مثّلت انتفاضة 2 ديسمبر 2017، التي قادها رئيس الجمهورية الأسبق الزعيم علي عبد الله صالح - طيّب المولى ثراه- ضد مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، محطة هامة في مسار الأحداث اليمنية، وأصبحت منارة تضيء درب التحرر من كهنوت الإمامة بجلبابها الحوثي.

جاءت الانتفاضة بعد سنوات من محاولات عديدة من قبل حزب المؤتمر الشعبي العام لتعديل اعوجاج الحركة الحوثية التي نفذت في 21 سبتمبر/أيلول 2014 انقلاب مليشياوي، واجتاحت العاصمة اليمنية صنعاء، واستمرت في تجريف المؤسسات الحكومية من منسوبيها، وإحلال قياداتها ومواليها، علاوة على حملات النهب والجبايات المنظمة.

وقال محللون سياسيون ومراقبون لوكالة "خبر" إن الانتفاضة اندلعت نتيجة لاستمرار الحوثيين في نهب موارد الدولة، وفرض الجبايات على المواطنين والتجار، وأحياء الفعاليات والأنشطة الطائفية بتمويل الزامي من التجار والمواطنين، إلى جانب امتناعهم عن صرف رواتب الموظفين الحكوميين منذ عام 2016.

ووفقًا للمحللين، رافق النهب المنظم للموارد والجبايات تزايد ملحوظ في حملات الاعتقالات التعسفية بحق المعارضين والناشطين، حتى داخل مناطق سيطرتهم، ما اعتبره الزعيم صالح في خطاباته تجاوزا لكل الحدود، داعيا الشعب اليمني إلى مواجهة تلك الانتهاكات.

وانطلقت شرارة الانتفاضة من صنعاء، حينما دعا الزعيم صالح أبناء الشعب إلى تنظيم انتفاضة شعبية، مؤكدا على ضرورة "تصحيح المسار"، لتبدأ أصنام المليشيا تتهاوى تباعا، بدءا من صنعاء حتى حجة والمحويت وغيرها.

أُصيبت المليشيا الحوثية المدعومة من إيران بحالة إرباك شديدة، وسارعت بسحب مليشياتها من مختلف الجبهات، ودفعت بكامل ثقلها العسكري مسنودة بآليات ووحدة مدفعية نحو منزل الزعيم صالح بعد أن أغلقت جميع مداخل العاصمة ثم الشوارع المحيطة بمنزله في حي حدة وسط صنعاء.

خاض الزعيم صالح معركة غير متكافئة حينما واجه بندقيته الشخصية، وخلفه حرسه الخاص، جحافل المليشيا مسنودة بغطاء ناري كثيف بالأسلحة الرشاشة الثقيلة وقذائف الدبابات والـ"آر بي جي"، ليسجل ملحمة أسطورية استمرت نحو 48 ساعة، قبل أن يرتقي شهيداً في الرابع من ديسمبر.

ووصف خبراء عسكريون هذه الانتفاضة بواحدة من أندر الانتفاضات وأكثرها شجاعة في تاريخ الشعوب. ولطالما انطلقت شرارتها من قلب عاصمة البلاد في ظل غياب أبسط دعم عسكري ولوجستي.

عروض وإغراءات

رفض الزعيم صالح عروض وإغراءات المليشيا مقابل التنازل عن مطالب شعبه وأهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين، والقبول بعودة الإمامة الكهنوتية التي جثمت على صدر اليمن حقبة من الزمن، بعباءة الحوثية المنحدرة من ذات السلالة الظلامية أصلاً والعائدة لأخذ ثأر أسلافهم الطغاة من الشعب اليمني وجمهوريته ووحدته.

وبقدر ما شكّل استشهاد الزعيم صالح خسارة فادحة على الصف الجمهوري والشعب اليمني المقاوم للنظام الكهنوتي، إلا أن دعوته نفخت في جسد الشعب المنهار من جور القمع والجبايات وتقييد الحريات، روح النضال، وبعثت فيه عزيمة الكفاح ضد الطغيان والذود عن أهداف الثورة السبتمبرية، التي ولدت منها عهد جديد قائم على العدل والمساواة، وانعتق بولادتها شعب من عبودية السلالة ودعاة الحق الإلهي بالثروة والحكم.

استمرت المليشيا في ملاحقة أقارب الزعيم الشهيد صالح وقيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه، حيث زجّت بالآلاف منهم في معتقلاتها، بينهم صحفيين وناشطين وقبليين، رغم أنه لم يكن لهم أدنى مشاركة مسلحة في هذه الانتفاضة.

ومع أن اسم وصورة صالح أصبحا كابوسا يؤرق المليشيا، فإن ترديد هذا الاسم أو رفع صورة صاحبه يُعدّ جريمة في معايير هذه العصابة، ومصير صاحبها تغييب وتعذيب إلى أجل غير مسمى. إلا أن هذا الصلف فشل أمام وهج الانتفاضة التي نجحت في استعادة ثقة الشعب بنفسه، حيث توالت التحركات المناهضة لسياسة القمع والنهب الحوثي سواء قبليا أو مجتمعيا أو حقوقيا، ولذا زخرت البلاد بالعديد من الوقفات التي قابلتها قمع ووحشية، لكنها تزداد يوما بعد آخر.

