التحليق فوق أفغانستان.. قرار يثير تساؤلات تخص إدارة طالبان للحركة الجوية
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
بعد عامين من استيلاء طالبان على الحكم في أفغانستان، بدأت الولايات المتحدة تسهيل القوانين التي تسمح للطائرات التجارية بالتحليق فوق الدولة في مسارات جوية من شأنها تقليص مدة الرحلات وتخفيف الوقود المستهلك للسفر بين الشرق والغرب.
لكن تلك المسارات الجوية الأقصر للهند وجنوب شرقي آسيا أثارت تساؤلات لم تلق إجابات خلال الحكم السابق لطالبان، والذي امتد منذ التسعينيات وحتى الأشهر التي تلت هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2011.
وبحسب وكالة أسوشيتد برس تتضمن بعض التساؤلات التالي: كيف يمكن التعامل مع طالبان التي حظرت تعليم النساء ومشاركتهن في قطاع العمل، وهي منخرطة في سلوكيات وصفتها الأمم المتحدة وخبراء بـ "الفصل الجنسي"، أي يشبه ما كان يطبق في بعض الدول في ما يخص التمييز العنصري؟ وهل يمكن للخطوط الجوية أن تدير مخاطر التحليق في أجواء غير خاضعة للإدارة تتبع دولة تحوي قرابة 4500 مدفعية محمولة مضادة للطائرات؟ وماذا يحصل في حال وقوع أي طارئ يستدعي الهبوط الاضطراري؟
ومن قد يرغب بالتحليق فوق دولة كتلك؟ منظمة تابعة للسفر الجوي "OPSGrooup" أجابت مؤخرا عن هذا السؤال قائلا: "لا أحد!".
وقالت المنظمة في في تقرير استشاري: "لا توجد ATC (أي خدمة لمراقبة الحركة الجوية) في جميع أنحاء البلاد، هناك على ما يبدو قائمة لا حصر لها من أسلحة سطح - جو التي قد يبدأون في إطلاق النار عليك منها، إذا حلقت على ارتفاع منخفض جدا، وإذا كان عليك تغيير مسار الطريق، بالتالي نتمنى لك حظا سعيدا مع طالبان".
ومع ذلك، فإن إمكانية مواصلة الرحلات الجوية من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على القطاع الجوي، عبر الوكالة.
ورغم أنها لا تطل على أي سواحل، إلا أن موقع أفغانستان في وسط آسيا يعني أنها تتمركز في أكثر الخطوط المباشرة للراغبين بالسفر من الهند إلى أوروبا وأميركا.
وبعد عودة طالبان للحكم في 15 أغسطس عام 2021، توقفت حركة الطيران المدني مع توقف خدمات الإدارة الجوية. وازدادت مخاوف بشأن استخدام الأسلحة المضادة للطائرات بعد إسقاط الرحلة 17 التابعة للخطوط الجوية الماليزية فوق الأجواء الأوكرانية عام 2014.
ومنذ ذلك الحين، تعمد خطوط الطيران بشكل واسع إلى تجنب التحليق فوق الأجواء الأفغانية، وتسارع الرحلات الجوية في التحليق عبر ممر واخان بالأجواء الأفغانية لبضع دقائق، وهو ممر ضيق يفصل شرقي البلاد عن طاجكستان وباكستان، قبل أن تكمل مسارها.
إلا أن الوكالة أشارت إلى أن تلك التحويلات تضيف مزيدا من الوقت إلى مسار الرحلات الجوية، ما يعني استهلاك الطائرات مزيدا من الوقود، والذي قد يضيف أسعارا باهظة لشركات الطيران. لذلك لفت قرار أخير أصدرته إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية يخص تحليق الرحلات على ارتفاع 9750 مترا، إذ ذكرت أنه يمكن "السماح لمواصلة التحليق بالنظر إلى المخاطر الضئيلة المترتبة على عمليات الطيران المدني الأميركية في تلك الارتفاعات".
وأحالت الإدارة الفيدرالية، المتخصصة بضبط القوانين المتعلقة بالخطوط الأميركية، أي أسئلة تخص الأسباب وراء القرار إلى وزارة الخارجية الأميركية.
