شراكات الطاقة المتجددة بين إيطاليا ودول شمال أفريقيا
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
روما- زاد اهتمام إيطاليا بتطوير شراكاتها في مجال الطاقات المتجددة مع دول شمال أفريقيا خصوصا، منذ إعلانها عن خطة "ماتي" في يناير/ كانون الثاني الماضي، لدعم القارة السمراء في مشاريع تنموية، كان لشمال القارة نصيب مهم بحكم القرب الجغرافي لا سيما تونس، وتراكم الخبرات في مجال الطاقات البديلة على الأخص في المغرب.
وأوضح مشاركون في منتدى النمو الأخضر الأفريقي، بمدينة ريميني الإيطالية، خلال الشهر الماضي أن اختيار المغرب جاء بفضل الجهود التي بذلها خلال السنوات الماضية لتطوير الطاقات المتجددة على الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، لإنشاء مركز للتميز في مجال تدريب الطاقة المتجددة.
المغرب.. شراكات قديمةوانطلقت الشراكات بين إيطاليا والمغرب في مجال الطاقات المتجددة منذ سنوات، ومن أبرزها ما تم عام 2018 بين مجموعة إينيل غرين باور الإيطالية (المملوكة بنحو 20% للدولة) وشركة الطاقة المغربية ناريفا القابضة، وقد تم توقيع هذه الشراكة بعد مناقصة دولية، كان عنوانها الحصول على 850 ميغاوات من طاقة الرياح.
وبنت إينيل مزارع الرياح لإنتاج الكهرباء إلى جانب شركة ناريفا المغربية، في عدد من المناطق شمالا وجنوبا، أبرزها بداية ميدلت، ثم لاحقا الصويرة، وطرفاية، وبوجدور والعيون، وذلك برعاية المكتب الوطني للكهرباء بالمغرب ووكالة الطاقة المستدامة المغربية (مازن).
وفي سنة 2019 تم توقيع اتفاق شراكة أخرى بين إينيل، ومعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، يركز على أنشطة البحث والتطوير، من خلال التحليلات التقنية والتجارية والاقتصادية لتنمية التقنيات المتجددة (الطاقة الشمسية، الكهرومائية وطاقة الرياح ثم الطاقة والكتلة الحيوية والبحرية)، وتعزيز مشاريع التوزيع المشترك للطاقة المتجددة، على المستوى الوطني والأبحاث المتعلقة بإنتاج وتركيب وتشغيل المحطات، بما في ذلك التخزين.
وتقدم إينيل تسهيلا لإنشاء مركز في المغرب للتدريب في مجال الطاقات المتجددة والبنيات التحتية الكهربائية والكفاءة الطاقية، كما جاء في خطة ماتي، ويتم تنفيذه بالشراكة مع مؤسسة ريس فور أفريكا وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات.
ووفق مستندات لشركة إينيل اطلعت عليها الجزيرة نت فقد تم تطوير هذا المركز تحت رعاية حكومتي إيطاليا والمغرب، وبما يتماشى مع سياسات الاتحاد الأوروبي، ومن منظور التعاون المفتوح مع القارة الأفريقية بأكملها، والمركز مهيأ لتقديم تدريب شامل في مجال الطاقات المتجددة والانتقال الطاقي.
الجزائر وتونس.. أفق جديدأبدت شركات إيطالية مثل إينيل اهتماما كبيرا بإمكانات الجزائر في مجال الطاقات البديلة عن النفط والغاز، لا سيما مشروع في هذا الصدد يتعلق بـ مشروع "ميدلينك" لتثبيت ألواح للطاقة الشمسية في صحراء الجزائر وتونس لتزويد إقليمي توسكانا وليغوريا بإيطاليا بالطاقة الكهربائية.
وتشارك الحكومة والشركات الإيطالية في مشاريع مع تونس لتطوير طاقة الرياح والطاقة الشمسية، والهيدروجين الأخضر، ومن أهم الشراكات تلك التي تصب في تحقيق إستراتيجية تونس للطاقة في أفق سنة 2030، التي تهدف إلى زيادة وتيرة الاعتماد على الطاقة المتجددة، والتي ستكون بنهاية 2028 أحد مصادر إنتاج الكهرباء التي سيتم تصديرها إلى إيطاليا عبر شركة "تيرنا" الحكومية، ومنها إلى كل الاتحاد الأوروبي، في إطار مشروع "إلميد"، الذي يعتمد على الزيادة بشكل تدريجي في مصادر إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة.
