الثقافة تصدر الأعمال الكاملة للمفكر سليمان العطار بهيئة الكتاب
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
كتب- محمد شاكر:
تعاقدت وزارة الثقافة، من خلال الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، على إصدار الأعمال الكاملة للأكاديمي البارز المترجم والناقد الأدبي الدكتور سليمان العطار، الذي يُعد من أبرز المفكرين والمثقفين المصريين الذين ساهموا بشكل ملحوظ في تطوير الفكر العربي الحديث.
تميز سليمان العطار بفكره العميق، وأسلوبه النقدي، واهتمامه الخاص بقراءة التراث وإعادة النظر فيه من خلال رؤية معاصرة تواكب التحديات الحديثة.
نشأ سليمان العطار، تحت تأثير عميق من عبد العزيز الأهواني، الذي كان له الفضل في إدخال الدراسات الأندلسية إلى مصر والعالم العربي وتطويرها، ورأى العطار في الأهواني نموذجًا للمثقف الذي يكرس حياته للعلم، مشبهًا إياه بأرسطو الذي اعتبر تلاميذه كتبه الحية.
يرى العطار، أن التراث يشكل عنصرًا أساسيًا من الهوية العربية، لكنه يعارض تقديس هذا التراث دون فحص أو نقد.
يعتبر العطار، أن فهم التراث بعمق وتوظيفه بذكاء يمكن أن يسهم في بناء مستقبل مزدهر، وذلك من خلال تجاوز الرؤية المحدودة للتاريخ والتراث والبحث عن طرق لدمج الماضي في سياق العصر الحديث.
دعا العطار إلى إشاعة قيم الحوار، وقبول الآخر، ونبذ التطرف الفكري والتعصب، كان يرفض الجمود والتنميط الفكري، ويسعى إلى تجديد الفكر العربي من خلال نقد النصوص التقليدية وتحريرها من القداسة التي تحول دون تطورها.
إسهامات العطار في النقد الأدبي كانت عميقة ومتعددة، في كتابه «مقدمة في تاريخ الأدب العربي: دراسة في بنية العقل العربي" الذي أعاد تحريره الدكتور قحطان الفرج الله بعنوان: "عقلان وثقافتان/ دراسة في بنية العقل عن العرب"، عالج العطار الجذور الفكرية التي ساهمت في تشويه الهوية الثقافية للعرب.
كان للخيال مكانة خاصة في فكر العطار، حيث اعتبره أداة للخلق المعرفي والابتكار، درس العطار نظرية الخيال عند ابن عربي، في كتابه "الخيال والشعر في تصوف الأندلس"، و"الخيال النظرية والمجلات عند ابن عربي"، ووصفها بأنها وسيلة لتحريك منظمة الابتكار وتجاوز الجمود الفكري.
ترجم العطار أعمالًا أدبية عالمية مثل: "مائة عام من العزلة" لغابرييل غارسيا ماركيز، و"دون كيخوتي" لثربانتس، وصنفت من أهم وأنضج الترجمات لهذا العمل الفريد، من خلال هذه الترجمات، سعى العطار إلى تعزيز الفهم الشمولي للثقافة الإنسانية والتواصل مع التجارب الإنسانية المشتركة.
رأى في ترجمة هذه الأعمال جسرًا يربط بين الثقافة العربية والثقافات العالمية، ويعزز من قدرة المثقف العربي على التفاعل مع العالم الحديث.
كما رأى العطار أن إعادة قراءة التراث العربي أمر حيوي لتحقيق التقدم الحضاري، واعتبر أن مشاكل الهوية الثقافية العربية ترتبط بشكل كبير بتقديس التراث دون دراسة نقدية أو محاولة للتجديد.
انتقد العطار حالة التشرذم الثقافي في العالم العربي، ودعا إلى تجاوز الانقسامات الطائفية والمذهبية والمناطقية، وقدم العطار رؤية تتجاوز التحليل السطحي للتاريخ، وتدعو إلى فحص العوامل التي أدت إلى التشرذم العربي، ومحاولة استعادة الوحدة الثقافية من خلال فهم أعمق وأشمل للتراث وليه العديد من الدراسات والكتابات الإبداعية في مجال الرواية (رواية سبعة أيام، ورواية عصابة سرقة الاثار) ومجموعة قصصية (النساء لن تدخل الجحيم).
الناقد الأدبي الدكتور سليمان العطار سليمان العطار وزارة الثقافة الثقافةتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقة "الثقافة" تطلق المهرجان القومي للتحطيب بالأقصر.. بمشاركة شيوخ اللعبة أخبار أول "أبليكيشن".. رئيس قصور الثقافة يكشف لمصراوي تفاصيل تطبيق "توت" أخبار بمشاركة نجوم الغناء.. وزارة الثقافة تقيم حفلًا لتكريم اسم محمد رحيم أخبار بهوية بصرية ومخطوطات فرعونية.. ننشر استعدادات مصر للمشاركة في معرض أخبار أخبار مصر إسكان البرلمان تناقش إنشاء مأخذ محطة مياه إدفينا وتوصيل الصرف للمناطق منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر "الثقافة" تطلق المهرجان القومي للتحطيب بالأقصر.. بمشاركة شيوخ اللعبة منذ ساعتين قراءة المزيد أخبار مصر نقيب الفلاحين يُحذر من مرض خطير يُصيب الماشية وينتقل للإنسان عن منذ 3 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر شقق سكنية ومجمع حرفي.. ننشر المناطق البديلة لأهالي القاهرة التاريخية- منذ 5 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر ليس خطأ لكنه خطر.. مهندس أمن سيبراني يوضح خطورة نشر صور بمواقع التواصل منذ 5 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر نشرة التوك شو| حقيقة إزالة مقابر الخانكة.. ورد حكومي على قفزات مرتقبة منذ 5 ساعات قراءة المزيدإعلان
إعلان
أخبار"الثقافة" تصدر الأعمال الكاملة للمفكر سليمان العطار بهيئة الكتاب
أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك 23القاهرة - مصر
23 15 الرطوبة: 54% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشتركالمصدر: مصراوي
كلمات دلالية: سعر الفائدة سكن لكل المصريين المحكمة الجنائية الدولية نوة المكنسة مهرجان القاهرة السينمائي الإيجار القديم الحرب على غزة أسعار الذهب تصفيات أمم إفريقيا 2025 دونالد ترامب داليا فؤاد سليمان العطار وزارة الثقافة الثقافة قراءة المزید أخبار مصر صور وفیدیوهات من خلال
إقرأ أيضاً:
المثقف العربي وتحدي الطائفية والإرهاب.. قراءة في كتاب
الكتاب : المثقف العربي والقضايا الراهنة ... المواقف والأدوار .الكاتب : مثنى فائق مرعي
الناشر: دار الإبداع للطباعة والنشر والتوزيع صلاح الدين الطبعة الأولى - تكريت 2022.
عدد الصفحات: 126 صفحة
ـ 1 ـ
تتطور الأوضاع في معظم البلدان العربية على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي على نحو سريع ومربك بحيث تهتز القناعات القديمة وتُفرض علينا إعادة التفكير في مسلماتنا من جديد. ومن الذي سيقوم هذا بالدور غير المثقف؟ ولكنّ مفهوم "المثقف العربي" يظل بدوره في حاجة إلى المراجعة شأنه شأن الأدوار الموكولة له.
لقد حث هذا الواقع المركّب الباحث العراقي مثنى فائق مرعي على محاولة القيام بهذه المراجعة. فنزّل عمله ضمن إطار نظري يؤصلّ المفهوم ضمن الفلسفات المختلفة أولا ثم طرح القضايا الحارقة تباعا لاحقا.
بين الثقافة في مفهومها الذي أسس له هذا الكتاب والعنف والإرهاب تناقض تام. فالثقافة ترتبط بالتنوير والوعي وقبول الفكر المغاير والتأسيس للعيش معًا. ولغيابها تنتشر الأفكار الراديكالية والمتطرفة والعنصرية وتجد الجماعات الإرهابية والراديكالية المبرر لنشر أفكارها والترويج لمشاريعها. ولكن بعيدا عن هذه المصادرات يمثل العنف والإرهاب أعقد القضايا التي واجهت وتواجه المثقف العربي.نشأ مفهوم "المثقف" أول مرّة في فرنسا أواخر القرن التاسع. فقد وقّع ما يقرب من ألفي شخص على بيان في جريدة الفجر الفرنسية لورور L'Aurore بعنوان "إعلان المثقفين"، للاعتراض على الإجراءات المتعلقة بحماية المواطن خلال محاكمته عام 1906 فيما عرف بـ"ـقضية درايفوس". ثم من استعمل كليمانصو المصطلح نفسه عندما كتب يقول : "أليست هذه إشارة كل هؤلاء المثقفين الذين جاؤوا من كل الاتجاهات واجتمعوا للدفاع عن فكرة؟ ". وانتهت القضية لاحقا بتبرئة الضابط المدان من تهمة الخيانة العظمى بعد أن كُشفت حقيقة المؤامرة التي دبرتها مجموعة من العسكريين. وكان من نتائجها إضفاء صفة الشرعية على وجود فئة من المجتمع توسم ب"المثقفين".
