لماذا بدأت معركة حلب في هذا التوقيت؟
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
أنقرة (زمان التركية) – شنت جبهة تحرير الشام والجماعات المعارضة السورية المدعومة من تركيا هجومًا مفاجئًا في شمال غرب سوريا تقدمت خلاله إلى قلب مدينة حلب وذلك عقب التوصل لوقف إطلاق نار في لبنان وتقديم حزب الله تنازلات بنص الاتفاق.
ويعد هذا أول تغيير تشهده سوريا منذ خمس سنوات تقريبًا على خطوط الاتصال بين “الدول الثلاثة”.
ويبدو أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يرغب في فرض حقائق جديدة مثلما سبق وأن فعل في كاراباO وليبيا مستغلًّا انشغال روسيا بالحرب الأوكرانية وضعف نفوذ حزب الله في سورياk مع تبقي فترة قصيرة على مباشرة دونالد ترامب مهامه كرئيس للولايات المتحدة.
وتقول الجماعات المعارضة إن الاستعدادات للمعركة استمرت لعدة أشهر وأن نحو 50 ألف مقاتل مدربين ومدججين بالأسلحة المتطورة يشاركون في المواجهاتk وأنهم سيطروا على أسلحة إضافية من مواقع تابعة للواء 46 التابع للجيش السوري والوحدات الأخرى بالغرب قبل الدخول إلى حلب.
حسنا، ولكن لماذا انطلقت معركة حلب الآن؟
1- الدول الثلاثة
منذ اتفاق الرئيس رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تثبيت وقف إطلاق النار في إدلب في آذار/مارس 2020 بعد أشهر من إبرام اتفاقات مماثلة بين الولايات المتحدة وتركيا وروسيا لرسم خطوط شرق الفرات، انقسمت سوريا فعلياً إلى ثلاثة مناطق نفوذ.
المنطقة الأولى هي المنطقة التي تسيطر عليها الحكومة بدعم من روسيا وإيران، والتي تشكل حوالي 65 في المئة من مساحة سوريا بواقع 185 ألف كيلومتر مربع.
والمنطقة الثانية فتسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وتغطي حوالي 25 في المائة من الأراضي السورية.
أما المنطقة الثالثة، الواقعة في شمال وشمال غرب سوريا، فتسيطر عليها هيئة تحرير الشام وجماعات المعارضة المدعومة من تركيا.
وعلى الرغم من الهجمات والغارات الجوية، ظلت قنوات الاتصال بين الدول الثلاثة مستقرة.
2- دور تركيا
تقدم تركيا الدعم العسكري والاستخباراتي لجماعات المعارضة السورية بجانب امتلاكها قوات ونقاط عسكرية ومركبات وبنية تحتية في المناطق الشمالية من البلاد. لذلك، فإن هذه العملية، التي أطلق عليها المعارضون السوريون اسم “ردع العدوان”، لم يكن من الممكن أن تتم دون موافقة أنقرة.
ويرى من يعرف موقف أنقرة أن الرئيس أردوغان يريد الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد الذي يرفض مقابلته دون التعهد بسحب الجيش التركي من سوريا من خلال دعم العملية العسكرية وتطويق قوات سوريا الديمقراطية والاستفادة من ضعف إيران وانسحاب حزب الله.
أبرم أردوغان صفقة مع نظيره الروسي في أواخر عام 2016 سمح بموجبها للقوات الحكومية السورية باستعادة الأحياء الشرقية من حلب مقابل تفكيك تركيا للكيان المدعوم من حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا. ومنذ ذلك الحين، يسيطر الجيش السوري على حلب.
حذرت أنقرة من أن الهجمات الأخيرة على إدلب التي تسيطر عليها المعارضة قد أضرت بروح اتفاقيات خفض التصعيد وعرقلت تنفيذها.
ويأتي الهجوم على حلب في وقت قرر فيه الأسد أن ينأى بنفسه جزئيًا عن إيران ويُعتقد أنه اتخذ موقفًا محايدًا علنيًا في حرب إسرائيل في قطاع غزة والحرب مع حزب الله في لبنان والحرب مع طهران.
3- روسيا
من ناحية أخرى تأخر الجيش الروسي في تنظيم الغارات الجوية على مواقع هيئة تحرير الشام وجماعات المعارضة. وصف المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، في تصريحات يوم الجمعة الماضية الوضع في حلب بأنه “انتهاك للسيادة السورية”. وأكد بيسكوف أن بلاده تدعم “الحكومة السورية لاستعادة النظام في المنطقة واستعادة النظام الدستوري”.
