النقل الذكي في مصر.. ثورة التكنولوجية التي تعيد تشكيل شوارعنا
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
في عصر تلاحق فيه الابتكارات التكنولوجية خطوات الزمن، أصبح النقل الذكي ليس مجرد رفاهية، بل ضرورة لا غنى عنها لمواجهة تحديات المستقبل، فـ النقل الذكي في مصر هو أكثر من مجرد أنظمة مرورية ذكية، إنه تجربة جديدة تعيد ترتيب أولوياتنا في التنقل، وتحول المدينة إلى كائن حي يتنفس ويُدار بتقنيات حديثة. في شوارعنا التي تعج بالحركة، إلا أن الطريق إلى هذا المستقبل الذكي ليس مفروشًا بالورود، فما بين تحديث البنية التحتية، وتثقيف المجتمع، وتوفير التمويل الكافي، تواجه مصر تحديات حقيقية في تنفيذ هذه الرؤية، لكن الإرادة السياسية، مع الدعم المحلي والدولي، تسهم في تخطي هذه العقبات خطوة بخطوة.
قال الدكتور خالد خليفة، خبير البرمجيات والتكنولوجيا ورئيس مجلس إدارة شركة كلاودسوفت فايف للبرمجيات، إن «النقل الذكي يشمل ثلاثة محاور رئيسية يعتمد الأول على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي والأجهزة الإلكترونية مثل الكاميرات والحساسات في رصد المخالفات وتنظيم المرور، مثل الرادارات والكارتة الإلكترونية، فبدلاً من أن يقف شخص لتحصيل رسوم المرور، يتم شحن الكارتة إلكترونيًا، ما يسهم في تسهيل حركة السيارات وتقليل التكدس المروري، إلا أن هذه الأنظمة تتطلب شحن الكارتة بشكل مستمر لتجنب المخالفات».
وأضاف «خليفة»: «يتعلق المحور الثاني باستخدام التطبيقات الذكية مثل "أوبر"، "كريم"، و"ديدي"، التي تسهم في توفير وسائل تنقل مرنة لأولئك الذين لا يمتلكون سيارات، كما أن هذه التطبيقات تساهم في تقليل التكدس المروري في المدن الكبرى مثل القاهرة، وهذا التنوع في وسائل النقل الذي تشهده مصر عن غيرها من البلدان يساعد في حل مشكلة عدم معرفة الطرق لدى المغتربين ويُسهم في تنظيم حركة المرور»، وأكمل «خليفة»: «أما المحور الثالث، فيتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي في قيادة المركبات، مثل السيارات ذات القيادة الذاتية. على سبيل المثال، سيارة "هيونداي أفلتي" التي تستخدم القيادة الذاتية، حيث تحافظ السيارة على المسار دون الحاجة لتوجيه السائق. نفس الشيء ينطبق على القطارات والمترو، حيث يعمل السائق ضمن نظام ذكي يسمح بالتحكم في المركبة دون الحاجة للقيادة الفعلية، مما يساهم في تحسين توقيت الوصول إلى المحطات».
واستطرد «خليفة»: «تعد محطة بشتيل لقطارات الصعيد أبرز محطات النقل الذكي في مصر، فهذه المحطة تعد نقطة تحول كبيرة في تطوير شبكة القطارات، حيث تسهم في تسهيل التنقل بين القاهرة ومحافظات الصعيد.بالإضافة إلى ذلك، فإنها تواكب توجهات النقل الذكي من خلال استخدام تقنيات حديثة في تسهيل الرحلات، مثل الدفع الإلكتروني والأنظمة الذكية في تنظيم حركة القطارات، مما يقلل من معاناة المسافرين ويختصر الزمن».
أما عن تحديات تطبيق الأنظمة الذكية في مصر، فأسهب «خليفة »، قائلا:«هناك مشكلة تتعلق بالكثافة السكانية، حيث يصعب تطبيق الأنظمة الذكية على 120 مليون مواطن مقارنة بالدول ذات الكثافة السكانية الأقل مثل الإمارات والسعودية. لذلك، من المتوقع أن يستغرق تطبيق هذه الأنظمة في مصر من 4 إلى 5 سنوات، مقارنة بتطبيقها في دول أخرى في أقل من عام نظرا لقلة الكثافة السكانية لديهم».
