انتكاسة “الأسد” السوري تقرع أجراس الخطر في صنعاء -تحليل معمق
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
يمن مونيتور/ صنعاء/ تحليل خاص:
أعلن الثوار المناهضون للحكومة السورية أنهم حققوا تقدما مذهلا في حلب ومدن مجاورة، وهو ما يمثل جائزة رمزية واستراتيجية كبرى، في انتكاسة للحكومة في دمشق وحلفائها روسيا وإيران ومحور المقاومة؛ لكن هذا التقدم المفاجئ يدق أجراس الخطر في صنعاء حيث يحكم الحوثيون بقبضة حديدة المناطق الخاضعة لسيطرتهم منذ سيطرتهم على صنعاء عام 2014.
وفيما يراقب الحوثيون عن كثب حليفهم السوري يتهاوى، لم يقدموا أي ردة فعل مباشرة رسمية للأحداث حتى يوم الأحد، عندما وصفت وزارة الخارجية التابعة لهم (غير المعترف بها دولياً) التحركات “الإرهابية” هي بسبب “المؤامرات الخارجية”.
نجا بشار الأسد بأعجوبة من ثورة شعبية أشعلت صراعاً مسلحا ضده في عام 2011. وبمساعدة القوة الجوية الروسية والدعم العسكري من إيران وحلفائها بما في ذلك حركة حزب الله اللبنانية، قمع الانتفاضة باستخدام القصف والأسلحة الكيماوية والاعتقالات الجماعية للمعارضين.
تتصاعد أعمدة الدخان في المسافة بينما تظهر سيارات متضررة في موقع غارات جوية شنتها قوات النظام السوري استهدفت مقاتلين من المعارضة في حلب، شمال سوريا، في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 (أ.ف.ب) المتغيّرات الإقليميةهذا التطور أتى نتيجة لظهور حروب جديدة خارج الحدود السورية، تسببت في تراجع شبكة الدعم التي حظي بها بشار الأسد خلال العقد الماضي. حيث يأتي هجوم المعارضة السورية في وقت يواجه فيه حلفاء الأسد ضغوطا متزايدة: ضخت روسيا موارد عسكرية في غزوها لأوكرانيا، كما عانت إيران والميليشيات المتحالفة معها من انتكاسات شديدة خلال الهجوم العسكري الإسرائيلي في كل من لبنان وسوريا. ووافقت إسرائيل على وقف إطلاق نار هش في لبنان في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ويأتي ذلك أيضًا عشية الإدارة الثانية للرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي فرض في السابق سياسة الضغط على إيران وشن غارات جوية ضد الأصول العسكرية للحكومة السورية. في وقت تُثار مخاوف من حرب إقليمية واسعة منذ تبادل طهران والاحتلال الإسرائيلي القصف لمرتين هذا العام وهو التحول الأول في حرب الظل بين الطرفين منذ عقود.
الحوثيون يمسكون بصنعاء منذ عقد من الزمان.. كيف وصلوا وما آفاق اليمنيين خلال 10 سنوات قادمة؟! استراتيجية إيران الجديدة بعد حزب الله.. الحوثيون الخيار الواعد الحوثيون بين طموح إقليمي وعبء ثقيل: هل ينجحون في خلافة حزب الله؟ (تحليل معمق)تؤثر سيطرة المعارضة السورية وتهاوي النظام السوري بهذه السرعة على النفوذ الإيراني ويجبر النظام في طهران إلى إجراء تغيّرات في نفوذه داخل المنطقة نتيجة العمليات العسكرية ضد حلفائهم، مما يُهدد استقرار الحوثيين.
قبل الاعتراف الإيراني بسنوات كان النظام السوري هو أول من اعترف بسلطة الحوثيين وسلمهم السفارة اليمنية في دمشق عام 2016، قبل أن يغيّر موقفه بالعودة إلى الجامعة العربية.
وقال الصحافي والباحث مأرب الورد: بالنسبة للحوثيين، لا يقتصر القلق على تطورات حلب وتداعياتها على تماسك النظام السوري (..) بل يمتد إلى التأثيرات المحتملة على وضعهم الداخلي، والتي من المبكر تقييمها هنا لحين معرفة النتائج النهائية للمعركة عسكريا وسياسيا.
