دلالات معركة عبد الحي يوسف مع البرهان
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
إن تسريب ندوة عبد الحي يوسف، ثم رد فعل البرهان الغاضب على ما ورد فيها من انتقاد للجيش وقائده أكد أمرين هما أن هذه الحرب هي حرب الحركة الاسلامية ليس فقط في السودان، بل في كل الإقليم، وأن هدفها هو صراع السلطة، وهو صراع بين عدة أطراف منقسمة على نفسها وهنا تكمن الخطورة!
الانقسام ليس بسيطا! بمعنى أن البرهان في ضفة و”الحركة الاسلامية” في الضفة الأخرى!
أبدا فالحركة الاسلامية نفسها تيارات متصارعة كل يريد أن يقطف ثمرة الحرب أي احتكار السلطة!!
الإسلاميون موحدون فقط ضد القوى المدنية الديمقراطية وضد فكرة التغيير السياسي في اتجاه أهداف الثورة، وموحدون خلف مواصلة الحرب حتى تحقق لهم غاية الوصول للسلطة إما على كل السودان، وإما على دولة النهر والبحر إذا تعذر عليهم سحق الد.
مشكلتهم مع البرهان هي أن له رغبة جارفة في الحكم كدكتاتور تقليدي مسنود بالجيش! وفي سبيل تحجيم نفوذ الإسلاميين في الجيش، خصوصا إذا ضيقوا عليه الخناق، وشرعوا في إزاحته وارد جدا أن يبحث عن صفقة مع ألد. عم السريع ليعيد لعبة البشير القديمة: تخويف الجيش بالد. عم السريع وتخويف الدعم السريع بالجيش، ويظل هو رمانة الميزان!
ولهذا السبب ركز عبد الحي يوسف على أن البرهان لا يختلف عن حميدتي ووضعهما في خندق واحد!
يبدو أن البرهان “يحفر بالإبرة” للإفلات من سيطرة الكيزان والانفراد بالسلطة باسم القوات المسلحة!
والكيزان يحفرون بالإبرة للتخلص من البرهان، وفي ذات الوقت يحفرون لبعضهم البعض (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى)! وهذا يفسر اختلاف ردود أفعالهم على كلام عبد الحي يوسف الذي نفت الحركة الاسلامية ببيان أنه جزء من هياكلها فيما احتفى كثير من الكيزان بحديثه وبعض مشائخهم.
مثل شيخ مهران وبخ البرهان على وصفه عبد الحي بالتكفيري والضلالي، وقال إن الحديث معه يجب أن يكون بأدب.
تيار من الإسلاميين يرغب في تصعيد ياسر العطا قائدا عاما للجيش، وهذا يتصادم مع حلم البرهان وكذلك مع طموحات الكباشي!
الكباشي لو تمرد سيسبب مشكلة عويصة للجيش (أبناء النوبة رقم كبير في الجيش وخسارتهم تعني خسارة أكبر قوة مقاتلة تبقت للجيش)!
“وصلات الروحي” الحالية على خلفية ما قاله عبد الحي يوسف في الندوة التي تم تسريب تسجيلها إلى مواقع التواصل الاجتماعي كلها في إطار صراع حقيقي متعدد الأطراف، كل يرغب في استغلال الجيش كسلم صعود للسلطة!
المحزن بحق في كل ذلك هو أن الأطراف المتصارعة جميعها حتى هذه اللحظة أثبتت أنها لم تتعلم الدرس الصحيح من كارثة الحرب!!
هذه الحرب أثبتت أن السودان لن ينجو من طاحونة الحرب إلا عبر مشروع سياسي أهم أركانه خروج العسكر من السياسة وإعادة بناء المنظومة الأمنية والعسكرية على أساس قومي ومهني وتأسيس شرعية الحكم المدني على أسس ديمقراطية تكفل التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة!
اعتماد البندقية كرافعة سياسية أشعل هذه الحرب!
