موقع النيلين:
2024-12-02@17:33:42 GMT

سؤال الإسلاميين: هل يمكن للمكان أن يسع الجميع؟

تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT

تواترت في الخطابات السياسية خصوصا بعد ورشة جنيف التي أقامتها منظمة فرنسية أوروبية تسمى promediation أحاديث كثيرة عن السياسة السودانية، غالبها مكرر ونمطي ويفهم بلغة الخطابة والهتاف السياسي بأكثر من اللغة الموضوعية، لكن في ثنايا تلك الأحاديث برز سؤال الإسلاميين. دعوني إذن أقول فيه بعض النقاط والأفكار التي يمكن أن تتوسع لاحقا لورقة أطول وأكثر دقة.

إن عملية (أشكلة الإسلاميين) أي وضعهم بين قوسين كما يظهر في أوراق المنظمات والنظر لهم كمشكلة وبالتالي طرح أسئلة مثل: كيف نتعامل معهم؟ من هم؟ من أين جاءوا أصلا؟ ماهي معايير قبولهم أو رفضهم؟

هذه العملية التي أسميها (أشكلة الإسلاميين problimize of Islamists) هي نوع من التنميط المنحاز وغير البرىء والمضلل، هو تنميط يصرف النظر عن المشكلة الحقيقية التي أجدها في السياسة والمصالح والاقتصاد السياسي. لكنني اليوم لست بصدد مناقشة ماهي (الإشكالية الحقيقية) والتي تستحق أن نضعها بين قوسين، لكنني هنا بصدد المضي قدما لخوض مسألة الإسلاميين المزعجة هذه.

للأديب السوداني الطيب صالح قصة شهيرة بعنوان دومة ود حامد يقول فيها:
“لن تكون ثمة ضرورة لقطع الدومة. ليس ثمة داع لإزالة الضريح. الأمر الذي فات على هؤلاء الناس جميعا أن المكان يتسع لكل هذه الأشياء، يتسع للدومة والضريح ومكنة الماء ومحطة الباخرة.”
القصة أعلاه كانت عن قرية صغيرة تقدس الدومة والضريح لزاهد صالح غريب جاء لقرية ود حامد، لكن وللأسف أي مشروع جديد جاء على القرية أصر على أن يكون مكان الدومة والضريح تحديدا، فقد طلب الانجليزي أن تكون مضخة الماء محل الضريح وأهل القرية رفضوا، ثم بعد سنوات طلب موظف الحكومة الجديدة ذلك الأفندي موظف حكومة ما بعد الاستقلال أن تكون محطة البواخر محل الدومة والضريح أعلى التلة، رفض أهل القرية وعنفوه بشدة، وبقيت القرية إثر ذلك بلا محطة وبلا مضخة.

السؤال هو:
هل المكان يسع الجميع؟ هل المكان يسع التحديث والأصالة. من هنا تحديدا نشأ الإسلاميون في السودان، وبذلك السؤال تحديدا يمكنك أن تفهم جوهر قضيتهم.

ولكن وحتى لا تفهم يا عزيزي أنني أدافع عن أشكالهم التنظيمية دعني أقول لك: إن ذلك التنظيم الذي حاز على السلطة لأعوام طويلة، وتلك القيادات التي في غالبها غير مدركة للواقع وترغب في السلطة والتأثير والقيادة اليوم قبل الغد، هي قيادة لا تفهم عن (دومة ودحامد) ولا تنشغل بالمكان، إذا ما كان يتسع لبابور الماء مع الدومة أو لا. هم في حالة قد استنفذت أغراض وجودها تماما.
لكن من الذي يمنع التاريخ من الحركة؟ والتجديد الحتمي أن يحدث؟

هو ذلك المتطرف قصير النظر الذي لن يفهم أن المكان قد يسع الحداثة مع الأصالة، وأن بابور الماء ممكن مع الدومة. هو ذلك المثقف قصير النظر المتطرف الذي يحب أن يرى نسخة معينة من الإسلاميين دون غيرها، فوجودها يمنحه الحياة وأسباب البقاء. هل فهمتموني؟
دعوني أوضح أكثر وبطريقة مباشرة، إن الإسلاميين اليوم في السودان ليسوا هم مشكلة، وليسوا قضية خاصة توضع بين قوسين. لذلك كفوا البحث عن (إسلاميين صالحين) وفق معاييركم ضد (إسلاميين طالحين) تناصبونهم العداء. إن المسألة هنا هي حول صراع فكري عميق:

أي طريق للحداثة سنتخذ؟ السيادة والهوية والعدالة والكرامة؟ أم التبعية والاستغراق بلا حدود في ألاعيب الاستعمار الجديد؟ لذلك عليكم أن تعلموا أن هذا التيار باق للأبد ما بقيت قضية دومة ود حامد.

