الشاهد أننا إذا ما تتبعنا محطات تاريخ تغيير العملة الوطنية في السودان منذ الاستقلال في عام 1956م إلى يومنا هذا، لوجدنا أنه لم يحظ بعناية فائقة ولا برعاية بالغة كما هو الحال في هذه المرة، وهي رعاية تتراءى في تضاعيف القرار الذي اتخذه السيد رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان يوم الأربعاء الماضي (27 نوفمبر) والذي قضى بتشكيل لجنة عليا للإشراف على عملية تغيير العملة برئاسة السيد عضو مجلس السيادة الفريق مهندس بحري إبراهيم جابر ، والتي ضمت في عضويتها طيفاً من الأجهزة الرقابية والقانونية والأمنية المختلفة.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، ضمت اللجنة بنك السودان المركزي و وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي والنائب العام ومدير جهاز الأمن والمخابرات العامة وخلافه، فضلاً عن إنشاء نيابة ومحكمة خاصة بقضايا تغيير العملة.. علماً بأن كل هذه الترتيبات الفنية واللوجستية المتعلقة بتغيير العملة كان يقوم بها في السابق بنك السودان المركزي لوحده بالتنسيق مع مديري عموم البنوك و الأجهزة الأمنية.

ومما يجدر ذكره هو أن هذا الاهتمام البالغ من قبل الدولة لم ينبع من فراغ وإنما نبع نظرا للمنعطف الخطير الذي تمر به الدولة السودانية وللهجمة الكبيرة التي تعرضت لها العملة الوطنية في بداية هذه الحرب من قبل متمردي الدعم السريع ومرتزقتهم سواء أكان ذلك من خلال السطو عليها من خزائن البنوك والمحال التجارية أو نهبها من منازل المواطنين بالإضافة إلى الأهمية القصوى التي تلعبها العملة الوطنية ضمن عوامل أخرى في استقرار الاقتصاد.. فضلا عن أنها، أي العملة، تعكس سيادة الدولة.. ولكن ربما يقول بعض الناس ما الفائدة من تغيير العملة في هذا التوقيت بعدما جرت مياه كثيرة تحت الجسر أو بمعنى آخر بعدما تمكن النهابة والسراق من غسل الأموال المنهوبة وتبييضها.. وذلك من خلال إعادة ضخها في الجهاز المصرفي مرة أخرى عبر وسائل الدفع الإلكتروني الحديثة أو شراء الدولار أو المعادن النفيسة والأصول الثابتة وخلافها.

ولكن بالرغم من صحة ما أشاروا إليه إلا أن المثل العربي يقول :(ما لم يدرك كله لا يترك جله) هذا جانب، أما الجانب الآخر الذي لايمكن أن ينكره أحد فهو أن حجم الدمار والخراب الذي ألحقته الحرب بمؤسسات الخدمة المدنية بالدولة عموماً و بالجهاز المصرفي على وجه الخصوص لم يسبق له مثيل منذ تاريخ نشوء الدولة السودانية، الأمر الذي أصاب كل أجهزة الدولة بالشلل شبه التام وعدم القدرة على الحراك في الفترة السابقة من تاريخ اندلاع الحرب، الشيء الذي حال دون أن يُقدِم الجهاز المصرفي ممثلاً في بنك السودان المركزي على تغيير العملة في ذاك الوقت في ظل اشتداد أوار الحرب بين الجيش السوداني و متمردي الدعم السريع بالعاصمة السودانية الخرطوم التي يقع فيها مقر البنك المركزي.

ولكن فوق كل هذا وذاك فإن عملية تغيير العملة بالرغم مما أثير حولها من غبار كثيف إلا أنها ومما لاشك فيه ستحقق عدة مكاسب للاقتصاد الوطني تتجلى في الآتي:

أولا : يقول بعض الخبراء المصرفيين أن ما يساوي نسبة أكثر 95% من الكتلة النقدية أصبحت تتداول خارج الجهاز المصرفي، الشئ الذي يؤدي حتماً إلى ارتفاع معدلات التضخم في الاقتصاد.. لذا إن عملية إعادة ضخها إلى دورة الجهاز المصرفي من خلال عملية التبديل سيساعد في كبح جماح معدلات التضخم.

ثانياً: أن التحكم على الكتلة النقدية في حد ذاتها سيمكن بنك السودان المركزي من إعمال آلياته في إدارة الاقتصاد من خلال عمليات السوق المفتوح .. وذلك عبر التحكم في زيادة عرض النقود في السوق أو خفضه.

ثالثاً: أن عمليات تبديل العملة عينها ستمكن الدولة كذلك من كشف هويات من تبقى بأيديهم الأموال المنهوبة من المصارف ومن كافة أفراد الشعب السوداني.. وذلك من خلال الضوابط والآليات التي ستتبعها المصارف في عمليات التبديل ممثلة في تطبيق إجراءات منشور مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والآليات المصاحبة له.

رابعاً: ستعيد عملية تبديل العملة الثقة في العملة الوطنية مع قفل الباب أمام أي تسرب لعملات وطنية مزورة بالخارج في دورة الجهاز المصرفي .. وذلك لما يتمتع به موظفو المؤسسات المصرفية السودانية من خبرات ومهارات ثرة.. فضلا عن إلمامهم التام بالتقنيات الحديثة في مجال كشف التزوير والتزييف في مجال العملات والأوراق النقدية.

