ضربت مسيرات روسية مخازن الحبوب والموانئ المصدّرة لها في نهر الدانوب الذي تعتمد عليه أوكرانيا بشكل متزايد كطريق بديل لتأمين نقل محاصيلها لأوروبا، وذلك بعد أن ألغت موسكو اتفاقية أساسية لتصدير الحبوب عبر البحر الأسود. 

وتزامنا مع هذا، انطلقت سفينة شحن كانت قد رست في ميناء أوديسا الأوكراني منذ شن روسيا لغزوها قبل أكثر من 17 شهرا، لتختبر ممرا مائيا مؤقتا خصصته كييف للشحن البحري.

 

ويعتمد الاقتصاد الأوكراني، الذي ضربته حرب موسكو، بشكل أساسي على الزراعة وصادرات محاصيلها، وكما هو الحال في روسيا، تعتبر الشحنات الأوكرانية حيوية لتزويد العالم بالقمح والشعير وزيت عباد الشمس وغيرها من الأغذية التي تعتمد عليها الدول النامية. 

وقبل شهر، مزّق الكرملين اتفاقية، خُطّت الصيف الماضي، وأشرفت عليها الأمم المتحدة وتركيا كانت تحرص على نقل صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود.

ومنذ ذلك الحين سعت كييف لتغيير مسارات الشحن عبر الدانوب والبر وسكك الحديد التي تربطها بأوروبا، لكن تكاليفها أكبر بكثير من الشحن البحري، ولهذا اعتمدت بعض الدول الأوروبية على رفع أسعار محاصيلها المحلية، كما أن موانئ الدانوب لا يمكنها تحمل الضغط الذي قد تستقبله الموانئ البحرية. 

وقال حاكم منطقة أوديسا، أوليه كابير، إن الأهداف الرئيسية للغارات الليلية التي شنتها مسرات روسيا تمثلت بمداخل الموانئ ومخازن الحبوب، من بينها الواقعة على دلتا الدانوب. 

وأعلن سلاح الجو الأوكراني اعتراض 13 مسيرة فوق إقليمي أوديسا وميكولايف. ويعتبر هذا أحدث هجوم في سلسلة غارات جوية شهدتها الأسابيع الأخيرة، استهدفت فيها روسيا موانئ دلتا الدانوب، والتي تبعد 15 كلم فقط عن الحدود مع رومانيا، التي تعتبر عضوا في حلف شمال الأطلسي "الناتو". ويعتبر الدانوب ثاني أطول نهر في أوروبا ونقطة تنقل أساسية. 

"جوزيف شولت" تنطلق

ووسط هذا كله، انطلقت سفينة شحن ميناء أوديسا للمرة الأولى منذ 16 يوليو الماضي، بحسب ما أكده نائب رئيس الوزراء الأوكراني، أوليكساندر كوبراكوف، وكان السفينة عالقة في الميناء منذ فبراير عام 2022. 

وتبحر سفينة "جوزيف شولت"، التي تحمل علم هونغ كونغ، عبر ممر مؤقت صدقت عليه المنظمة البحرية الدولية بطلب من كييف. 

وكانت الولايات المتحدة حذرت من أن الجيش الروسي يحضّر لشن هجمات محتملة على سفن الشحن المدنية في البحر الأسود، كما أن الألغام البحرية تزيد من خطورة الرحلة، ومن المتوقع أن تزيد تكاليف التأمين المترتبة على مشغّلي السفن، وأخبرت أوكرانيا المنظمة البحرية الدولية أنها "ستوفر ضمانات تعويضية للأضرار"، بحسب ما نقلته أسوشيتد برس. 

ويشير محللون إلى أن الشحن عبر البحر الأسود ظل، بشكل عام، مستقرا منذ انتهاء العمل بصفقة الحبوب الأوكرانية، وذلك رغم معدلات التأمين المرتفعة، إلا أن نسبة الشحنات الخارجة من أوكرانيا تضاءلت. 

ويوم الأحد، أطلقت سفينة حربية روسية قذائف تحذيرية لسفينة شحن تحمل علم بالاو في جنوبي البحر الأسود. وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن سفينة "سوكرو أوكان" كانت تتجه شمالا لميناء إسماعيل في نهر الدانوب الأوكراني. 

وأكدت بيانات لتتبع السفن حللتها أسوشيتد برس أن سفينة "جوزيف شولت" التي انطلقت مؤخرا لا تزال في طريقها جنوبا محمّلة بحمولة تزن أكثر من 30 ألف طن تحويها 2114 حاوية شحن، من بينها منتجات غذائية، بحسب ما ذكره نائب رئيس الوزراء الأوكراني. 

