أطياف
صباح محمد الحسن
طيف أول :
علمت أحلامنا أن اللقاء بينها والواقع لن يكن أمرا ً غريباً !
فالأنقاض التي سقطت مازالت بين حجر وحجر فيها تنبت زهرتنا.. أملا أن نقالد بعضنا على ناصية سلام!!
ويكشف مصدر عن إتصالات مكثفة تمت قبل ثلاثة أيام بين دولتي الوساطة والإتحاد الإفريقي ناقشت خيار نشر قوات اممية في السودان ، وترى أن تنفيذه يعتمد على قرار أخير تنتظره الوساطة من الفريق البرهان للعودة الي طاولة التفاوض
وزاد المصدر أن الفريق عبد الفتاح البرهان على علم بمايجري من ترتيب لتنفيذ هذا الخيار وتوقع المصدر ذهاب المؤسسة العسكرية للتفاوض قبل صدور القرار لتلافيه ، ولكنه أردف أن ذهاب الجيش للتفاوض في اللحظة الأخيرة لايمنع دخول قوات لحماية المدنيين وحماية تنفيذ الإتفاق نفسه
وقرن المصدر هذه التحركات بتصاعد الخلافات بين الإسلاميين والجيش وقال إن التنظيم وصلته معلومات أن الحل القادم قاب قوسين او أدنى وأن قرار إبعادهم عن المشهد أصبح من المتفق عليه
واضاف أن الجنرال وافق على ذلك ، لهذا شنت الحركة الإسلامية حربها الكلامية على القيادة العسكرية ، التي أستبعد أن تصل حد المواجهة العسكرية ميدانيا ، لأنه يرى أن عملية إضعاف الخصم لم تتم بالصورة المطلوبة وأن مواجهته من قبل كل طرف لوحده لن تحقق نتائج الإنتصار عليه، وأن حدوث إنقسام ميداني سيكون لصالح الدعم السريع).
والإتصالات بين الوساطة والإتحاد الأفريقي لم تبدأ الآن ففي إكتوبر أعلن المبعوث الأمريكي عن بداية هذا التواصل لذات الغرض حيث قال في تصريحاته ( فتحنا قنوات إتصال مع الإتحاد الأفريقي بخصوص تهيئته لإعداد وتجهيز قوات للتدخل، بهدف حماية المدنيين في السودان)
إذن الوساطة بالأمس تقوم فقط بعمل ( إعادة إتصال) مما يفسر أن ثمة خطوات جديدة تؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تفتح الباب أمام القيادة العسكرية لقبول خيار التفاوض ولكنها في ذات الوقت تعد العدة لتحضير الخيار البديل
والإتحاد الأفريقي قد يكون المنصة التي تخاطب جهاز الأمن لطلب التدخل لحل الأزمة السودانية
وهذا يعني أن الوساطة تختار الآن الزاوية المناسبة لتنفيذ الهدف!!
ومن قبل تحدثنا عندما هللت الفلول لطلب مجلس الأمن والسلم الأفريقي إعادة مقعد السودان في الإتحاد الأفريقي، ذكرنا هذا لن يحدث لأن القضية هي عدم الإعتراف بشرعية البرهان وليس القصد إزاحة مقعد السودان في الاتحاد الإفريقي، فالاتحاد ماسلب من البرهان شرعيته وحرم السودان من مقعده إلا بعد إنقلابه على الحكومة في 25 إكتوبر وإن هذا لن يحدث إلا بإستعادة الحكم المدني الديمقراطي
وبالفعل رفض الإتحاد الأفريقي إعادة عضوية السودان وكانت هذه إشارة واضحة على أنه سيلعب دورا مهما في مستقبل الأيام في مايتعلق بقضية الحل للازمة السودانية
ويتزامن ذلك مع صدور وثيقة وقف الحرب التي أقرتها قوي سياسية بجنيف
والتي رسمت بها ملامح الحل السياسي حيث حوت على أهم النقاط الجوهرية بعد بند ضرورة الوقف الفوري للحرب
هذه الوثيقة تعد من أهم الخطوات السياسية التي تكشف أن حل الأزمة السودانية رُفع قِدره على نار هادئة
كما أنها و في ذات الوقت أكدت أن "لا للحرب" ليست مجرد شعار كما يعتقد البعض وأن الجهود السياسية لتقدم وغيرها من الجهات والمنظمات المدنية
أثمرت ونجحت في مراميها بدليل أن دائرة الرفض للحرب اصبحت تتسع بصورة واضحة وجلية، وأنضمام عدد من القوى السياسية من مربع دعم الحرب الي دائرة مناهضتها، يعني زيادة عدد المؤمنين بفكرة السلام ، التي دعت لها تقدم من أول يوم في الحرب، حتى أنها في بداية مؤتمراتها تحدثت عن ضرورة ( توسيع دائرة المشاركة) لتشكيل أكبر جبهة مدنية لمناهضة الحرب وهذا ماحدث الآن بجنيف
كما أن "لاالحرب" تنتصر بعد ماخفت صوت دعاة الحرب واصبح لاوجود له
ونجحت "لا الحرب" ايضا عندما أيقن الكثير من المواطنين أنهم كانوا في غفلة عندما دعموا هذه الحرب ، واكتشفوا بعدها أنها كانت ضدهم وضد مصالحهم وممتلكاتهم واعراضهم ووطنهم فكم من الذين كانوا يدعمون الحرب اصبحت ارواحهم الآن عطشى وتواقة للسلام!!
