استمرار الخروقات الإسرائيلية.. وحزب الله: «انتصرنا» لبنان.. اتفاق الهدنة يواجه اختبارًا صعبًا.. وانتخاب الرئيس 9 يناير
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
بعد أن استبشر اللبنانيون بالهدنة، عاد التوتر ليخيم على الأجواء بسبب خروقات إسرائيلية جديدة لاتفاق وقف إطلاق النار. وأصدر الجيش اللبناني بيانًا مفصلًا يوثق الانتهاكات الجوية الإسرائيلية، واستهداف الأراضي اللبنانية بأسلحة متنوعة، تتعارض صراحةً مع الهدنة والاتفاق الموقَّع بشأنها، وسط تأكيدات من الجيش اللبناني عن جاهزيته لـ«مواجهة أي تهديدات والعمل على حفظ الاستقرار في البلاد، بالتنسيق مع الجهات المختصة لضمان أمن لبنان وحماية سيادته».
تم توثيقُ الخروقات الإسرائيلية، التي تمت بداية من 27 و28 نوفمبر، خاصة في مناطق الخيام والبيسرية والطيبة ومرتفعات حلتا وعيتا الشعب وغربي ميس الجبل ومركبا وطالوسة ويارون ومارون الراس وبنت جبيل، حتى أن الجيش الإسرائيلي استهدف موكبَ تشييع جثمان أحد شهداء بلدة الخيام!
رفع الجيش التقرير إلى وزارة الدفاع التي أحالته بدورها إلى وزارة الخارجية لاتخاذ الخطوات اللازمة. تشمل الإجراءات تقديم شكوى رسمية إلى لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا والأمم المتحدة، ممثلة بقوات اليونيفيل، فضلًا عن طرفَي الأزمة: لبنان وإسرائيل، وفي حال عدم تحقيق الاستجابة المطلوبة، سيتم التصعيد إلى مجلس الأمن الدولي.
زعم الجيش الإسرائيلي، عبر الناطق الرسمي، أفيخاي أدرعي، أن «القوات الإسرائيلية تعمل فقط على إحباط نشاط إرهابي في جنوب لبنان».. مستشهدًا بغارة جوية «استهدفت موقعًا قال إنه يحتوي على قذائف صاروخية لحزب الله، عبر غارة نفذتها طائرات حربية. الجيش الإسرائيلي ينتشر في جنوب لبنان، ويتخذ إجراءات دفاعية لضمان الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار. تم استهداف مشتبه به في جنوب لبنان، في إطار ردع محاولات خرق الاتفاق».
شهدت منطقة جنوب لبنان توترًا كبيرًا، حيث فرض الجيش الإسرائيلي حظرَ تجول في مناطق جنوب الليطاني، ما بين الخامسة عصرًا والسابعة صباحًا، مع تهديد مَن يخالف بأنه «سيُعتبر هدفًا مشروعًا». هذا الإجراء جاء بالتزامن مع سعي السكان المحليين للعودة إلى بلداتهم بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، مما تسبب في ازدحامات مرورية كبيرة. ورغم تحذيرات الجيش اللبناني والحكومة من التسرع في العودة بسبب طبيعة الانسحاب التدريجي للقوات الإسرائيلية خلال فترة تمتد إلى 60 يومًا، فإن المخاطر ما زالت قائمة.
في أول تصريح رسمي له بعد الاتفاق، أوضح الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، أن «وقف إطلاق النار ليس معاهدة بل هو خطة تنفيذية مرتبطة بالقرار الأممي 1701. هناك تنسيق عالٍ بين المقاومة والجيش اللبناني لتنفيذ الاتفاق، ولا يراهن أحد على خلاف بين الجانبين. المقاومة حققت انتصارًا استراتيجيًّا جديدًا، حيث أحبطت محاولات إسرائيل لإضعاف حزب الله وتدمير بنيته. وهذا الانتصار يتجاوز ما تحقق في عام 2006، نظرًا لشراسة المعركة وطول مدتها».
فيما يتعلق باتفاقية وقف إطلاق النار نفسها، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن نص الاتفاق الذي جاء في سبع صفحات بعنوان «إعلان اتفاق وقف الأعمال العدائية والالتزامات ذات الصلة بشأن تعزيز الترتيبات الأمنية وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701». تنص الاتفاقية على انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية إلى جنوب الخط الأزرق بالتزامن مع انتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني، بقوات تصل إلى 10 آلاف جندي، خلال فترة أقصاها 60 يومًا.
تُلزم الاتفاقية لبنان بمنع حزب الله والجماعات المسلحة الأخرى من تنفيذ عمليات ضد إسرائيل، مقابل امتناع إسرائيل عن استهداف الأراضي اللبنانية برًّا أو بحرًا أو جوًّا. وتنص الاتفاقية على عدم استثناء أي من إسرائيل أو لبنان من حقهما في الدفاع عن النفس وفقًا للقانون الدولي، مع اشتراط أن تكون القوات العسكرية والأمنية الرسمية اللبنانية، بما في ذلك بنيتها التحتية وأسلحتها، هي الوحيدة المسموح لها بالوجود جنوب نهر الليطاني، مع الحفاظ على دور قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل» دون أي تعديل.
فيما يتعلق بتوريد الأسلحة، أوضحتِ المادة السادسة أن جميع عمليات بيع أو نقل الأسلحة والمعدات العسكرية إلى لبنان ستخضع لإشراف وتنظيم من قِبل الحكومة اللبنانية، لضمان عدم إعادة تسليح أو تشكيل الجماعات المسلحة غير الحكومية. وتثير الاتفاقية أيضًا قضايا جدلية مثل حق الدولتين في الدفاع عن النفس ضمن إطار القانون الدولي، كما تضمَّنتِ الاتفاقية خريطةً جديدةً للحدود أُطلق عليها اسم «الخط 2024» الذي يتطابق في معظمه مع نهر الليطاني باستثناء بعض النقاط في القطاع الأوسط، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول تأثير هذا الخط على النزاعات الحدودية مستقبلًا.
