أطباق شهية لحياة زوجية
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
جابر حسين العُماني **
jaber.alomani14@gmail.com
الحياة الزوجية الناجحة هي التي يبتكر فيها الزوجان الكثير من الحلول الإبداعية التي تمكنهما من التقرب إلى بعضهما البعض، بشرط أن تكون تلك الحلول فعالة وجذابة تسر النفوس وتبهجها، بل وتجعل من الزوجين يعيشان حياة المحبة والمودة والألفة والرحمة بينهما.
في مقالنا هذا نريد الحديث عن موضوع مهم لا يتعلق بإعداد الأطباق الشهية التقليدية التي نعرفها فحسب، على الرغم من أهميتها في الحياة الزوجية، ولكن أود التركيز على نوع آخر من الأطباق الشهية التي تساعد الزوجين على العيش بسلام ووئام وانسجام تام بينهما. فما هي هذه الأطباق؟ هنا نذكر أهمها:
• الطبق الأول - طبق العفو والتسامح:
يُعدّ التحلي بالعفو والتسامح والصبر والحلم ورحابة الصدر وحسن الظن بالآخر من أهم أسس الحياة الزوجية الناجحة، فعندما يتحلى الزوجان بتلك الصفات الحميدة، يصبح من السهل عليهما التغاضي عن أخطاء بعضهما البعض والمسامحة المستمرة بينهما، مما يؤدي إلى بناء حياة زوجية أفضل وأجمل.
ومن أجل تحقيق ذلك بأفضل وجه ممكن ينبغي على الزوجين أن يتخلصا تماما من أي مشاعر سلبية مثل الحقد والكراهية، وأن يتحليا بالإيمان المطلق بأهمية التمسك بالعمل الصالح وتقوى الله تعالى، وذلك بالتركيز على أهمية العفو والتسامح والرفق في حياتهما، واستبدال أدوات الغضب والتهور والانفعالات السيئة بالسّكينة واللطف والرّوية وبذلك يستطيع الزوجان بناء حياة زوجية سعيدة ومستقرة قائمة على التفاهم والاحترام والحب المتبادل.
• الطبق الثاني - طبق المشاعر الدافئة:
يجب على الزوجين الاعتقاد التام بأن الحياة الزوجية بحاجة ماسة إلى تدفق المشاعر الدافئة التي تُضفي أجواءً رائعة من السعادة والأنس بين الزوجين وذلك بإعداد طبق شهي من الكلمات العذبة أثناء الأجواء الهادئة، فالحياة الزوجية بحاجة ماسة إلى تلك الأساليب الراقية التي تجعلها أكثر ترابطًا ومحبة واتلافًا.
• الطبق الثالث - طبق الابتسامة والضحكات الهادئة:
وهو من أهم الأطباق الزوجية الشهية التي تجعل الزوجين أقرب إلى بعضهما البعض، فالابتسامة لها أسرارها العظيمة وأثرها الأعظم، ومن تلك الأسرار سحر الآخر وجذبه بشكل أسرع وأجمل، خصوصًا عندما تكون تلك الابتسامات والضحكات مصحوبة باللباس الأنيق واللمسات الحانية، والكلام العذب والحب والدلال، وهو طبق له تأثير عظيم على العلاقة الزوجية، ومن شأنه أن يزيد من الألفة والمحبة والترابط بين الزوجين، ويجعلهما أكثر سعادة واستقرارًا واطمئنانًا، فما أجمله من طبق شهي رائع عندما يُقدم بإتقان.
• الطبق الرابع – طبق الحوار:
وهو من ألذ الأطباق الزوجية التي تؤكد عليها الدراسات العلمية لصناعة حياة زوجية قوية ومتماسكة، فبالحوار تستقر النفوس وتزدهر، ومن خلاله يستطيع الزوجان السير بخطى ثابتة في عالمهما الزوجي، وذلك أن الحوار يعد مطلبًا أساسيًا في العلاقات الزوجية بين الأزواج، ويجب أن يكون اللبنة الأساسية لبناء الأسرة الصالحة والقوية، وهو في حد ذاته يعد مفتاحًا رئيسيًا للحياة الزوجية الناجحة، ومن خلاله يتم التواصل المباشر بين الزوجين والتعبير عن مشاعرهما وأحاسيسهما، ويساعد على حل الكثير من الخلافات الزوجية، وبناء جسور الثقة وتعزيز اللحمة الزوجية المقدسة بين الزوجين.
• الطبق الخامس - طبق تبادل الهدايا:
ويعتبر طبق تبادل الهدايا من أكثر الأطباق شهرة في العالم، وهو يعمل على تجديد العلاقات الزوجية، وتنشيطها وتعزيزها، بل ويساعد على حل الكثير من المشكلات العالقة بين الأزواج، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "تَهَادَوْا تَحَابُّوا فَإِنَّ اَلْهَدِيَّةَ تَذْهَبُ بِالضَّغَائِنِ"، لذا ينبغي الاهتمام البالغ بتبادل الهدايا بين الزوجين بين الحين والآخر لما لذلك من سحر فائق في إنعاش الحياة الزوجية بالمحبة والمودة وجعلها مترابطة ومتماسكة.
