تحتد الأزمة داخل الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في تونس، وسط مطالب بضرورة عقد مؤتمر استثنائي يمهّد لانتخاب قيادة جديدة. 

وتأتي الخلافات التي تشقّ الاتحاد في ظرف تواجه فيه قيادته الحالية انتقادات بسبب طريقتها في إدارة المرحلة التي تلت إجراءات 25 يوليو 2021 التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد، فضلا عن تعطل الحوار الاجتماعي مع الحكومة.

 

وتعود جذور الأزمة الداخلية صلب المنظمة الشغيلة إلى المؤتمر الاستثنائي الذي عقد في يوليو 2021 وأفضى إلى تعديل المادة 20 من قانونها الداخلي بما أتاح لاحقا لخمسة أعضاء من القيادة لتمديد بقائهم على رأس المنظمة، في خطوة وصفتها المعارضة النقابية بـ"الانقلاب".

وفيما لم يحسم القضاء التونسي بعد في مآلات ذلك المؤتمر الاستثنائي، فإن تصاعد وتيرة الأزمة التي يعيشها الاتحاد فتح النقاش في الأوساط النقابية في تونس بشأن وضعية المنظمة الشغيلة ومدى استجابة القيادة الحالية لمطالب عقد مؤتمر استثنائي.

سر الأزمة

في تشخيصه للأزمة الداخلية للاتحاد العام التونسي للشغل، يؤكد المتحدث باسم اتحاد المعارضة النقابية، الطيب بوعائشة، أن "المنظمة الشغيلة أصبحت عاجزة ودخلت في حالة عطالة تامة وجمود وانسداد للأفق".

ويوضح المتحدث باسم الاتحاد، الذي يضم نقابيين منشقين عن الاتحاد العام التونسي للشغل، في حديثه لـ"الحرة"، أن السبب وراء وصول وضعية الاتحاد إلى ما هي عليه اليوم هو تنقيح المادة 20 من القانون الداخلي للمنظمة، فضلا عن "إبعاد كل صوت يعارض توجهات القيادة الحالية وخياراتها في معالجة قضايا الشغالين، وهو ما أدى إلى أزمة ثقة بين المكتب التنفيذي الحالي والقواعد".

"في ذكرى رحيل الرئيس".. مسيرات غاضبة بتونس رفضا لحكم قيس سعيد خرجت أحزاب ومنظمات معارضة في مسيرات بالعاصمة التونسية، اليوم السبت، للتنديد بالأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد وسياسات الرئيس قيس سعيد، بمناسبة مرور 12 عاما على رحيل زين العابدين بنعلي وانطلاق انتفاضات "الربيع الديمقراطي" في المنطقة.

ويقول في السياق ذاته إن "الصورة السيئة التي بات عليها المكتب التنفيذي الحالي دفعت قيادات صلبه إلى الدعوة إلى عقد مؤتمر استثنائي أو تقديم موعده إلى الثلاثة أشهر القادمة"، لافتا إلى أن المعارضة النقابية "لا ترى في هذا التوجه حلا لأزمة الاتحاد".

ويعتبر أن هذه الخطوة "تهدف إلى إخراج جناح من القيادة واستبداله بجناح آخر من نفس التيار الذي تزعم حملات الدعوة إلى تنقيح القانون الداخلي"، مؤكدا ضرورة "تغيير كامل" للقيادة الحالية و"إعادة النظر بشكل جذري في آليات تسيير الاتحاد العام التونسي للشغل وتوجهاته العامة".

وسبق للأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، أن أقرّ خلال إشرافه على تجمع نقابي في محافظة سوسة الساحلية في 21 نوفمبر بوجود خلافات داخلية، معتبرا أنها "ظاهرة صحية تعكس الحيوية والديناميكية صلب المنظمة".

كما أقر الطبوبي بأن الاتحاد "أخطأ في بعض القضايا وأصاب في عدة قضايا أخرى"، مؤكدا أن المنظمة الشغيلة تعتزم تجديد خطابها ودورها النقابي وتصوراتها للمستقبل.

في أفق المؤتمر

"وفق موازين القوى الحالية، ما يزال الأمين العام يمسك خيوط اللعبة، وسيرفض تماما فكرة عقد مؤتمر استثنائي وسيصر على تاريخ 2027 لعقد مؤتمر عادي، ومن سخرية الأقدار، أنه قد يرشح نفسه لدورة أخرى". هذا ما يراه المحلل السياسي خالد كرونة بخصوص مطالب نقابية تتعلق بضرورة عقد مؤتمر استثنائي للاتحاد.

ويضيف كرونة لـ"الحرة" موضحا أن "هذا يعني أن أزمة الاتحاد مرشحة للاستدامة، ويعني أيضا أن القيادة أحرقت كل المراكب وهو ما سيفاقم تضاؤل دور المنظمة وضمور فعلها في الساحة السياسية المحلية".

من مظاهرة سابقة لاتحاد الشغل التونسي

ويصف المتحدث ما يحدث بـ"المأزق التاريخي" مستطردا بالقول إن القيادة الحالية "تتحمل مسؤوليته وتبعاته منذ عقدها بالتعاون مع رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي مؤتمر البدعة غير الانتخابي وما تلاه من خطوات تدمير الهياكل وتحطيم قوة المنظمة".

ويتوقع المتحدث أنه "حتى 2027، ستكون مياه كثيرة قد جرت في النهر، ولا أحد يعلم تحديدا ما ينتظر بعض القيادات في ضوء حملة التطهير التي تشنها السلطة التنفيذية وما يثار من شكوك واتهامات قد تطال بعض الرؤوس ذات يوم" وفق قوله.

