بيروت – مع بدء سريان وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل يوم الأربعاء الماضي، تتجه الأنظار إلى الجيش اللبناني الذي تقع على عاتقه مهمة تنفيذ بنود الاتفاق على الأرض، في خطوة تُعتبر اختبارا لقدراته وللتفاهمات الدولية والمحلية المتعلقة بالوضع الأمني في الجنوب.

الاتفاق ينص على نشر الجيش اللبناني 10 آلاف جندي في جنوب نهر الليطاني، بما يشمل 33 موقعا على الحدود مع إسرائيل مع إقامة نقاط تفتيش ومراكز مراقبة لمنع أي نشاط عسكري غير مشروع، إضافة إلى مصادرة الأسلحة غير المرخصة وتفكيك المنشآت العسكرية غير القانونية، وتعزيز الرقابة على الحدود.

وتثير هذه المهمة تساؤلات حول كيفية تنفيذ الجيش اللبناني لها، وكيف ستكون علاقته بحزب الله؟ وهل سيتم التنسيق والتعاون بينهما؟ أم ستتجه الأمور نحو التوتر؟

تغيير وتعديلات

وفق الخبير العسكري والإستراتيجي العميد علي أبي رعد، يتضمن تنفيذ الجيش لبنود الاتفاق نشر قواته على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، حيث سيتم نشر نحو 1000 جندي في مناطق تبدأ من رأس الناقورة وصولا إلى مزارع شبعا وكفرشوبا، أي حتى حدود الجولان السوري المحتل، علما أن العدد حاليا في جنوب لبنان لا يتجاوز 4500 جندي، على أن يتم نشر الجيش تدريجيا.

إعلان

وقال للجزيرة نت إنه رغم انتشار الجيش في الجنوب سابقا، فإنه جرى تغيير تموضعه نتيجة تعديلات على مواقعه حيث تم إخلاء بعض المراكز العسكرية على طول الحدود، وذكر أنه كان قد انتشر على الخط الأزرق الذي تم تحديده بعد حرب 2006 من قبل الأمم المتحدة، ولا تزال هناك 13 نقطة نزاع لم يتم حلها حتى الآن رغم الجهود المبذولة لذلك بإشراف قوات حفظ السلام الأممية في لبنان (يونيفيل) والأمم المتحدة.

وعن الوضع بعد الحرب، أكد أبي رعد أنه كان من المفترض أن يعيد الجيش تموضعه بشكل نهائي بعد انسحابه تحت ضغط الضربات الإسرائيلية، مشيرا إلى أن حتى قوات اليونيفيل لم تكن بمنأى عن تلك الضربات التي كانت تهدف إلى إبعادها والجيش اللبناني لتقليص التوسع الإسرائيلي.

وأوضح أن الجيش بدأ في نشر قواته في مناطق مثل مرجعيون ودبل وعين إبل، وتم تحديد المراكز مسبقا، وأن الانتشار الرئيسي سيكون على الخط الأزرق، ولكن الأمر يتطلب انسحاب القوات الإسرائيلية من كل منطقة قبل أن ينتشر الجيش اللبناني فيها، وتم التنسيق بشأن ذلك عبر لجنة أصبحت خماسية بدلا من ثلاثية بعد إضافة ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا.

وبشأن هذه اللجنة، أوضح العميد أبي رعد أن الاجتماعات لم تبدأ بعد حيث يجب تحديد آلية تنفيذ قرار وقف إطلاق النار التي تشمل الإجراءات اللازمة لمراقبة الخروقات وكيفية معالجتها، وتوقع تعيين الأعضاء مما يسمح ببدء الاجتماعات بين الأطراف المعنية لتحديد خطة العمل وتنفيذ الإجراءات.

وأشار إلى أن المسؤول الأميركي الحالي يعمل مع 12 مساعدا في مكتب تابع للسفارة الأميركية في بيروت وعند بدء التنفيذ سيكون لهم مكاتب في مقر الأمم المتحدة في الناقورة وفي منطقة صفد لمتابعة تنفيذ المهام.

تنسيق وتعاون

وعن تنسيق حزب الله مع الجيش اللبناني، أكد العميد أبي رعد أنه لا يشارك بشكل رسمي في هذه العمليات حتى إن الإسرائيليين اعترفوا بعدم رؤية مقاتليه خلال الحرب الأخيرة، ومع ذلك استمر التنسيق بينهما والذي كان موجودا منذ فترة طويلة حيث يقاتلان معا ضد "العدو الإسرائيلي".

