الاقتصاد نيوز — بغداد

كشف محافظ البنك المركزي العراقي علي محسن العلاق، عن قرب إطلاق مصرف "ريادة" لدعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، فيما أعرب عن تفاؤله بالموقف النقدي للبلاد رغم ظروف المنطقة.

وقال العلاق في حديث للصحيفة الرسمية وتابعته "الاقتصاد نيوز" على هامش مشاركته في فعاليات الأسبوع العربي للتنمية المستدامة (النسخة الخامسة) الذي عقد في القاهرة مؤخراً، إن "مصرف (ريادة) سيكون بمساهمة المصارف العراقية وبدعم من المركزي نفسه من أجل تنويع القاعدة الإنتاجية وخفض مستويات البطالة وتوفير ركائز أساسية للتنمية المستدامة وبدعم من منظمات  دولية مختصة".


المصرف الأخضر

وأضاف أن "البنك المركزي يتبنى مبادرة تمويل لشراء المنظومات الشمسية وترخيص (المصرف الأخضر) ليكون أول مصرف في المنطقة يختص بالتمويل الأخضر ومشاريع الطاقة المتجددة كجزء من مواجهة تحديات التغيرات المناخية"، وأوضح، أنه أعلن ذلك في جلسة عن (دور البنوك المركزية في التغيرات المناخية) والتي عقدت بالقاهرة.

وأشار، إلى أن "البنك المركزي يتبنى سياسة نقدية غير تقليدية، لا تقوم فقط على تحقيق الاستقرار النقدي باستخدام أدواته التقليدية - وإن كان هذا الدور له أولوية باعتباره ركناً أساسياً في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتوفير بيئة مستقرة وجاذبة لقطاع الأعمال والاستثمار المحلي الأجنبي - إذ أن التغيرات والتحديات التي تواجه العالم وتنعكس آثارها على الاقتصاد الوطني، تتطلب دوراً أوسع وأدوات جديدة لتجنب المخاطر وخلق الظروف المناسبة، والمستقرة، ومن تلك التحديات التغيرات المناخية"، وبيّن أن "البنك المركزي العراقي يتفق مع الرأي الذي يرى أن للتغيرات المناخية آثاراً مباشرة في الاقتصاد بما تسببه الكوارث الطبيعية والجفاف والقحط من تراجع في معدلات النمو الاقتصادي والنزوح والبطالة والفقر، مما يدعو إلى أن تأخذ البنوك المركزية دوراً في مواجهة المخاطر الناجمة عن ذلك، من أجل الحفاظ على مستويات مقبولة للتنمية المستدامة".
مؤشرات الاستقرار".

وأضاف محافظ البنك المركزي العراقي، أنه قدم خلال جلسة القاهرة؛ شرحاً مفصلاً عن مسيرة التنمية في العراق خلال الحروب والسياسات الجائرة إزاء موارد العراق وبنيته التحتية التي أدت إلى تراجعات خطيرة في مؤشرات التنمية، وأشار إلى أنه "مع انحسار آخر موجات الإرهاب في العراق وتحقيق الاستقرار الأمني، أخذت مؤشرات الاستقرار الاقتصادي بالنمو، وبدأ الاستثمار المحلي والأجنبي يأخذ مساره التصاعدي، وحقق البنك المركزي العراقي عدة عوامل أساسية في الاستقرار العام عبر مكافحة التضخم والسيطرة عليه، والاحتفاظ باحتياطيات أجنبية عالية، وكذلك من خلال مبادراته في تحفيز  القطاعات الاقتصادية وتوفير بيئة آمنة وحرية في حركة الاستثمارات".

