“ما بينَ ديسمبر وديسمبر الوطن إلى أين؟ “
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
القوات النظاميه بين قَوسَي ( الثوره ، الإنتقال والآن ).
" ولَو أدّى ذلكَ للمُجازَفَةِ بحياتي "
" وإنّهُ لَقَسَمٌ لَو تعلَمونَ عظيم "
صدق الله العظيم
محمد عبد الله الصايغ
شرطة الغَد الجديد
" إنَّ مَنْ خانُوك كأنّهُم قطَعوا ذِرَاعَيك ، تستطيعُ أن تُسامِحَهُم ولكن لا تستطيعَ عِناقَهُم ".
حتّى الآن يبقى فينا :-
نفس الجيش ونفس الشرطه ونفس جهاز الأمن ونفس الكتائب والتنظيمات التي تركتها الأنقاذ .
ما يَفعلُهُ الزّمَن وتَفعَلُهُ الأحداث ، حتّى لو أتى مُحزِنَاً ، فإنّهُ يَضعُ الأشياءَ بِرُمَّتِها فَوقَ غُربال الثوره هذا الغُربال الذي لا تفوتَهُ صغيرةً ولا كبيرَةً إلّا أحصاها ثُمّ أعلَنَ عنها بإقتِدارٍ مُستَحَق.
عندما كُنّا نسعى في مواجهة مراكز القرار ( الحريه والتغيير + المهنيين + بعض الأحزاب فُرادى ) بعد نجاح الثوره ثُمّ مع الإنتقال ( حُكومَةً + حاضنه ) من أجل أشياءٍ ( بديهيه بسيطه ) خاليه من كلّ تعقيد تستَجمِع قواها لِتَصُبُّ في مصلحةِ الوطن كأولَويّه قُصوى ، بعدَ أن أزالَ الشعب السوداني ( أكبر عَقَبَه ) أرّقَت الواقع السوداني لثلاثينَ عاماً تبيّنَ لنا أنّ هنالك خطأٌ ما في كُلّ تلكَ التركيبات التي كُنّا نتعاملُ أو نتعاطى معها حينَها.
ولَمّا كانتِ الإنقاذ قد فرضت وجودَها عن طريق ( القُوّه )منذ ميلادِها المشؤوم وحتى ( الطوبَةِ ) الأخيره التي خلعها الشعب السوداني المُقتَدِر لِ يَخِرّ كُل الجّسَد البالي إلى مزبلَةِ التاريخ حيثُ ينتمي ، ولَمّا كانت القُوى الأمنيّه والشُرطيه والجيش وتوابِعِها من كتائبِ النّظام والمليشيا هيَ ( اليد الباطِشَه )التي إستقوى بها النظام ، يَبقى أنّهُ من البديهي أوّلاً أنّ أيّ حُكمٍ يعقُب مِثل هذه الثوره أنّهُ قد أتى محمولاً على أكتافِها ليُنفّذ تطلُّعاتَها وأمانيَّها ويُريحُ أرواحَِ شُهداءّها. وثانياً يأتي مثل هذا الحكم وهو عالِمٌ بِكُلّ مُتطلبات البدايه ومساراتِها وحَقِّها ولا يحتاج لتذكير ويعلَمُ ثالثاً أنّ ( الزّمَن ) هو عاملٌ أساسي لا يمكن تجاوزهُ ومتى حدث خلاف ذلك فإنّ أوّلَ ما يجِب أن يتبادر إلى الذهن هو أنّ هُنالك ( مؤامَرةٌ ) تحدُث في مُواجَهَةِ كُلِّ ذلك الزّخَم الثوري النبيل.
البديهيات والأولويات التي أتحدّثُ عنها هُنا تتمثّلُ في الجانبِ الأمني الذي يحوي بين دفّتيهِ وزارة الداخليّه وقوات الشرطه ثُمّ الجيش وتكوين جهاز ألأمن الداخلي والبت في شأن جهاز الأمن والمخابرات القائم وكتائب الظل والدفاع الشعبي والشرطه الشعبيه ومليشيا الجنجويد.
هذا الجانب الأمني ، في مُجمَلِه ، مَثّّلَ اليد الباطشه لنظام الإنقاذ ثُمّ ، للأسَف ، لِفَترَةِ الإنتقال مِن بَعدِها والذي هو ، في حقيقَتِهِ ، مَن أبقى الإنقاذ لثلاثينَ عاماً على رقاب الشعب السوداني عبر آلية الاعتقال والتعذيب والقتل والإخفاء.
