أمين البحوث الإسلامية: الاستخلاف في الأرض يقتضي تكريم الإنسان وحفظه من الإهانة
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
أكد الدكتور محمد عبدالدايم الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية خلال كلمته في الأسبوع الدعوي الرابع المنعقد بجامعة الزقازيق، والذي تنظمه اللجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر، بعنوان «الإنسان والقيم في التصور الإسلامي»، أن الإنسان يحيى بمنهج رسول الله محمد "صلى الله عليه وسلم" ومنهج جميع الأنبياء، في حفظ كرامة الإنسان، حيث تقتضي قضية الاستخلاف في الأرض تكريم الإنسان، وحفظه من الإهانة، وعلى الإنسان التحقق من الاقتداء بأخلاق رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ليتحقق له ذلك، لافتًا أن الشباب هم أمل المستقبل وأساس الحضارة والاستخلاف في الأرض، موصيًا إياهم بضرورة اغتنام وقتهم وعدم التغافل والبعد عن اتباع الهوى، وهو ما يمكنهم من تحقيق الاستخلاف في الأرض كما أمرنا الله تعالى به.
وأوضح أمين عام مجمع البحوث الإسلامية أن تكريم الإنسان له معايير وضوابط، من أهمها اتصال القلب برسولنا الكريم "صلى الله عليه وسلم"، ولن يأتي ذلك إلا بمعرفته معرفة تامة بالقراءة في سيرته "صلى الله عليه وسلم"، لكي تتحقق في القلب المحبة الصادقة له، وبما يسهم في توفير الحماية والتحصين لقلوبنا من كل ما يحيط بها من فتن الحياة ومغرياتها، وبذلك تتحقق للإنسان الكرامة، التي هي من مقتضيات الاستخلاف.
وأكد أن السيرة النبوية مليئة بالكثير من قصص الحب الصادق لنبينا "صلى الله عليه وسلم"، ومنها قصة الصحابي الجليل سواد، "حيث روي عنه "صلى الله عليه وسلم" أنه كان يهم بتعديل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قدح يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزية، حليف بني عدي بن النجار - وهو متقدم من الصف - فطعن في بطنه بالقدح، وقال: استو يا سواد فقال: يا رسول الله، أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل، قال: فأقدني، فكشف رسول الله "صلى الله عليه وسلم" عن بطنه، وقال: استقد، قال: فاعتنقه فقبل بطنه: فقال: ما حملك على هذا يا سواد؟ قال: يا رسول الله، حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له رسول الله "صلى الله عليه وسلم بخير"، في حب صادق لنبينا الكريم "صلى الله عليه وسلم"، مطالبا الشباب بضرورة إعمال العقل والتفكير السليم والبعد عن الغضب، وجميعها من مقتضيات التكريم للإنسان.
من جهته، قال الدكتور حسن يحيى، الأمين المساعد للجنة العليا لشئون الدعوة الإسلامية، إن الشباب يأتي على رأس أولويات فضيلة الإمام الأكبر ودائمًا ما يوصي بهم، والعمل على بذل كل الجهد لتوعيتهم من كل يتهددهم من مخاطر العصر وتحصينهم من الفكر المتطرف، موضحًا أن الله تعالى استخلف الإنسان في إدارة الكون، وهي درجة وسط بين المستخلٍف، وهو الله تعالى، وبين من لم يستخلف، كالجمادات وغيرها، وهذا هو مقام التكريم، موضحًا أن الله تعالى قد وهبنا الحياة لعبادته، مصداقًا لقوله تعالى "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، والعبودية ليست فقط الصيام والصلاة والحج وغيرها، بل أن يكون عملك كله خالصًا لله تعالى، أن تحب لله، وتكره لله، وتضحك لله، وتبكي لله، وبهذا الإخلاص يتحقق المعنى المراد من الاستخلاف في قوله تعالى "إني جاعل في الأرض خليفة".