وتتراوح تفسيرات تأخر روسيا في التدخل ما بين رغبة بوتن في الضغط على الأسد للموافقة على الاجتماع مع أردوغان وانشغال روسيا بالحرب الأوكرانية وإرسال العديد من أعضاء مجموعة فاجنر المرتزقة إلى المعركة الرئيسية في أوكرانيا.
4- إيران
داهمت هيئة تحرير الشام وجماعات المعارضة مقرات الميليشيات والتنظيمات المدعومة من إيران في ريف حلب الغربي وقتلت أحد كبار عناصر الحرس الثوري.
ويأتي الهجوم على حلب في وقت قرر فيه الأسد أن ينأى بنفسه جزئيًا عن إيران ويُعتقد أنه اتخذ موقفًا محايدًا علنيًا في حرب إسرائيل في قطاع غزة والحرب مع حزب الله في لبنان والحرب مع طهران.
وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بعد اتصال هاتفي مع نظيره السوري بسام صباغ أن “إيران ستواصل دعم الحكومة والأمة والجيش السوري في مكافحة الإرهاب”. ووصف عراقجي التطورات على الأرض في سوريا بأنها “خطة هيكلية أمريكية صهيونية لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة في أعقاب إخفاقات إسرائيل وهزائمها ضد محور المقاومة”.
وأفادت التقارير أن الجماعات المسلحة العراقية والميليشيات المدعومة من إيران تستعد للتوجه إلى ريف حلب لصد هجمات هيئة تحرير الشام. ويمكن لطهران استخدام “معركة حلب لتسليط الضوء على أهمية وجودها العسكري في سوريا”.
5- إسرائيل
في التاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، قصفت إسرائيل مواقع لميليشيات مدعومة من إيران ومواقع لحزب الله في ريف إدلب. وشنت إسرائيل، التي نفذت مثل هذا الهجوم لأول مرة منذ بدء النزاعات في سوريا، مئات الهجمات على مواقع إيران وحزب الله في سوريا في السنوات الأخيرة.
وذكر رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في تصريح له بعد التوصل لوقف إطلاق النار في لبنان “أن بشار الأسد يلعب بالنار”.
وترغب تل أبيب في إيقاف تدفق السلاح من سوريا لحزب الله.
6- دمشق
يزعم أنصار دمشق أن الجيش سيشن هجوماً واسع النطاق مدعوماً من الجو لاستعادة المدينة والتقدم إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب سوريا، مستخدماً هجوم حلب كذريعة. ووفقاً لرامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الجيش السوري لم يكن مستعداً على الإطلاق لهذا الهجوم.
وذكر عبد الرحمن أن الجيش السوري أصابته حالة من الصدمة من الضربات العنيفة التي تعرض لها قائلا: “”هل كانوا يعتمدون على حزب الله، الذي يقاتل حاليًا في لبنان ؟”
وأثيرت الكثير من التساؤلات حول سبب عدم قتال القوات الحكومية للدفاع عن حلب.
7- قوات سوريا الديمقراطية
أعرب مسؤولو قوات سوريا الديمقراطية عن قلقهم من أن إعادة انتخاب ترامب، الذي سحب بعض قواته من مناطقه في أواخر عام 2019، قد أدت إلى هجمات من قبل القوات الموالية لتركيا، إذ يخشون من تكرر السيناريو نفسه بين ترامب وأردوغان.
هناك بعض علامات الانسحاب من حيي الشبحة والشيخ مقصود الخاضعين لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية في وسط حلب، كما وردت تقارير عن إحراز تقدم في منطقتي نبل والزهراء، موطن الميليشيات المدعومة من إيران.
ولم تتخذ إدارة قوات سوريا الديمقراطية المعادية لهيئة تحرير الشام وتركيا موقفاً واضحاً من هذا الموضوع.
وفي الوقت الذي تشعر فيه قوات سوريا الديمقراطية بالقلق من العمليات العسكرية التركية في شرق الفرات، فقد حاصرت جماعات المعارضة المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في ريف حلب.
لا شك أن توقيت الهجوم من قبل جماعات المعارضة كان مفاجئًا من حيث السرعة التي وصلوا بها إلى حلب وانسحاب القوات المرتبطة بالحكومة السورية. ومن المؤكد أيضًا أن دمشق، إلى جانب موسكو وطهران، ستسعى جاهدة لاستعادة ثاني أكبر مدينة في سوريا، مما يؤدي إلى خسائر إنسانية هائلة.