إذاً الخط السليم الذي يَعقُبُ مثلَ هذه الثوره على دِسْتِ الحُكْم ، من أجلِ الحفاظ على الوطن والثوره ، لم يكُن ليملك أي خيارات كأولويّةٍ قُصوى (سِوى ) تقليم أظافر وخلع أنياب وقطع أيادي كل تلك ( القوى ) الباطِشَه التي فتكت بشعب السودان وأبقّتهُ ذليلاً خاضِعاً لثلاثين عاماً .. ويجب أن يأتي كُلُّ ذلك قبل الأكل والشُرب والإقتصاد والتّنَفُّس حتى.
هذا الخط ، ليكونَ سليماً ، كان يتحتم أن يكون مولوداً من ظهرِ ورَحِم الثوره في المقام الاول مُمسِكاً بكلتا يديهِ بأمضى وأقوى سلاح وهو ( الشارع ) السوداني الذي كان ، حينها ، بكامل عِدَّتِهِ وعتاده ووحدَتهُ يَحرُسُهُ الشعب المُجَرَّب.
هادنت قوى الحكم الإنتقالي المدنيه العسكر والجنجويد وأتت ، من تلقاءِ نفسها ، الشيئ الكثير مما لم يكن له علاقه بالثوره وأمضَت الفتره في التَّحاصُص وغضت الطرف عن كل القمع والقتل الذي وقع على المحتجين وطفقت ترخي الحبال للعسكر والجنجويد وسدنة العهد البائد وهم في فسادهم وتهريبهم واتجارهم في المخدرات وإغراق الأسواق بها. ويُبرّر البَعض لذلك كلّه بأن السلطه الحقيقيّه كانت بيد العسكر ويَنسى هؤلاء أننا نتحدّث عن ثوره مازالت دماءُ شهدائها نديّةً دافئه على أسفلت الشوارع.
هُم أنَفسُهُم الإنتقاليون الذين يتجمعون اليوم تحت رايات القوى الدوليه والإقليميه بعيداً عن نبض الشارع الثوري ويُجَمّعون حولَهُم ، للأسَف ، مِن القوات النظاميّه ما شاءٍ لهُم ويتحالفون جميعاً مع ( الجنجويد ) قَتَلَة الشعب السوداني وناهبيه ومُغتَصبي حرائرِه.
بعد ثورة ديسمبر كانت القوات النظاميه داخل معسكرين إثنين أحدهُما داخل الخدمه والثاني خارجها. القوات داخل الخدمه تُصَنّف بأنّها تُدين بالولاء التام للإنقاذ إلّا مَن رحم ربي فهي قوات تمّ تدجينَها وضمان ولاءها وحتى ( من رحم ربي ) هؤلاء نَجِدُ أنّ الكثيرين منهُم صمتوا على نَيرِ الإنقاذ وقهر هذا الشعب الذي أدوا القَسَم لحمايتِهِ.
خارج دائرة السُلطه شمل المفصولين تعسفياً وكل الذين هُم خارج الخدمه لمختلف الأسباب منها لسبب السن المعاشيه او الإستقاله او الفصل من الخدمه .. او للظروف الصحيه .. الخ.
إنصَبّ تركيزُنا ، حينَها ، في التعامُل على القوى المدنيه الحاكِمَه دون غيرها ( لم نتعامل مع العسكر ) في مجهودٍ مُضنٍ زاد من صعوبَتِهِ ، كما اتّضَح ، بُعد الأهداف او إختلافِها ( كُليةً ) بينَنا وبينهم وتسبّبَ لنا ذلك في صَدمه نفسيّه ما فَتئت تتفاقم يوماً بعد يوم. وفي تذكيرٍ قَدَري أتى الواقع على الأرض ، من إنفراطٍ أمنيٍّ غير مسبوق وتعامُلٍ أمنيٍّ قاسٍ بل .. فاشي مع الإحتجاجات وطُهور أقبية تعذيب للدعم السريع ؛ أتى مُعَضّداً لِكُلّ ( الحَكي ) الذي نَعَقنا بِهِ وذهَبَ صوتُنا أدراجَ الرياح وكُل ذلك لم يستوقِفَهُم فمَضوا غريري الأعيُن في سياستِهِم تَرك وزارة الداخليه للعسكر ورفضِهِم إعادة المفصولين وتطهير دواوين الدوله من منسوبي العهد البائد والكثير الكثير ، مُعَضِّداً لكلِّ ما ذهبنا إليه.