ما يحدث في سوريا فلقد تسبب في حالة هلع بين الحوثيين-ميساء شجاع الدين باحثة في مركز صنعاء للدراسات
من جهتها قالت ميساء شجاع الدين الباحثة في مركز صنعاء للدراسات إن الحوثيين “أثناء حرب غزة كانوا في حماسه شديدة وصلت حد النشوة احيانا، عندما بدأت الحرب تتسع لحزب الله بشكل مباشر خاصة اثناء سبتمبر الماضي وما تعرض له حزب الله، بدأ الحوثيون يشعرون بالصدمة والذهول، أما ما يحدث في سوريا فلقد تسبب في حالة هلع بين الحوثيين”.
تتواصل الاشتباكات بين القوات الحكومية وقوات المعارضة في محافظتي حلب وإدلب. عز الدين قاسم/الأناضول/صور جيتي موقف الحوثيينوتظهر مواقف الحوثيين تجاه تطورات حلب توازناً بين الحذر في التعليقات الرسمية والرغبة في استغلال الأحداث لتأكيد موقفهم السياسي، مع تغطية إعلامية محدودة لتفادي التأثير السلبي على قاعدتهم الشعبية.
مع ذلك يبدو قلق الحوثيين واضحاً من خلال مواقف قيادته حيث يرى عبدالملك العجري عضو فريق الحوثيين المفاوض أن التحركات في سوريا مرتبطة بالصراع مع الكيان الإسرائيلي، “الاسد يلعب بالنار.. كانت تلك هي إشارة البدء للأعمال الارهابية في سوريا.. أصبحت القضية أكثر من عارية!!”.
خلو لغة الحوثيين من تشجيع سحق المعارضين وهذا قد يُعزا إلى تأثير المتغيرات الإقليمية على النفوذ الإيراني-مأرب الورد، صحافي وباحث يمني
لكن قادة المعارضة السورية يقولون إن تحركهم جاء بعد أشهر من التجهيز والتخطيط للانتقال من أجل استعادة السيطرة على المناطق التي خرجوا منها في 2015 و2016 بفعل العدم الروسي والإيراني.
فيما دعا محمد البخيتي القيادي البارز في الجماعة المسلحة إلى “حقن دماء الشعب السوري”، وقال “لم نحرض طرف على طرف بل كنا ندعو للمصالحة ووقف الحرب وتوحيد الصف لمواجهة إسرائيل خصوصا بعد طوفان الأقصى”.
وعادة ما يربط قادة الحوثيين أي تحرك للاحتجاج ضد الجماعة في مناطق سيطرتهم بكونه عمليات مخابراتية أمريكية وإسرائيلية، واعتقل الآلاف خلال العام الماضي بسبب انتقاد سلوك الجماعة والقبضة الحديدة على المواطنين اُتهموا عديد منهم بالتخابر مع إسرائيل والولايات المتحدة.
ويرى مأرب الورد في مقاله على “يمن مونيتور” إلى تحليل المواقف الأولية لقادة الحوثيين يشير “إلى متغيرين اثنين ذات دلالة؛ الأول خلو لغة الحوثيين من تشجيع سحق المعارضين وهذا قد يُعزا إلى تأثير المتغيرات الإقليمية على النفوذ الإيراني”.
الثاني -حسب الورد- صياغة سردية جديدة تربط المعارضين بالعمالة للكيان بذريعة توقيت التحرّك مما يشير إلى فشل سردية النظام القديمة التي تبنّوها أيضا والتي تضع كافة المعارضين في خانة “الإرهاب”.
قد تسعى إيران لتعزيز وجودها في مناطق أخرى لمواجهة التحديات التي تواجه استراتيجية “الدفاع المتقدم”،
مقاتلون يطلقون النار باتجاه قوات الجيش السوري في حي الراشدين على مشارف حلب في 29 نوفمبر 2024 [بكر القاسم/أ.ف.ب] تضييق الخناق على المحورإن فقدان النظام السوري لأراضيه يحمل آثارًا عميقة على محور المقاومة التابع لإيران، حيث يتطلب ذلك إعادة تقييم الاستراتيجيات والتكيف مع التغيرات الديناميكية في المشهد الإقليمي.
خلال العام الماضي عزز الحوثيون من وجودهم في محور المقاومة بشن الهجمات في البحر الأحمر دعماً للقضية الفلسطينية وفي وقت لاحق لحزب الله في لبنان ضد العدوان الإسرائيلي. لكن يبدو أن المحور يواجه استهدافاً مباشراً سيمتد إلى ما بعد الحرب في غزة ولبنان، وهو ما يتوقع الحوثيون أن يكونوا في مواجهته.
