ودَّعت محافظة عدن وأبين واليمن الكبير صديقي العزيز البروفيسور/ عبدالله علوي علي الفضلي الأبيني، في يومٍ حزين، دمعت فيه العيون، وبكت عليه القلوب المكلومة على إنسان جاد وجميل، وطبيب خدوم، ينتمي لأسرة أبينية فضلية كريمة، ذاع صيتها وكرمها وشهامتها في ماض الزمان حينما حكمت كسلطنة أجزاء من محافظة أبين، وتبنَّت سياسات تنموية وتربوية مميزة إبان حُكمها لتلك المناطق الشاسعة من اليمن الجنوبي حين ذاك.


تعرفت على صديقي الطبيب الاختصاصي/ عبدالله الفضلي، مُنذ العام 1975م حينما تزاملنا في المرحلة الدراسية الثانوية في ثانوية (باجدار) في مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين اليوم، وسابقاً كانت عاصمة الدولة الفضلية حتى يوم الاستقلال الوطني من المحتل البريطاني لجنوب اليمن في 30 نوفمبر 1967م، نعم تعرفت عليه وتزاملت معه ومُنذ ذلك التاريخ وهو صديق عزيز علينا، ولم تُفرِّقنا قسراً وظلماً سوى سنوات العدوان السعودي ــ الإماراتي ــ الأمريكي والذي لازال قائماً حتى لحظة كتابة مرثيتنا الحزينة على صديقي عبدالله الفضلي.
لم تنقطع علاقتنا الأخوية المتواصلة طيلة ذلك الزمان حتى لحظة مغادرته هذه الحياة الفانية، يوم الثلاثاء بتاريخ 25 يوليو 2023م، تزاملنا من المرحلة الثانوية مروراً بدراستنا الجامعية مع اختلاف الاختصاص، وعملنا معاً في العمل الأكاديمي في جامعة عدن كأعضاء هيئة تدريس، وظل تواصلنا الإنساني والأخوي متصلاً ومتواصلاً في كل تلك المراحل طيلة ما يزيد عن 47 عاماً، إنه زمنٌ قصير لم يشعر كلانا بالملل من تلك العلاقة ولا أتذكر أننا اختلفنا أو تناقضنا في الأمور الحياتية، لقد مرت كل هذه السنوات ونحن نُكِن لبعضنا البعض الاحترام الكبير والود العميق والأخوة الصادقة بدون حدود، إنه إنسان جميل بكل ما تحمله معاني مفردات الطيبة والشهامة والرجولة والأخلاق العالية.
إنه سلطانٌ جميل بكل معاني سلطنة الإنسان الوفي، والبعيد كل البعد عن مظاهر التعالي والتبجح والغطرسة الذي نلاحظها بين حينٍ وآخر لدى البعض من صنف البشر البائس، مع أنه يمتلك جميع خصائص التكبر لو شاء أن يرينا ذلك، فهو ناجح في دراساته الطبية كاختصاصي أنف وأذن وحنجرة، وهو مقتدر مالياً لأنه أحد أكبر الملاك الزراعيين في منطقة المسيمير، محافظة أبين، ويكفي أنه سلطان ابن سلطان على سنجه ورمح، لكن عبدالله الفضلي إنسان جميل رائع يحمل روح إنسانية عظيمة وأخلاق نبيلة عالية، ويتميز بطبية عشرته، وقدرته على التواصل الإنساني كطبيب يقدم الخدمات المجانية لمن يحتاج.
يمتلك صديقي الطبيب البروفيسور/ عبدالله الفضلي، روحاً دمثة ومرحة وصادقة في التعامل مع الأصدقاء وحتى من يعرفهم لأول مرة، يقدم لهم الخدمات مع ابتسامة لا تفارق محياه، وأتذكر أنه كان يقدم مساعدات مالية وخدمية لكل من لجأ إليه طالباً العون والمساعدة، لقد كان كريم النفس، وسامي الأخلاق وثاقب البصيرة في أمورٍ شتى، إنه بحق إنسان نادر واستثنائي جمع كل خصال الرجل الشجاع والكريم والرحيم، رحمة الله عليه.
أتذكر أنه كان يتصرف في معاملاته وسلوكه وتعامله مع الآخرين بمظهر الرجل النبيل منطلقاً من تربيته الأصيلة ومن تراثه الاجتماعي ومن منطلق دينه الإسلامي الحنيف، نعم إنه نوع محترم من صنف الرجال الكبار الأوفياء لسمعة ومكانة أسرتهم المحترمة.
كم أنا حزين جداً لفراقه ووداعه الأبدي، لأنني لم أستطع المشاركة في واجب العزاء الأليم بسبب ما صنعه العدوان الغاشم على وطننا من الحواجز بين أبناء الوطن الواحد، وخلق له كيانات ودويلات من العملاء والمرتزقة العابثين في جنوب الوطن، ولذلك حُرمنا من المشاركة في مراسم الدفن والعزاء والوداع الأخير، لكن عزاءنا أن هناك العديد من الإخوة والزملاء والأصدقاء قاموا بالواجب نيابة عني شخصياً وعن أي زميل لم يتمكن من الحضور للمشاركة في مراسم التأبين.
إن هذا الصنف من الرجال لا يموتون إلاّ بأجسادهم المتحللة فسيولوجياً، لكن أعمالهم وأرواحهم تبقى حية خالدة وتبقي الأجيال تردد سيرتهم العطرة بين زملائهم وطلابهم ومريديهم ومحبيهم وأسرهم الكريمة.
ندعو الله العلي القدير أن يتولى فقيدنا الطبيب البروفيسور المحترم/ عبدالله علوي علي الفضلي بواسع رحمته، وأن يتغمده في فسيح جناته الواسعة، ونبتهل إلى الله أن يُلهِمنا الصبر ويُلهِم أهله وأبناءه وأحفاده الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.
﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾

*رئيس مجلس وزراء حكومة الإنقاذ الوطني

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

تتحمل وزن إنسان وعمرها 3 آلاف عام.. ما هي نبتة الـ«ياريتا»؟

تنمو على الأرض كأنها قطع من السحاب أو الصخور المغطاة بالطحالب، لكنها في الواقع عبارة عن شجيرات مزهرة تُعرف باسم «الاريتا» أو «الياريتا»، وتعد من النباتات الأغرب في العالم، تتحمل النمو في الارتفاعات العالية بجبال الإنديز في كل من بيرو وشمال تشيلي وبوليفيا وغرب الأرجنتين.

ما هي شجيرات الياريتا؟ 

شيجرات الياريتا عبارة عن كتل خضراء زاهية تشبه الصخور المغطاة بالطحالب، وعلى الرغم من شكلها الجذاب إلا أنها تعد من النباتات البرية غير صالحة للأكل من أقارب البقدونس واليانسون.

وتكافح هذه النباتات ببطء ومنهجية من أجل البقاء، حيث تنمو بمعدل متر واحد فقط بمرور كل قرن وهو ما يجعلها معرضة بصورة كبيرة للإنقراض، بحسب موقع «in defense of plants» العالمي. 

ولتكاثرها تعتمد الياريتا بشكل أساسي على زراعة البذور، حيث يجب على المزارعين استخدام ركيزة جيدة التصريف والحفاظ على مستويات رطوبة معتدلة دون الإفراط في الري لمحاكاة الظروف القاحلة الأصلية لهذه النبتة، كما يُنصح أيضًا بتوفير طبقة باردة لتعزيز معدلات الإنبات ومحاكاة الموطن الطبيعي للنبات.

بسبب معدل نموها البطيء، يُعتقد أن أكبر شجيرات الياريتا يصل عمرها إلى نحو 3000 عام، ونظرا لكثافتها الشديدة يُعتقد أن هذه الشجيرة يمكن أن تتحمل وزن الإنسان بسهولة.

ولسهولة تعرضها للانقراض، حشدت حكومات أمريكا الجنوبية جهودها لحماية الأنواع المهددة بالانقراض.

ما علاقتها بالجزر؟ 

ما يزيد أيضًا من غرابة هذه التلال الخضراء الكبيرة هو انتمائها للنباتات من عائلة الجزر، فضلًا عن نموه فوق ارتفاع يتراوح بين 3200 و4500 متر بجبال الإنديز، نمو تلك الشجيرات المضغوطة بإحكام هو تكيف مع نمط حياتها، حيث يساعدها النمو المبطن على منع فقدان الحرارة والماء في هذه البيئات الباردة والجافة والعاصفة.

 

مقالات مشابهة

  • صديقي قلب كياني في الصميم لأنه سيرتبط بحبي القديم
  • شاهد| آيزنهاور.. خسرت هيبتها وعادت بخيبتها
  • نادي جامعة حلوان يحصد ذهبيتين في بطولة محافظة القاهرة للتايكوندو
  • البروفيسور الصيني يضبط المواجهة
  • تتحمل وزن إنسان وعمرها 3 آلاف عام.. ما هي نبتة الـ«ياريتا»؟
  • نادي جامعة حلوان يحصد ذهبيتين في بطولة محافظة القاهرة للمدارس للتايكوندو
  • "أبو الهول": حماس خسرت كثيرًا بوجود أنفاق غزة وأعطت مبرر لقصف المنازل
  • «أبو الرجولة كلها».. كريم محمود عبد العزيز يحيي ذكرى وفاة والده (صورة)
  • حوار مع صديقي ال ChatGPTالحلقة 42
  • كريمة تطلب الخلع: «قعدة الصحاب أهم من حياتنا كلها»