عوض أبكر إسماعيل

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: بنک السودان المرکزی الجهاز المصرفی العملة الوطنیة تغییر العملة من خلال

إقرأ أيضاً:

خلال الربع الرابع.. كم سجلت مكاسب شركات التكنولوجيا والهواتف عالميا؟

نجحت شركة سامسونج الكورية الجنوبية لصناعة الإلكترونيات، في تحقيق صافي دخل خلال الربع الرابع من العام الماضي، بارتفاع سجل أكثر من 20%، مقارنة بالعام السابق له، لتتجاوز حد توقعات السوق بالرغم من تراجع الطلب العالمي على رقائق الذاكرة.

وسجل صافي دخل الشركة 7.75 تريليون وون، أي ما يعادل 5.4 مليارات دولار، خلال الفترة من أكتوبر لديسمبر من العام الماضي، وزيادة 22.2% عن 6.34 تريليونات وون في العام السابق له، وفق بيان أخير صادر مؤخرًا عن الشركة بأرباحها خلال الربع الرابع من العام الماضي.

هذا وقد بلغت أرباح الشركة التشغيلية لشركة سامسونج خلال الفترة من أكتوبر لديسمبر من العام الماضي 6.49 تريليونات وون، بزيادة قدرت بـ130% عن نفس الفترة من العام السابق، فيما ارتفعت المبيعات بنسبة 12% مسجله 75.78 تريليون وون.

نوكيا تحقق أرباحا بلغت 847 مليون دولار

نشرت شركة صناعة معدات الاتصالات الفنلندية «نوكيا» أرباحها، والتي بلغت قيمتها 847 مليون دولار، في الربع الأخير من العام الماضي، فيما بلغت قيمه الخسائر 33 مليون يورو، وبلغت أرباح السهم الواحد 0.15 يورو مقابل خسائر وصلت معدلها لـ0.01 يورو في الفترة نفسها.

وزادت مبيعات نوكيا في الربع الأخير العام الماضي بنسبة 10% سنويا، مسجلة 5.98 مليار يورو، مقابل 5.42 مليار يورو في الربع الأخير من عام 2023، حيث تجاوزت تقديرات المحللين بتحقيق 5.74 مليار يورو، وذلك ضمن استطلاع أجرته LSEG، بحسب الموقع الرسمي للشركة.

وزادت مبيعات قطاع معدات البنية التحتية للاتصالات بشدة طيلة الشهور الثلاثة الأخيرة العام الماضي، عبر مساهمة وحدات نوكيا تكنولوجيز وكلاود أند نتورك سيرفيسز.

انتل تتوقع زيادة في إيراداتها ما بين 11.7 لـ12.7 مليار دولار

وفي مجال صناعة الرقائق الإلكترونية، فقد توقعت شركة إنتل، صانعة الرقائق الأمريكية العالمية معاناتها من تحديات كبرى، بحسب «سكاي نيوز»، مشيره إلى تقديرات وتوقعات ضعيفة حول إيراداتها في الربع الحالي.

وتوقعت الشركة التي ما زالت تبحث عن مدير تنفيذي دائم، بأن تتراوح الإيرادات ما بين 11.7 مليار دولار و12.7 مليار دولار خلال الربع الحالي، فيما توقع محللون أرباحا تصل لحوالي 12.9 مليار دولار في المتوسط.

مقالات مشابهة

  • القطاع المصرفي يواجه تحديات كبيرة نتيجة للتطور التكنولوجي
  • مكاسب محلية في أسعار الفضة بنسبة 2.4% خلال تعاملات يناير
  • لتسهيل مهام القوات الأمنية خلال تنفيذ عملية لإلقاء القبض على فلول النظام البائد في محافظة دير الزور إدارة الأمن العام في المحافظة تعلن فرض حظر تجوال في حيي الجورة وطب الجورة اليوم الإثنين من الساعة 7 صباحاً وحتى الواحدة ظهراً
  • درع السودان، الذي انخرط تحت قيادة عسكرية بدا أكثر انضباطاً وحيوية
  • السودان يتعرض لأكبر عملية نهب وسرقة تتم في العالم في القرن الواحد والعشرين
  • أمن الدولة ألقت القبض على من كانت برفقة صديقها الذي دهس الشاب في فاريا (صورة)
  • لازم تقيف ..طالما استخدمت قحتقدم هذا الشعار بالتزامن والتناسق مع الإرهاب الذي يمارسه حلفاؤهم
  • خلال الربع الرابع.. كم سجلت مكاسب شركات التكنولوجيا والهواتف عالميا؟
  • الاعيسر: ندين بشدة الهجوم الإرهابي الغادر الذي شنته ميليشيا الدعم السريع المتمردة على سوق صابرين
  • مفاجئ.. طوابير طويلة من النساء الحوامل لإجراء عملية ولادة قيصرية مبكرة بسبب هذا القرار الذي يدخل حيز التنفيذ 19 فيراير