من ناحية أخرى قال الدكتور عماد نبيل، استشاري طرق ونقل دولي، أن مصطلح النقل الذكي يشير إلى استخدام التكنولوجيا والبيانات الرقمية لتحسين أنظمة النقل العامة والخاصة، وتعزيز كفاءتها وسلامتها واستدامتها، وذلك بهدف تحسين تجربة السفر وتخفيف الازدحام المروري وتقليل الانبعاثات الضارة وتحسين الوصول، وأضاف:« يشمل النقل العام بعض العناصر الأساسية للنقل الذكي، منها المركبات المتصلة التي تتيح تقنيات الاتصال بين المركبات وبعضها البعض، وبين المركبات والبنية التحتية (V2I) تبادل البيانات والمعلومات بين السيارات والبنية التحتية، مما يساعد في تحسين السلامة وتخفيف الازدحام، إلى جانب المواقف الذكية التي تتضمن تقنيات الباركينج "الركن" الذكي باستخدام الاستشعارات والتطبيقات الرقمية لتحسين إدارة المواقف وتوجيه السائقين إلى المواقف الشاغرة، مما يقلل من وقت البحث عن موقف ويزيد من كفاءة استخدام المساحة.
وأكد«نبيل» أن المدن الذكية والتخطيط الحضري تستخدم التقنيات الرقمية في تصميم المدن الذكية وتطوير أنظمة النقل المستدامة، بما في ذلك تحسين النقل العام وتوفير وسائل نقل بديلة مثل الدراجات الهوائية والسكوترات الكهربائية، مضيفا:«تطبيقات الهاتف الذكي والحوسبة السحابية تساهم في تحسين تجربة المستخدم وتوفير المعلومات حول النقل والمواقع ووسائل النقل العامةإلى جانب التحليلات البيانية والتنبؤية التي يستخدمها النقل الذكي لتحديد الاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تؤثر على أنظمة النقل واتخاذ القرارات بناءً على هذه المعلومات. باستخدام التكنولوجيا والبيانات الرقمية، يمكن للنقل الذكي تحسين تجربة السفر وتحسين كفاءة أنظمة النقل وتحقيق الاستدامة البيئية. يعد النقل الذكي جزءًا أساسيًا من مفهوم المدن الذكية والتنمية المستدامة.
واختتم «نبيل» قائلا: «أما عن فوائد النقل، فيهدف إلى تحسين النقل على المدى الطويل وإلى خفض الازدحام وتقليل مستويات التلوث البيئي، إلى جانب مساعدته في زيادة السلامة بتقليل حوادث الطرق وتسهيل الحركة المرورية، ورفع مستوى الكفاءة وتقليل التكاليف، كما يتميز بالإمداد بالمعلومات الدقيقة لحركة المركبات والاستجابة السريعة للطوارئ، إلى جانب رفع مستوى الاستدامة على المدى الطويل.
الفرق بين النقل الذكي والمحطة الذكيةعلى صعيد آخر قال الدكتور حسن مهدي، أستاذ الطرق والنقل بكلية الهندسة جامعة عين شمس وعميد المعهد القومي للنقل بوزارة النقل، أن هناك فرق ما بين النقل الذكي والمحطة الذكية، موضحا أن« هناك فرق بين مصطلح النقل الذكي والمحطة الذكية، فالنقل الذكي يشير إلى تكنولوجيا النقل التي تهدف إلى تحسين حركة المرور، وكفاءة النقل، وسلامة الركاب باستخدام أنظمة ذكية مثل الذكاء الاصطناعي، الاستشعار، البيانات الكبيرة، والاتصالات المتنقلة، تشمل هذه الأنظمة إدارة حركة المرور باستخدام تكنولوجيا مثل إشارات المرور الذكية التي تتحكم في تدفق المركبات بناءً على البيانات الحية، إلى جانب تحديد المواقع والخرائط الذكية للمساعدة في اختيار أسرع الطرق وتفادي الازدحام، بالإضافة إلى مراقبة المخالفات مثل تحديد السرعة الزائدة أو القيادة في الاتجاه الخطأ باستخدام كاميرات وأنظمة استشعار ذكية، وعلاوة على ما سبق أنظمة النقل الجماعي الذكية مثل القطارات والحافلات الذكية التي تستخدم تقنيات حديثة لتحسين جداول الرحلات وضمان وصول الركاب في الوقت المحدد، وأنظمة الدفع الذكية مثل التذاكر الإلكترونية عبر الهواتف أو البطاقات الذكية».
