البنك المركزي العراقي: مشاريع واعدة وسط تحديات اقتصادية ومناخية
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
ديسمبر 2, 2024آخر تحديث: ديسمبر 2, 2024
المستقلة/- في تصريحات مثيرة للجدل، كشف محافظ البنك المركزي العراقي، علي محسن العلاق، عن عدة مبادرات يتبناها البنك المركزي لدعم الاقتصاد الوطني، من أبرزها إطلاق مصرف “ريادة” لدعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر. ورغم تفاؤله بالموقف النقدي في العراق، إلا أن الحديث عن مشاريع كبيرة مثل “المصرف الأخضر” وتحول العراق إلى اقتصاد رقمي يثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على تنفيذ هذه المبادرات في ظل الأزمات الاقتصادية والبيئية المتلاحقة.
أعلن العلاق عن قرب إطلاق مصرف “ريادة” لدعم المشاريع الصغيرة، وهو ما يراه الكثيرون خطوة مهمة نحو تحسين الاقتصاد الوطني، وتوفير فرص عمل جديدة. ومع ذلك، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن للمصرف الجديد أن يحقق أهدافه في ظل تدهور الوضع الاقتصادي؟ العراق يعاني من اعتماد كبير على القطاع النفطي، في وقت يعاني فيه من أزمات مالية خانقة، فهل يمكن لمصرف “ريادة” أن يحدث فرقًا حقيقيًا في هذا السياق؟
من جهة أخرى، تحدث العلاق عن “المصرف الأخضر”، الذي سيتخصص في تمويل مشاريع الطاقة المتجددة. ورغم أهمية مثل هذه المشاريع في مواجهة التغيرات المناخية، إلا أن العديد من الخبراء يشككون في قدرة الحكومة على توفير البنية التحتية اللازمة لتطوير هذه المشاريع، بالنظر إلى الأزمات المالية التي يواجهها العراق.
تحول رقمي تحت الضغط: هل سيحقق العراق هذا الهدف؟العلاق أكد أن التحول الرقمي يعد من أولويات البنك المركزي والحكومة العراقية، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرة البلاد على تحقيق هذا الهدف الطموح في ظل الظروف الحالية. العراق يعاني من ضعف في البنية التحتية الرقمية، وعدم وجود قوانين رادعة للفساد في القطاع الحكومي، ما يعزز من المخاوف من عدم قدرة الدولة على تطبيق النظام الرقمي بشكل فعال.
التحديات الاقتصادية الإقليمية: العراق في دائرة الخطرفيما يتعلق بالوضع النقدي، قال العلاق إن الموقف النقدي للعراق ممتاز بفضل الاحتياطيات الأجنبية العالية والسيطرة على التضخم. ورغم ذلك، يشير العديد من الخبراء إلى أن هذا التفاؤل قد يكون مبالغًا فيه، خصوصًا في ظل التوترات الإقليمية والضغوط السياسية والاقتصادية على العراق. فبينما يُظهر البنك المركزي قدرة على مواجهة التحديات المالية المحلية، يظل التساؤل قائمًا حول مدى تأثير التطورات الإقليمية والعالمية على الاستقرار الاقتصادي للعراق في المستقبل القريب.
استراتيجيات محفوفة بالمخاطرالعلاق أشار إلى أن العراق يسعى لتنويع مصادر دخله بعيدًا عن الاعتماد على النفط، لكنه في الوقت نفسه يعترف بصعوبة هذه المهمة في ظل الأوضاع الراهنة. فبينما يسعى البنك المركزي لتنفيذ خطط للتحفيز الاقتصادي، تبقى الأزمة الاقتصادية الحقيقية تكمن في كيفية التعامل مع ضعف القطاع الصناعي والزراعي وعدم وجود قاعدة إنتاجية قوية يمكن الاعتماد عليها بعيدًا عن النفط.