تعمل قوى إقليمية ودولية على استثمار هذا التراجع لبناء نظام إقليمي جديد قائم على توازنات مختلفة-أحمد الشلفي، صحافي وباحث يمني
فقدان النظام السوري لأراضيه قد يؤدي إلى تصعيد الصراع في المنطقة، حيث قد تسعى إيران لتعزيز وجودها في مناطق أخرى لمواجهة التحديات التي تواجه استراتيجية “الدفاع المتقدم”، لكن في الوقت ذاته قد تضطر فصائل المحور المدعومة من إيران إلى إعادة تقييم استراتيجياتها وتكتيكاتها لمواجهة التغيرات في الوضع العسكري والسياسي.
وفي السياق يقول الصحفي والباحث أحمد الشلفي: الضغوط الداخلية في إيران، مع الاحتجاجات والتحديات الاقتصادية، تزيد من صعوبة الحفاظ على دورها الإقليمي.
لافتاً إلى أن “محور المقاومة يمر بأضعف حالاته منذ عقود، مع تصاعد التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه أركانه. في المقابل، تعمل قوى إقليمية ودولية على استثمار هذا التراجع لبناء نظام إقليمي جديد قائم على توازنات مختلفة”.
يستخدمون محور إيران كأداة.. الحوثيون يبنون “محور المقاومة” الخاصة بهم الضربة الإسرائيلية تعزز موقف الحوثيين على طاولة محور إيران الحوثيون يوسعون العلاقات خارج محور إيران الحوثيون تالياً؟!يشير الشلفي: مع تراجع حزب الله في لبنان بسبب تداعيات حرب غزة والضغوط الإسرائيلية، قد تتحول الأنظار نحو الحوثيين باعتبارهم الأكثر نشاطًا عسكريًا في المحور الإيراني.
ولفت الورد إلى أن معركة حلب “تشكل ضغطا إضافيا على الحوثيين في سياق المتغيرات التي يتعرّض لها المحور الإيراني، وتبعا لذلك سيتحدد موقفهم أكثر فضلا عن التأثير المحتمل الذي سيعتمد على تداعياتها النهائية”.
هذا الوضع يجعل الحوثيين “أكثر مرونة مع السعودية-عدنان الجبرني، باحث في شؤون الجماعات المسلحة
من جهته يرى عدنان الجبرني الصحافي والباحث في شؤون الجماعات المسلحة أن مشاهدة قادة الحوثيين أن قلاع “المحور تتساقط بينما تقف إيران عاجزة حتى عن حماية نفسها ويتابع تعقيدات الموقف الدولي الحالي، فذلك يعني الكثير للحوثي فيما يتعلق بجموحه للعب أدوار إقليمية، مع أن التأثير على المستوى المحلي أقل بالطبع”.
ويعتقد الشلفي أن الولايات المتحدة والسعودية وحلفاؤهما قد يرون “في استهداف الحوثيين خطوة ضرورية لتهدئة التوترات في الخليج وتأمين الممرات المائية. فرغم الهدنة النسبية بين السعودية والحوثيين بعد الاتفاقات الأخيرة، لكن التصعيد الحوثي المستمر يُهدد هذه التفاهمات.
لكن الجبرني يرى أن هذا الوضع يجعل الحوثيين “أكثر مرونة مع السعودية”.
وحول المرحلة القادمة للحوثيين قال الشلفي إنها “ستعتمد على قدرتهم على المناورة”!
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: جماعة الحوثي حلب سوريا محور المقاومة النظام السوری محور المقاومة حزب الله فی سوریا فی وقت
إقرأ أيضاً:
دعوات إسرائيلية لاستغلال الوضع في سوريا بهدف تفكيك محور الشر
اعتبرت أوساط إسرائيلية أن الهجمات من قبل المعارضة السورية كشفت عن ضعف كبير في نظام بشار الأسد و"محور الشيعة" دون دعم روسيا وايران، أنه على "إسرائيل" استغلال الفرصة لتفكيكه تماما أو إعادة النظر في سياستها تجاه سوريا.
وقال المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، آفي أشكنازي: إن "القتال في لبنان من قبل الجيش الإسرائيلي ضد حزب الله والتأثير الكبير على المنظمة، بالإضافة إلى الهجوم على إيران الذي نجحت فيه إسرائيل في إزالة بطاريات الدفاع الجوي، أدى إلى تغيير دراماتيكي في الشرق الأوسط، والحدث الحالي في سوريا هو بداية كرة ثلجية تعتمد على المصالح والفرص والقدرات".
وأضاف أنه "بعد الربيع العربي، توقفت سوريا عن الوجود كدولة ذات سيادة كبيرة وأصبحت مجموعة من كانتونات، كل منها تسيطر عليه جهة مختلفة: الميليشيات الإيرانية، وتركيا، وروسيا، والمتمردون الأكراد، والدروز، والعلويون الموالون لنظام الأسد، وغيرهم".