وفيما تعتبر مجموعة أنسالدو إنرجيا الإيطالية (شركة مساهمة مملوكة للدولة من خلال صندوق المعاشات والقروض أسست سنة 1990)، مقرها بجنوى، أحد أبرز الفاعلين الإيطاليين، المرشحين للعب دور الريادة في مواكبة الانتقال الطاقي النظيف بتونس، بالنظر إلى خبرة الشركة في مجال التعاون الطاقي عموما بحكم وجودها المستمر في هذا البلد الشمال أفريقي منذ عام 1994.
نافورة بمدينة وارواوات بالمغرب تعتمد على الطاقة الشمسية (الجزيرة) مصر وليبياأما في مصر فإن مستوى الشراكة والتعاون بخصوص الطاقات المتجددة مع إيطاليا يبقى قابلا للتطور بالنظر إلى اهتمام القيادة المحلية بالخبرة الإيطالية في هذا الموضوع، الذي تم التطرق له خلال اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل شهر مع كلاوديو ديسكالزي مدير مجموعة إيني للطاقة، إذ عرض الأخير "التقدم الذي تحقق في مشروعات كفاءة الطاقة والاستدامة، بما يعزز جهود التحول العادل للطاقة"، بحسب المتحدث الرسمي للرئاسة المصرية.
وتعد إيني من الشركات الإيطالية البارزة التي تسهم في مشاريع الطاقة الشمسية بمحافظة أسوان جنوبي مصر.
وبخصوص ليبيا، ثمة شركات إيطالية مثل إيني، مهتمة بتوسيع نشاطها في قطاع الطاقة المتجددة (خاصة الرياح)، لكن المشاريع الكبيرة في هذا المجال لم تُنفذ بعد بسبب الأوضاع الأمنية، في انتظار ضمانات تُقرها مخرجات قمة الطاقة والاقتصاد بليبيا خلال يناير/ كانون الثاني القادم.
مراوح ضخمة لإنتاج الطاقة الهوائية وذلك بضواحي بلدة ميلفي الإيطالية (الجزيرة) الشراكات.. وجهات نظرولشراكات إيطاليا مع دول شمال أفريقيا في مجال الطاقات المتجددة قراءات وتحليلات ووجهات نظر مختلفة، وفق آراء مختصين، إذ يقول الخبير والباحث في الطاقات المتجددة والهندسة البيئية والتغيرات المناخية، عبد العالي الطاهيري للجزيرة نت إن "تدشين أولى الشراكات الإيطالية الأفريقية، في شمال القارة، انطلاقا من المغرب، يأتي من منطق إيمان الأوروبيين والمنتظم العالمي عامة، بالقيمة والمرتبة التي وصل إليها المغرب، على المستويين الأفريقي والدولي، في مجالات التحول الطاقي".
وأشار المتحدث إلى أن "التعامل مع كل دول شمال أفريقيا يأتي أيضا من منطلق الشراكة الأوروبية مع المنطقة الداعمة لمحوري الطاقة والاقتصاد بتوفير موارد اقتصادية وامتصاص البطالة، مع ما يعنيه ذلك من تخفيض لضغط الهجرة خاصة غير الشرعية".
وبينما قالت الباحثة الجامعية في العلاقات الدولية، سيلفيا تروياني للجزيرة نت "إن تمويل إيطاليا للمشاريع الطاقية وتعزيز العلاقات مع بلد مستقر في المنطقة قد يكون مفيدا أيضا للقضية الأمنية، من خلال المساهمة في الحد من الهجرة وإغلاق الحدود مع دول خارج الاتحاد الأوروبي".
