منذ صباح يوم الأربعاء الماضي، تاريخ دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل حيّز التنفيذ، لا تتوقف الخروقات الإسرائيلية في العديد من القرى الجنوبية، إذ لا يمرّ يوم من دون تسجيل قصف لمناطق عدّة، وصولاً إلى نسف بعض المنازل والمباني في بلدة الخيام الجنوبية مثلاً، وذلك بموازاة منعها أهالي عشرات القرى اللبنانية الحدودية من العودة إليها، على وقع التحذيرات اليومية التي تواصل نشرها.


 
في المقابل، يُلاحَظ أنّ "حزب الله" يلتزم بسياسة "ضبط النفس" إن صحّ التعبير، إذ لم يقم بأيّ عملية عسكرية منذ لحظة سريان الاتفاق، حتى إنّ أيّ تعليق "رسمي" على الخروقات الإسرائيلية لم يصدر عنه، ولا توعّد بالردّ عليها، بالتوازي مع حرصه على توصيف الاتفاق بأنّه شكّل "انتصارًا" للمقاومة في لبنان، حتى إنّ الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم قال إنه "يفوق" ذلك الذي تحقّق في حرب تموز 2006، بدليل الصمود الأسطوري الذي حصل.
 
وبين الخروقات الإسرائيلية المتواصلة وموقف "حزب الله" الذي يبدو كمن ينأى بنفسه عنها، ثمّة من يطرح علامات استفهام عن "مصير" الاتفاق ككلّ، وسط مخاوف متصاعدة من احتمال "انهياره" قبل اكتمال مهلة الستّين يومًا، علمًا أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرفض اعتباره "نهاية للحرب"، ويصنّفه على أنّه "هدنة" قد لا تكون طويلة الأمد، فما الذي تريده إسرائيل عمليًا، ولماذا تصرّ على انتهاك الاتفاق بهذا الشكل؟
 
ما تريده إسرائيل..
 
يضع العارفون الخروقات الإسرائيلية المتكرّرة لاتفاق وقف إطلاق النار، في خانة "الاستهلاك الداخلي" في مكانٍ ما، لمواجهة الاعتراضات التي اصطدم بها، والتي وصلت لحدّ توصيفه بـ"الاستسلامي والانهزامي"، رغم محاولة نتنياهو قطع الطريق سلفًا على مثل هذه الاعتراضات، بحديثه عن مبدأ "حرية الحركة" غير الوارد أساسًا في الاتفاق، وهو بذلك يسعى إلى الإيحاء بأنّه لا يزال يمتلك "زمام المبادرة"، رغم كلّ شيء.
 
بهذا المعنى، يمكن القول إنّ الجانب الإسرائيلي يريد "استغلال" مهلة الستين يومًا التي نصّ عليها الاتفاق حتى الرمق الأخير، ولو بخطوات "استفزازية" للجانب اللبناني قد تُفهَم في مكان ما على أنّها "استدراج" له للعودة إلى الحرب، علمًا أنّ هناك من يعتبر أنّ مشهد عودة الجنوبيين بمجرد سريان الاتفاق فجر الأربعاء هو الذي "استفزّ" الإسرائيليين، ولا سيما أنه لم يقترن حتى الساعة بتحقيق "هدف" الحرب، أي عودة مستوطني الشمال إلى بيوتهم.
 
استنادًا إلى ما تقدّم، تريد إسرائيل ضرب أكثر من عصفور بحجر انتهاكاتها اليومية لاتفاق وقف إطلاق النار، لتؤكد أنّها لا تزال المتحكّمة بالأمور، بدليل أنها من تحدّد "توقيت" عودة الجنوبيين إلى قراهم رغم الاتفاق، وهي تحاول بذلك "دحض" خطاب "الانتصار" الذي يروّج له "حزب الله"، وبالتالي إفراغه من مضمونه بصورة أو بأخرى، وذلك في سياق "الحرب النفسية" التي يبدو أنّ فصولها ستستمرّ بين الجانبين حتى بعد وقف النار.
 