لم نَكُن أنبياء رغم ما جمع بيننا من ضَيمٍ كقواتٍ نظاميه خارج الخدمه بفِعلِ الإنقاذ فقد زادَت الإنشقاقات بيننا تدريجيّا من شِبهِ إجماعٍ في البدايه ولكن استطعنا الحفاظ على القوه الغالبه التي آمَنت بالثوره وتَدَرّجنا للأمام في مواجهة الحُكم الإنتقالي الذي ( أزرى بالثوره. )
استطعنا في الأثناء تكوين ( اللجنه الثلاثيه المشتركه للمفصولين ) ضمّت الجيش والخدمه المدنيه والشرطه لأول مره وقمنا معاً بالكثير من الأعمال المشتركه نحو سودان الثوره الذي حَلُمَ به الجميع وما زالت هذه اللجنه قائمه وفي تلاحُمٍ تام مع لجان المقاومَه والشُرَفاء على الأرض.
أنا أؤمِنُ بثقافَةِ الإختلاف. وأنا أؤمِنُ بأنّ النظرةِ الى الخِيانه وُحدَةٌ لا تتجزّأ ولا تختَلِفُ إذا ارتُكِبَت من مواطنٍ لآخَر بِصِفَتِهِ… ورغم إيماني هذا تبقى خيانة النظامي في دواخلي يترددُ صداها ويتضَخّم ولا يخفت أبداً.
إنّ الذي جمعَ بينَنا كمفصولين من الجيش والشرطه والخدمه المدنيه هو أنّنا وضعنا صفَّنا كفصيلٍ من فصائلِ الثوره في خدمَتِها .. ونشأنا في زَخَمِها في خدمةِ هذا الوطن. التحيه لمفصولي الجيش والخدمه المدنيه والشرطه أعضاء اللجنه الثلاثيه.
رأيي دائماً كان وسيظل ( دونَ غَرض ) أن حكومة الانتقال هي سبب كل ما نحن فيه الآن. سأظلُّ عاتِباً دوماً على النظاميين الذين انتموا إلى رموزِها الآن .. بعد تجربةٍ عمليةٍ عايشها معنا الكثيرون منهم .. تكسّرَت فيها أحلامُنا على جُدُرٍ مِن الرّفض وتسفيه أحلام وطَنٍ وشعب رسَفَ في الأغلال لأعوامٍ طوال.
إنّ أية شُبهه لعلاقةٍ تّضُمُّ ( حُكّاماً ) مع جهةٍ أو جهاتٍ أجنبيه قَمينَةٌ بالبُعد عنها ناهيك أن تكون هذه العلاقه طرفها دول تدعم وتؤوي أطرافاً من هذه الحرب .. تدعم بالسلاح الذي فتكَ بأهلنا وساوى بلادَنا بالأرض .. السلاح الذي به إغتُصِبت حرائرُنا وتمّ بيعَهُن في أسواق الرقيق .. وإنّهُ لَقَسَمٌ لو تعلمونَ عظيم … كم أنا حزين من أجلِك يا وطن.
melsayigh@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الشعب السودانی
إقرأ أيضاً:
حزب طالباني: إلى متى حكومة السوداني “صامتة” تجاه انتهاك السيادة العراقية من قبل تركيا
آخر تحديث: 2 فبراير 2025 - 3:22 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- شدد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني برهان الشيخ رؤوف، الاحد، على ضرورة حماية سيادة البلاد من أي تدخلات خارجية وتركية تهدد امن واستقرار العراق، لافتا الى أهمية ضمان عدم زج العراق في الصراع القائم بين حزب العمال والجانب التركي.وقال الشيخ رؤوف في حديث صحفي، ان “حزب العمال الكردستاني والجانب التركي في صراع مستمر منذ زمن بعيد، الا ان تركيا تعمل على تصدير مشاكلها للخارج على الرغم من الكفاح المسلح وسقوط اكثر من 40 الف قتيل من الجانبين”.وأضاف ان “المشاكل القائمة بين تركيا وحزب العمال يفترض ان تحل داخل الأراضي التركية من دون تصدير هذا الصراع باتجاه الدول الأخرى”.وبين ان “الحكومة الاتحادية يقع ضمن مسؤولياتها حماية العراق من أي تدخلات تركية، وهذه المهمة ليست من مسؤوليات حكومة إقليم كردستان، وبالتالي فأن الحكومة الاتحادية مطالبة باتخاذ إجراءاتها لمنع أي تدخلات تركية او خارجية أخرى تمس سيادة العراق وتهدد امنه واسقراره”.