التقارب مع إيران.. هل تحول موقف ولي العهد السعودي؟
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
بعثت السعودية وإيران على مدار الأسابيع الماضية بإشارات إيجابية تجاه بعضمها البعض وسط أزمات إقليمية متلاحقة، مما أثار تسؤلات عن السبب وراء رغبة ولي الهد السعودي في الميل نحو طهران.
ويتساءل الكاتب، ستيفن كوك، عن السبب وراء التصريحات الإيجابية الأخيرة التي أطلقها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إزاء إيران وما إذا كانت تعني حدوث "تحول" في موقفه السابق المناهض لسلوك إيران الإقليمي.
يذكر أنه في أكتوبر الماضي، أعلنت السعودية أنها أجرت في بحر العرب مناورات عسكرية مشتركة مع عدة دول، من بينها إيران.
واستقبل محمد بن سلمان الرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي، في الرياض خلال القمة التي عقدت بشأن غزة،
وتبع ذلك زيارة رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية، فيّاض بن حامد الرويلي، إلى إيران على رأس وفد عسكري رفيع المستوى.
وحينما كانت إسرائيل تستعد لتنفيذ هجوم على إيران في أكتوبر الماضي، أجرى وزير خارجية إيران، عباس عراقجي، زيارات مكوكية لعدة دول عربية، في محاولة لضمان عدم دعمها لإسرائيل في هجماتها ضد بلاده، وذلك ضمن استراتيجية تأرجحت بين التودد والتهديد.
وحينها، أشارت تقارير صحفية إلى أنه بالتوازي مع تلك الزيارات، و"التقارب" مع السعودية، والتصريحات من الحكومة الجديدة في طهران عن التعاون مع دول المنطقة والبحث عن الهدوء، فإن إيران وجهت تهديدات واعتبرت أن من سيدعم إسرائيل في ضرباتها على إيران "سيكون شريكا لها".
وسبق أن استهدفت إيران عبر وكيلها في اليمن، جماعة الحوثي، أهدافا مدنية وعسكرية ونفطية في السعودية خلال السنوات الماضية،
وكان للإمارات نصيب من تلك الهجمات أيضًا، قبل أن تهدأ الأمور في اليمن في ظل محاولات الوصول لاتفاق بين الحوثيين والرياض.
بين التهديد والتودد.. استراتيجية إيران مع دول المنطقة لمواجهة الضغوط حينما كانت إسرائيل تستهد لتنفيذ هجوم ضد إيران في أكتوبر، أجرى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، زيارات مكوكية إلى عدد من الدول العربية من أجل ضمان عدم دعمهم لإسرائيل في هجماتها ضد بلاده.ومع إعلان فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، ووسط الحرب الدائرة في إسرائيل وغزة التي امتدت إلى لبنان وطالت إيران أيضًا، واصلت الرياض إشاراتها بشأن توطيد العلاقة مع طهران، وتوجه رئيس أركان الجيش السعودي إلى إيران في زيارة نادرة.
ودعا ولي العهد السعودي، في كلمته خلال القمة العربية- الإسلامية غير العادية بالرياض في الحادي عشر من نوفمبر، المجتمع الدولي إلى "إلزام إسرائيل باحترام سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة، وعدم الاعتداء على أراضيها".
???? | سمو #ولي_العهد وأصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة ورؤساء والوفود المشاركين في #القمة_العربية_والإسلامية غير العادية، في صورة جماعية قبيل انعقادها في الرياض.
https://t.co/AxmaVN0Y9m
— وزارة الخارجية ???????? (@KSAMOFA) November 11, 2024
هذا الخطاب، وفق تحليل كوك في فورين بوليسي، "يتعارض مع كل ما أصبح معظم الناس في واشنطن يؤمنون به عن محمد بن سلمان، مما أثار تساؤلات "ما الذي يحدث معه؟".
ويشير التحليل إلى أنه في القمة ذاتها استخدم محمد سلمان تعبير "الإبادة الجماعية" للمرة الأولى لوصف تصرفات إسرائيل في غزة.
وقال الأمير السعودي في تصريحاته: "تجدد المملكة إدانتها ورفضها القاطع للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الشقيق، وراح ضحاياها أكثر من 150ألفا من الشهداء والمصابين والمفقودين، معظمهم من النساء والأطفال".