الخلاصة: بين التفاؤل والمخاوفرغم التفاؤل الكبير الذي أبداه علي محسن العلاق حول التحولات المرتقبة في الاقتصاد العراقي، يبقى الواقع أكثر تعقيدًا. العراق أمام تحديات ضخمة تتعلق بالبنية التحتية، الفساد، والاعتماد المفرط على النفط، مما يجعل من الصعب التنبؤ بنجاح هذه المبادرات في الوقت القريب. ومع استمرار التوترات في المنطقة، يظل العراق في دائرة الخطر من حيث الاستقرار الاقتصادي، مما يفتح الباب أمام تساؤلات واسعة حول مدى جدوى هذه السياسات في المدى القصير.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: البنک المرکزی
إقرأ أيضاً:
تقييم مسيرة البنك المركزي في 22 عام
منذ 2003 عانى الاقتصاد العراقي من تحديات وازمات مالية ومصرفية بسبب الظروف الذاتية والموضوعية الصعبة والمعقدة التي مرت بها البلاد خلال 22سنة مضت . وبما ان السياسة النقدية للبنك المركزي وفقا لقانونه 56الصادر في 2004 مسؤولة عن تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتجاوز تحديات النظام المالي والنظام النقدي ومعالجة الخلل البنيوي في الاقتصاد في الانتقال من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد الحقيقي (الانتاجي)كذلك من الاقتصاد النقدي الى الاقتصاد الرقمي .
وقد مر البنك المركزي خلال الفترة اعلاه باربعة مراحل مهمة واساسية:
اولا-الحد من التضخم الجامح في 2003 والذي تجاوزت نسبته 35% والسيطرة على استقرار تسعر الصرف وبناء الاحتياطيات الاجنبية والسيطرة على عرض النقد.
ثانيا-تجاوز الصدمتين الاقتصادية والامنية في 2014.
ثالثا-معالجة الازمة المالية في زمن جائحة كورونا في 2020.
رابعا-السيطرة على سعر الصرف وتنظيم تمويل التجارة الخارجية وتحقيق التحول الرقمي وتعزيز الشمول المالي والامتثال للمعايير الدوليةفي2023و2024
وبالنظر لان البنك المركزي وبالتعاون مع الحكومة قد انجز خطوات مهمة على طريق تنفيذ منهجية الاصلاح المالي والمصرفي والانتقال الى استكمال استراتيجيته لتحقيق الاهداف وفق خارطة الطريق المرسومة في 2025.
فمن الضروري تقييم وتحليل الواقع الاقتصادي خلال الـ 22 عاما الماضية بحياد وشفافية عالية وتحديد حالات الاخفاق والخلل في القطاعات الاقتصادية الانتاجية والتلكؤ في عدم تنفيذ برامج الاصلاح الاقتصادي التي عملت عليها جميع الحكومات المتعاقبة ولكنها لم تستطع ان تحقق اهداف الاصلاح الجذري والشامل للاسباب اعلاه . ولكن واقع الحال وجهود الاصلاح التي بذلت في 2023و2024 جعلتنا كمختصيين ان ننظر بعين الامل والتفائل لما تحقق وما مرسوم لتحقيقه في السنتين المقبلة استنادا لما ورد بالاستراتيجية الثالثة للبنك المركزي باهدافها الرىئيسية والفرعية .
