يمن مونيتور/ صنعاء/ تحليل خاص:

أعلن الثوار المناهضون للحكومة السورية أنهم حققوا تقدما مذهلا في حلب ومدن مجاورة، وهو ما يمثل جائزة رمزية واستراتيجية كبرى، في انتكاسة للحكومة في دمشق وحلفائها روسيا وإيران ومحور المقاومة؛ لكن هذا التقدم المفاجئ يدق أجراس الخطر في صنعاء حيث يحكم الحوثيون بقبضة حديدة المناطق الخاضعة لسيطرتهم منذ سيطرتهم على صنعاء عام 2014.

وفيما يراقب الحوثيون عن كثب حليفهم السوري يتهاوى، لم يقدموا أي ردة فعل مباشرة رسمية للأحداث حتى يوم الأحد، عندما وصفت وزارة الخارجية التابعة لهم (غير المعترف بها دولياً) التحركات “الإرهابية” هي بسبب “المؤامرات الخارجية”.

نجا بشار الأسد بأعجوبة من ثورة شعبية أشعلت صراعاً مسلحا ضده في عام 2011. وبمساعدة القوة الجوية الروسية والدعم العسكري من إيران وحلفائها بما في ذلك حركة حزب الله اللبنانية، قمع الانتفاضة باستخدام القصف والأسلحة الكيماوية والاعتقالات الجماعية للمعارضين.

تتصاعد أعمدة الدخان في المسافة بينما تظهر سيارات متضررة في موقع غارات جوية شنتها قوات النظام السوري استهدفت مقاتلين من المعارضة في حلب، شمال سوريا، في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 (أ.ف.ب) المتغيّرات الإقليمية

هذا التطور أتى نتيجة لظهور حروب جديدة خارج الحدود السورية، تسببت في تراجع شبكة الدعم التي حظي بها بشار الأسد خلال العقد الماضي. حيث يأتي هجوم المعارضة السورية في وقت يواجه فيه حلفاء الأسد ضغوطا متزايدة: ضخت روسيا موارد عسكرية في غزوها لأوكرانيا، كما عانت إيران والميليشيات المتحالفة معها من انتكاسات شديدة خلال الهجوم العسكري الإسرائيلي في كل من لبنان وسوريا. ووافقت إسرائيل على وقف إطلاق نار هش في لبنان في وقت سابق من هذا الأسبوع.

ويأتي ذلك أيضًا عشية الإدارة الثانية للرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي فرض في السابق سياسة الضغط على إيران وشن غارات جوية ضد الأصول العسكرية للحكومة السورية.  في وقت تُثار مخاوف من حرب إقليمية واسعة منذ تبادل طهران والاحتلال الإسرائيلي القصف لمرتين هذا العام وهو التحول الأول في حرب الظل بين الطرفين منذ عقود.

الحوثيون يمسكون بصنعاء منذ عقد من الزمان.. كيف وصلوا وما آفاق اليمنيين خلال 10 سنوات قادمة؟! استراتيجية إيران الجديدة بعد حزب الله.. الحوثيون الخيار الواعد الحوثيون بين طموح إقليمي وعبء ثقيل: هل ينجحون في خلافة حزب الله؟ (تحليل معمق)

تؤثر سيطرة المعارضة السورية وتهاوي النظام السوري بهذه السرعة على النفوذ الإيراني ويجبر النظام في طهران إلى إجراء تغيّرات في نفوذه داخل المنطقة نتيجة العمليات العسكرية ضد حلفائهم، مما يُهدد استقرار الحوثيين.

قبل الاعتراف الإيراني بسنوات كان النظام السوري هو أول من اعترف بسلطة الحوثيين وسلمهم السفارة اليمنية في دمشق عام 2016، قبل أن يغيّر موقفه بالعودة إلى الجامعة العربية.

وقال الصحافي والباحث مأرب الورد: بالنسبة للحوثيين، لا يقتصر القلق على تطورات حلب وتداعياتها على تماسك النظام السوري (..) بل يمتد إلى التأثيرات المحتملة على وضعهم الداخلي، والتي من المبكر تقييمها هنا لحين معرفة النتائج النهائية للمعركة عسكريا وسياسيا.

ما يحدث في سوريا فلقد تسبب في حالة هلع بين الحوثيين-ميساء شجاع الدين باحثة في مركز صنعاء للدراسات

من جهتها قالت ميساء شجاع الدين الباحثة في مركز صنعاء للدراسات إن الحوثيين “أثناء حرب غزة كانوا في حماسه شديدة وصلت حد النشوة احيانا، عندما بدأت الحرب تتسع لحزب الله بشكل مباشر خاصة اثناء سبتمبر الماضي وما تعرض له حزب الله، بدأ الحوثيون يشعرون بالصدمة والذهول، أما ما يحدث في سوريا فلقد تسبب في حالة هلع بين الحوثيين”.