ولم تستجب الخارجية الأميركية لطلب أسوشيتد برس بالتعليق، إلا أن بعثة من الوزارة التقت مرات عدة بمسؤولين من طالبان منذ انسحاب القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي من أفغانستان.
كما لم يستجب المسؤولون من طالبان على طلبات الوكالة المتكررة للتعليق على القرار الأميركي.
ونوهت الوكالة إلى أنه لا يبدو أن هناك أي خطوط، عدا الأفغانية والإيرانية، مستعدة للتحليق فوق أفغانستان، وذكرت أن جزءا من ذلك عود إلى المخاطر من استخدام المليشيات أسلحتها، إذ قامت وكالة الاستخبارات المركزية بتزويد المقاتلين بالأسلحة لمواجهة الاتحاد السوفيتي في الثمانينيات، ومن الأرجح أن أفغانستان لا تزال تحوي أسلحة "KS-19" السوفيتية المضادة للطائرات، بحسب ما ذكره، ديلان ليرك، المحلل في شركة الاستخبارات "Janes"، في حديثة مع الوكالة.
من جهتها، تقول إدارة الطيران الفيدرالية إنها تقدر أن الطائرات التي تحلق على ارتفاع 9750 مترا ستظل آمنة من تلك الأسلحة، حتى ولو أطلقت من على قمم الجبال.
وتسيّر خطوط "يونايتد" رحلات مباشرة إلى نيودلهي من مدينة نيوارك في ولاية نيوجيرسي، وتستعين بممر واخان، وهي من ضمن الرحلات التي يمكن اختصار مدتها بالقرار الجديد.
وقال متحدث باسم خطوط "يونايتد". جوش فريد، لأسوشيتد برس: "توافقا مع القواعد الحالية لإدارة الطيران الفيدرالية تسيّر يونايتد رحلات من نيوارك لنيودلهي فوق جزء صغير من أفغانستان حيث توفر دول أخرى خدمات إدارة النقل الجوي".
كما تسّير "فيرجين أتلانتيك" رحلات عبر الممر ذاته لنيودلهي، أما المملكة المتحدة فلم تغير أيا من إرشاداتها التي تؤكد فيها للرحلات الجوية ضرورة الابتعاد عن قرابة كافة الأجواء الأفغانية، وقالت "فيرجين أتلانتيك إنها تجري "تقييمات تجارية وديناميكية لمسارات الرحلات بناء على التقارير الخاصة بالمعطيات الحديثة وتتبع الإرشادات الصارمة التي ترسمها المملكة المتحدة".
وتلجأ كل من خطوط "أميركان" و"إنديا" لممر واخان، ولم تستجب أي منهما لطلب أسوشيتد برس التعليق.
ورغم أنه يبدو أن خطوط الطيران لا تكترث للتحليق في الأجواء الأفغانية حاليا، إلا أنها كانت تستخدمها بكثافة في السابق، وأشار تقرير من منظمة الطيران المدني الدولية إلى أن نسبة الطيران كانت شبه معدومة في الأجواء الأفغانية، سنة 2002، لتزداد بشكل ملحوظ وتصل إلى 100 ألف رحلة جوية سنوية خلال 12 عاما بعدها.
وقبل عودة الحركة للحكم، كانت الحكومة الأفغانية تطالب بـ 700 دولار للرحلة الواحدة مقابل التحليق في أجوائها، وهو مبلغ يمكن أن يدعم البلاد الغارقة في أزمة اقتصادية عميقة.
وهناك سوابق تخص تجميد المبالغ المحصلة من التحليق الجوي، إذ أعلنت السلطات الأفغانية تخليص 20 مليون دولار من الأموال المجمدة والتي تم تحصيلها من النقل الجوي عقب السيطرة الأميركية على البلاد، عام 2001.
ووفقا لرواية طالبان الحالية، فإن الحركة بدأت أصلا بالاستفادة من الملاحة الجوية، إذ نقلت قناة "تولو" الأفغانية الخاصة، عن المتحدث باسم وزارة النقل والملاحة الجوية، عمادالدين أحمدي، أن أفغانستان حصّلت أكثر من 8.4 ملايين دولار من المرور الجوي خلال الأشهر الأربعة الأخيرة.