وبيّن العلاق، بأن "تجارب الدول أثبتت الدور المحوري للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ولذلك فإن البنك المركزي يولي هذا الموضوع اهتماماً كبيراً"،  مشيراً إلى "الأدوار المطلوبة والمتوقعة من البنوك المركزية إزاء تحديات تغيرات المناخ؛ ومنها ضمان الاستقرار المالي من خلال تقييم المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية التي يتطلب رصدها ووضع أدوات لقياسها وإجراء اختبارات التحمل المناخي التي تحاكي تأثير الأحداث المناخية في الاقتصاد والقطاع المالي، وتشجيع التمويل الأخضر عن طريق إدراج المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في سياسات الإقراض والاستثمار"، موضحاً أن "البنك المركزي العراقي يقوم بتطبيق هذه المعايير في القطاع المصرفي بدعم من منظمة UNDP وكذلك تشجيع المصارف على تمويل المشاريع الصديقة للبيئة"، ونوّه بأنه "يمكن تعديل السياسات النقدية بما يأخذ بنظر الاعتبار الأثر طويل الأجل للمناخ، مثل إدراج الأوراق المالية المرتبطة بالمناح ضمن عمليات السوق المفتوحة".
وعن مشاركته في "مؤتمر التنمية المستدامة" بالقاهرة، قال العلاق: "هو حدث سنوي تقيمه جامعة الدول العربية بالتعاون مع شركاء دوليين ومحليين، وكان عنوان النسخة المقامة (حلول مستدامة من أجل مستقبل أفضل)، وكان من فعالياته انطلاق المنتدى الإقليمي الرفيع المستوى بشأن الاستثمار والاستدامة وهو الأول من نوعه، ويهدف المنتدى إلى معالجة التحديات والفرص المتعلقة بالاستثمار والاستدامة في ظل التوجهات الاقتصادية العالمية وتغير المناخ والهشاشة الإقليمية، كما يهدف إلى إنشاء منصة حوار بين الحكومات والمستثمرين والبنوك ووكالات التنمية لتعزيز الاستثمار المستدام، وقد شاركنا بورقة عمل في المؤتمر".
التحول الرقمي

وعن التحول الرقمي الذي ينوي البنك المركزي العراقي تنفيذه، قال العلاق: إن "هناك برنامجاً واسعاً، والذي يأخذ بعداً وطنياً كبيراً لدينا، وهو التحول الرقمي الذي يعدُّ أحد أولويات الحكومة بالتعاون مع البنك المركزي، ونعمل سوية وبدعم مباشر من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، على توفير مستلزمات هذا التحول، الذي يشكّل ركناً أساسياً من أركان الاقتصاد الرقمي بشكل عام".

وأكد محافظ البنك المركزي، بأن "الحكومة تتجه إلى تنويع الإنتاج  للنهوض بالقطاع المصرفي والسياسة المالية، وهي تضع البرامج للوصول للهدف والإحاطة بالظروف الدولية والإقليمية والمحلية – التي هي مفاتيح للتعاطي وطرح البرامج والخطط التي تتوائم وتتلاءم مع كل هذه الظروف - وهناك تنويع وتقوية للاقتصاد الوطني، لكي ينشط القطاع المصرفي عندما تكون هناك قاعدة إنتاجية متنوعة"، وأقر العلاق "أننا كبلد يعاني من أن النشاط الاقتصادي الرئيسي هو القطاع النفطي، وبما يرتبط بتحول الموارد النفطية إلى قطاع التجارة بشكل أساسي بدلاً من توظيفها محلياً لخدمة أهداف التنمية وتنويع القاعدة الإنتاجية، وهذا يدعو إلى ضرورة تفعيل القطاع المصرفي بتوفير التمويل اللازم لإنشاء مشاريع حقيقية في القطاعات الاقتصادية الأساسية، ولا سيما في القطاعين الصناعي والزراعي وغيرها من القطاعات"، مبيناً أن "هذا التوجه سيقود إلى التخفيف من الاعتماد على الموارد النفطية، وكذلك توفير سبل التشغيل والنمو الحقيقيين".