إن الاهتمام المتبادل بين الزوجين من خلال تلك الأطباق الشهية هو أساس نجاح الحياة الزوجية، وهو بمثابة نبض الحياة الذي يقوم على إنعاش العلاقة الزوجية بل ويحافظ على استمراريتها، ومن أهم مظاهر ذلك الاهتمام هو تقديم الأطباق الشهية التي تعرضنا لذكرها أعلاه والتي لا بد أن يقدمها الزوجين لبعضهما البعض بإخلاص وحب وتفانٍ بلا كسل وملل وتثاقل وإهمال، قال تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].
** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
معرض الكتاب يتناول «دور الأطباء في الحياة السياسية والاجتماعية»
شهدت «قاعة العرض» في «صالة 3»، بمعرض الكتاب، ضمن محور «مصريات»، ثاني فعالياتها لهذا اليوم، ندوة لمناقشة كتاب «دور الأطباء في الحياة السياسية والاجتماعية في النصف الأول من القرن العشرين»، لمؤلفته الدكتورة خلود حسني، بحضور الدكتور نبيل الطوخي، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة المنيا، وأدارها العميد الدكتور أحمد المتولي، مدرس التاريخ العسكري بالأكاديمية العسكرية.
واستهل الدكتور أحمد المتولي، الندوة، بتقديم الكتاب، مشيدًا بأهمية الموضوع الذي يتناوله، حيث وصفه بأنه أحد أوائل الدراسات التي ألقت الضوء على دور الأطباء في هذه الفترة المهمة من تاريخ مصر، مشيرًا إلى أن الكتاب يتميز بجهد بحثي كبير.
وتحدثت الدكتورة خلود حسني، عن فكرة كتابها، موضحة أن هناك ثغرة واضحة في الدراسات التاريخية المصرية والعربية، فيما يتعلق بتاريخ الطب والأطباء من منظور اجتماعي وسياسي، فمعظم الدراسات السابقة ركزت على تطور الطب نفسه أو على مؤسسات طبية بعينها، لكنها لم تتطرق إلى الصراع بين التقليد والحداثة في المجال الطبي قبل عمليات التحديث، كما لم تتناول دور الأطباء في المشهد السياسي والاجتماعي المصري، وأشارت الباحثة إلى أن الاحتلال البريطاني كان له دورًا كبيرًا في التأثير على مدرسة الطب المصرية في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، حيث سيطر الأطباء الإنجليز على عملية التعليم الطبي، وفرضوا أساليبهم الخاصة في التدريس والممارسة.
فعاليات معرض الكتاب اليوموأضافت أن فترة ثورة 1919 كانت نقطة تحول محورية، حيث كان للأطباء دورًا مهمًا في الحراك الوطني، إذ شاركوا في المظاهرات والاحتجاجات، وساهموا في تقديم الدعم الطبي للمصابين خلال الثورة، كما انخرط بعضهم في الأحزاب السياسية، مثل: الحزب الوطني، وحزب الوفد، مؤكدةً أنه لم يكن هذا الدور مقتصرًا على المجال السياسي فقط، بل امتد ليشمل الحياة الأدبية والفكرية، حيث قدم الأطباء مساهمات كبيرة في مجال الترجمة والتأليف، وساهموا في إثراء المكتبة العربية بالعديد من الكتب والمقالات العلمية والطبية.
وتناولت حسني، في كتابها الصراع الذي خاضه الأطباء في بداية القرن العشرين من أجل فرض استقلاليتهم عن السلطة الاستعمارية، وكذلك عن الأساليب التقليدية القديمة في الطب، حيث كان الطب الشعبي والممارسات التقليدية مثل التداوي بالأعشاب واللجوء إلى الأولياء والمشعوذين لا يزال له تأثير كبير على المجتمع، لافتة إلى أن مدرسة الطب التي أسسها «محمد علي» عام 1827م، كانت بداية حقيقية لمحاولة تحديث الطب في مصر، لكنها في بداياتها كانت تخدم الجيش بشكل أساسي، ولم تكن تهدف إلى تقديم خدمات طبية واسعة للشعب، ومع انتقال المدرسة من أبو زعبل إلى القاهرة، بدأت تأخذ دورًا أوسع، مما ساعد على تطوير النظام الصحي المصري تدريجيًا.