وقال أحمدي: "أي رحلة تعبر المجال الجوي الأفغاني عليها أن تدفع 700 دولار.. ومع تزايد الرحلات تستفيد أفغانستان".
كما ذكرت الوزارة إنها تلقت مالا من الهيئة الدولية للنقل الجوي، وهي اتحاد تجاري للخطوط الجوية حول العالم، إلا أن الهيئة قالت لأسوشيتد برس في بيان إن عقدها مع أفغانستان لتحصيل مبالغ مقابل المرور الجوي "قد تم تعليقه منذ سبتمبر عام 2001" تواكبا مع العقوبات الدولية على طالبان.
وأكدت الهيئة أنه "لم تكن هناك أي مدفوعات منذ ذلك التاريخ".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: التحلیق فوق إلا أن
إقرأ أيضاً:
منحة دولية لحركة طالبان من أجل مكافحة تغير المناخ
أعلنت حركة طالبان تلقي منحة بقيمة 10 ملايين دولار من مرفق البيئة العالمي لمكافحة تغير المناخ في أفغانستان، وتهدف هذه المنحة إلى تنفيذ مشروعات للتصدي لتحديات تغير المناخ في البلاد.
وقال روح الله أمين، رئيس قسم تغير المناخ في الإدارة الوطنية للبيئة التابعة لحركة طالبان، لوسائل الإعلام إنه سيتم تخصيص الأموال لمشروع يركز على مكافحة تغير المناخ، حسب وكالة خاما برس الأفغانية للأنباء.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4أفغانستان تستأصل الأفيون لصالح زراعات بديلةlist 2 of 4القلب النابض للنظام المناخي.. ماذا يحدث في المحيطات؟list 3 of 4الحيتان.. عمالقة المحيط وسلاحه ضد تغير المناخlist 4 of 4مؤتمر المناخ يذيب جليد العزلة عن طالبانend of listوأضاف روح الله أمين أنه من المتوقع أن يستمر المشروع لمدة 5 سنوات وسيتم تنفيذه في ولايتي كونار وبدخشان، وسيركز بشكل رئيسي على تحسين المجتمعات المحلية وضمان سبل عيش المواطنين في تلك المناطق، كما سيشمل جهودا مختلفة تهدف إلى تعزيز الاستدامة البيئية في أفغانستان.
وقبل شهرين من توليه مهام منصبه، سجلت حركة طالبان خطوة لافتة في مسعاها لكسر العزلة بمشاركتها في اجتماعات مؤتمر المناخ (مؤتمر الأطراف "كوب 29") الذي اختتم أعماله أول أمس في مدينة باكو عاصمة أذربيجان بعد أسبوعين متواصلين من المفاوضات.
ومرفق البيئة العالمي هو عبارة عن صندوق للتعاون الدولي، حيث تعمل 183 دولة جنبا إلى جنب المؤسسات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، لمعالجة ومواجهة فقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ والتدهور البيئي. ويدعم البلدان النامية لمعالجة الأولويات البيئية والالتزام بالاتفاقيات البيئية الدولية.
إعلانوكانت حركة طالبان قد حضرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 29) في باكو عاصمة أذربيجان، الذي خرج باتفاق دول العالم على تمويل سنوي لا يقل عن 300 مليار دولار للدول النامية لمكافحة التغير المناخي.
وكان الأهم من الحضور بالنسبة لحركة طالبان هو مشاركتها للمرة الأولى منذ توليها السلطة في هذا المحفل الدولي المتعدد الأطراف الذي حضره أكثر من 76 ألف مشارك ورؤساء 80 دولة وحكومة، والذي اعتبره الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف "انعطافا في الدبلوماسية المناخية".
ويتمثل التحدي الأكبر أمام حكومة حركة طالبان الحاكمة في أفغانستان بعد مرور أكثر من 3 سنوات في كسر العزلة المفروضة عليها من الدول الغربية. وتسمح لها مثل هذه التحركات -بما فيها حضور المؤتمر والمنحة المقدمة- بتعزيز موقفها على الساحة الدولية وإظهار قدرتها على التعامل مع المجتمع الدولي بشأن قضايا مهمة مثل المناخ.