إعلان

ووفقا له، فإن مقاتلي الحزب ليسوا في مراكز عسكرية أو يرتدون زيا عسكريا، بل هم من أهالي المنطقة أي من سكان الجنوب، مشددا على أنه لا يمكن الحديث عن "إخلاء مقاتلين" لأنهم لا يوجدون بشكل رسمي أو عسكري. واعتبر أن قضية السلاح تبقى من أهم المواضيع، وأن أي سحب له يتطلب تنسيقا بين الجيش وحزب الله.

من جانبه، يرى الخبير العسكري والإستراتيجي حسن جوني أن الجيش اللبناني كان ينفذ بنود القرار 1701 منذ عام 2006 بالتعاون مع قوات اليونيفيل في منطقة جنوب الليطاني. وأضاف أنه رغم ذلك، كانت هناك خروقات لهذا القرار خاصة من الجانب الإسرائيلي، وأنه تبين -لاحقا- "أن هناك خروقات أيضا من الجانب اللبناني حيث بنى حزب الله بنى تحتية دفاعية في المنطقة التي كان محظورا عليه الوجود فيها".

وتابع "اليوم، نعود إلى هذا القرار، ولكن ضمن آلية تنفيذية أكثر جدية ومتابعة تقتضي أن ينسق الجيش مع قوات اليونيفيل وأن يلتزم بتنفيذ بنوده بكل جدية لضمان حماية لبنان أولا".

وأوضح للجزيرة نت أن عملية تنفيذ القرار ستكون تحت مراقبة لجنة المراقبة الموسعة التي يترأسها الجانب الأميركي، والتي ستكون مسؤولة عن رصد أي خروقات قد تحدث من الطرفين اللبناني والإسرائيلي.

التزام وتعهد

وتابع الخبير جوني "من هنا يمكننا القول إن حزب الله قد وافق على هذا القرار عبر تفويضه للرئيس نبيه بري، وأعلن عن التزامه بتنفيذه من خلال أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، الذي أكد أن هناك تنسيقا عالي المستوى مع الجيش اللبناني، ويبدو أن الحزب ملتزم بتنفيذ القرار 1701، لا سيما في منطقة جنوب الليطاني حيث سيظل متعاونا مع الجيش في هذا السياق".

وبرأيه، سيسعى الجيش "جاهدا" لتطبيق بنود هذا القرار بالكامل مستفيدا من التنسيق الإيجابي مع الحزب الذي توقع انسحابه من منطقة جنوب الليطاني في غضون 60 يوما بالتوازي مع انسحاب القوات الإسرائيلية. وبعد ذلك، سيتولى الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل المسؤولية الكاملة عن المنطقة.

إعلان

وأشار الخبير جوني إلى أن التنسيق سيشمل أيضا مراقبة الحدود لمنع إدخال أي سلاح غير قانوني، فوفقا للقرار يقع على عاتق الجيش اللبناني مهمة ضبط الحدود ومنع تهريب السلاح، ولا بد من تعاون حزب الله في هذا الإطار.

وبشأن الدعم الأميركي والفرنسي للجيش اللبناني، قال إنه مستمر ويعكس التزاما قويا بتلبية احتياجات الجيش في تنفيذ مهامه الوطنية. ومن المتوقع أن يشمل مساعدات لوجستية ومالية لتدريب أكثر من 5 آلاف جندي على 3 دفعات، إضافة إلى توفير الأسلحة والمعدات الضرورية بما في ذلك آليات النقل والعتاد الخفيف، مع التركيز على تعزيز قدرات التدريب.

وأكد الخبير جوني أن الدعم مشروط بالتزام لبنان بتنفيذ بنود الاتفاق، معتبرا أن الأمور تسير بشكل إيجابي محليا ودوليا، كما يجب على الجانب الإسرائيلي التعاون مع لجنة المراقبة لضمان تنفيذ الاتفاق والتزام جميع الأطراف به.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قوات الیونیفیل الجیش اللبنانی هذا القرار حزب الله أبی رعد

إقرأ أيضاً:

إسرائيل وتنفيذ القرار 1701

بينما كان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مجتمعاً مع الجنرال الأمريكي جاسبر جيفيرز رئيس لجنة المراقبة الخماسية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان بحضور السفيرة الأمريكية في لبنان ليزا جونسون، كانت طائرة استطلاع إسرائيلية تحلق فوق بيروت والضاحية الجنوبية، فطلب بري من أحد الحضور أن يفتح النافذة كي يسمع الجنرال الأمريكي صوت الطائرة الذي اكتفى بابتسامة خفيفة، فيما كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية تشن سلسلة غارات على عدة مناطق في إقليم التفاح قرب بلدتي الريحان وسجد شمالي نهر الليطاني بزعم وجود قواعد للصواريخ.
هذه الانتهاكات لقرار وقف إطلاق النار كانت محور المحادثات بين بري والجنرال جيفيرز، باعتبار أن الولايات المتحدة هي الجهة الضامنة للاتفاق والتزام القرار 1701، حيث وضع بري كل الانتهاكات الإسرائيلية أمام من يضمن الاتفاق، كما سمع من الجنرال الأمريكي تأكيداً أمريكياً على التزام الاتفاق ومتابعة تنفيذه بشكل يؤدي إلى الاستقرار والهدوء في الجنوب.
لكن واقع الأمر يقول العكس؛ إذ إن إسرائيل ومنذ اليوم الأول لإعلان الاتفاق يوم الأربعاء 26 تشرين الثاني/نوفمبر لم تلتزم بالتنفيذ، بل عمد الجيش الإسرائيلي إلى انتهاك الاتفاق بالتغلغل داخل القرى الحدودية التي لم يتمكن من دخولها خلال المواجهات العسكرية، وقام بعمليات نسف وتدمير للمنازل، وأقام مراكز عسكرية في العديد من المواقع، كما وجه تحذيرات للمدنيين بعدم العودة للعديد من القرى الجنوبية، كذلك قام الطيران الحربي والمسيّر بشن العديد من الغارات على مناطق في البقاع.
لم تتوقف الخروقات الإسرائيلية البرية والجوية وانتهاك قرار وقف إطلاق النار، لأن تل أبيب ترى أن من حقها "حرية العمل العسكري" على الأراضي اللبنانية بمعزل عن أي اتفاق، ما يهدد بقاء الهدنة، ويضع الدول الضامنة ولجنة المراقبة الخماسية والحكومة اللبنانية أمام مسؤولية وضع حد لهذه الانتهاكات بأسرع وقت، وإيضاح ما إذا كانت هناك بنود سرية في الاتفاق تعطي إسرائيل حرية العمل العسكري متى شاءت، وتحت أي ذريعة.
ووفقاً لإحصائيات وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، فإن عدد الخروقات الإسرائيلية للاتفاق يوم الخميس الماضي بلغت 12 خرقاً، وبذلك يرتفع إجمالي خروقات إسرائيل للاتفاق منذ 37 يوماً إلى 353 انتهاكاً. وإضافة إلى هذه الانتهاكات يوم أمس الأول نفذ الجيش الإسرائيلي 9 انتهاكات تمثلت في عملية تمشيط بالرشاشات الثقيلة لمدينة بنت جبيل من بلدة مارون الراس، إضافة إلى تدمير منازل وقصف مدفعي، وعدم تمكين الجيش اللبناني من الانتشار في بلدة الناقورة.
يذكر أنه من أبرز بنود وقف إطلاق النار انسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجياً من المناطق التي احتلها قبل وقف إطلاق النار وبعده، إلى جنوب الخط الأزرق الفاصل مع لبنان خلال الـ60 يوماً، وانتشار الجيش اللبناني على طول الحدود، وانسحاب حزب الله إلى شمالي نهر الليطاني. لكن إسرائيل تتعمد المماطلة من جهة، وتتعمد انتهاك الاتفاق لعلها تفرض شروطاً جديدة يمنحها حرية تنفيذ الاتفاق وفق رؤيتها، وبما يخدم أهدافها في التوسع، كما تفعل في قطاع غزة وجنوب سوريا.

مقالات مشابهة

  • مخالفةً الاتفاق.. إسرائيل قد تبلغ واشنطن ببقائها في لبنان
  • إسرائيل تتحدث عن نيتها البقاء بجنوب لبنان عقب نهاية مهلة الاتفاق
  • الجيش اللبناني يعلن اصابة عسكريين في اشتباكات قرب الحدود مع سوريا
  • إسرائيل وتنفيذ القرار 1701
  • هل سنشهد صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس ووقف إطلاق النار في لبنان؟.. خبراء يجيبون لـ "الفجر"
  • الشرع يعلق على اشتباكات الحدود مع الجيش اللبناني
  • مصدر سوري يكشف تفاصيل الاشتباكات على الحدود مع الجيش اللبناني
  • اشتباك مسلح بين الجيش اللبناني ومسلحين عند الحدود الشرقية في منطقة معربون
  • اشتباكات بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين على الحدود
  • اشتباكات بين الجيش اللبناني وعناصر مسلحة على الحدود مع سوريا