وتابع«مهدي»: «أما عن مصطلح المحطة الذكية فنجدها في محطة بشتيل، إذ تعد من المحطات الذكية بمعنى أنه تم تزويدها بتقنيات ذكية، فعلى سبيل المثال سيكون هناك لكل رصيف شباك خاص به لقطع التذاكر، وأنظمة تذاكر إلكترونية مثل التذاكر المباعة عبر تطبيقات الهواتف الذكية أو من خلال بوابات الدفع الإلكتروني، إلى جانب مراقبة الركاب والأمن باستخدام كاميرات المراقبة الذكية، وأنظمة الإنذار، وأجهزة استشعار الوزن التي تساعد في توفير الأمان للركاب، كما تكون المحطة مجهزة بإدارة الطاقة وذلك باستخدم الطاقة بكفاءة أكبر، مثل استخدام الطاقة الشمسية أو أنظمة إضاءة ذكية لتقليل استهلاك الطاقة، وتوفير خدمات للركاب مثل شاشات عرض محدثة بشكل مستمر لمعلومات الرحلات، إلى جانب توفر تطبيقات الهاتف الذكي التي تقدم خدمة تحديد المواقع والتوجيه داخل المحطة، هذا وتستخدم المحطات الذكية البيانات المجمعة لتحليل حركة الركاب وتحسين الخدمات».
نقل ذكي من أجل مدينة ذكية.. التحول الرقمي في شوارع مصروأنهى «مهدي » حديثه، قائلا:«لذا يمكننا القول أن الفرق الأساسي بين النقل الذكي والمحطة الذكية، هو أن النقل الذكي يشمل النظم التي تساهم في تحسين حركة النقل بوجه عام، مثل إدارة حركة المرور، وتحديث جداول الرحلات، وتحسين كفاءة النقل عبر وسائل مختلفة، بينما المحطة الذكية تشير إلى البنية التحتية للمكان الذي يتم فيه تقديم هذه الخدمات الذكية، مثل المحطات أو محطات القطارات، وهي تشمل التقنيات التي تسهل تجربة الركاب وتعمل على تحسين الأداء في تلك المواقع المحددة».
لذا فمع تحول مصر نحو منظومة النقل الذكي، تشهد البلاد تطورًا ملموسًا في تحسين حركة المرور وتقليل الازدحام، ووفقًا لوزارة النقل أسهمت الأنظمة الذكية في تخفيض الاختناقات المرورية بنسبة تصل إلى 20% في بعض المناطق الكبرى، بينما أظهرت تقارير الهيئة العامة للنقل الذكي أن تطبيق هذه الأنظمة قد ساهم في تقليل الحوادث بنسبة 15%، كما يتوقع أن تساهم مشروعات النقل الذكي في تقليل التلوث وتقوية البنية التحتية للمدن الكبرى وتقليل التكدس والحوادث المرورية بحلول 2030، لذا تمثل هذه التطورات خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية مصر في التنمية المستدامة.
اقرأ أيضاًالحكومة والقطاع الخاص يوقعان 5 مذكرات تفاهم مع الجانب الأوروبي بالنقل الذكي والتخزين الأخضر
برلماني يكشف عن أهم توصيات اجتماع شركات النقل الذكي «فيديو»
رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمنظومة النقل الذكي على الطرق السريعة (ITS)
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: النقل الذكي النقل الذكي في مصر صعيد مصر قطارات صعيد مصر محطة بشتيل محطة بشتيل لقطارات الصعيد منظومة النقل الذكي منظومة النقل الذكي في مصر النقل الذکی فی مصر الأنظمة الذکیة هذه الأنظمة حرکة المرور أنظمة النقل إلى جانب فی تحسین
إقرأ أيضاً:
كل ما تحتاج معرفته عن تطبيق الدردشة الذكي ديب سيك
صعد مختبر الذكاء الاصطناعي الصيني DeepSeek سريعًا إلى دائرة الضوء العالمية هذا الأسبوع، بعد أن تصدر تطبيقه للمحادثة الذكية "شات بوت" قوائم متجر تطبيقات آبل ومتجر جوجل بلاي، مما دفع خبراء وول ستريت إلى التساؤل ما أذا تستطيع الولايات المتحدة الحفاظ على صدارتها في سباق الذكاء الاصطناعي أم لا.
من هو DeepSeek ومن يقف وراءه؟تأسس DeepSeek في عام 2023 كفرع بحثي تابع لصندوق التحوط الصيني High-Flyer Capital Management، وهو صندوق كمي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في اتخاذ قراراته الاستثمارية.
أسس الصندوق في 2015 على يد "ليانغ وينفينغ"، المهتم بالذكاء الاصطناعي، والذي بدأ مسيرته في التداول أثناء دراسته في جامعة تشجيانج.
لاحقًا، انفصل DeepSeek عن High-Flyer ليصبح شركة مستقلة تركز على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي.
ومنذ البداية، أنشأ مختبر DeepSeek مراكز بيانات خاصة به لتدريب النماذج، لكنه، كغيره من الشركات الصينية، تأثر بقيود التصدير الأمريكية التي حرمته من استخدام رقاقات Nvidia H100، ما اضطره لاستخدام النسخة الأضعف H800.