ان خطوات الاصلاح المصرفي التي سار بها البنك المركزي للفترة من 2003ولغاية 2024 على معالجة اثار الصدمتين الاقتصادية
والامنية في 2014 وابرزها هبوط اسعار النفط عالميا بنسبة 75% وعدم تمكن الحكومة من تسديد رواتب الموظفين بمواعيدها المحددة واستطاع البنك المركزي باستخدام احتياطه النقدي الاجنبي وباسلوب اعادة خصم حوالات الخزينة من دعم الحكومة بمبلغ 16تريليون دينار وتم تجاوز الازمة في حينه. وفي 2015 بدأ البنك المركزي وتبعا لتلك الظروف الاقتصادية الصعبة ان ينتقل بوضع خططه للسنوات المقبلة ورسم منهجية للاصلاح المصرفي والتطوير الهيكلي والفني والاداري للبنك المركزي .واثمر ذلك عن صدور استراتيجيته الاولى للسنوات (2016-2020)
والتي تضمنت 5 اهداف رئيسية و140 هدفا فرعيا تم تحقيق 129منها وبنسبة 92% خلال سنوات تنفيذ الاستراتيجية وساهم في وضع البنى والركائز الاساسية للانتقال الى مرحلة جديدة للاصلاح المالي والمصرفي مترافقا معها خطة المشاريع المصرفية الاستراتيجية للسنوات (2019-2023) وصدور الاستراتيجية الثانية (2021-2023 ) لاستكمال تحقيق الاهداف الفرعية التي لم يتم التمكن من تنفيذها في الاستراتيجية الاولى وعددها (11)هدفا فرعيا والتي استمرت خلال هذه الفترة استعانة الحكومة بالبنك المركزي والحصول على (30) تريليون دينار واصبح المبلغ الكلي بذمة الحكومة (46) تريليون دينار . وفي 2023 عمل البنك المركزي على دراسة المتحقق من الاستراتيجيتين السابقة وتشخيص مرتكزات الاصلاح المنشود وقد استمرت جهود الاعداد للاستراتيجية الثالثة طيلة 2023 وتم بناء المرتكزات والاسس لرسم الاهداف لهذه الاستراتيجيه الجديدة للسنوات (2024-2026) والتي استمدت اهدافها الرئيسية والفرعية من السياسات الاقتصادية العامة للدولة واستراتيجيتها في الاصلاح المالي والمصرفي التي اعتمدتها الحكومة في المنهاج الحكومي ومن قانون البنك المركزي 56لسنة2004. وقد تضمنت برامج واضحة الأهداف والمبادرات لفترة ثلاث سنوات في ظرف اقتصادي ومالي خاص ومعقد ومحفوف
بالمخاطر والتحديات على مستوى العلاقات الاقتصادية والمالية الداخلية والخارجية .
وقد حددت الاستراتيجية الثالثة الاهداف الاساسية بواقع 7 اهدف و24 هدفا فرعيا و75 مبادرة لتحقيق الاهداف
الاساسية والفرعية ورسمت الطريق للاصلاح المصرفي والمالي وفقا ً للاهداف الاستراتيجية التالية :‐
1‐ دعم وتعزيز الاستقرار النقدي .
2‐تعزيز التحول الرقمي وتنشيط الدفع الالكتروني وتدعيم الامن السيبرالي .
3‐ تعزيز الشمول المالي
4-الحفاظ على نظام مالي رصين .
5‐تطوير البنية التنظيمية وتنمية قدرات الموارد البشرية .
6-تعزيز مكانة البنك المركزي محليا ودوليا.
7-تعزيز امتثال القطاع المصرفي وقطاع المؤسسات غير المصرفية بما ينسجم مع المعايير الدولية.
وقد تم تحديد البرامج والسياسات والمبادرات لتحقيق الاهداف ولعل البرنامج الابرز هو اطلاق الاستراتيجية الوطنية للاقراض المصرفي في العراق(2024-2029) وموافقة مجلس الوزراء على تنفيذها والتي ستعيد هيكلية التمويل المصرفي في العراق اضافة الى مغادرة المنصة الالكترونية واعتماد البنوك المراسلة في التحويلات الخارجية وحماية النظام المالي وتعزيز الشمول المالي وادارة الاستقرار النقدي والمالي وتطوير الرقابة والاشراف وتطوير التنظيم في القطاع المصرفي واستكمال تطوير البنية التحتية للتحول الرقمي وترخيص المصارف الرقمية وتنفيذ السياسات التنظيمية في البنك المركزي وفق اطر العمل والتقنيات المعتمدة في البنوك المركزية آلعالمية ورفع القدرات للموارد البشرية وتطوير العمليات البنكية وتعزيز علاقات البنك الداخلية والخارجية وتمثيله محليا ودوليا .
ان ماتم عرضه بدقة وشفافية للسنوات ال22 من مسيرة الاصلاح المالي والمصرفي توكد ان السنتين المقبلة ستثمر حتما الى الانتقال الى الاصلاح الشامل والجذري للقطاع المصرفي العراقي وتحويله الى قطاع رصين يساهم في التنمية المستدامة .
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام