«رحيم» آخر ضحاياه.. الحـزن قناص ماهر.. والفنان فريسة سهلة!
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
"الحزن" ليس مجرد كلمة من ثلاثة أحرف، ولكنه "إعصار" يبتلع في طريقه كل شيء. لم يستطع أعتى علماء البشر السيطرة عليه أو قياسه، أو حتى تحديد آثاره بدقة، إذ كيف يمكن للنفس البشرية أن تخضع بسهولة لمعامل التجريب؟! فلسفوا الحزن واعتبروه "ثمن الحكمة"، وفق أرسطو، و"جزءًا أصيلا من الحياة"، وفق نيتشه، وكان للإمام الغزالي وصف بليغ للحزن، حينما قال عنه: "يعصف بالروح".
وإن كان الشاعر الفلسطيني محمود درويش قال: "لم يقتل الحزن أحدًا.. ولكنه جعلنا فارغين من كل شيء"، فالمجاز هنا لا يعول عليه أمام دراسات علماء الطب والصحة النفسية والتي رصدت "الأذى المباشر وغير المباشر" لمشاعر الحزن والألم على البشر، بمختلف أجهزته الحيوية، وارتباط مشاعر الحزن بزيادة إفراز هرمونيْ "الكورتيزول" و"الأدرينالين"، ما يزيد الضغط على القلب والمخ والشرايين والجهاز العصبي والمناعي، ليقع "الحزين" فريسة سهلة لـ"حزمة" أمراض تداهمه وتنهشه بلا رحمة، لدرجة تصل للوفاة المفاجئة في طرفة عين، أو أقل، فلا ريب إذن، أن يستعيذ رسولنا الكريم من ذاك القناص الماهر والقاتل المحترف: الحزن.
ولأن الفنانين، هم الأقرب إلى مباهج الحياة، صخبها ومتعتها وملذاتها، فهم الأقرب، أيضًا، لآلامها وأحزانها، وفي النهاية، فهم الأقرب أيضًا، إلى "الموت حزنا"، فالفنان بطبيعته المرهفة، ومشاعره الرقيقة، ونفسيته الهشة، ودموعه الرقراقة، فريسة مطيعة لمشاعر الضغط العصبي التي تتغلغل لأضعف نقطة في جسده: قد تكون قلبه أو جهازه المناعي، أو حتى شرايين مخه، وعندما سألوا النجم أحمد عز عن "قوامه الرياضي" أكد أن "مواظبته على الذهاب للجيم تحميه من زيارات الطبيب النفسي"، فالبعض يحارب أحزانه بالرياضة، والبعض الآخر يلوذ بالحفلات والسهر والسفر، بينما يستسلم أحدهم في النهاية ويسقط صريع الألم تحت تسميات "تشريحية" مختلفة: نزيف في المخ، أو هبوط في الدورة الدموية، أو مضاعفات مرض خبيث انتصر على جهاز مناعي منهك، أو سكتة دماغية، أو توقف مفاجئ لعضلة القلب، بعد هبوب عاصفة "أدرينالين الحزن" التي ترفع سكر الدم، أو تهاجم خلايا كرات الدم، أو "تفطر القلب"، كما يطلق عليها أطباء القلب "متلازمة القلب المكسور Broken heart syndrome)).
ومنذ أيام، رحل عن عالمنا الملحن الشاب محمد رحيم ( 45 سنة) صاحب طفرة في عالم الموسيقى لأشهر مطربي الوطن العربي، ولكن "أضواء الشهرة" لم تكن تليق بحجم نجاحاته وجوائزه العالمية، وكم ظهر يبكي ويشكو من "عدم التقدير"، والشللية في الوسط الفني، والتي لا ترحم ولا تشفع أمامها موهبة فذة، ولخص الشاعر بهاء الدين محمد في نعي "رحيم" معاناته ببضع كلمات موجعة: "ثمن الضغط على الإحساس.. الموت"، نفس الشاعر الكبير الذي كتب مطلع العام الماضي في نعي زميله الشاعر الغنائي ناصر الجيل، الذي أنهت حياته أزمة قلبية مفاجئة، عن عمر "48" عامًا، وجاءت كلمات بهاء الدين محمد وقتذاك: "دي نهاية الضغط النفسي والعصبي".
ومنذ أقل من شهر، صُدم الوسط الفني، والجمهور برحيل الفنان القدير حسن يوسف، عقب أشهر قلائل من "غرق" نجله الأصغر، فلذة كبده "عبد الله"، وكان جمهوره "قلقا" يشعر باقتراب رحيل الفنان الكبير بعد أشهر من هجوم "غول الحزن" الذي ظل يقضم أجزاء من روحه رويدا رويدا، وفي مثل هذه الأيام، قبل سنوات خمس، استيقظ الجمهور على فاجعة العثور على جثة الفنان الشاب هيثم أحمد زكي، في منزله، بعد تحقق نبوءته بـ"الموت وحيدًا"، حيث كان يعيش بمفرده مع توءميه: "الحزن والوحدة" يتناوبان على نهش قلبه المسكين، منذ طفولته التي حرمته فيها الأقدار من والدته الفنانة الملائكية هالة فؤاد ثم والده العبقري أحمد زكي، وكأنما اتفقت الأحزان على توقيع "عقد بطولة أبدي" في سيناريو حياة الثلاثي الراحل.