لبنان "ملتزم"
 
في مقابل الاندفاعة الإسرائيلية نحو خرق اتفاق وقف إطلاق النار، يُلاحَظ أنّ الجانب اللبناني "يلتزم" بالاتفاق بالكامل، حتى إنّ "حزب الله" ينأى بنفسه عنها بالمطلق، بل إنّ بين المحسوبين عليه من يقلّل من شأنها، باعتبار أنّ الاتفاق يتحدّث أصلاً عن انسحاب تدريجي من القرى الجنوبية يكتمل بعد 60 يومًا من توقيعه، أي أنه ليس تلقائيًا، وبالتالي فمن الطبيعي أن تحاول إسرائيل "توظيف" الأمر حتى اللحظة الأخيرة، وفق ما دأبت عليه.
 
يستبعد العارفون أن يُستدرَج الحزب إلى أيّ رد على الانتهاكات الإسرائيلية، فالحزب واضح في موقفه، وقد كرّره أمينه العام في خطابه الأخير، وثمّة من يقارن الأمر بما حصل قبل الحرب، حين حاول الإسرائيليون استدراج الحزب إليها، عبر الاغتيالات للعديد من قادته العسكريين الكبار، لكنّ الحزب كان يضبط دائمًا ردوده على مستوى عدم الانزلاق إلى الحرب، وبقي ملتزمًا بقواعد اشتباك حدّدها لنفسه، حتى بعد تجاوز إسرائيل للخطوط الحمراء.
 
وفي سياق متصل، يشير العارفون إلى أنّ لبنان الرسمي ينتظر أن تبدأ لجنة المراقبة التي نصّ عليها اتفاق وقف إطلاق النار عملها في غضون الأيام القليلة المقبلة، علمًا أنّ رئيسها الجنرال الأميركي جاسبير جيفيرز وصل إلى بيروت، والتقى بقائد الجيش العماد جوزيف عون، حيث يفترض أن تتحمّل هذه اللجنة مسؤولية مراقبة الخروقات التي تحصل للاتفاق، وبالتالي الضغط على الجانب الإسرائيلي لوقفها، منعًا لانهيار الاتفاق.
 
صحيح أنّ هناك من يعتقد أنّ إسرائيل تسعى لـ"تطيير" الاتفاق، وثمّة من يرى أنّ الموافقة عليه قد تكون بمثابة فرصة لالتقاط الأنفاس، بانتظار جولة ثانية قد تصبح حتميّة، لكن هناك في المقابل من يعتقد أنّ إسرائيل لم تكن لتوافق على الاتفاق لو لم تكن تريد فعلاً إنهاء الحرب، خصوصًا بعد تعذّر تحقيق الأهداف بالضربات العسكرية، وبالتالي فإنّ الانطباع لا يزال راسخًا بأنّ التهدئة الحالية، رغم الخروقات، تهيئ الأرضية لوقف الحرب بالكامل.. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الخروقات الإسرائیلیة وقف إطلاق النار حزب الله

إقرأ أيضاً:

الإعلام الحكومي بغزة: إسرائيل تماطل بتطبيق الجانب الإنساني من الاتفاق

قال مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة إن الاحتلال الإسرائيلي يماطل في تنفيذ البروتوكول الإنساني ويتهرب من التزاماته، محملا الاحتلال والإدارة الأميركية المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذا الوضع.

وقال المكتب في بيان "رغم الاتفاقيات الواضحة التي نص عليها البروتوكول الإنساني الموقع ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، فإن الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم بتعهداته ولم ينفذ البنود التي وقع عليها، حيث يواصل المماطلة وعرقلة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية والإيوائية".

