بقلم: محمد بدوي
لاقي مقطع الفيديو الذي استغرق ٧ دقائق و٣٨ ثانية الذي نشر كجزء من ندوة مركز مقاربات للتنمية السياسية بتركيا، ولاسيما تلك الجزئية التي ظهر فيها متحدثا الدكتورعبدالحي يوسف إنتشارا واسعا لدي السودانيات/ن ولغيرهم من المهتمين بالشان السوداني لمحتواه الذي سأتناوله في فقرة لاحقة، بما يجعل من المهم معرفة من هو الرجل هذا بالتراض والذي يشار إليه كداعية إسلامي، بحكم منصبه كنائب لهيئة علماء السودان، ورئيس قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم، ورئيس مجلس قناة وإذاعة طيبة، تقلد عبدالحي هذه المناصب في فترة سيطرة الحركة الاسلامية واجنحتها السياسية على السلطة في السودان عقب إنقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩، حيث كان قبلها بالمملكة العربية السعودية، الأمر الذي يضعها تحت تصنيف المنتفعين بانقلاب الاسلاميين وسياسة التمكين فلولا ذلك لما إقترب من أي من المناصب لانه ببساطة مادة الثقافة الإسلامية أدخلت في المقررات الجامعية من قبل سلطة الاسلاميبن في إطار سياسة تغيير المناهج والتعريب التي " كسرت رقبة" التعليم العالي والبحث العلمي .
خلال ثورة ديسمبر ٢٠١٨ نهض أحد المصليين هاتفا " قم يا عبدالحي" داخل باحة المسجد الذي يؤمه عبدالحي بضاحية جبرة بالخرطوم، بقصد أن يقود عبدالحي المصلين للانحياز لحراك التغيير آنذاك ،حسن ظنا وطنيا نابع من ربط بين إمامة الرجل للمصلين وربط الأمر بالضمير الانساني المنحاز للحق،اصبغه الرجل على عبدالحي دون أن يدرك خلفيته المرتبطة بالاسلام السياسي، بالضرورة أن يخيب عبدالحي ظنه، بل اعتقد ان الرجل قد أطلع لاحقا على لتصريحات عبدالحي التي نشرها الإعلام البديل عن لقائه بالرئيس السابق المخلوع عمر البشير وفتوي إباحة قتل المتظاهرين السلميين، وهو الأمر الذي نتجت عنه الانتهاك الممنهج للقانون الدولي لحقوق الإنسان في ٣ يونيو ٢٠١٩ حادثة" فض الاعتصام"، فاخال حال الرجل يردد " لقد أسمعت لو ناديت " ضميرا" حيا، وليس عبدالحي" .
بالرجوع لمحتوي الفيديو والذي كال فيه الحط والتحقير للفريق اول عبدالفتاح البرهان قائد الجيش، بالضرورة هو ليس الأول في ذلك سبقه عدد من النشطاء الاعلاميين المنسوبين لأجنحة قادة الحركة الاسلامية السودانية، لكن عندما جاء الأمر من رجل تجاوز سن الحكمة فهو أمر آخر، لم أعول على ان تخصصه الأكاديمي ومناصبه المرتبطة بالدعاه قد تشكل كابح من الانزلاق فيما حواه الفيديو لان خلفية عبدالحي المرتبطة بالاسلام السياسي تجعله ممسكا بفلسفة التبرير الايدلوجية" الضرورات تبيح المحضورات" واباحة الكذب لهزيمة الطرف(الاخر) الذي ليس بالضرورة أن يكون مصنفا عدوا بل قد يمكن يكون منافسا سياسيا.
عطفا على ما سبق فإن المحتوي يمثل قمة صراع الاسلاميين المسيطرين على مجموعات مختلفة داخل الجيش، حيث بدأ الأمر بالترويج لذلك بأن المجتمع الدولي يجدر به عدم الاكتراث البرهان والتفاوض مع الاسلاميين المسيطرين على زمام الأمور، قد فات علىهم أن " البرهان " زار المملكة المتحدة ثم الولايات المتحدة الأمريكية ثلاث مرات منذ بدء الحرب في السودان في مناسبات مختلفة، بما يعني أن هنالك ما قيل الغرف المغلقة، ثم أن الإدارة الامريكية والاتحاد الأوروبي اعلنتا عقوبات شملت رئيس حزب المؤتمر الوطني الدكتور على كرتي، ورصدت جائزة مالية لمن يدلي بمعلومات عن أحمد محمد هارون والمطلوب أيضا لدي المحكمة الجنائية الدولية، واعتقلت عبدالباسط حمزة القيادي الاسلامي قبل أن تصدر عقوبات في مواجهة ميرغني إدريس الذي اشترك في التسبيب لإصدار العقوبات مع عبدالباسط حمزة في تمويل جماعات إسلامية بينها حماس،إذن حديث عبدالحي كشف بأن الصراع داخل الاسلاميبن وصل مرحلة الصراع داخل الجيش، وهو أمر خطير في ظل الحرب لانه ينعكس سلبا على الوضع الراهن في السودان بشكل عام.