الاستقرار النقدي
وعن تأثير التوترات في المنطقة على الاستقرار النقدي، قال العلاق: إن "الموقف النقدي في العراق (ممتاز جداً) في الوقت الحاضر من حيث السيطرة على التضخم والكفاية العالية للاحتياطيات الأجنبية والذي  يمكّن البنك المركزي من الثبات، ومن الدفاع عن سعر الصرف، ومن تحقيق الاستقرار النقدي، رغم الظروف المحيطة بالبلد والمنطقة"، مبيناً أن "الاحتياطي يغطي احتياجاتنا، وهذا ما يميز البنك المركزي العراقي قياساً للبنوك المركزية الأخرى في
المنطقة" .
وأكد العلاق، في ختام حديثه لـ"الصباح"، نجاح البنك المركزي في تنفيذ خطة الانتقال في "الحوالات الخارجية، بما يتوافق مع الممارسات والمعايير الدولية، وأنها تجري حالياً بانسيابية وشفافية - لاسيما تغطية الاستيرادات بسعر الصرف الرسمي - ما يؤدي إلى الاستقرار العام في الأسعار، أما بالنسبة للحوالات الشخصية واستخدام البطاقات خارج العراق؛ فيجري تطوير نظامها بما يؤمن انسيابيتها، وتم الاتفاق مع كافة الشركات المعنية بشأن الآليات الجديدة لتعزيز الحسابات ذات الصلة".

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار البنک المرکزی العراقی التغیرات المناخیة الاستقرار النقدی القطاع المصرفی فی العراق

إقرأ أيضاً:

مصرف الرافدين تحت المجهر الأمريكي وسط اتهامات بـتمويل الإرهاب

بغداد اليوم - بغداد

أثار السياسي العراقي انتفاض قنبر، اليوم الإثنين (3 شباط 2025)، جدلًا واسعًا بعد تصريحه بأن "مصرف الرافدين لم يخضع لمراجعة حساباته المالية منذ تسع سنوات"، مما يثير تساؤلات حول الشفافية والرقابة المالية على أحد أهم المؤسسات المصرفية في العراق.

ووفقًا لقنبر، فإن المصرف تورط في تمويل "مجاميع إرهابية" عبر أدوات مالية مثل "كي كارد" والقروض غير المغطاة أو ما وصفها بالقروض "السامة".

وأشار قنبر إلى أن هناك جهات رسمية تتحمل مسؤولية هذا الوضع، متهمًا وزارة المالية برئاسة طيف سامي بالتورط أو التغاضي عن هذه الممارسات، ما دفعه إلى القول بأن "وزارة إيلون ماسك" ستتخذ إجراءات صارمة ضد الوزارة والمصرف. ورغم الغموض حول هذا التعبير، إلا أن تصريحه يسلط الضوء على أزمة الثقة في المؤسسات المالية العراقية.


جو ويلسون وتصعيد الخطاب الأمريكي تجاه العراق

في سياق آخر، جاءت تغريدات النائب الجمهوري الأمريكي جو ويلسون لتضيف بعدًا سياسيًا أكثر تعقيدًا للأزمة المالية في العراق. فقد صرّح ويلسون قائلاً:

"أحث وزارة الكفاءة على التحقيق في الدمى الإيرانية التي سرقت علنًا 2.5 مليار دولار من بنك الرافدين بينما تذهب أموال دافعي الضرائب الأمريكيين إلى البنك المركزي العراقي".

هذا التصريح أثار تكهنات حول احتمالية تصعيد أمريكي ضد النفوذ الإيراني في العراق، وربما فرض عقوبات إضافية على الجهات المتورطة في عمليات مالية غير مشروعة. كما يربط مراقبون هذه التغريدات بمخاوف أمريكية متزايدة من استغلال النظام المالي العراقي لتمويل جماعات مسلحة مرتبطة بإيران.


البنك المركزي العراقي و"فشله" في مكافحة غسيل الأموال

على الرغم من محاولات البنك المركزي العراقي للحد من غسيل الأموال، إلا أن هذه الجهود لم تحقق النجاح المطلوب. فقد أطلق البنك عدة إجراءات تهدف إلى ضبط قطاع العقارات باعتباره أحد القطاعات الأكثر استخدامًا في عمليات غسيل الأموال، حيث فرض سقفًا قدره 500 مليون دينار عراقي على المعاملات العقارية، ثم قام لاحقًا بتخفيض هذا الحد إلى 100 مليون.