ـ 2 ـ
يتدرج الباحث في عرض العديد من تعريفات هذا المثقف. فيُعرفه بول سارتر بونه : "ذلك الذي يدس أنفه في ما لا يعنيه" مشيرا إلى التزامه بمعالجة كبريات قضايا المجتمع الجذرية. ومعلوم أنّ فكرة الالتزام هي نقطة الارتكاز التي تستند إليها فلسفته الوجودية والتي يقرر بمقتضاها الوظيفة الاجتماعية للمثقفين. ويُذكّر بتعريف انطونيو غرامشي. فعنده تُنتج كل مجموعة اجتماعية بشكل عضوي فئة أو أكثر من المثقفين يتولون مهمة إكساب المجموعة الاجتماعية تجانسها ووعيها لوظائفها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وانطلاقا من تصوّره هذا يعرف المثقف بأنه "كل إنسان يمتلك رؤية معينة تجاه المحيط الذي يعيش أو ينشط فيه". أما ليبست فقد حدد المثقف بكونه "من يبدع الثقافة ويوزعها ويمارسها". ويصله بالعالم الرمزي الخاص بالإنسانية والذي يتضمن الفن والعلم والدين.
ومن المفكرين العرب الذين خاضوا في مفهوم المثقف يذكر منجز ادوارد سعيد. وفيه أن المثقف فرد وُهب ملكة عقلية لتوضيح رسالة أو وجهة نظر أو موقف أو فلسفة بألفاظ واضحة لجمهور ما. ولا يمكن للمرء أن يقوم بهذا الدور من دون الشعور بأن مهمته هي طرح الأسئلة علناً ومواجهة التزمت والجمود، ومن دون صلابة تجعله بمنأى عن الاحتواء من قبل الحكومات أو الشركات.
ـ 3 ـ
وللمثقف، وفق الباحث شروط لازمة تكتسبه صفته تلك. منها أن يكون على قدر واسع من الاطلاع على المعارف والثقافات. ومنها أن تكون له الأهلية الذهنية التي تخوّل له الإدراك النظري فهماً وتأسيساً وتساعده على تجاوز كافة أشكال التفكير الخرافي والأسطوري واللاعقلاني. ومنها الالتزام الضروري ليعمل على كشف الحقيقة وفضح الأفكار أو الأيديولوجيات المتآمرة على المجتمع والأمة. ولا بدّ له من الاستقلالية عن السلطة وعن الجمهور من عامة الناس فلا يتأثر بما يُمارس عليه من الضغوطات طالما كان موقفه مبنيا على الموضوعية والحيادية. وإجمالا يعدّ مثقفا وفق الباحث ذلك "الشخص المنفرد عن غيره من افراد المجتمع بقدرته على التفكير وانتقاد الاوضاع وتشخيص المشاكل ووضع الحلول لها والعمل على تجاوزها بفعالية ونشاط وفقاً لما يمتلكه من تراكم علمي ومعرفي ووعي يستند اليه في اهتمامه بالشأن العام وقضايا المجتمع والأمة".
ينطلق مثنى فائق مرعي من التصور الانتروبولوجي تحديد مفهوم الثقافة تقريبا. فهي عنده ما للمجتمعات المختلفة من ثقافات متباينة. ولتعريفها التعريف الدّقيق، يتبنى مفهوم صفر ابو فخر في أثره "نقد المثقف أم موت المثقف" وفيه أنّ الثقافة "هي هذا الكل المعقد المتشابك الذي يتضمن المعرفة والعقيدة والحقوق والأخلاق والأعراف، وكل قدرات أخرى اكتسبها الإنسان كفرد في المجتمع". فيجعلها بشكل ما "كل ما أضافه الإنسان إلى الطبيعة" و"كل ما يكتسب لا ما يورّث" و"كل ما يعارض الخام" و"كل ما هو اصطناعي وما ينشأ عن مجمل تجارب مجموعة بشرية ومنتجاتها الاجتماعية" وهي التعريفات التي وردت في "الموسوعة الثقافية" ذات الخلفية الأنتروبولوجية.