والتفسير المقنع لتقارب ولي العهد من إيران، وفق التحليل، أنه "بعد التدخل في الحرب الأهلية في اليمن، وفرض الحصار على قطر، وإجبار رئيس وزراء لبنان على الاستقالة، ودعم المعارضين للحكومة المعترف بها دوليا في ليبيا، والفشل في تحقيق أي من أهدافه، خلص ولي العهد إلى أن إخضاع المنطقة لإرادته ليس في وسعه. وبدلا من ذلك، تحول الآن إلى الداخل، سعيا إلى ضمان الاستقرار داخل المملكة، والميل نحو إيران هو أحد السبل لإبقاء الفوضى خارج حدود المملكة".
وهذا التحول له "أهمية قصوى" بالنسبة لمحمد بن سلمان لأنه ينفق مئات المليارات من الدولارت على المشاريع الضخمة التي ستشكل مستقبل المملكة، وهو ما يحتم عليه السعي نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي لضمان نجاحها.
ويقول إنه "ليس هناك ما يشير إلى أن السعوديين أصبحوا فجأة يثقون بالإيرانيين، لكنهم لا يريدون أن يقدموا لهم أي عذر لإفساد ما يجري في السعودية على المستوى الداخلي".
وكان برنامج "حديث الخليج " الذي تبثه قناة "الحرة" قد بحث ملف العلاقات السعودية الإيرانية، وما إذا كنا سنشهد مرحلة جديدة من العلاقات، أم سيستمر العداء والمنافسة بينهما.
واعتبر يحيى عسيري، الناشط السياسي والحقوقي السعودي المقيم في لندن، أن التقارب السعودي الإيراني "خطوة إيجابية"، رغم أنها "تأخرت كثيرا".
وتوقع الخبير العسكري والسياسي السعودي، محمد بن صالح الحربي، أن يحدث نوعا من "التقارب والاحتواء الاستراتيجي"، مشيرا إلى أهميته في هذه المرحلة التي تعيشها المنطقة.
السعودية وإيران.. هل انتقلت العلاقة من حروب الوكالة إلى "الاحتواء الاستراتيجي"؟ تقارب سعودي إيراني بعد قطيعة استمرت سنوات من العداء، يحدث تغييرا في العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بين أبرز أقطاب المنطقة الأكثر تنافسا وتنافرا في المنطقة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: محمد بن سلمان إسرائیل فی ولی العهد إلى أن
إقرأ أيضاً:
هجوم حلب.. تحول ميداني يخلط الأوراق في الصراع السوري
سيطر مسلحون على أجزاء واسعة من مدينة حلب شمالي سوريا، بعد أيام قليلة من هجوم مباغت ضد الجيش السوري، أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص.
وتعتبر المعارك التي يشهدها ريف إدلب وحلب حالياً من "الأعنف" في المنطقة منذ سنوات، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بعد هدوء طويل شهدته المنطقة.
كذلك، سيطر المسلحون على مطار حلب الدولي، وبلدات استراتيجية في محافظتي إدلب وحماة المجاورتين، بعد "انسحاب" القوات الحكومية السورية منها، وفق المصدر نفسه.
وحذرت الأمم المتحدة، الجمعة، من أن الأوضاع أجبرت أكثر من 14 ألف شخص على مغادرة منازلهم.
وفي عام 2015، وبمساعدة عسكرية من روسيا وإيران وحزب الله اللبناني، استعاد الجيش السوري السيطرة على مساحات واسعة من سوريا، بما في ذلك مدينة حلب كاملة في 2016، بعد حصار شديد وقصف مكثف.
ومع ذلك، بقيت أجزاء كبيرة من البلاد خارج قبضة الحكومة السورية، حيث سيطرت عليها فصائل مدعومة من تركيا.
وواصلت "هيئة تحرير الشام" (التي كانت تُعرف سابقاً بجبهة النصرة، قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة الإرهابي) وحلفاؤها، السيطرة على مناطق في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، وعلى أطراف في محافظات حلب وحماة واللاذقية.
ويسري في إدلب ومحيطها منذ السادس من مارس (آذار) 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته كل من موسكو، الداعمة لدمشق، وأنقرة، الداعمة للفصائل، وأعقب هجوماً واسعاً شنه الجيش السوري بدعم روسي على مدى 3 أشهر.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر تركية أمنية، قبل أيام، إن هجوم المسلحين الآن في ريف حلب وإدلب يستهدف العودة إلى حدود عام 2019.