وأضاف مكتب الإعلام الحكومي "وفقا للبروتوكول الإنساني، كان من المفترض أن يتم إدخال 60 ألف كرفان و200 ألف خيمة مؤقتة إلى قطاع غزة (لم يحدد المدة) لاستيعاب النازحين من أبناء شعبنا الفلسطيني الكريم الذين دمّر الاحتلال الإسرائيلي منازلهم ووحداتهم السكنية وأحياءهم السكنية".

وتابع بالقول "وكذلك كان من المفترض إدخال 600 شاحنة يوميا محملة بالمساعدات والوقود، بما يشمل 50 شاحنة وقود وغاز، بالإضافة إلى إدخال معدات الخدمات الإنسانية والطبية والصحية والدفاع المدني، وإزالة الأنقاض، وصيانة البنية التحتية، وتشغيل محطة توليد الكهرباء والمعدات اللازمة لإعادة تأهيل الخدمات الإنسانية في قطاع غزة".

إعلان

وحمّل المكتب الاحتلال والإدارة الأميركية المسؤولية الكاملة عن تداعيات عدم التزام الاحتلال بتعهداته، داعيا الجهات الضامنة إلى الضغط الجاد لضمان التنفيذ الفوري لبنود البروتوكول الإنساني.

سوابق من الإخلال بالالتزامات

وكان المكتب قد حث في وقت سابق الضامنين والمجتمع الدولي والوسطاء على الضغط على الاحتلال، لإدخال مواد الإيواء فورا.

كما أكد المكتب على الحاجة الملحة لتوفير المأوى للنازحين الذين فقدوا منازلهم في العدوان.

وليست هذه المرة الأولى التي تماطل فيها إسرائيل بتنفيذ البروتوكول الإنساني، إذ كشف مصدر حكومي بقطاع غزة في 23 يناير/كانون الثاني الماضي، أن عدد الشاحنات الإغاثية التي دخلت إلى الشمال منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 من الشهر ذاته، بلغ 861، من أصل 1200 كان مقررا وصولها، بسبب عراقيل تل أبيب.

وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بدأ سريان وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل، ويستمر في مرحلته الأولى 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة.

وينص اتفاق وقف إطلاق النار في مرحلته الأولى على دخول 600 شاحنة من المساعدات الإنسانية للقطاع يوميا، منها 300 شاحنة إلى الشمال، وفتح معبر رفح (جنوبا) بعد 7 أيام من بدء تطبيق الاتفاق.

ولكن الأرقام توضح دخول شاحنات بعدد أقل من المتفق عليه، مما يشير إلى عراقيل إسرائيلية أدت إلى نقص العدد وتفاقم أوضاع الفلسطينيين في القطاع.

مقالات مشابهة

  • المعارضة الإسرائيلية: وقف إطلاق النار لن يسقط حكومة نتانياهو
  • أستاذ علاقات دولية: المطلب الأساسي لنتنياهو من ترامب ألا تصل إسرائيل للاتفاق النهائي لوقف إطلاق النار
  • بقيمة مليار دولار.. ترامب يأمر الكونجرس بدعم إسرائيل بمعدات عسكرية وقنابل
  • الإعلام الحكومي بغزة: إسرائيل تماطل بتطبيق الجانب الإنساني من الاتفاق
  • حماس تبلغ الوسطاء باستعدادها لبدء جولة المفاوضات الثانية مع إسرائيل
  • باحث في الشؤون الإسرائيلية: الولايات المتحدة غطت العجز الاقتصادي لتل أبيب
  • حزب الله يهدد بالرد على خروقات الاحتلال الإسرائيلي لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان
  • حزب الله: سنواجه الخروقات الإسرائيلية في الوقت المناسب
  • ماذا نعلم عن الفلسطيني المقتول بالضربة الإسرائيلية في الضفة الغربية السبت؟
  • الرئيس الأوكراني يدعو إلى تكثيف الحوار مع أمريكا لوضع خطة لوقف إطلاق النار