وذكر أن "الانهيار الكبير لحزب الله في لبنان والتأثير القوي على حماس في غزة كانا بمثابة إشارة لجميع الشرق الأوسط عن الحالة الصعبة للهلال الإيراني، أو كما يُسمى "محور الشر"، وقبل عشرة أيام تقريبا، وفقاً لتقارير أجنبية، قامت إسرائيل بتوجيه ضربة قوية إلى قواعد حزب الله في سوريا، ومن خلال قصف يُنسب لسلاح الجو الإسرائيلي تم القضاء على أكثر من 100 مسلح وأصيب عدد مماثل".
واعتبر أن "لهذا القصف كان معنى يتجاوز العمل التكتيكي، فقد أرسل رسالة إلى الأسد بأن القوة التي تحميه معرضة للخطر، ومن المشكوك فيه أن يكون الأسد قد فهم الرسالة، والمتمردون الذين يحصل بعضهم على دعم من تركيا ويبدو أنهم مزودون بأسلحة غربية، فهموا الرسالة، وقد أضاءت لهم الضوء الأخضر للانقضاض على حلب وحمص ومناطق أخرى تحت السيطرة السورية والروسية والإيرانية".
وأشار إلى أن "الوضع الآن في سوريا شديد التقلب ومشكوك فيه، ومن جهة فانهيار محور الشر مفيد للمنطقة ولإسرائيل، ومن جهة أخرى رغم جميع المشاكل التي تواجهها إسرائيل مع نظام الأسد، فإن سوريا ليست دولة ذات سيادة وعدوة بشكل كامل، وهي رغم ذلك عنوان يمكن لإسرائيل أن تعمل معه".
وقال أشكنازي إنه "لهذا السبب، يعرف الأسد متى يجب أن يوقف ميليشيات حزب الله والميليشيات المؤيدة لإيران، وعلى سبيل المثال، في الهجوم الإيراني في 13 نيسان/ أبريل، لم يُطلق أي صاروخ إلى إسرائيل من الأراضي السورية".
وأضاف أنه "مع دخول مجموعات متمردة غير متجانسة إلى مناطق مختلفة في سوريا قد يعقد الوضع على المدى القصير والمتوسط، كما أن سقوط أسلحة غير تقليدية في يد المتمردين قد يشكل تهديداً للمنطقة كلها ولإسرائيل، ولهذا السبب كانت هناك مشاورات عاجلة عقدها رئيس الوزراء مع قادة الأمن في ليلة السبت".
وأوضح أنه "في هذه الأثناء في إسرائيل، يجلسون على الحافة ويراقبون دون التدخل، والأنظار موجهة نحو تفكك الوكلاء الإيرانيين، والتصعيد تحت الطاولة في العلاقات مع أنقرة، ورد الفعل الروسي الغارق حتى أذنه في الحرب في أوكرانيا والديون الثقيلة للصين وإيران".
واعتبر أنه في الأيام الأربعة الأخيرة منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، "أظهرت إسرائيل هجمات مثيرة للإعجاب، يقوم سلاح الجو بتشغيل كمية كبيرة من الطائرات الحربية والطائرات بدون طيار التي تجوب سماء لبنان وتعمل على تحديد انتهاكات الاتفاق، بما في ذلك نشطاء حزب الله الذين يحاولون الوصول إلى القرى في جنوب البلاد لإنقاذ الأسلحة والذخائر التي تركت في الأرض، وللعثور على جثث مسلحين مدفونة تحت أنقاض المباني، كما اكتشف الجيش الإسرائيلي محاولات من المسلحين لتشغيل منصات إطلاق صواريخ، لكن من المشكوك فيه أنهم كانوا ينوون إطلاق النار على الأراضي الإسرائيلية".
وختم أشكنازي "على أي حال، فإن هذه العزيمة تنقل رسالة وتخلق معادلة جديدة: إسرائيل عازمة على الرد بالنار على أي انتهاك للاتفاق، يقدر الجيش أنه في وقت قريب ستثبت هذه الحقيقة في لبنان وبين نشطاء حزب الله، وربما سيسمح ذلك بخروج القوات من أرض الأرز قبل إتمام 60 يوماً التي تم تحديدها في اتفاق وقف إطلاق النار".