فعاليات معرض الكتاب اليومكما استعرضت المؤلفة، بعض النماذج البارزة من الأطباء الذين أدوا دورًا في الحياة المصرية خلال النصف الأول من القرن العشرين، مثل الدكتور علي باشا إبراهيم، الذي كان أول عميد مصري لكلية الطب، وساهم في تطوير التخصصات الجراحية المختلفة، والدكتور محجوب ثابت، الذي كان يُعرف بـ"خطيب ثورة 1919"، نظرًا لدوره البارز في دعم الحركة الوطنية، إضافة إلى الدكتور حامد الوالي، الذي استكمل دراسته في ألمانيا، وأسهم في إدخال العديد من التقنيات الحديثة إلى المجال الطبي المصري، كما تحدثت عن العلاقة بين طلبة الأزهر والطب، مشيرة إلى أن العديد من طلبة الأزهر كانوا من أوائل من التحقوا بمدرسة الطب المصرية، وكان لهم دورًا كبيرًا في نشر المعرفة الطبية الحديثة.
وأكدت الباحثة أن الأطباء لم يكونوا مجرد مقدمي خدمات طبية، بل كانوا ناشطين في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية، فقد ساهم العديد منهم في مشاريع وطنية، مثل: مشروع القرش، الذي كان يهدف إلى جمع تبرعات لإنشاء مصانع وطنية مصرية، وكان للأطباء دورًا رئيسيًا فيه، سواء من خلال التبرعات أو التوعية بأهميته، كما كان لبعضهم دورًا في إبرام المعاهدات الصحية الدولية، مما جعلهم ممثلين لمصر على المستوى الدولي، وليس مجرد أطباء داخل الحدود المحلية، تطرقت إلى مسألة مشاركة الأطباء في القضايا العربية، مشيرة إلى أن الأطباء المصريين كان لهم موقفًا واضحًا من قضية فلسطين، حيث شارك العديد منهم في المظاهرات الرافضة لتقسيم فلسطين عام 1947م، كما أرسلوا فرقًا طبية إلى قطاع غزة لدعم الفلسطينيين طبيًا، حتى أن بعض الأطباء تبرعوا بعربات إسعاف ومعدات طبية من أموالهم الخاصة.
وتناولت في كتابها أيضًا الدور الذي لعبه الأطباء في تأسيس وزارة الصحة المصرية، مشيرة إلى قصة الدكتور محمد شاهين باشا، الذي أشرف على علاج الملك فؤاد الأول من غيبوبة السكري، وحين أفاق الملك قال له: «يا وزير»، وهو ما كان بداية لإنشاء الوزارة لاحقًا، متحدثةً عن الدور الذي لعبه الدكتور علي باشا إبراهيم، في تطوير الخدمات الصحية في مصر، وكذلك الدكتور نجيب إسكندر، الذي عمل على تحسين أوضاع المستشفيات في الأقاليم والمناطق الريفية.
فعاليات معرض الكتاب اليومونوهت أيضًا إلى أن المرأة لم تكن بعيدة عن مجال الطب، مشيرة إلى أن أحمد لطفي السيد، كان أول من سمح بدخول الفتيات إلى كلية الطب، مما فتح المجال أمام الطبيبات للمشاركة في تطوير المجال الطبي، مؤكدة أن بعض الطبيبات كن ناشطات سياسيًا، مثل زوجة علي باشا إبراهيم، التي شاركت في المظاهرات للمطالبة بالإفراج عن سعد زغلول ورفاقه.
في نهاية حديثها، تناولت إسهامات الأطباء في المجال الأدبي والثقافي، مشيرة إلى أن العديد من الأطباء كانوا أيضًا أدباء وشعراء ومترجمين، مثل: إبراهيم ناجي، الذي كتب قصيدة «الأطلال»، والدكتور أحمد زكي أبو شادي، الذي جمع بين الطب والشعر، وكذلك الدكتور حسين فوزي، الذي تولى رئاسة المجمع العلمي المصري، كما أكدت على دور الأطباء في حركة الترجمة منذ عهد «محمد علي»، حيث ساهموا في تعريب المصطلحات الطبية وتقديم المؤلفات العلمية باللغة العربية، مما ساعد على نشر المعرفة الطبية بين الأطباء والمجتمع بشكل أوسع.
واختتمت الندوة بنقاش مفتوح مع الحضور، حيث أبدى المشاركون اهتمامًا كبيرًا بموضوع الكتاب، وطرحوا العديد من الأسئلة حول دور الأطباء في الحركات الوطنية والاجتماعية، وأهمية تسليط الضوء على هذه الجوانب في الدراسات التاريخية المعاصرة.
اقرأ أيضاًمعرض الكتاب يناقش «مستقبل الثقافة الرقمية في مصر»
معرض الكتاب يستضيف ندوة بعنوان «جامعة القاهرة 100 عام من العطاء»
التراث ومعاناة الحرب أهم الفعاليات.. جناح فلسطين يتزين بصور الشهداء وإبداعاتهم في معرض الكتاب