ويصنّف المثقف وفقا لفعله في مجتمعه إلى مثقف عضوي ومثقف ثوري ومثقف مستقل وهي تبابنات مخلفة للمثقف الملتزم، وإلى مثقف السلطة أو مثقف البلاط وإلى مثقف مهادن ومثقف مؤدلج ومثقف حزبي مثقف يقيني وهي تفريعات للمثقف الذي يفقد حريته بفعل مؤثر خارجي.
ـ 4 ـ
لحالة الوهن والإحباط والتفكك التي تعيشها المجتمعات العربية ولتصاعد أزمة الرأي الواحد وما نتج عنه من رغبة في إقصاء الآخر، ولوجود حركات وتيارات دينية وقومية متصادمة، يواجه المثقف العربي مجملا من التحديات قد لا تطرح على نظرائه في الثقافات الأخرى. ومن أخطرها على السلم الأهلية والاستقرار والانسجام المجتمعي ظاهرةُ الطائفية.
يردّ مثنى فائق مرعي السبب الأبرز لوجودها ولتفاقمها على نحو مطّرد إلى "الانشطارات المذهبية" المرتبطة بالتطرف الطائفي. ويشير إلى من يتملون مسؤولية قيادة التوجه الطائفي الذين يتولون تصدير تصوراتهم الخاصّة للناس البسطاء على أنها من جوهر الدين. فهذه الفئة هي نفسها التي تعمل على تحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولا تتردّد في اعتماد العنف للوصول إلى أهداف مخطط لها مسبقاً.
وللطائفية أبعاد المركبة، فكما تقوم على المذهب تقوم على العرق أو على الانتماء الجهوي والقطري. ومما يضاعف من خطرها أنها انتماء عابر للحدود يتفاعل فيها الطائفي اليماني مثلاً مع مجموعات من طائفته نفسها في العراق والكويت وسوريا ويتبنى تصوراتهم أكثر مما يتفاعل مع مجموعات في بلده بشأن القضايا نفسها. وهذا ما يخلق في ثقافتنا مشكلة انتماء عميقة. فنجد المرء الطائفي ينشط في تبني القضايا ذات الصلة بمجموعات من طائفته في دول عربية أخرى ويصمت عن مثيلاتها مما يتعرّض له مواطنو دولته من الطوائف الأخرى.
ـ 5 ـ
تستشري ظاهرة الطائفية عند المثقفين أنفسهم، حتى أنهم أسسوا ما يصطلح عليه الباحث بـ"ـالطائفية الثقافية". فتجد المثقف القومي لا يكتب إلا عن القوميين من الشعراء أو المفكرين أو الروائيين والمثقف الماركسي لا يكتب إلا المبدعين من ذوي الميول الماركسية. وهكذا يرمي هذا المثقف الطائفي بكل تلك المعايير التي حدّدها الفلاسفة والمفكرين ويكرس معارفه وجهده لخدمة مصالح الطائفة أو المذهب وللتبرير لانتهاكاتهم لحقوق الإنسان وقضايا فسادهم ولجرائمهم. ويستشهد.بـ"ـموقف المثقفين الطائفيين" من الثورة السورية. فقد سارعوا إلى "اتهام كل مثقف ناصر الثورة وعارض النظام بأنه متحالف مع الإسلاميين حتى إن كان علمانياً، مسلماً أو مسيحياً، فما دام قد أيد الثورة فإنه ضمنياً موافق على المشروع الإسلامي، ولعل الهجوم الذي تعرض له المفكر الراحل جلال العظم مثال واضح على ذلك".
يجد الباحث في هذا "المثقف الطائفي" شكلا آخر من مثقف السلطة أو البلاط أو الحزب الذي يضحي بانتمائه إلى الفكرة الحرة في سبيل الانتماء إلى الطائفة الملزمة بالمصادرات الدغمائية المحيّدة للتفكير المبدع وعبر شيطنة أبناء الطوائف الأخرى يؤسس لأجواء من الفتنة والتوتر بين أبناء المجتمع الواحد.
ـ 6 ـ
يعكس الانحياز الطائفي في مواقف المثقفين افتقارا للعقلانية التي تشترط الإيمان العميق بالتنوع والتسامح والاختلاف. ويتسبب في إثارة نوازع التعصب وتأجيج الكراهية المذهبية ونشر الزيف. ويضرب على ذلك مثل الثورة السورية. فقد فُسرت أحداثها التي انطلقت منذ منصف آذار 2011 ، بتواطؤ ولا شك، بكونها صراعا بين أقلية علوية وأغلبية سنّية. وفي ذلك تجاهل تام لدكتاتورية النظام ولإمعانه في قمع معارضيه بشكل رهيب وتجاهل لأسبابها السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تجعلها ثورة “الحرية والخبز".
لحالة الوهن والإحباط والتفكك التي تعيشها المجتمعات العربية ولتصاعد أزمة الرأي الواحد وما نتج عنه من رغبة في إقصاء الآخر، ولوجود حركات وتيارات دينية وقومية متصادمة، يواجه المثقف العربي مجملا من التحديات قد لا تطرح على نظرائه في الثقافات الأخرى. ومن أخطرها على السلم الأهلية والاستقرار والانسجام المجتمعي ظاهرةُ الطائفية.وكثيرا ما بتحوّل هؤلاء المثقفون المؤثرون، وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي إلى منابر تدعو باسم الانتماء الطائفي إلى سفك الدماء والقتل. وانطلاقا من هذا التشخيص ينتهي الباحث إلى أنّ الطائفية والوطنية متناقضتان لا يمكن للإنسان أن يجمع بينهما، وإلى أنّ مواجهة الطائفية تقتضي وجود "المثقف المواطن" وهو ذلك المثقف الذي يتبنى فكرة المواطنة بصورتها المثالية، بما هي وعي بالمسؤولية الأخلاقية والأدبية التي تتولى القيام بالواجبات قبل المطالبة بالحقوق. فمن هذا المنطلق وبناء على نقد الأفكار الطائفية نقدًا فلسفيًا وعقلانيًا مركزًا، وعلى الدعوة لثقافة التعدد وفي محاربة العصبية الطائفية والقبلية والشوفينية، يرسّخ هذا "المثقف المواطن" تقاليد الحوار وعقلية التسامح ويواجه ثقافة الإقصاء و إلغاء الآخر.
ـ 7 ـ
بين الثقافة في مفهومها الذي أسس له هذا الكتاب والعنف والإرهاب تناقض تام. فالثقافة ترتبط بالتنوير والوعي وقبول الفكر المغاير والتأسيس للعيش معًا. ولغيابها تنتشر الأفكار الراديكالية والمتطرفة والعنصرية وتجد الجماعات الإرهابية والراديكالية المبرر لنشر أفكارها والترويج لمشاريعها. ولكن بعيدا عن هذه المصادرات يمثل العنف والإرهاب أعقد القضايا التي واجهت وتواجه المثقف العربي.
ولكن يبقى السؤال قائما: فهل ندين هذا المثقف العربي لفشله في إيجاد بيئة فكرية عصرية عقلانية وفي الحيلولة دون أسباب تفريخ التطرف والجهل والتعصب. فدوره الريادي في المجتمعات يحمله مسؤولية كبرى في تجفيف منابع الإرهاب وتقليص مساحات انتقاله في المجتمع. وبالمقابل هل نعتبره ضحية بدوره، ذلك أنه مستهدف من إرهاب الجماعات العنيفة ومن عنف السلطات في آن. فحالما يشرع في ممارسة دوره يعرض نفسه للمخاطر قد تتجاوز سجنه أو تعذيبه إلى تعريض حياته نفسها للخطر.
لا يميل الباحث إلى التماس الأعذار لهذا المثقف الحزين. فرغم تفصيله للإكراهات التي يواجهها يضع على عاتقه مسؤولية إيقاف مظاهر العنف والتطرف بكل أنواعه ومختلف أشكاله وتعدد مستوياته. ففي مواجهة السلطة عليه أن يغرس العقل العلمي التنويري المنفتح في مجالات الحياة وأن يرسّخ ثقافة الاختلاف وقبول الآخر وأن يسعى باستمرار إلى تغيير الواقع الاستبدادي المسيطر على مجتمعاتنا وكسر إرادة التفرد بالسلطة. وفي مواجهة الجماعات المتطرفة هو مدعو إلى الكشف عن العوامل التي تجرّ إلى تبني البعض للعنف وتدفعهم إلى العمليات الإرهابية، موضوعية كانت أو ذاتية. وفي الآن نفسه هو مدعو إلى دفع الشبهة عن الإسلام فيما يخص الإرهاب عبر التبسط في نتاج الفكر الإسلامي بلغة ثقافية تتلاءم وشرائح المجتمع. وبذلك يكون أقرب إلى تبني مفهوم ادوارد سعيد للمثقف وللأدوار المنوطة بعهدته.