وذكر الباحث الأكاديمي في مجال الطاقات المتجددة، إدريس أيت الحاج في تعليق للجزيرة نت أن اهتمام إيطاليا بدول شمال أفريقيا، وفي طليعتها المغرب، يأتي في مرحلة زاد فيها التنافس بين القوى الدولية الكبرى للاستثمار في الطاقات المتجددة، خصوصا بدول شمال القارة السمراء، وهي شراكة "ترسخ التوجه العالمي نحو الطاقات النظيفة والمتجددة، وتوفر لدول شمال أفريقيا فرصا جديدة لزيادة النمو، سواء بالرفع من الاستثمارات الدولية في مجال الطاقات النظيفة، أو من خلال الاستفادة من التجارب والخبرات الدولية في مجال هيكلة وتطوير قطاع الطاقات المتجددة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی مجال الطاقات المتجددة دول شمال أفریقیا الطاقة المتجددة الطاقة الشمسیة من خلال فی هذا
إقرأ أيضاً:
تسارع وتيرة نمو الطاقة المتجددة
حسونة الطيب (أبوظبي)
أخبار ذات صلة سفارة الإمارات في بكين تنظم معرض «الإبداع للفنانين الشباب» روسيا والصين تجريان تدريبا عسكريا جويايتطلع العالم لتوليد 50% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، وذلك بحلول نهاية العقد الحالي، بيد أن وتيرة النمو الحالية، لا تتلاءم مع الأهداف التي حددتها الأمم المتحدة، الرامية لزيادة سعة التوليد بنسبة تقارب 75%، حسبما ورد في تقرير للوكالة الدولية للطاقة.
ومن المنتظر، إضافة نحو 5.5 ألف جيجاواط من الطاقة المتجددة بحلول العام 2030، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف الزيادة التي تحققت في الفترة بين 2017 و2023، وفقاً للوكالة.
ويقول المدير التنفيذي للوكالة فاتح بيرول: «تسير عجلة الطاقة المتجددة، بسرعة تتجاوز الأهداف التي وضعتها الحكومات الوطنية، ويوفر هذا النوع من الطاقة، الخيار الأقل تكلفة لإضافة محطات توليد جديدة للكهرباء، في كل قطر من أقطار العالم تقريباً».
ومن المتوقع، استحواذ الصين، على 60% من إجمالي سعة الطاقة المتجددة المُولدة في الفترة بين الوقت الحالي والعام 2030، ما يجعلها تحتضن نحو 50% من الطاقة المتجددة العالمية بنهاية العقد الحالي، بزيادة 35% تقريباً عما كانت عليه في العام 2010، وفقاً لوول ستريت جورنال.
ويرجح تقرير الوكالة، لأن تشكل الطاقة الشمسية الكهروضوئية، 80% من مجموع نمو السعة عند حلول العام 2030، مدفوعة بتراجع التكلفة وانخفاض المدة الزمنية للحصول على الأذونات، فضلاً عن السياسات التي تشجع الأسر والمؤسسات على الاستثمار في الألواح الشمسية.
وتعكس وتيرة اتساع رقعة طاقة الرياح، التي من المتوقع مضاعفتها، بالمقارنة مع الفترة بين 2017 إلى 2023، تعافياً واضحٍاً في القطاع.
وتؤكد الوكالة، لعب سياسات المناخ وأمن الطاقة في نحو 140 بلداً حول العالم، دوراً محورياً في جعل تكلفة الطاقة المتجددة، أقل بكثير عن تلك المحطات التي يعتمد تشغيلها على الوقود الأحفوري، لكن ومع ذلك، فإن هذه الوتيرة غير كافية لتحقيق الهدف الرامي لزيادة سعة الطاقة المتجددة العالمية بثلاثة أضعاف.
وعموماً، من المتوقع زيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في الاستهلاك النهائي للطاقة، مدعومة بالنمو الضخم في الكهرباء المُولدة منها، لما يناهز 20% بحلول العام 2030، بالمقارنة مع 13% في السنة الماضية 2023، وفقاً لتحليل الوكالة.
وبحسب الوكالة، يترتب على الحكومات تكثيف جهودها، بُغية دمج مصادر الطاقة المتجددة في نظم الكهرباء وتحديث الشبكات وتبسيط إجراءات الترخيص لتحقيق الأهداف الدولية.