روسيا تَكشّ فرنسا من غرب أفريقيا!
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
بعد مشاركة أكثر من 53 دولة في القمة الروسية - الأفريقية التي عُقدت في سانت بطرسبرغ الشهر الماضي، رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذلك مهماً للغاية نسبةً إلى الأحداث الجارية في أفريقيا، مثل الوضع المتوتر في النيجر، فيما يتعلق بأهداف روسيا في القارة الأفريقية. بخاصة مع اعتقاد الولايات المتحدة أن هناك بالفعل فرصة "ضيقة" لقلب الاستيلاء العسكري في النيجر.
في السنوات الأخيرة، سَعَت روسيا إلى إقامة شراكات استراتيجية مع الدول الأفريقية، بما في ذلك النيجر، وهي دولة غير ساحلية في غرب أفريقيا. في حين أن مدى ودوافع مشاركة روسيا في كل بلد أفريقي تختلف، ويمكن للمرء ملاحظة أنماط معينة في نهجها. تشمل هذه الأنماط المبادرات الدبلوماسية والاقتصادية والتعاون العسكري والمصالح المتعلقة بالموارد الثمينة.
في النيجر، على سبيل المثال، زارها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في عام 2021 لتعزيز العلاقات الثنائية، حيث تم التوصل إلى اتفاقات بشأن مختلف مجالات التعاون، مثل الطاقة والتعدين والدفاع. وتنظر روسيا إلى أفريقيا على أنها منطقة يمكن أن تقلل فيها من النفوذ الغربي من خلال الاستفادة من العلاقات التاريخية وتعزيز التحالفات مع الدول الأفريقية وترسيخ الشراكات مع بلدان مثل النيجر. ومن المرجح أن تقوض روسيا المبادرات والمشاريع المدعومة من الغرب، مثل المساعدات الاقتصادية والتعاون العسكري. بينما يسمح هذا النهج لروسيا بتحدي هيمنة الغرب وزيادة مجال نفوذها على الساحة العالمية.
يسلّط اهتمام روسيا بالنيجر الضوء أيضاً على اهتمامها بالموارد الطبيعية الوفيرة في البلاد، مثل اليورانيوم والمعادن الأخرى. هذه الموارد حيوية لمختلف القطاعات، بما في ذلك إنتاج الطاقة والدفاع. كما يثير سعي روسيا لاستخراج الموارد والشراكات التجارية الدهشة في المجتمع الدولي، لأنه من المحتمل أن يزعج الهيمنة الغربية في هذه المناطق.
في ضوء العقوبات الغربية المفروضة على روسيا في أعقاب عملياتها في أوكرانيا، تسعى موسكو إلى إيجاد سبل بديلة للنمو الاقتصادي. يمكن توسيع وجودها في أفريقيا أن يساعدها على الاستفادة من هذه الموارد وتطوير شراكات تجارية خارج مجال النفوذ الغربي. علاوة على ذلك، يسمح نفوذ روسيا المتزايد في أفريقيا لها بالضغط بشكل غير مباشر على الغرب. على سبيل المثال، لم يمضِ أسبوع واحد على انقلاب النيجر حتى أعلن قادة الانقلاب تعليق صادرات اليورانيوم إلى فرنسا، وهي ضربة كبيرة للبلاد، التي تعتمد على اليورانيوم إلى حد كبير لتوليد الكهرباء.
لا تدعو التطورات الجارية في النيجر الدول المعادية للغرب مثل روسيا إلى ممارسة النفوذ في غرب أفريقيا فحسب، بل تسمح أيضاً للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي التي لديها وجهات نظر متعارضة تجاه فرنسا بالاستفادة. على سبيل المثال، أشار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مؤخراً إلى أن تعليق النيجر صادرات اليورانيوم إلى فرنسا هو رد على سنوات من اضطهاد فرنسا.
كما أن الانقلاب في النيجر كان مصحوباً بعدم الاستقرار الإقليمي الذي يجلبه، ويعرّض للخطر خطط نيجيريا لتطوير خط أنابيب غاز بقيمة 13 مليار دولار أميركي من شأنه أن يسمح بتصدير الغاز من نيجيريا إلى الاتحاد الأوروبي، شريطة أن ينجح المشروع، سيستفيد الاتحاد الأوروبي من انخفاض الاعتماد على الغاز الروسي، مما يشير بوضوح إلى سبب عدم تحقيق مثل هذا المشروع لمصلحة روسيا.
بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية، ستسمح مشاركة روسيا في دول غرب أفريقيا ببناء قوة أمنية سريعة الحركة في المنطقة. على الرغم من أن معظم الدول الأفريقية وقّعت اتفاقيات عسكرية مع روسيا، فإن مجموعة "فاغنر" الروسية تحتفظ بالفعل بوجود قوي ونشط في جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان وليبيا ومالي، وكلها على مقربة جغرافية من النيجر. وبالتالي سمحت مجموعة "فاغنر" لروسيا بدخول ساحة المعركة بشكل فعال في النيجر.
الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن مالي، حيث تتمتع مجموعة "فاغنر" بموطئ قدم قوي، أعربت عن دعمها الكامل لمتمردي النيجر. وبالمثل، انضمت بوركينا فاسو إلى مالي، وادَّعت أن أي تدخل في النيجر سيكون إعلان حرب على مالي وبوركينا فاسو. في ضوء نفوذ روسيا المتزايد في غرب أفريقيا، تجدر الإشارة إلى أن بوركينا فاسو نفسها تعرضت لانقلاب في يناير (كانون الثاني) 2022، ومنذ ذلك الحين طلبت من فرنسا سحب قواتها بالكامل مع الترحيب بروسيا كحليف استراتيجي، وبالتالي زادت التكهنات حول الوجود والنفوذ الروسي. وعلى نفس المنوال، أعلنت الجزائر، المعروفة بولائها القوي لروسيا، معارضتها لأي تدخل في النيجر.
سيكون المكسب طويل الأمد لروسيا هو الوجود الكامل والنشط لقوة عسكرية بالوكالة في النيجر، مما يسمح لها بالحفاظ على وجود كامل تقريباً من الغرب إلى الشرق الأفريقي وبالتالي تحدي المصالح الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في أفريقيا.
مع هذه التطورات قد يتم تعطيل جهود مكافحة الإرهاب في أفريقيا أو تعليقها، سيسبب هذا السيناريو فرصة للجماعات المتطرفة والإرهابية لتعزيز وجودها في النيجر وشن هجمات عبر الحدود على البلدان المجاورة، مما يزيد من تفاقم المخاوف الأمنية الإقليمية، وهذا يفسر سبب إرسال المركبات العسكرية والمعدات الأمنية إلى تشاد لدعم جهود مكافحة الإرهاب في ضوء التصعيد المستمر في النيجر.
علاوة على ذلك، لا يزال الموقف الجيوسياسي لإيران فيما يتعلق بالنيجر موضوع دراسة متأنية. وفي هذا الصدد، من المحتمل جداً أن تسعى إيران إلى استغلال الاضطرابات السياسية السائدة في غرب أفريقيا، ومواءمة نفسها مع الفصائل والميليشيات المناهضة للولايات المتحدة والغرب العاملة في المنطقة.
في النهاية تُظهر التقارير أن هناك خلافاً مستمراً بين الرئاسة الفرنسية ووكالة الاستخبارات في البلاد بشأن الاتهامات المتعلقة بالفشل في التنبؤ بالانقلاب. على الرغم من كل ما قيل، فإن الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أنه في وقت سابق من هذا العام، وفي محاولة لمواجهة النفوذ الروسي والصيني في أفريقيا، تعهدت فرنسا بتخفيض وجودها العسكري في أفريقيا وتحويل القواعد الفرنسية إلى شراكات مع الجنود الأفارقة. ومع ذلك، يبدو أن استراتيجية فرنسا أسفرت عن العكس تماماً وعملت على إطلاق عنان القوة الروسية في أفريقيا بدلاً من مواجهتها.
الشرق الأوسط
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أفريقيا النيجر روسيا فرنسا فرنسا النيجر روسيا أفريقيا مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد صحافة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غرب أفریقیا فی أفریقیا فی النیجر روسیا فی
إقرأ أيضاً:
أسعار شحن النفط الروسي ترتفع 25% بعد العقوبات الأمريكية
ذكرت 3 مصادر تجارية، وأظهرت حسابات أجرتها "رويترز" أن أسعار شحن النفط الروسي من الموانئ الواقعة في غرب روسيا إلى الهند، ارتفعت 25 بالمئة بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 183 سفينة تحمل صادرات موسكو من الطاقة قبل أسبوع.
وقال متعاملون إن الهند والصين لا تزالان تشتريان النفط الروسي مستغلتين فترة السماح التي أعلنتها واشنطن حتى مارس (آذار)، بينما تقيمان المخاطر الجديدة.
عقوبات أمريكية على 50 مصرفاً روسياً - موقع 24أعلنت الولايات المتحدة الخميس، حزمة من العقوبات تستهدف نحو خمسين مؤسسة مصرفية روسية بهدف الحد من "وصولها إلى النظام المالي الدولي" وتقليص تمويل المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا.وقالت المصادر إن كلفة الرحلة الواحدة التي تقوم بها سفن "أفراماكس" من موانئ روسيا على بحر البلطيق إلى الهند، ارتفعت إلى ما بين 6 و6.3 ملايين دولار في رحلة الذهاب فقط، بعد أن كانت تتراوح بين 4.7 و4.9 ملايين قبل أسبوع.
ولا يزال هذا أقل بكثير من كلفة الرحلة الواحدة في عام 2022 عند 20 مليون دولار، بعد أن فرض الغرب أول عقوبات على قطاع النفط الروسي.
بسبب التدخل في الانتخابات..عقوبات أمريكية على روسيا وإيران - موقع 24أعلنت الولايات المتحدة اليوم الثلاثاء، عقوبات على كيانين في إيران وروسيا، واتهمتهما بمحاولة التدخل في الانتخابات الأمريكية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.وأضافت المصادر أن كلفة نقل النفط من ميناء "نوفوروسيسك" على البحر الأسود إلى الهند عبر ناقلات "سويز ماكس"، ارتفعت إلى نحو 5.5 ملايين دولار للرحلة في اتجاه واحد.