وقال كوبراكوف إن الممر سيستخدم في الأساس لإخلاء السفن العالقة في موانئ تشورونومورسك ويجني وأوديسا منذ اشتعال الحرب. 

وقفزت أسعار القمح لأكثر من 5 في المئة في سوق شيكاغو للتبادلات التجارية، الأربعاء، في ظل الهجمات الروسية التي تسببت بتذبذب أسعار الحبوب في الأسواق العالمية. 

ورغم أشهر على انخفاضها، ارتفعت أسعار المواد الغذائية حول العالم، مثل القمح والأرز وزيوت الخضار، في يوليو، عقب انتهاء صفقة البحر الأسود وفرض الهند قيودا على بعض صادرات الأرز، بحسب ما ذكرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو".  

وتعد "جوزيف شولت" الأكثر قيمة بين 60 سفينة عالقة في أوكرانيا منذ اندلاع الحرب، بحسب ما ذكره جون ستوبورت، مدير البيئة والتجارة لدى غرفة الشحن الدولية، والتي تمثل 80 في المئة من أساطيل العالم التجارية، في حديثه لوكالة أسوشيتد برس. 

وقال ستوبورت إن التقارب السياسي الصيني لروسيا قد ساهم، على الأرجح، بمغادرة السفينة، مستبعدا أن يتاح الأمر ذاته للسفن الأخرى، إما بسبب الأعلام التي تحملها أو لمواقعها في أوكرانيا. 

وفي الخطوط الأمامية، زعم مسؤولون أوكرانيون تحقيق إنجاز آخر في هجوم كييف المضاد، إذ قال نائب وزير الدفاع الأوكراني، هانا ماليار، إن القوات تمكنت من السيطرة على قرية شرقي إقليم دونيتسك. 

وتقع أوروجين قرب ستارومايورسك، التي أعلنت أوكرانيا أيضا السيطرة عليها مؤخرا. ولم تتمكن أسوشيتد برس من تأكيد تلك المزاعم بشكل مستقل. 

ورجحت الوكالة أن أوكرانيا تحاول رسم فاصل بين القوات الروسية جنوبا، لكنها تواجه خط دفاع قوي كما أنها تتقدم دون الاستعانة بغطاء جوي. 

وفي جنوبي شرقي أوكرانيا، قتل شاب عمره 18 عاما وأربعة آخرون في قصف روسي استهدف قرية ميزوفا بحسب ما ذكرته السلطات الأوكرانية. 
وقال الجيش الروسي، الأربعاء، إنه أسقط ثلاث مسيرات فوق إقليم كالوغا الواقع شمال غرب موسكو، موجها الاتهامات لأوكرانيا بشن الهجوم. ولم ترد أنباء عن وقوع أي أضرار أو خسائر بشرية جراءه. 

ولم تتمكن أسوشيتد برس من التحقق من مزاعم الطرفين في ساحات المعارك، بحسب الوكالة. 

وقال رئيس بلدية موسكو، سيرغي سوبيانين، الأربعاء، إن حوالي 45 ألفا من سكان العاصمة يقاتلون في الحرب ضد أوكرانيا، بينهم 20 ألفا مجنّدون التحقوا بالجيش، و20 ألفا كجنود متعاقدين بالإضافة إلى متطوعين وحوالي 5 آلاف مقاتل تابعين لجماعات خاصة. وكان قد ذكر في أواخر يوليو أن حوالي 30 ألفا من سكان موسكو يشاركون في الحرب، ولم يتضح سبب الاختلاف في الأرقام، بحسب ما نوهت إليه أسوشيتد برس. 

وأشار سوبيانين إلى أن تواجد سكان موسكو في الحرب يشكل "جزءا مهما من المشاركين" في القتال، في حين لا يعرف العدد الإجمالي للقوات الروسية في أوكرانيا، إلا أن مركز دراسات الحرب، الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له، قدّر عددهم بحوالي 300 ألف. 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: البحر الأسود أسوشیتد برس بحسب ما

إقرأ أيضاً:

روسيا تعلن تحقيق تقدّم في شرق أوكرانيا

كييف (وكالات) 

أخبار ذات صلة خبراء لـ«الاتحاد»: أزمة أوكرانيا ومعدلات الهجرة وراء صعود اليمين الأوروبي المتشدد موجة حر لم تشهدها موسكو منذ أكثر من قرن الأزمة الأوكرانية تابع التغطية كاملة