عودة لورشة Promediation فإني أقول للمنظمة، هناك فرصة للحوار العميق ولكن إحذروا من غالب النخبة التي حضرت معكم. غالبهم سياسيون كما قال عنهم منصور خالد: سياسة بلا قراءة هي تهريج فوضى. هذه فوضى كبيرة ظهرت في بيانكم الختامي الكارثي. ولكن إذا أردتم الحوار حقا وكنتم مدركين لخطورة الواقع فمرحبا، وحينها سنثبث لكم أن هذه البلاد لن تدخلها حداثة بلا أصالة، ولن يكون فيها بابور ماء بلا ضريح، ولن يكون فيها المصنع دون المسجد.
لن يكون صدقوني.

هشام عثمان الشواني

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

سؤال في النواب حول أسباب طلب شركات الاتصال رفع أسعار المكالمات والإنترنت

تقدم النائب خالد طنطاوى عضو مجلس النواب بسؤال إلى المستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب لتوجيهه إلى الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء والدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حول ما يتردد عن طلب شركات الاتصالات عن رفع أسعار المكالمات التليفونية والإنترنت.

وتساءل " طنطاوى " قائلاً : كيف يتم تحديد أسعار المكالمات الهاتفية عبر المحمول والتليفون الأرضى والإنترنت ؟ وهل شركات الاتصالات لها دخل فى تحديد هذه الأسعار ؟ وهل سيتم رفع أسعار كروت شحن شركات الاتصالات وخدمات الإنترنت ؟
كما تساءل النائب خالد طنطاوى قائلاً : وماهى الحقيقة حول ما تردد من أن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وافق مبدئيا على دراسة طلب الشركات بزيادة الأسعار لتحديد نسبة هذه الزيادة من عدمها وذلك بعد دراسة التكلفة الزائدة التي تحملتها الشركات خلال الفترة الماضية ؟
وهل صحيح أن الشركات بررت طلبها بالعديد من الأسباب ومنها انخفاض أرباحها نتيجة تغير سعر صرف العملة، لأن معظم هذه الشركات دولية، وتحصل على عائداتها بالدولار وتحول أرباحها للخارج بنفس العملة، ومع تغير سعر الصرف السنوات الماضية، أصبحت بعد ما كانت الشركة تحقق 22% أرباحا، بعد تغير سعر العملة أصبحت تحول 8% ؟ وأن السبب الثاني يتمثل في ارتفاع تكلفة استيراد معدات تشغيل المحطات المستوردة من الخارج والسبب الثالث فهو زيادة أسعار السولار الذي يشغل هذه المحطات خلال الفترة الماضية فما صحة ذلك الأمر ؟
وأكد النائب خالد طنطاوى أن توقيت مطالبة الشركات بزيادة الأسعار في الوقت الحالي غير مناسبة تماماً مطالباً من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عدم الاستجابة لمطالب شركات الاتصالات .

مقالات مشابهة

  • عزت يتهم «الإسلاميين» بالسيطرة على مناطق الدعم السريع والباشا يصفه بـ «الفاشل سياسيًا»
  • سؤال برلماني حول أسباب طلب شركات الاتصال رفع أسعار المكالمات والإنترنت
  • سؤال فى النواب حول أسباب طلب شركات الاتصال رفع أسعار المكالمات والإنترنت
  • صحة الدقهلية: وكيل الطب العلاجى يتفقد المكان المخصص لغسيل كلي الطوارئ للأطفال بـ "بلقاس "
  • هل ستكون علاقة الإسلاميين بالحكومة عدائية؟
  • مالك موزة الحائط التي بيعت بـ 6.2 مليون دولار يفاجئ الجميع بأكلها!.. فيديو
  • سؤال في النواب حول أسباب طلب شركات الاتصال رفع أسعار المكالمات والإنترنت
  • صراع الإسلاميين والجيش في السودان: خلفيات المشهد وتوقعات الصدام القادم
  • سيدة تثير الجدل: “اختار المكان اللي أعيط فيه بناءً على الفلوس اللي معايا”