على صعيد آخر، أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري عن تحديد جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في 9 يناير المقبل، بعد فشل 13 جلسة سابقة. تبرز ثلاثة أسماء رئيسية في السباق الرئاسي: قائد الجيش العماد جوزيف عون، المدعوم من غالبية القوى السياسية باستثناء التيار الوطني الحر، وسليمان فرنجية المدعوم من الثنائي الشيعي، وجهاد أزعور المسئول في صندوق النقد الدولي، المدعوم من بعض قوى المعارضة، غير أن انسحاب ميشيل معوض لصالح أزعور أعاد تشكيل المشهد السياسي، إلا أن التوافق ما زال بعيدًا بسبب الانقسامات بين الكتل.
ورغم وجود أسماء أخرى على قائمة الترشيحات، كمدير الأمن العام بالنيابة، اللواء إلياس البيسري، وإبراهيم كنعان من التيار الوطني الحر، رئيس لجنة المال والموازنة بالبرلمان اللبناني، ووزير الخارجية السابق ناصيف حتي، ورئيس اللجنة الوطنية للاقتصاد والتجارة والصناعة والتخطيط، نعمة إفرام، نائب جبيل وكسروان، فإن فوز المرشح للانتخابات يقتضي الحصول على أغلبية الثلثين (86 صوتًا) في الجولة الأولى للتصويت، أو الحصول على أغلبية النصف زائد واحد (65 صوتًا فقط) في الجولة الثانية.
ورغم الدعم المتزايد لجوزيف عون، يظل التحدي قائمًا في ظل غياب توافق كامل بين الأطراف، مما يعكس استمرار الأزمة السياسية في لبنان وتداخلها مع الملفات الأمنية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد.في ظل هذه التطورات، يبقى المشهد اللبناني مفتوحًا على كل الاحتمالات، حيث يشكل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بنجاح اختبارًا حقيقيًّا لقدرة الدولة اللبنانية على إدارة التحديات الأمنية، بالتزامن مع مواجهة استحقاقات سياسية مصيرية قد تحدد مستقبل البلاد في
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: وزارة الخارجية القوات الإسرائيلية اتفاق وقف إطلاق النار فرض الجيش الإسرائيلي اتفاق وقف إطلاق النار الجیش الإسرائیلی الجیش اللبنانی جنوب لبنان
إقرأ أيضاً:
أمين عام (حزب الله): صبرنا قد ينفد قبل انتهاء مهلة الـ60 يوماً
رام الله - دنيا الوطن
حذر نعيم قاسم، الأمين العام لـ (حزب الله) اللبناني، مساء السبت، من أن صبر حزبه على الخروقات الإسرائيلية قد ينفد قبل انتهاء مدة الـ60 يوما لاتفاق وقف إطلاق النار.
جاء ذلك في كلمة متلفزة بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة لاغتيال القائد السابق لفيلق "القدس" بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، جراء غارة أمريكية بالعراق عام 2020.
ومخاطبا المنتقدين لصمت (حزب الله) على الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، قال قاسم إن قيادة حزبه "هي التي تقرر متى تقاوم؟ وكيف تقاوم؟ وأسلوب المقاومة والسلاح الذي تستخدمه".
وأضاف: "لا يوجد جدول زمني يحدد عمل المقاومة، وصبرنا (على الخروقات الإسرائيلية) مرتبط بالتوقيت المناسب لمواجهة العدو".
وتابع محذرا: "قد ينفد صبرنا (على هذه الخروقات) قبل الـ60 يوما أو بعده، وعندما نقرر أن نفعل شيئا سترونه مباشرة".
وفي هذا الصدد، أوضح قاسم أن اتفاق وقف إطلاق النار "يعني حصرا منطقة جنوب نهر الليطاني، والدولة (اللبنانية) هي المسؤولة مع الرعاة لتكف يد إسرائيل وتنفذ الاتفاق".
ومنذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، يسود وقف هش لإطلاق النار أنهى قصفا متبادلا بين إسرائيل و(حزب الله) بدأ في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ثم تحول إلى حرب واسعة في 23أيلول/سبتمبر الماضي.
وبدعوى التصدي لـ"تهديدات من حزب الله" ارتكبت إسرائيل حتى مساء اليوم أكثر من 380 خرقا، ما خلّف 32 شهيدا و39 جريحا، وفق إحصاء لوكالة (أناضول) استنادا إلى بيانات رسمية لبنانية.
ودفعت هذه الخروقات (حزب الله) إلى الرد، في الثاني من كانون الأول/ديسمبر 2024، للمرة الأولى منذ سريان الاتفاق، بقصف صاروخي استهدف موقع "رويسات العلم" العسكري في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة.
ومن أبرز بنود اتفاق وقف إطلاق النار انسحاب إسرائيل تدريجيا إلى جنوب الخط الأزرق الفاصل مع لبنان خلال 60 يوما، وانتشار قوات الجيش والأمن اللبنانية على طول الحدود ونقاط العبور والمنطقة الجنوبية.
وبموجب الاتفاق، سيكون الجيش اللبناني الجهة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح في جنوب البلاد، مع تفكيك البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان عن 4 آلاف و63 شهيدا و16 ألفا و664 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص، وتم تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد تصعيد العدوان في 23 أيلول/ سبتمبر الماضي.