فهل سيتم تأكيد الاتفاق المبرم بين أردوغان وبوتين وعودة “خطوط الاتصال” إلى ما قبل 28 نوفمبر/ تشرين الثاني، أم ستواجه سوريا واقعًا عسكريًا جديدًا بسبب التطورات الإقليمية والدولية؟
Tags: التطورات في سورياالعدوان الرادعالنظام السوريجبهة تحرير الشامحزب اللهردع العدوانقوات سوريا الديمقراطية
المصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: التطورات في سوريا النظام السوري جبهة تحرير الشام حزب الله ردع العدوان قوات سوريا الديمقراطية قوات سوریا الدیمقراطیة هیئة تحریر الشام التی تسیطر علیها الجیش السوری المدعومة من حزب الله فی والحرب مع من إیران فی لبنان فی سوریا فی شمال
إقرأ أيضاً:
لماذا يستميت نظام الأسد بالدفاع عن حماة؟ خبير عسكري يجيب
قال الخبير العسكري العميد المتقاعد إلياس حنا إن سقوط مدينة حماة بقبضة قوات المعارضة السورية يعني الوصول إلى حمص، مما يفتح الباب أمام مدن الساحل والعاصمة السورية دمشق.
وأوضح حنا -في تحليله للجزيرة- أن قوات النظام السوري تحاول الاستماتة في خوض معركة دفاعية عن شمال حماة، مشيرا إلى أن بُعد مدينة حلب عن دمشق ساهم في سقوطها حيث يتبقى فقط التعامل مع جيوب النظام فيها.
وتقول المعارضة السورية المسلحة إنها مستمرة في التقدم بريف حماة الشمالي بعد سيطرتها على بلدات قالت إنها "إستراتيجية"، وتحدثت عن استهداف مطار حماة العسكري بالطائرات المسيّرة.
في السياق ذاته، قال التلفزيون السوري الأحد إن الجيش استعاد السيطرة على بلدة السمان و7 قرى في ريف حماة.
ووفق الخبير العسكري، فإن سقوط حماة يعني أن مساحة جغرافية كبيرة باتت تحت قبضة المعارضة السورية، إذ تبلغ مساحة إدلب 6 آلاف كيلومتر مربع، وحلب أكثر من 18 ألف كيلو متربع مربع، في حين تقدر مساحة حماة بـ9 آلاف كيلومتر مربع.
ولأول مرة منذ عام 2011، باتت حلب خارج سيطرة النظام السوري الذي تراجعت قواته بشكل مفاجئ أمام زحف الفصائل المعارضة.
كذلك أعلنت المعارضة أن قواتها سيطرت على كامل محافظة إدلب التي كانت أجزاء مهمة منها تحت سيطرة الجيش السوري وحلفائه منذ سنوات.
وأكد الخبير العسكري أن قوات المعارضة تعتمد على الحركية والطرقات من أجل السيطرة على المناطق والمدن، مشيرا إلى أن هجوم قوات النظام السوري الذي يجري الحديث عنه يتطلب عدة عوامل غير متوفرة حاليا.
ونبه إلى أن المسافة بين حماة وحلب تصل إلى 150 كيلو مترا، مما يصعب من مهمة القيام بهجوم مضاد، إلى جانب صعوبة توفير العديد والعتاد العسكري، فضلا عن عدم توفر طيران متقدم عسكريا.
ورأى حنا أن سوريا عام 2015 تختلف عن سوريا 2024، إذ ساهم التدخل الروسي آنذاك عبر سيطرة نارية برية وجوية، ووجود مقاتلين من حزب الله باسترداد الكثير من المناطق أهمها حلب.
وأوضح أن حزب الله منهمك حاليا في تبعات الحرب الإسرائيلية الأخيرة، مثلما انهمكت روسيا في الحرب مع أوكرانيا، وكذلك دخلت إيران بمرحلة انشغال "لذلك لم تعد قوات النظام قادرة على القتال على امتداد مساحة جغرافية شاسعة".
وأعرب حنا عن قناعته بأن سيطرة قوات المعارضة على مطارات عسكرية يحمل رمزية باستحواذها على كل ما في داخلها من أسلحة وطائرات حربية، لكنه استدرك بالقول إن هذه الطائرات ليست جاهزة وتتطلب طيارين وصيانة وذخيرة.
وفي إطار عملية "ردع العدوان" التي أطلقتها الأربعاء الماضي بمشاركة هيئة تحرير الشام وفصائل من الجيش الوطني، أحرزت المعارضة السورية تقدما سريعا مكّنها من السيطرة على معظم مدينة حلب -بما في ذلك المطار الدولي ومطارا كويرس ومنّغ العسكريان ومواقع عسكرية أخرى وطرق رئيسية- وحاولت الزحف جنوبا باتجاه مدينة حماة لكن تقدمها توقف في ريفها الشمالي.
وبالتوازي مع عملية "ردع العدوان"، أطلق الجيش الوطني السوري عملية عسكرية أطلق عليها "فجر الحرية" شمال وشرق مدينة حلب، حيث توجد مناطق سيطرة لوحدات حماية الشعب الكردية.