجب العزاء الأليم بسبب ما صنعه العدوان الغاشم على وطننا من الحواجز بين أبناء الوطن الواحد، وخلق له كيانات ودويلات من العملاء والمرتزقة العابثين في جنوب الوطن، ولذلك حُرمنا من المشاركة في مراسم الدفن والعزاء والوداع الأخير، لكن عزائنا أن هناك العديد من الإخوة والزملاء والأصدقاء قاموا بالواجب نيابة عني شخصياً وعن أي زميل لم يتمكن من الحضور للمشاركة في مراسم التأبين.
إن هذا الصنف من الرجال لا يموتون إلاّ بأجسادهم المتحللة فسيولوجياً، لكن أعمالهم وأرواحهم تبقى حية خالدة وتبقي الأجيال تردد سيرتهم العطرة بين زملائهم وطلابهم ومريديهم ومحبيهم وأسرهم الكريمة.
ندعو الله العلي القدير أن يتولى فقيدنا الطبيب البروفيسور المحترم/ عبدالله علوي علي الفضلي بواسع رحمته، وأن يتغمده في فسيح جناته الواسعة، ونبتهل إلى الله أن يُلهِمنا الصبر ويُلهِم أهله وأبنائه وأحفاده الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.
﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾
*رئيس مجلس وزراء حكومة الإنقاذ الوطني / صنعاء
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
إقرأ أيضاً:
لماذا خسرت؟
تناول كاتب العمود الشهير مايكل هيرش أسباب خسارة كمالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي جو بايدن أمام دونالد ترامب، وأورد عدة نقاط في مقال نشرته مجلة "فورين أفريز".
أهم هذه النقاط أن هاريس وحزبها فشلوا في استعادة ثقة الطبقة العاملة، كما فشلت في تقديم رسالة متماسكة حول كيف أنها ستكون أفضل من ترامب، بعد أن أمضت الكثير من الوقت في القول إن ترامب غير لائق للرئاسة، كما فشلت في إيجاد طريقة رشيقة سياسيا لإبعاد نفسها عن رئيسها الذي لا يحظى بشعبية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ما أسباب خسارة هاريس أمام ترامب؟list 2 of 2هاريس تتصل بترامب لتهنئته وتعترف بالهزيمةend of listوأضاف هيرش أن قصر الفترة التي قضتها هاريس بعد ترشيحها وبداية الاقتراع كانت أحد أسباب خسارتها، كما ألقى الضوء على تبني الحزب الديمقراطي ما يُسمى بثقافة الاستيقاظ، التي يعارضها معظم الجمهور الأميركي، وهي الثقافة التي تركّز على قضايا المتحولين جنسيا ومختلف الحريات.
التضليل والسخريةومن جانب آخر، ذكر هيرش أن ترامب قضى سنوات طويلة في الدعاية لنفسه بحملات التضليل المركز والسخرية التي يتقنها من هاريس، واعتماده على المشاهير والمؤثرين الكوميديين، وتجاوزه مئات التهم الجنائية التي وجهت ضده، وتعود الجمهور على تلك التهم إلى درجة أنها أصبحت ليست ذات أهمية.
وقال هيرش إنه وفي صدى مؤسف لخسارة هيلاري كلينتون عام 2016، أمضت هاريس الكثير من الوقت في محاولة القول إن ترامب غير لائق للرئاسة، وقليلا من الوقت في إيصال رسالة متماسكة حول كيف أنها ستكون أفضل. وعلى الرغم من تغلبها على ترامب في مناظرتهما الوحيدة في 10 سبتمبر/أيلول، وجمع أكثر من مليار دولار من التبرعات في 3 أشهر فقط -وهو رقم قياسي جديد- تعثرت هاريس عندما انبرت لتقديم ملخص لجدول أعمالها حول القضايا الحرجة مثل الاقتصاد والهجرة. وفي النهاية، فشلت هاريس في إيجاد طريقة رشيقة سياسيا لإبعاد نفسها عن رئيسها الذي لا يحظى بشعبية، الرئيس الأميركي جو بايدن.