يعتمد DeepSeek على فريق تقني شاب يضم خريجي برامج الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي من أبرز الجامعات الصينية، كما يوظف أيضًا أشخاصًا من خارج تخصصات علوم الحاسوب لتعزيز قدرات النماذج على فهم طيف واسع من الموضوعات، بحسب تقرير نيويورك تايمز.
نماذج متقدمة بأسعار أقلفي نوفمبر 2023، أطلق DeepSeek أول مجموعة من نماذجه: DeepSeek Coder، وDeepSeek LLM، وDeepSeek Chat. لكن الانطلاقة الحقيقية جاءت في ربيع 2024 مع طرح الجيل الثاني DeepSeek-V2، وهو نظام متعدد الاستخدامات قادر على تحليل النصوص والصور بكفاءة، وبأسعار تشغيل منخفضة مقارنة بمنافسين مثل ByteDance وAlibaba، الذين اضطروا إلى خفض أسعار استخدام نماذجهم ردًا على هذه المنافسة.
وفي ديسمبر 2024، طرح DeepSeek نموذج V3، الذي تفوق على نماذج مفتوحة المصدر مثل Llama من Meta، وحتى على نماذج مغلقة مثل GPT-4o من OpenAI، وفقًا لاختبارات داخلية.
نموذج التفكير العميق R1في يناير، أطلق DeepSeek نموذج R1 القائم على "الاستدلال"، ويُعد من أقوى النماذج التي تختبر نفسها ذاتيًا وتتحاشى الأخطاء المنطقية الشائعة. ر
غم أن هذه النماذج تحتاج وقتًا أطول للوصول للإجابات، إلا أنها تُعد أكثر موثوقية في مجالات مثل الفيزياء والرياضيات والعلوم.
لكن القيود لا تزال قائمة، إذ تخضع النماذج للرقابة الصينية للتأكد من التزامها بـ"القيم الاشتراكية الجوهرية"، ما يعني أن R1، على سبيل المثال، لن يجيب على أسئلة حول مذبحة "تيانانمن" أو استقلال تايوان.
شعبية متزايدة رغم الحظرفي مارس 2025، تجاوز عدد زيارات DeepSeek الـ16.5 مليون زيارة، ليحتل المرتبة الثانية بين تطبيقات الذكاء الاصطناعي من حيث عدد المستخدمين، رغم تراجع زياراته بنسبة 25% مقارنة بفبراير، وفقًا لمنصة Similarweb.
ومع ذلك، يبقى بعيدًا عن ChatGPT الذي تجاوز 500 مليون مستخدم أسبوعيًا.
نموذج تجاري غامضلا يزال النموذج الربحي لـ DeepSeek غير واضح؛ الشركة تعرض منتجاتها بأسعار منخفضة جدًا أو مجانًا، ولا تقبل التمويلات الخارجية رغم الاهتمام الكبير من صناديق الاستثمار الجريء.
ووفقًا لمنصة Hugging Face، تم تطوير أكثر من 500 نموذج مشتق من R1 وتم تحميلها أكثر من 2.5 مليون مرة.
ردود فعل متباينة من عمالقة التقنيةأثارت إنجازات DeepSeek قلق كبار شركات التكنولوجيا. حيث تسبب أداؤها القوي في يناير بتراجع سهم Nvidia بنسبة 18%، وأصدر الرئيس التنفيذي لـ OpenAI سام ألتمان بيانًا يطالب الحكومة الأمريكية بحظر نماذج DeepSeek، واصفًا إياها بأنها "مدعومة من الدولة" و"خاضعة للرقابة الحكومية".
في المقابل، أشاد الرئيس التنفيذي لشركة Nvidia، جينسن هوانغ، بابتكارات DeepSeek، معتبرًا أن نماذج الاستدلال التي تطورها تتطلب قدرة حوسبة ضخمة، ما يصب في مصلحة Nvidia.
ومع ذلك، بدأت بعض الحكومات في حظر استخدام DeepSeek على أجهزتها، بما في ذلك ولاية نيويورك وكوريا الجنوبية.
كما أعلنت وزارة التجارة الأمريكية نيتها حظر النماذج الصينية من هذا النوع.
الخلاصة: هل يهدد DeepSeek هيمنة الغرب في الذكاء الاصطناعي؟بينما يشهد DeepSeek نموًا لافتًا وقدرة على إرباك عمالقة التقنية العالميين، لا يزال مستقبله مرهونًا بالتطورات الجيوسياسية والتجارية.
ما يبدو مؤكدًا، هو أن السباق نحو تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر كفاءة لم يعد حكرًا على الغرب.