ولم يحتمل الفنان الشاب أحمد قنديل، العيش طويلا بعد رحيل والدته، أقرب الناس إليه، وفي يوليو العام الماضي، توقف قلبه الذي لم يكمل عامه السادس والثلاثين، بعد نجاح كبير في دور الضابط "إسلام مشهور" بالملحمة الأيقونية "الاختيار"، مثلما اختار قلب الإعلامي الشاب عمر نجيب، أن يتوقف عن الخفقان للأبد، حزنا على رحيل ست الحبايب، في فبراير 2020، وفي إحدى ليالي يونيو 2018، كان الفنان الشاب ماهر عصام، يشاهد مباراة مصر وأوروجواي في كأس العالم، وفجأة انفعل بشدة وسقط مغشيا عليه، وفاضت روحه إلى بارئها، وكان التشريح "وفاة إثر نزيف في المخ"، وفهم الجمهور "الكواليس" عقب نعي الممثل الشاب محمد عبد الحافظ، لصديقه "ماهر" بكلمات موجعة قال فيها: "الحياة كانت قاسية بفعل الوسط الفني المرعب والقاسي على أبنائه الموهوبين، فلم يطلبه منتجون أو مخرجون للعمل، واضطر للسكن في شقة إيجار جديد، وتوفيت والدته وتركته وحيدا، ووصل إلى 38 عامًا ولم يتزوج ولم يدخل دنيا وإنما خرج منها". أما الفنانة الكوميدية حنان الطويل، صاحبة الأدوار الشهيرة "ميس انشراح" في فيلم "الناظر"، و"ست كوريا" في فيلم "عسكر في المعسكر"، فقد اختارت لها الأقدار سيناريو "تراجيدي"، أسدل الستار على حياتها قبل بلوغها الأربعين، حيث كانت أجرت عملية جراحية "تحول جنسي" في بداياتها بعد أن كانت رجلا، ولفظها أهلها بعد ذلك، وأصيبت بصدمات عصبية حادة، وتم إيداعها مستشفى الأمراض النفسية، لتلفظ أنفاسها الأخيرة هناك، ورفض أهلها تسلّم جثمانها، ليتم دفنها في مقابر الصدقة. ومنذ أكثر من نصف قرن، عاش العبقري محمد فوزي سنوات الحزن والعذاب، عقب تأميم شركته "مصر فون"، ليصاب بمرض نادر في الغشاء البريتوني، لم يُصِب سوى "5" أشخاص في العالم، فقط، وقضى نهايات رحلته بين مستشفيات لندن وألمانيا، دون جدوى، حتى لقي ربه في 20 أكتوبر 1966.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إعصار الكورتيزول الأدرينالين
إقرأ أيضاً:
ياسر علي ماهر يكشف عن مايسترو الدراما الإذاعية وعلاقته بالزعيم والحلفاوي ومصطفى فهمى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تحدث الفنان ياسر على ماهر، عن والده الكاتب محمد على ماهر، حيث كشف أنه كان صوفيا وكان يتمني أن يكون وليا، مشيرا إلى أنه توفى بين يديه.
واضاف خلال حلوله ضيفا ببرنامج واحد من الناس مع الإعلامي د. عمرو الليثي انه في اليوم الثاني للوفاة جاء رجل بسيط وفقير ولا تعرفه وقال لنا انه شاهد رؤية لنهر في الجنة ماءه كالفضة ، ووجدت رجل يشرب منه ويمسك بيدة كوب من الفضة ويشرب فقلت من هذا وكانت الإجابة انه والدي محمد علي ماهر، وحرصت علي ان اتي إليكم وانا لا اعرفه حتي أبلغكم الرسالة
كما تحدث عن علاقته بوالده الكاتب محمد علي ماهر والذي أطلق عليه "مايسترو الدراما الإذاعية " وتربيته له وهو صغير ، وعن اسرته وأولاده وأخواته ، وعشقه لآلة الكمان
وتناولت الحلقة بدايته الفنية ومعظم أدواره كضابط او لواء في عدد من الأعمال الدرامية والسينمائية ، كما تحدث عن تجربته في تجسيد عدد من المشاهير ومنهم الرئيس جمال عبد الناصر فى مسلسل فارس الرومانسية واحمد سالم فى مسلسل كاريوكا ويوسف وهبى فى مسلسل الشحرورة وسعد زغلول فى مسلسل الامام محمد عبده ، وما هي الشخصية التي يتمني تقديمها ، والأعمال الدرامية الأقرب الي قلبه
وتضمنت الحلقة الحديث عن المسرح القومي ومكانته الكبيرة في قلبه، وأيضًا السينما وعلاقته بها ، وتجربته الفنية المهمة فى الفيلم العالمى (حادث النيل هيلتون) وأهم ذكرياته عن تصويره ؟ ورد فعله بعد ترشيحه لجائزة التفوق ضمن جوائز الدولة التقديرية وهى الجائزة التي رشحها مجلس نقابة المهن التمثيلية ، وعلاقته بالسوشيال ميديا ، وحلمه الفني.
وعلى جانب آخر تناولت الحلقة الحديث عن علاقته بالزعيم عادل امام ومشاركته في عدد من الافلام معه ، ورأيه في محمد رمضان ولقب "نمبر وان".
كما تحدث عن علاقته بالراحلين مصطفي فهمي ونبيل الحلفاوي والذي كان معه في لحظاته الأخيرة، مشيرًا إلى ن الفنان الراحل نبيل الخلفاوي حالة خاصة جدا ، وتزامل مع اخوه علاء بالمعهد ، وهو احد الأبطال المقربين من والدي الاستاذ محمد علي ماهر ، وكان يتعامل معه كأنه عمه او اخوه الأكبر ، ولم نري منه اي شئ سيئ او موقف سلبي ، وعندما التقي معه كان في عزاء الراحل صلاح السعدني.