وأضاف أن الجزئية الثانية هي التكريم، فالكليات الخمس في الشريعة الإسلامية التي هي حفظ النفس، وحفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال، فالإسلام أمرنا بحفظ النفس، ليس فقط بتحريم القتل وسفك الدماء، بل ارتقى الإسلام لما هو أعلى من ذلك بكثير، فجعل لهذا الجسد ما يحقق له إنسانيته، بمهاراته القلبية والجسدية التي تجعله مناط الاستخلاف، ثم حفظ العقل ليس فقط من المسكرات والمخدرات التي تغيبه، بل نظر الإسلام إلى ما هو أبعد من ذلك، فحفظ العقل من التزييف، والتحريف، وإمداده بما يبني الوعي الرشيد، ليصبح عقلًا مفكرًا، قادرًا على تحصيل العلوم، ، فعندما نغييب عقولنا ونحن أصحاب هذا المجتمع، فمن هو الذي سيدافع عنه ويعمل على تطويره ورفعته، فالإسلام فتح للعقل آفاقًا بعيدة يستشرف من خلالها المستقبل ومكن له في الأرض، بما يتحقق معه كرامته واستخلافه، وأيضًا حفظ الدين، بما يضبط حركة الحياة، فالوازع الديني هو الذي يحفظ للإنسان حياته وبه تستقيم جميع جوانبها، فالدين هو الذي يمنعني من أكل الحرام وارتكاب المحرمات، ثم حفظ المال بما في ذلك من خير ورفعة للمجتمع، ففي حفظ المال نماء له، وتلبية لاحتياجات الفقراء فيه، وبما يؤكد أن الكليات الخمس في الشريعة الإسلامية قد جاءت لتكفل للإنسان كرامته.
وأكد الدكتور حسن يحيى أن الرؤية الإسلامية لتحقيق الاستخلاف وما يترتب عليه من العمران والتقدم والنهضة للوطن تقوم على ست ركائز هي دين متبع، وسلطان قاهر - أي دولة قوية ذات سيادة-، ونفوذ، وعدل شامل، وأمن عام، وخصب دائم، وأمل فسيح، تمكن الإنسان من تحقيق الغاية من استخلاف الله تعالى له في الأرض دون غيره من المخلوقات.
وفي ختام المحاضرة، استمع علماء الأزهر لأسئلة الطلاب، حيث تم فتح باب النقاش والأسئلة، والتي أكد خلالها الدكتور الجندي على ضرورة أن ينتبه الشباب ويحذر لما يتم الترويج له في المجتمع من مصطلحات وسلوكيات لا تتناسب مع مجتمعاتنا تحت مفهوم الحب، مؤكدًا أن الإسلام لا يرفض الحب ولكن يضع له الضوابط والمحددات الشرعية التي يجب الالتزام بها حتى تستقيم الحياة، كما أكد الدكتور الجندي على أهمية وعي الشباب بمخاطر وتحديات المرحلة الراهنة، وأن يحافظوا على وقتهم ويستثمروه فيما يسهم في تطوير إمكاناتهم ومهاراتهم، مع الحذر مما يحيطهم من فتن ومغريات، لكي يساهموا في نهضة الوطن ورفعته.
حضر الندوة الدكتور إيهاب الببلاوي، نائب رئيس جامعة الزقازيق، الذي رحب بعلماء الأزهر، معربًا عن سعادته بتواجدهم في رحاب الجامعة لتحصين شبابها من الفكر المتطرف، كما حضر الندوة لفيف من عمداء الكليات وأساتذة الجامعة وعلماء الأزهر الشريف، وأدار الندوة الأستاذ محمد الديسطي عضو المركز الإعلامي بمشيخة الأزهر.
تأتي لقاءات «أسبوع الدعوة الإسلامي» الرابع، التي تستمر على مدار هذا الأسبوع في رحاب جامعة الزقازيق، في إطار مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي "بداية جديدة لبناء الإنسان"، وتهدف إلى إعداد خريطة فكرية تتناول بناء الإنسان من جميع جوانبه الفكرية والعقدية والاجتماعية، وترسيخ منظومة القيم والأخلاق والمُثل العليا في المجتمع، وذلك بمشاركة نخبة من علماء الأزهر الشريف.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البحوث الإسلامية الإهانة كرامة الإنسان المزيد المزيد صلى الله علیه وسلم الله تعالى رسول الله لله تعالى
إقرأ أيضاً:
هل طوفان نوح أغرق كل البشر أم قومه فقط؟.. الهدهد يجيب (فيديو)
طرح الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر السابق، تساؤلاً مهماً حول طوفان سيدنا نوح عليه السلام، موضحًا أن ما حدث لم يكن مجرد حادث طبيعي، بل كان أمرًا من الله سبحانه وتعالى له دلالات عظيمة تتعلق بحقيقة الاستخلاف في الأرض وأهمية الحفاظ على البيئة.
وقال رئيس جامعة الأزهر السابق، خلال حلقة برنامج "هدايات الأنبياء"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، إن الطوفان أغرق جميع من كانوا في الأرض وقتها ما عدا مَن كانوا في السفينة، ومنهم سيدنا نوح وأتباعه المخلصين، مشيرًا إلى أن الله تعالى أمره بحمل زوجين من كل نوع من الحيوانات والطيور لحفظ نسلها وتوازن البيئة.