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد عقد مؤتمره العادي في 2022 وأفضى إلى انتخاب القيادة الحالية التي تمتد عهدتها إلى 2027، غير أن تزايد وتيرة الخلافات الداخلية والتي "يتحفظ " المكتب التنفيذي عن التداول والنقاش فيها إعلاميا تبقي أبواب الجدل بشأن مآلات هذه المنظمة مفتوحة على مصراعيها.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الاتحاد العام التونسی للشغل القیادة الحالیة

إقرأ أيضاً:

الحاضري يتهم التحالف بتعطيل مؤسسات الدولة في اليمن ويطالب بتغيير السفير السعودي

دعا الكاتب اليمني ورئيس مؤسسة الشموع للصحافة والإعلام سيف الحاضري، لإقالة السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، في الوقت الذي أكد أن التحالف الذي تقوده السعودية في البلاد عطل مؤسسات الدولة.

 

وقال الحاضري في منشور له على منصة إكس، إن الشعب اليمني يعيش اليوم تبعات كارثية "لتعطيل" مؤسسات الدولة، من الرئاسة، إلى الحكومة، إلى البرلمان، وحتى أصغر مؤسسة حكومية.

 

 

وأضاف: هذه ليست مجرد "أزمة" فشل حكومي، بل حالة "تعطيل" ممنهجة، وصلت إلى حد الانهيار الكامل، مشيرا إلى أن نسب الفشل في المؤسسات التي لا تزال تعمل، قد تصل إلى 70 أو 80%، لكنها على الأقل موجودة، ويمكن إصلاحها.

 

وأوضح الحاضري أن تعطيل مؤسسات الدولة الجاري فهو بنسبة 100%، وهو ما يعني انعدام الخدمات بالكامل، وانعدام الإنتاج وغياب التنمية، وانعدام تطبيق القانون وانتشار الفوضى، وانعدام مكافحة الجريمة، وتحول البلاد إلى بيئة خارجة عن سلطة الدولة.

 

ولفت إلى أن التعطيل الجاري لمؤسسات الدولة هدف مشروع للتحالف منذ البداي، مضيفا: ما يجري ليس نتيجة عارضة، بل هو هدف سعى "التحالف" إلى تحقيقه منذ البداية. كل ما أنتجه التحالف داخل اليمن لم يكن "دعمًا" لاستعادة الدولة، بل أدوات "تعطيل" ممنهجة، وأبرز هذه الأدوات كانت صناعة المكونات المسلحة التي ألغت وجود الدولة وحلَّت محلها.

 

وقال إن الحديث عن عودة الحكومة لإدارة مؤسساتها بات أشبه "بالنكتة" السياسية، ومجرد ترف لفظي يستخدم للمزايدة الإعلامية، دون أي إرادة حقيقية لإعادة الدولة، متسائلا: كيف يمكن لحكومة العودة إلى العمل، ورئيسها نفسه معطل، وغير قادر حتى على إدارة مكتبه، الذي هو الآخر معطل بالكامل؟

 

وأشار إلى أن الوضع لا يحتاج إلى وعود فارغة، بل إلى "إرادة" واضحة لإعادة تشغيل مؤسسات الدولة، عبر إزالة جميع عوامل التعطيل، مؤكدا أن أول خطوة حقيقية "لإنقاذ" ما تبقى من الشرعية، تبدأ بمطالبة قيادات الشرعية بتغيير السفير السعودي محمد آل جابر، الذي بات يمسك بكل "مفاتيح" التعطيل، من مجلس القيادة حتى أصغر مؤسسة حكومية.

 

وأردف: "أنا لا أطرح هذا من منطلق شخصي، بل من منطلق وطني بحت، وفق ما تقتضيه مصلحة اليمنيين. هذا التعطيل الممنهج حوَّل قيادات الشرعية إلى مجرد أسماء فارغة، لا تملك قرارها، ولا تأثير لها".

 

ودعا الحاضري، إلى مناقشة هذه القضية بموضوعية ومسؤولية، بعيدًا عن التماهي مع هذا الواقع الكارثي الذي يدفع اليمن نحو الانتحار الجماعي، شعبًا وأرضًا ومؤسسات دولة، مختتما بالقول "إن كنتم تعقلون، فإن هذا هو وقت التحرك.. قبل أن يُكتب علينا الفناء السياسي والوطني".


مقالات مشابهة

  • البنك الأوروبي للاستثمار يعرض حصيلة عمله في المغرب العام الماضي
  • تفشي خطير لحمى الضنك في اليمن.. أكثر من 1,450 إصابة منذ بداية 2025!
  • أزهري يطالب بتغيير موعد الحج.. ماذا قال؟
  • “خليفة التربوية” تبدأ مرحلة التقييم الميداني لأعمال المرشحين للدورة الحالية
  • 62.7% حصة آسيا من الشركات متعددة الجنسيات التي استقطبتها غرفة دبي العالمية في 2024
  • “خليفة التربوية”: بدء مرحلة التقييم الميداني لأعمال المرشحين للدورة الحالية
  • وزير الخارجية يتحادث مع نظيره التونسي بالقاهرة
  • الحاضري يتهم التحالف بتعطيل مؤسسات الدولة في اليمن ويطالب بتغيير السفير السعودي
  • %11 تراجعاً بطلبات اللجوء في أوروبا خلال 2024
  • بسبب أزمة مواصفات الكرة.. الاتحاد الإنجليزي يرد على جوارديولا