لكن الاشتباكات الأخيرة ضربت بالاتفاق عرض الحائط، وتأتي لمحاولة فرض واقع جديد، في ظل التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، خاصة بعد الضربات التي تلقتها إيران وذراعها الأبرز في المنطقة "حزب الله"، كما يرى محللون، بالإضافة إلى أنها تأتي للضغط على سوريا من قبل تركيا للتفاوض، بعدما تجاهلت دمشق دعوات سابقة.
وقال المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي، د. عامر السبايلة، لـ"24" إن "الاشتباكات الجارية يجري الإعداد لها منذ فترة"، مشيراً إلى أن ذلك يمكن رده إلى "فشل المصالحة بين سوريا وتركيا".
وبعد إغلاق الجبهة في لبنان، ذهب السبايلة في قراءته إلى أن "الجميع يرون الآن فرصة للتحرك على الأرض السورية.. يمكن أن يكون اليوم في حلب عبر هيئة تحرير الشام، ويمكن أن يكون في مناطق البوكمال عبر عشائر العقيدات، وتنظيم داعش الإرهابي في تدمر حتى الدروز".
وأشار إلى أن المنطقة "دخلت في مناخ صدامات، والبحث عن مكاسب"، مبينا أن "إسرائيل ترى الفرصة سانحة للقضاء على حزب الله خارج لبنان، والقضاء على الجغرافيا الرابطة بين إيران ولبنان، وتوجيه ضربات كبرى في مناطق مفتوحة في سوريا".
وتحدث مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، عن دلالة توقيت الهجوم على الجيش السوري، مشيراً إلى أن تقدم الفصائل المسلحة يمثل "الأول منذ 2020".
وأضاف عبدالرحمن أن المعركة كانت معدة مسبقاً من قبل "هيئة تحرير الشام"، بدعم من جهة خارجية، لم يتم تحديدها بعد، معتبراً أن هذه الجهة قد تكون الولايات المتحدة، أو أي دولة أخرى، ربما أعطت الضوء الأخضر للهيئة للقيام بالهجوم.
وأوضح عبدالرحمن أنه قبل اندلاع المعركة، كان المسلحون يتلقون تدريبات على يد ضباط من دول أوروبا الشرقية، على كيفية استخدام الطائرات المسيّرة في العمليات العسكرية داخل المنطقة.
ووأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أخيراً أن أوكرانيا شرعت في تجنيد مسلحي تنظيم "هيئة تحرير الشام" لتنفيذ عمليات "قذرة جديدة".
وقالت تقارير أخرى إن المسلحين تلقوا تدريبات أوكرانية على استخدام الطائرات المسيرة، وهو ما اعتبره محللون محاولات من كييف للضغط على روسيا وحلفائها في الخارج.
ويقول المحلل السياسي عامر ملحم إن "أمر تدريب وتسليح الهيئة في إدلب من قبل تركيا أو الغرب ليس خفياً على أحد"، مشيراً إلى أن هذه الورقة يريد الغرب وإسرائيل استخدامها ضد إيران، وليس ضد الحكومة السورية على وجه الخصوص.
ويرى ملحم أن الفصائل المسلحة وجدت فرصة جيدة لتوجيه ضربة قوية لإيران و"حزب الله"، الذي يعاني بعد حرب مدمرة مع إسرائيل في لبنان.
وأوضح ملحم لـ"24" أن "الحرب في لبنان أثرت على حزب الله، كما أن ميليشيات إيران لا تستطيع التحرك في سوريا، بسبب الضربات الإسرائيلية، وهو ما أعطى المسلحين فرصة للتحرك".
وذكر أن المنطقة كانت تشهد نفوذاً إيرانياً كبيراً، مع وجود قاعدتين لها في منطقتي منطقتي نبل والزهراء، إضافة في جبل عزان بحلب".
وعن الدعم الروسي، يعتقد المحلل السياسي أن موسكو غير قادرة الآن على تقديم دعم مشابه لما قدمته عند تدخلها في عام 2015، بسبب انشغالها في حرب أوكرانيا.
وأشار إلى أن الموقف اليوم مختلف عما كان عليه الوضع سابقاً، نظراً لتطور العلاقات بين روسيا وتركيا، والتي توفر ملاذات تجارية لموسكو لتجنب العقوبات الغربية، وهو أمر قد يلقي بظلاله على التطورات في سوريا.