المفتي: بناء الكنائس أمر جائز على المستوى الديني المفتي: تهنئة الإخوة الأقباط بعيد الميلاد مستحب ولون من البر والإحسان
وأضاف الهدهد أن هذا درس للإنسان في ضرورة الحفاظ على الكائنات الحية والموارد الطبيعية، وهو جزء من دوره كخليفة على الأرض، مشيرا إلى أن الطوفان لم يغرق فقط قوم نوح الذين كفروا ورفضوا الدعوة، بل أغرق جميع البشر في ذلك الوقت الذين لم يركبوا السفينة، وهو ما يظهر قيمة الصدق والإيمان في النجاة من العقاب الإلهي.
وأوضح أن قصة نوح عليه السلام تبرز كذلك حقيقة أن العيب لا يكون في الآباء، إذ يمكن أن يكون الأب صالحًا ومع ذلك ينجب أبناء غير صالحين، كما حدث مع أبناء سيدنا نوح، ما يوضح أن المسؤولية الفردية والاختيار الحر له دور كبير في مصير الإنسان.
ودعا الهدهد إلى أهمية فهم هذه الدروس العميقة التي تحملها قصص الأنبياء، خاصةً في الحفاظ على البيئة والابتعاد عن الفساد، مع التركيز على ضرورة تعزيز القيم الإنسانية والتربوية في المجتمع.
"قناة الناس" قناة دينية اجتماعية، إحدى قنوات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، تُعنى بكل ما يهم الناس من أمور دينهم ودنياهم، وترسخ الوعى الدينى الصحيح والقيم والأخلاق بمنهج وسطى رشيد.
وتهدف القناة إلى تحقيق الريادة الإعلامية الدينية، كآلية من آليات الحفاظ على مرجعية مصر فى الفكر الديني المعتدل، من خلال نشر الوعى الديني الرشيد وترسيخه في كل ما يتعلق بالمجتمع من أمور دينه ودنياه، والحفاظ على الهوية وتعزيز الانتماء الوطني.
أكد الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر السابق، قيمة الحفاظ على البيئة التي ظهرت بوضوح في قصة نوح، مشيرا إلى أن الله سبحانه وتعالى أمر سيدنا نوح بحمل زوجين من كل نوع من الحيوانات والطيور في السفينة، وذلك للحفاظ على التوازن البيئي ونسل جميع الكائنات الحية.
ولفت إلى أن الله كان قادرًا على خلق هذه الكائنات في أي وقت وبأي عدد، لكنه علم الإنسان من خلال هذه القيم أن دور الإنسان في الاستخلاف في الأرض يقتضي أن يحافظ على هذا الكون ولا يهدره.
وأضاف أن الطوفان الذي أغرق الأرض لم يكن مجرد عقاب لقوم نوح فقط، بل كان بمثابة درس عميق للإنسانية جمعاء في كيفية الإيمان بالرسالة وحفظ البيئة من العبث، موضحا أن الله سبحانه وتعالى دعا إلى أن يكون الإبقاء على الكائنات خاضعًا لسنن التوالد والتناسل، ليعلم الإنسان أهمية الحفاظ على جميع الكائنات الحية.
وأشار إلى أن قصة نوح عليه السلام تقدم دروسًا مهمة حول مسألة الهداية والعقاب، موضحًا أن العيب ليس في الآباء فقط، فقد يمكن للرجل الصالح أن يكون له أبناء غير صالحين أو حتى كافرين، كما حدث مع سيدنا نوح. ورغم تربيته الصالحة لأولاده، إلا أن أحدهم لم يؤمن ولم يركب السفينة، وهو ما يعكس حقيقة أن الفساد لا يعني فساد الأب.
وشدد الهدهد على أن هذه القصة تعد من العبر الحياتية المهمة التي تعلم الإنسان أهمية التمسك بالقيم النبيلة والمحافظة على الأرض، مع التأكيد على أن فساد الولد لا يمكن أن يُحمل على عاتق الأب الصالح.
"قناة الناس" قناة دينية اجتماعية، إحدى قنوات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، تُعنى بكل ما يهم الناس من أمور دينهم ودنياهم، وترسخ الوعى الدينى الصحيح والقيم والأخلاق بمنهج وسطى رشيد.
وتهدف القناة إلى تحقيق الريادة الإعلامية الدينية، كآلية من آليات الحفاظ على مرجعية مصر فى الفكر الديني المعتدل، من خلال نشر الوعى الديني الرشيد وترسيخه في كل ما يتعلق بالمجتمع من أمور دينه ودنياه، والحفاظ على الهوية وتعزيز الانتماء الوطني.