وفي مقال آخر عبر صحيفة "يسرائيل هيوم"، قال ايال زيسر إنه "يخيل أن التاريخ يكرر نفسه، بالضبط قبل عقد، في ربيع 2015، تمكن الثوار من السيطرة على مدينة ادلب في شمال سوريا، المدينة الكبرى الأولى التي سقطت في أيديهم، وكان يخيل للحظة أن مصير بشار الأسد حسم وان سقوط الحاكم السوري، الذي سيطر في حينه فقط على ربع أراضي سوريا هو مسألة أيام أو أسابيع".
وأضاف زيسر "غير أنه عندها تدخلت الى جانبه في الحرب روسيا وإيران، فقد بعث الروس بطائرات قتالية قصفت مناطق الثوار، وأساسا السكان المدنيين الذين جاءوا منها، لكنهم تركوا القتال على الأرض لإيران، فقد بعثت هذه إلى سوريا بمقاتلي الحرس الثوري وميليشيات شيعية جندتهم في كل أرجاء الشرق الأوسط وبالطبع مقاتلي حزب الله".
وأوضح "ضُرب الثوار وتشتتوا في كل صوب ونجا بشار من الحرب، غير أن نظامه تبين كضعيف وعديم القوة والتأييد، وعمليا سيطر فقط في نحو ثلاث أرباع أراضي سوريا، حيث أن الأكراد أقاموا في شرق الدولة برعاية أمريكية حكما ذاتيا، أما في إدلب في الشمال فواصل ثوار العمل برعاية تركية".
وذكر أنه "في نهاية الأسبوع الماضي حسم شيء ما في سوريا وفي الشرق الأوسط كله، الثوار ورجال جبهة النصرة (أو باسمها الجديد جبهة تحرير الشام) خرجوا على نحو مفاجيء إلى هجوم ضد قوات النظام في شمال الدولة، في الماضي كانوا ينتمون إلى القاعدة لكنهم أصبحوا براغماتيين، والدليل – في الوقت الذي سيطروا فيه في الجولان السوري في العقد الماضي حرصوا على الإبقاء على الهدوء على طول الحدود مع إسرائيل، يبدو أن تركيا هي التي وقفت من خلفهم وساعدتهم في تسلح وتدريب رجاله".
وأضاف أن "الهجوم فاجأ الجيش السوري تماما وكشف ضعفه، وضعف نظام بشار الذي لا يمكنه وحده أن يتصدى لأعدائه من الداخل، وفي غضون يوم احتلوا مدينة حلب التي لم ينجحوا في احتلالها على مدى العقد الماضي، ومن هنا فتحت أمامه الطريق جنوبا نحو دمشق، ومن التقارير من سوريا يفهم أن الجيش السوري انهار وأن وحداته فرت من وجه الثوار وأن هؤلاء يستقبلون بالترحات في القرى والمدن التي يحتلونها".
واعتبر الكاتب أنه "قبل عقد كان الروس وإيران وحزب الله هم الذين أنقذوا بشار، غير أن الروس غارقون اليوم في حربهم في أوكرانيا، وإيران توجد تحت ضغط أمريكي ثقيل ومردوعة من إسرائيل، فيما أن حزب الله لا يزال ملقيا على الأرضية التي ألقت به إليها إسرائيل في الحرب الأخيرة في لبنان، وبشار وحده لا يمكنه أن يتصدى لأعدائه، وهذا ما يعرفونه في موسكو، وفي طهران وكذا في صفوف الثوار الذين حددوا بناء على ذلك موعد هجومهم، ومع ذلك، فبالنسبة لإيران وروسيا هذه مسألة حياة أو موت ومستقبل مكانتهم في المنطقة، ولهذا فانهم سيفعلون كل شيء كي ينقذوا بشار الذي يواصل الاستمتاع بالدعم من أبناء طائفته الذين يسيطرون في الجيش السوري".
وقال إنه "بشكل تقليدي إسرائيل كانت الى جانب بشار لأنها رأت فيه حاكما حذرا يحرص على الحفاظ على الهدوء على طول الحدود في هضبة الجولان، وهكذا بالمناسبة تصرف أيضا في أثناء الحرب في السنة الأخيرة، لكن بشار يشكل حلقة حرجة في المحور الذي يربط بين طهران وبيروت. فبعد كل شيء، وردت سوريا سلاحا متطورا لحزب الله وسمحت لإيران بأن تنقل عبر أراضيها سلاحا للحزب، الآن بعد أن أزيل تهديد حزب الله عن إسرائيل وتغيرت الخريطة الإقليمية يجدر بنا إعادة النظر في موقفنا، والمؤكد هو أنه يجدر بنا أن نستغل الواقع الجديد في سوريا كي نعمل بتصميم وبحزم أكبر من الماضي كي ندحر إيران ووكلائها من هذه الدولة".