البيان الذي نشر في الوسائط والذي حمل إفادة بأن عبدالحي ليس عضوا بمؤسسات الحركة الاسلامية، الذي حمل توقيع الأمين العام للحركة الاسلامية دون الإشارة الي اسم شاغل المنصب، يثير الاستغراب فعبد الحي لم يقل بأنه يتحدث باسم الحركة أو بمنصب محدد، فيثور السؤال لماذا تم " نفي النفي"؟ .
من ناحية ثانية فإن النفي جاء على الارجح عقب التداول الواسع للفيديو وما بصم عليه عبدالحي من العلاقة بين الاسلاميبن والجيش" شاهد شاف وعارف كل حاجة"، كما يحتمل البيان كشف / سيطرة فريق على اخر ولو مرحليا في الصراع بين الاسلاميين، لكن رغم ذلك لن يستغني فريق عبدالحي عنه ، فأعتقد انه اطلع على البيان قبل نشره، فالقوم بارعون في فقه الضرورة، والتعويض المادي الذي يسكت الاحتجاج .
آخيرا: يبدو أن حسن ظن المصلي الذي ردد " قم يا عبدالحي" وخيبته في رد فعل عبدالحي، قد جبر خاطره بعد حين فقد" قام" أخوان عبدالحي بعبدالحي، أو كما يقول المثل الشعبي" *أم جركم ما بتاكل خريفين"
• الجقلو هي الأرض الطينية التي تظهر عليها تشققات عقب إنحسار المياة عنها بما يجعل السير فيها بطيئا وصعبا.
• ام جركم نوع من الجراد لا يعمر لأكثر من حول، وهو مثل يضرب لمن يحاول التكسب في حولين متتالين بذات الموقف والأدوات.
badawi0050@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
البرهان: حرب السودان ستستمر طالما الخارج يدعم “الدعم السريع”
قال رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الأحد، إن الحرب بالبلاد "ستظل مستمرة طالما يتواصل الدعم الخارجي" لقوات الدعم السريع، جاء ذلك خلال لقاء البرهان بمدينة بورتسودان، مبعوثة الاتحاد الأوربي للقرن الإفريقي آنيت ويبر، بحضور سفير السودان لدى بروكسل عبدالباقي كبير، وفق بيان لمجلس السيادة.
وقال سفير السودان لدى بلجيكا في تصريحات عقب اللقاء إن البرهان وويبر "تطرقا للأزمة الماثلة في السودان والانتهاكات التي مارستها مليشيا الدعم السريع الإرهابية ضد المدنيين"، وفق البيان.
وأوضح كبير أن "رئيس مجلس السيادة أوضح أن السودانيين لن يقبلوا بهذه المليشيا (الدعم السريع) في المشهد، وأنه أكد على ضرورة إخلاء المليشيا لمنازل المواطنين والأعيان المدنية وفقا لما هو منصوص عليه في إعلان جدة".
وتحت رعاية السعودية والولايات المتحدة استضافت مدينة جدة غربي المملكة محادثات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 11 مايو/ أيار عام 2023.
وتوصل الطرفان إلى "إعلان جدة"، وينص على التزامهما بـ"الامتناع عن أي هجوم عسكري قد يسبب أضرارا للمدنيين"، و"التأكيد على حماية المدنيين"، و"احترام القانون الإنساني والدولي لحقوق الإنسان".
ونقل البيان عن البرهان قوله إن "الإتحاد الأوروبي إذا أراد العمل لإيقاف الحرب فعليه استخدام ما لديه من آليات وتأثير على الداعمين للمليشيا (الدعم السريع) باعتبار أن إيقاف الدعم السياسي واللوجستي هو الطريق نحو إنهاء الحرب".
وتابع البرهان: "طالما هناك دعم خارجي للمليشيا (الدعم السريع) فإن الحرب ستظل مستمرة، إلى أن يتم تطهير البلاد من هذه الفئة المجرمة"، وفق ذات المصدر.
من جانبها، أفادت مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي بأن لقاءها مع رئيس مجلس السيادة السوداني "اتسم بالصراحة الموضوعية"، وفق البيان.
وأكدت وفق البيان على "اهتمام الاتحاد الأوروبي بما يجري في السودان"، مضيفة أن" الأوربيين يرغبون في أن يعود السودانيون لمناطقهم التي نزحوا منها بسبب الحرب ويمارسوا حياتهم بصورة طبيعية".
وشددت على أن "الإتحاد الأوروبي مع وقف الحرب حتى تنساب المساعدات الإنسانية لمستحقيها ويستأنف الطلاب دراستهم وتعود المستشفيات للعمل من جديد"، وفق ذات المصدر.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش و"الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.
الأناضول