لكن هذه التدابير، وفقًا لمختصين، لم تمنع تدفق الأموال المشبوهة عبر قنوات أخرى مثل شركات الصرافة والتحويلات الوهمية. كما أن هناك اتهامات بضعف الرقابة على المصارف الأهلية التي يُشتبه في استخدامها كواجهة لغسيل الأموال وتمويل الجماعات المسلحة.


تحويل الأموال المشبوهة من العراق إلى إيران

كشفت تقارير دولية أن بعض البنوك العراقية استخدمت نظامًا مصرفيًا أنشأته الولايات المتحدة بعد 2003 لتحويل مبالغ ضخمة إلى إيران. هذه العمليات تمت عبر شركات وهمية وفواتير مزورة، مما سمح بتحويل مليارات الدولارات خارج النظام المالي الشرعي.

وفي محاولة لوقف هذه العمليات، فرضت الولايات المتحدة قيودًا على عدد من المصارف العراقية، ما أدى إلى تراجع حجم التحويلات بالدولار من العراق. ومع ذلك، يظل هناك قلق من أن هذه الأموال لا تزال تجد طريقها إلى جهات غير مشروعة عبر مسارات بديلة.


احتياطات العراق النقدية في البنك الفيدرالي الأمريكي

يجدر بالذكر أن احتياطات العراق من النقد الأجنبي محتجزة في البنك الفيدرالي الأمريكي، مما يضع الاقتصاد العراقي تحت رقابة مباشرة من واشنطن. هذا الارتباط يُمكن الولايات المتحدة من فرض قيود مالية صارمة على العراق في حال اشتباهها بوجود عمليات فساد أو دعم مالي لجهات غير مشروعة.

وبسبب هذا الوضع، يخشى بعض المسؤولين العراقيين من أن تتخذ الولايات المتحدة إجراءات أكثر تشددًا ضد النظام المصرفي العراقي، خاصة إذا استمرت عمليات تهريب الدولار وتحويله إلى إيران والجماعات المسلحة.


أزمة ثقة تهدد الاقتصاد العراقي

يواجه العراق أزمة مالية معقدة، حيث تتداخل قضايا الفساد المالي، غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب مع الضغوط السياسية الأمريكية. وبينما يحاول البنك المركزي اتخاذ إجراءات لتقييد التدفقات المالية المشبوهة، لا تزال الثغرات قائمة، مما يجعل الإصلاحات المطلوبة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

في ظل هذه الظروف، يظل السؤال الأهم: هل سيتمكن العراق من استعادة السيطرة على نظامه المالي، أم أنه سيواجه ضغوطًا أمريكية وعقوبات أكثر صرامة في المستقبل القريب؟


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

مقالات مشابهة

  • سعر الدولار الآن في مصر.. كم يسجل في البنك المركزي؟
  • مصرف الرافدين تحت المجهر الأمريكي وسط اتهامات بـتمويل الإرهاب
  • 23 مليون ريال أذون خزانة من "البنك المركزي"
  • المركزي يصدر مجموعة قرارات بخصوص «مكاتب صرافة»
  • المركزي ينشر تفاصيل طلبات فتح «الاعتمادات المستندية»
  • مبيعات المركزي العراقي تتجاوز 300 مليون دولار بمزاد اليوم
  • خبراء الاقتصاد العراقي:لماذا لاتنشئ حكومة السوداني “صندوقا سيادياً” لتحقيق الاستقرار المالي ؟
  • رئيس الوزراء: البرنامج الحكومي أُعدّ ليكون قابلاً للتطبيق لتعزيز ثقة المواطن
  • أكثر من مليار خلال أسبوع .. المركزي العراقي يواصل مبيعاته القياسية للدولار
  • رضوان: ‏الوضع الاقتصادي في ‌ليبيا ⁩”ممتاز جداً”