نقطة التحول
وأعاد هيرش الانتباه إلى أنه وفي مقابلة مع "بوليتيكو" خلال الأسابيع الأخيرة قبل الانتخابات، وضع مدير حملة ترامب جيسون ميلر إصبعه على ما أسماه نقطة التحول في السباق، وهي إجابة هاريس الفاشلة على سؤال سهل من مذيع تلفزيوني ودود، صني هوستين، الذي سأل هاريس عما إذا كانت فعلت أي شيء مختلف عن بايدن على مدى السنوات الأربع الماضية، إذ قالت هاريس "لا يوجد شيء يتبادر إلى الذهن"، وهي إجابة قال الكاتب إنها أرعبت مستشاريها. وحاولت هاريس في الأسابيع اللاحقة تصحيح هذه الكبوة، وأخبرت سي إن إن بأن "إدارتها لن تكون استمرارا لإدارة بايدن"، لكن الضرر قد حدث.
وقال هيرش إن أداء إدارة بايدن كان ضعيفا، حيث يعتقد ثلثا الناخبين أو أكثر أن الأمة كانت على المسار الخطأ، وكان هذا ميراثا استحال على هاريس التحرر من ثقله.
وأوضح أنه بعد تأخير بايدن الطويل في الانسحاب من الحملة، تم دفع هاريس من ظلال نائب الرئيس إلى الرأي العام، ولكن لم يكن لديها أكثر من 3 أشهر لتقديم نفسها. وكان أمام ترامب 8 سنوات ليفعل الشيء نفسه، بما في ذلك السنوات الأربع من ولايته الأولى كرئيس و4 سنوات منذ ذلك الحين.
التعود على الأخبار السلبيةوفي الوقت نفسه، تعوّد الجمهور وقاعدة ترامب على تدفق الأخبار السلبية عنه، لدرجة أنه لا يبدو أن اتهامه بـ91 تهمة جنائية أدين بـ34 منها، أو أنه تمت مساءلته برلمانيا مرتين، أصبحت ذات أهمية.
وتطرق هيرش إلى ما سماه موهبة ترامب التي لا مثيل لها في الهيمنة على التصعيد في وسائل الإعلام، والتي تستحوذ دائما على العنوان الأكبر من خلال إيجاد شيء أكثر فظاعة ليقوله، واصفا إياها بأنها كانت حاسمة في جذب العديد من الناخبين. وقال إن كل اسم شائن أطلقه ترامب على هاريس "منخفضة الذكاء"، و"كامالا المجنونة"، و"الرفيقة كامالا"، وما إلى ذلك حصل على تغطية واسعة وجديدة.
وأوضح الكاتب أن الحملة الرئاسية لعام 2024 كانت بمثابة لحظة من الاستقطاب الأقصى في الحوار السياسي الأميركي، حيث كافح الجمهور للعثور على مصدر موثوق للحقيقة. وأصبح النقاش السياسي بالوعة من الروايات الكاذبة، والميمات المختلقة، والتزييف العميق، مدفوعا في الغالب بأكاذيب ترامب التي لا حصر لها.
عالم أورويل
وقال إنه وبحلول الخريف، كانت الولايات المتحدة قد انحدرت إلى عالم أورويلي حقيقي، حيث كان ترامب أكثر مروجي الكراهية فعالية في الولايات المتحدة. ومع ذلك كان ترويجه مقبولا من قبل الملايين.
وكان سباق 2024، حسب هيرش، منحرفا أيضا بسبب حملات التضليل الأجنبية التي نشرها خصوم الولايات المتحدة مثل روسيا والصين وإيران، الذين كانت عمليات نفوذهم أكثر تعقيدا وانتشارا بكثير من ذي قبل، في حين تخلت شركات التكنولوجيا الأميركية عن معظم جهودها الرقابية واستسلمت جميع منصاتها لمثل هذه الانتهاكات.
بعبارة أخرى، أصبح عام 2024 بيئة مثالية لعودة ترامب.
القضايا الثقافيةوأشار الكاتب أيضا إلى تغير المشهد السياسي الأميركي بطرق لم تفهمها حملة هاريس، حيث لعبت القضايا الثقافية دورا أكبر بكثير مما كانت عليه منذ فترة طويلة، لدرجة أنها ربما تفوقت على القضايا الاقتصادية. بعبارة أخرى، كان الاستيلاء على الحزب الديمقراطي من قِبل ما يُسمى بقضايا الاستيقاظ التقدمية مدمرا لحملة هاريس، خاصة أن ترامب والجمهوريين نجحوا في رسمها على أنها يسارية محضة.
ونقل عن الكاتب فريد زكريا إشارته مؤخرا في صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن "أقوى اقتصاد في العالم لم يؤتِ ثماره" لبايدن أو هاريس، وهو ما يرقى إلى "إشارة أكثر قوة على أن سياساتنا في خضم اضطراب كبير، حيث تفسح القضايا الاقتصادية المجال للقضايا الثقافية".