طيف أخير :
#لا_للحرب
السيدة أنيت وايبر المبعوثة الخاصة للاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي والبحر الأحمر في زيارة مهمة للبلاد تلتقي خلالها رئيس المجلس الإنقلابي الفريق عبد الفتاح البرهان.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
صراع الإسلاميين والجيش في السودان: خلفيات المشهد وتوقعات الصدام القادم
زهير عثمان
تصريحات عبد الحي يوسف، القيادي بالحركة الإسلامية السودانية، التي تضمنت هجومًا لاذعًا على قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ليست مجرد خطاب عابر، بل تمثل انعكاسًا لصراع عميق ومتعدد الأبعاد بين الإسلاميين والمؤسسة العسكرية. هذا المقال يحلل خلفيات هذا الصراع، أبعاده الإقليمية والدولية، وتوقعات المرحلة المقبلة.
خلفيات الصراع بين الإسلاميين والجيش
أ. العلاقة المعقدة بين الجيش والحركة الإسلامية
منذ انقلاب 1989 الذي أوصل الإسلاميين بقيادة عمر البشير إلى السلطة، ظل الجيش السوداني في علاقة متوترة مع الحركة الإسلامية. على الرغم من التعاون الأولي، تفاقمت الخلافات مع الزمن
تهميش الجيش: الإسلاميون سعوا إلى بناء قوة موازية (الدفاع الشعبي) وتقليص نفوذ الجيش التقليدي.
إقصاء الإسلاميين: بعد سقوط البشير في 2019، سعى الجيش، تحت قيادة البرهان، إلى النأي بنفسه عن الإسلاميين، ما أدى إلى تصعيد الصراع.
ب. تصعيد الإسلاميين ضد البرهان
التصريحات الأخيرة لعبد الحي يوسف تكشف عن استراتيجية الحركة الإسلامية لتقويض شرعية البرهان، واتهامه:
بالكذب وغياب النزاهة الشخصية: محاولة لإضعاف مصداقيته داخليًا وخارجيًا.
بالتطبيع مع إسرائيل: استثمار الحساسيات الشعبية لتشويه صورته.
الأبعاد الإقليمية والدولية للصراع
أ. موقف القوى الإقليمية
مصر ودول الخليج: تدعم البرهان باعتباره ضمانة لاستقرار السودان، لكنها تعارض عودة الإسلاميين للحكم.
تركيا: تلتزم موقفًا حذرًا تجاه الحرب السودانية، مما يعكس تقييمًا بأن مصالحها في السودان لا تستحق التدخل المباشر كما في ليبيا.
ب. النفوذ الدولي
الولايات المتحدة: ترى في الجيش بقيادة البرهان شريكًا استراتيجيًا، لكنها تنتقد عدم التزامه بالتحول الديمقراطي.
إسرائيل: العلاقة مع البرهان وحميدتي تعكس تقاطع المصالح، لكنها قد تُستخدم لتقويض شرعية أي طرف محليًا.
تداعيات التصعيد على مستقبل السودان
أ. انقسامات داخل الجيش
تصريح عبد الحي بأن الإسلاميين موجودون "داخل مكتب البرهان" يسلط الضوء على احتمالية وجود جناح داخل الجيش متعاطف مع الإسلاميين. هذه الانقسامات قد تؤدي إلى:
محاولة انقلابية داخلية: حيث قد يتحرك جناح إسلامي في الجيش ضد قيادة البرهان.
إضعاف الجيش كمؤسسة: مما يفتح المجال لمزيد من الفوضى الأمنية.
ب. تعميق الأزمة السياسية
تصعيد الإسلاميين ضد البرهان يعقّد أي جهود للوصول إلى تسوية سياسية شاملة، حيث يرفض الإسلاميون إقصاءهم من المشهد، بينما تسعى القوى المدنية والعسكرية لإبعادهم.
. توقعات الصدام القادم
أ. احتمالية انقلاب داخلي
السيناريو الأول: الإسلاميون داخل الجيش قد يحاولون استغلال حالة الضعف السياسي التي يواجهها البرهان لإزاحته.
السيناريو الثاني: قد يشهد الجيش انشقاقات أوسع تؤدي إلى صراع مفتوح بين الفصائل المتنافسة داخله.
ب. تصعيد الحرب السياسية والإعلامية
الإسلاميون سيكثفون جهودهم لتشويه البرهان وتقويض شرعيته داخليًا ودوليًا.
القوى الإقليمية قد تضاعف دعمها للبرهان لإحباط أي تحركات إسلامية.
ج. استمرار العزلة الدولية
الهجوم على البرهان بسبب علاقاته مع إسرائيل واتهامه بفقدان الدعم الدولي يُعقّد مساعيه للحصول على اعتراف أوسع، مما يضعف موقفه السياسي.
. السيناريوهات المحتملة
أ. بقاء الوضع على ما هو عليه
البرهان يواصل التمسك بالسلطة، مع استمرار محاولاته لإضعاف الإسلاميين، دون تحقيق تقدم سياسي واضح.
ب. انقلاب داخلي أو تحرك عسكري
في حال فشل البرهان في إدارة الأزمة الداخلية، قد يشهد السودان تغييرًا مفاجئًا في قيادة الجيش أو حتى انقلابًا جديدًا.
ج. تصعيد الحرب الأهلية
مع تزايد الانقسامات داخل الجيش، قد تتحول المواجهات السياسية إلى صراع مسلح بين الفصائل المتنافسة.
وتصريحات عبد الحي يوسف تمثل نقطة تحول في الصراع بين الجيش والإسلاميين، وتعكس تعقيدات المشهد السوداني الذي يتداخل فيه المحلي بالإقليمي والدولي. ما لم يتمكن السودان من الوصول إلى تسوية شاملة تُراعي مصالح كافة الأطراف، فإن البلاد قد تشهد مزيدًا من التصعيد السياسي والعسكري، مما يهدد وحدتها واستقرارها.
zuhair.osman@aol.com