هذه المخرجات هي في الأساس، حسب المراقبين والمحللين، نواة الانتفاضة، وشكلت نقطة تحول في الوعي الشعبي تجاه ضرورة مقاومة الحوثيين، ولا تزال أيضا تمثل رمزا للتحدي في وجه ممارساتهم.

بالقدر نفسه، فضحت انتفاضة 2 ديسمبر حدود الشراكة السياسية مع المليشيا الحوثية، مؤكدة أن تلك المليشيا لا تسعى إلا لتعزيز سيطرتها المطلقة على السلطة والموارد، وهو ما فضح عورتها أمام الشعب اليمنية ويحتم على جميع الأطراف المناوئة لهذه المليشيا أخذ كل ذلك بعين الإعتبار.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: الزعیم صالح

إقرأ أيضاً:

الحوثي يعلن خيارات أنصار الله في حال انهار اتفاق وقف إطلاق في غزة أو لبنان

قال قائد حركة أنصار الله اليمنية عبد الملك الحوثي، جهوزية "القوات المسلحة اليمنية» للتصعيد في حال نكث العدو بالاتفاق مع لبنان أو غزة"، مبينا أن رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، يحاول تعويض فشله في غزة بالعدوان على الضفة الغربية.

قال الحوثي في خطاب بالذكرى السنوية السابعة لاستشهاد رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصمّاد، أن "الأمريكي هو المسؤول الأول عن استهداف الشهيد الصماد وهو المتحمِّل لوزر العدوان السعودي على البلد".

وأشار إلى أن "أي دعم للأميركي هو دعم للإسرائيلي" مبينا أن "مئات المليارات التي تقدم للأمريكي من ثروات الشعوب، يقدم هو من خلالها السلاح والقنابل التي تقتل الشعب الفلسطيني".

وأوضح، أن "الإجرام في غزة لم يحقق لرئيس وزراء العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، النتائج المرجوة، لذلك «هو يحاول أن يعوض ذلك بالاعتداءات والجرائم في الضفة الغربية".



كما اعتبر أن "هناك مسؤولية على الأمة» لمناصرة الشعب الفلسطيني تجاه ما يقوم العدو الإسرائيلي من اعتداءات في الضفة، ومسؤولية أيضاً على السلطة الفلسطينية التي مهدت للعدو الإسرائيلي الكثير من الجرائم".

ولفت الحوثي إلى أن النجاح في غزة يقابله الفشل المطلق» للإسرائيلي بالرغم من حجم الخذلان من معظم الأمة وتواطؤ البعض من الأنظمة والقوى.

ورأى أن مشهد مسار تنفيذ الاتفاق هو الشاهد على جدارة المقاومة في فلسطين بالوقوف معها وتأييدها ومساندتها.

وأوضح، أن "رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، الذي تحدث عن تغيير ملامح الشرق الأوسط، أصبح الآن يرى ملامح أخرى ويرى في مشاهد انتصار للشعب الفلسطيني ومجاهديه فشلاً مطلقاً له".

كما أشاد الحوثي بما قام به أبناء الشعب اللبناني في جنوب لبنان من تحرك عظيم ومقاوم لاستعادة قراهم، وهم الذين قدموا تضحيات كبيرة وتحركوا رجالاً ونساء بروحية جهادية متفانية ضد العدو الإسرائيلي.

وختم قائلا، إن "على الأمة أن تقف مع الشعب اللبناني»، أكد الحوثي جهوزية «القوات المسلحة اليمنية للتحرك الفوري وللتصعيد في حال نكث العدو بالاتفاق وعاد إلى التصعيد في غزة أو في لبنان".

مقالات مشابهة

  • مليشيا الحوثي تصادر مواد غذائية لمواطنين قدموا من مارب
  • حوادث قتل في عمران والجوف.. نزيف مستمر في ظل سيطرة مليشيا الحوثي
  • خروج عبدالله حسين ضربة موجعة ضد المليشيا التي وجدت نفسها محاصرة من كل النواحي
  • الحوثي يعلن خيارات أنصار الله في حال انهار اتفاق وقف إطلاق في غزة أو لبنان
  • مليشيا الحوثي تقتل شاباً من قبيلة بني نوف في الجوف
  • قبل ساعات من انطلاق حفل غرامي 2025.. مواجهة فاصلة بين تايلور سويفت وبيونسيه
  • ما المعجزة التي ينتظرها جنود المليشيا لتتحقق وتوقف تقدم الجيش؟
  • بالتزامن مع انشغال العالم بغزة.. مليشيا الحوثي تصعّد عسكرياً في جبهات اليمن وسقوط جرحى في مأرب
  • ذمار.. مليشيا الحوثي تختطف الشاعر الشعبي صالح السوادي
  • استشهاد امرأة بانفجار لغم من مخلفات مليشيا الحوثي شرقي صنعاء