الإصرار على الصعود إلى السلطة بالبندقية سواء بندقية الجيش أو بندقية الدعم السريع أو بندقية المليشيات الاسلامية أو بندقية الحركات المسلحة نتيجته هي استمرار الحرب لزمن طويل وتقسيم السودان لمناطق نفوذ متحاربة في داخلها وفيما بينها! وانقسام كل الجيوش والمليشيات الموجودة في الساحة واندلاع المواجهات المسلحة في داخلها! ليس مستبعدا أبدا انقسام الجيش وانقسام الد. عم السريع وانقسام مليشيات الإسلاميين وانقسام الحركات المسلحة أكثر من انقساماتها الحالية.
وهذا معناه ضياع السودان كدولة واحدة لصالح الفوضى والتشظي! الواقع الحالي لا يبشر حتى بانقسام سلس وناجح إلى دولتين أو ثلاثة!!
متى نستخلص الوعي الصحيح من هذه الحرب؟
كم من الأرواح والخسائر يجب أن ندفع حتى نتعلم الدرس الصحيح؟
ما هو حجم الألم والعذاب ومرارات التشرد ومذلة الحاجة الذي ما زال في انتظارنا كي نستيقظ؟
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: عبد الحی یوسف هذه الحرب
إقرأ أيضاً:
عبد الحي يوسف وتأكيد المؤكد
أ. بابكر فيصل
رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي
لم تأت التصريحات الأخيرة التي أدلي بها عبد الحي يوسف بأي معلومة جديدة بل جاء كلامه تأكيداً لما ظلت تقوله القوى السياسية والمدنية منذ ما قبل إندلاع الحرب وحتى اليوم، وهو التالي : في سعيها للعودة للسلطة التي سلبتها منها ثورة ديسمبر فإن الحركة الإسلامية لن تتورع عن تدمير السودان وتقسيمه.
أكد عبد الحي بوضوح أن ( الله ساق هذه الحرب من أجل أن يُعيد الى الحركة الاسلامية ألقها وقوتها)، وهو تأكيد لما ظلت تقوله القوى المدنية منذ اليوم الأول لإندلاع الحرب بأن الحركة الإسلامية هى من أشعلت الحرب من أجل العودة للحكم.
وهو يؤكد علانية أن ( خسارة الحكم في السودان كانت خسارة لجميع المسلمين، والآن رجوعه مربح لجميع المسلمين) مما يعني أن الهدف من إشعال الحرب هو العودة للحكم ولا شيء سوى ذلك، وهو ما ظلت تؤكده القوى السياسية والمدنية من أن الحرب الحالية لا علاقة لها بالكرامة المدعاة بل هى حرب سلطة أضاعت كرامة الوطن والمواطن.
ويؤكد عبد الحي أن ( البرهان أعجز من أن يقضي على الإسلاميين فهم موجودون حتى في مكتبه)، وهذا تأكيد آخر لتغلغل الحركة الإسلامية في الجيش وسيطرتها على مفاصله المهمة, وهذا أيضاً تأكيد لما ظلت تقوله القوى السياسية والمدنية منذ أمدٍ بعيد، وهى رسالة يجب أن يسمعها بعض المثقفين المتنطعين الذين ظلوا يصفون الحديث عن سيطرة الكيزان على الجيش والأجهزة الأمنية بأنه مجرد مرض "كيزانوفوبيا" !
ويؤكد عبد الحي ( الحركة الإسلامية دخلت بكل ثقلها وشبابها في هذه المعركة وقد إستفادت من تجربة الجهاد في التسعينيات)، وهنا أيضاً يؤكد على ما ظلت تقوله القوى السياسية والمدنية من أن هذه الحرب هى حرب الحركة الإسلامية لإجهاض الثورة وهى من تقودها على الأرض ولن توقفها إلا بعد أن تضمن العودة الكاملة للحكم والشاهد على ذلك هو رجوع دولة الإنقاذ بكامل مظاهرها في الولايات التي يسيطر عليها الجيش حالياً.
الفائدة المرجوة من "تأكيد المؤكد" هى أن تعي كافة القوى الوطنية ( سياسية ومدنية) خطورة ما تخطط له الحركة الإسلامية، وأن تقف سداً منيعاً و تقطع الطريق أمام مخططاتها الخبيثة وذلك عبر التوحد في جبهة عريضة تهدف لإيقاف الحرب لأن إستمرارها يشكل خطراً كبيراً على وجود الكيان الوطني ويهدد بتفتيته .