أعلنت روسيا، أمس، السيطرة على أول أحياء تشاسيف يار التي تعدّ مدينة استراتيجية وتسعى موسكو إلى السيطرة عليها على أمل تسهيل تحقيق اختراق حاسم في شرق أوكرانيا.
وتسمح تشاسيف يار الواقعة على المرتفعات، للقوات الروسية بالوصول بقذائف مدافعها إلى كراماتورسك، أكبر مدينة تعدين في المنطقة، والتي تعتبر حصناً حامياً للمناطق الأوكرانية في هذا الجزء من البلاد.
من جهة أخرى، قُتل خمسة أشخاص على الأقل في قصف جديد على مدينة دنيبرو الكبيرة الواقعة في وسط أوكرانيا.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان: «إنّ القوات الروسية سيطرت على حي (نوفيي) الواقع على الأطراف الشرقية لمدينة تشاسيف يار الواقعة في منطقة دونيتسك والتي تتمتّع بأهمية عسكرية كبيرة».
وأكدت قناة «ديب ستايت» (DeepState) على تلغرام، التي تضمّ باحثين ومصادر مقرّبة من كييف، أنّ الحي الذي تحدّثت عنه موسكو في تشاسيف يار «دُمّر بالكامل»، موضحة أنّ الاستمرار في السيطرة عليه لن يؤدي إلّا إلى «مزيد من الخسائر».
وقالت: «إنّ الانسحاب من هذا الحي هو بالتالي قرار منطقي، وإن كان صعباً».
على صعيد آخر، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه يرغب في الحصول على توضيح من المرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب حول الكيفية التي يعتزم بها إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا خلال 24 ساعة فقط.
وقال زيلينسكي في مقابلة مع تليفزيون بلومبرج أمس: «إذا كان ترامب يعرف كيفية إنهاء الحرب، فيجب أن يخبرنا اليوم. وإذا كانت هناك مخاطر على استقلال أوكرانيا، إذا فقدنا الاستقلال، نريد أن نستعد لهذا، نريد أن نعرف».
ولطالما قال الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقبلة إن في مقدوره إنهاء الحرب في أوكرانيا «خلال 24 ساعة»، دون أن يكشف على الإطلاق عن أي تفاصيل حول ذلك.
وأعلن زيلينسكي، في مقابلته مع تليفزيون بلومبرج، عن استعداده للقاء ترامب وفريقه والاستماع إلى مقترحاتهم.
وأضاف: «نريد أن نفهم ما إذا كنا سنحظى في نوفمبر بدعم قوي من الولايات المتحدة، أم أننا سنكون بمفردنا تماماً».
وفي الأثناء، أكد المستشار الألماني أولاف شولتس أن دعم ألمانيا لأوكرانيا لن يجعل من ألمانيا طرفاً في الحرب.
وخلال جلسة استجواب للحكومة في البرلمان، قال شولتس، أمس، رداً على سؤال بهذا الخصوص: «نعم، أقدم هذا الضمان. أنا أضمن ذلك كمستشار».
وكان السياسي المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أعرب عن موقف مشابه في وقت سابق.
ومع ذلك، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتبر أن ألمانيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) أطراف في الحرب منذ فترة طويلة، غير أن هذا الأمر لم يسفر عن أي تبعات عملية حتى الآن.

مقالات مشابهة

  • أوكرانيا تعلن تسلم دفعة صواريخ "باتريوت" من ألمانيا
  • قائد البحرية الأوكرانية: روسيا تفقد السيطرة على محور شبه جزيرة القرم
  • الجيش الأوكراني ينسحب من مواقعه مع اقتراب الثوات الروسية من الاستيلاء على بلدة ذات أهمية استراتيجية
  • القوات الروسية تستهدف قاعدة لواء تابع للحرس الوطني الأوكراني في مقاطعة كييف
  • أوكرانيا: مقتل 5 في ضربة جوية روسية في دنيبرو
  • روسيا تعلن تحقيق تقدّم في شرق أوكرانيا
  • كوليبا يبحث مع بلينكن تعزيز الدفاع الجوي الأوكراني واستعادة نظام الطاقة في البلاد
  • الخارجية الروسية: نظام كييف ينتهك جميع مواد الدستور الأوكراني
  • الخارجية الروسية: نظام كييف ينتهك تقريبا جميع مواد الدستور الأوكراني
  • الخارجية الروسية: بيان البنتاجون الذي يسمح لأوكرانيا بضرب شبه جزيرة القرم بالأسلحة الأمريكية قد يوسع الصراع