تتواصل الاشتباكات بين القوات الحكومية وقوات المعارضة في محافظتي حلب وإدلب. عز الدين قاسم/الأناضول/صور جيتي موقف الحوثيين

وتظهر مواقف الحوثيين تجاه تطورات حلب توازناً بين الحذر في التعليقات الرسمية والرغبة في استغلال الأحداث لتأكيد موقفهم السياسي، مع تغطية إعلامية محدودة لتفادي التأثير السلبي على قاعدتهم الشعبية.

مع ذلك يبدو قلق الحوثيين واضحاً من خلال مواقف قيادته حيث يرى عبدالملك العجري عضو فريق الحوثيين المفاوض أن التحركات في سوريا مرتبطة بالصراع مع الكيان الإسرائيلي، “الاسد يلعب بالنار.. كانت تلك هي إشارة البدء للأعمال الارهابية في سوريا.. أصبحت القضية أكثر من عارية!!”.

خلو لغة الحوثيين من تشجيع سحق المعارضين وهذا قد يُعزا إلى تأثير المتغيرات الإقليمية على النفوذ الإيراني-مأرب الورد، صحافي وباحث يمني

لكن قادة المعارضة السورية يقولون إن تحركهم جاء بعد أشهر من التجهيز والتخطيط للانتقال من أجل استعادة السيطرة على المناطق التي خرجوا منها في 2015 و2016 بفعل العدم الروسي والإيراني.

فيما دعا محمد البخيتي القيادي البارز في الجماعة المسلحة إلى “حقن دماء الشعب السوري”، وقال “لم نحرض طرف على طرف بل كنا ندعو للمصالحة ووقف الحرب وتوحيد الصف لمواجهة إسرائيل خصوصا بعد طوفان الأقصى”.

وعادة ما يربط قادة الحوثيين أي تحرك للاحتجاج ضد الجماعة في مناطق سيطرتهم بكونه عمليات مخابراتية أمريكية وإسرائيلية، واعتقل الآلاف خلال العام الماضي بسبب انتقاد سلوك الجماعة والقبضة الحديدة على المواطنين اُتهموا عديد منهم بالتخابر مع إسرائيل والولايات المتحدة.

ويرى مأرب الورد في مقاله على “يمن مونيتور” إلى تحليل المواقف الأولية لقادة الحوثيين يشير “إلى متغيرين اثنين ذات دلالة؛ الأول خلو لغة الحوثيين من تشجيع سحق المعارضين وهذا قد يُعزا إلى تأثير المتغيرات الإقليمية على النفوذ الإيراني”.

الثاني -حسب الورد- صياغة سردية جديدة تربط المعارضين بالعمالة للكيان بذريعة توقيت التحرّك مما يشير إلى فشل سردية النظام القديمة التي تبنّوها أيضا والتي تضع كافة المعارضين في خانة “الإرهاب”.

قد تسعى إيران لتعزيز وجودها في مناطق أخرى لمواجهة التحديات التي تواجه استراتيجية “الدفاع المتقدم”،

مقاتلون يطلقون النار باتجاه قوات الجيش السوري في حي الراشدين على مشارف حلب في 29 نوفمبر 2024 [بكر القاسم/أ.ف.ب] تضييق الخناق على المحور

إن فقدان النظام السوري لأراضيه يحمل آثارًا عميقة على محور المقاومة التابع لإيران، حيث يتطلب ذلك إعادة تقييم الاستراتيجيات والتكيف مع التغيرات الديناميكية في المشهد الإقليمي.

خلال العام الماضي عزز الحوثيون من وجودهم في محور المقاومة بشن الهجمات في البحر الأحمر دعماً للقضية الفلسطينية وفي وقت لاحق لحزب الله في لبنان ضد العدوان الإسرائيلي. لكن يبدو أن المحور يواجه استهدافاً مباشراً سيمتد إلى ما بعد الحرب في غزة ولبنان، وهو ما يتوقع الحوثيون أن يكونوا في مواجهته.

تعمل قوى إقليمية ودولية على استثمار هذا التراجع لبناء نظام إقليمي جديد قائم على توازنات مختلفة-أحمد الشلفي، صحافي وباحث يمني

فقدان النظام السوري لأراضيه قد يؤدي إلى تصعيد الصراع في المنطقة، حيث قد تسعى إيران لتعزيز وجودها في مناطق أخرى لمواجهة التحديات التي تواجه استراتيجية “الدفاع المتقدم”، لكن في الوقت ذاته قد تضطر فصائل المحور المدعومة من إيران إلى إعادة تقييم استراتيجياتها وتكتيكاتها لمواجهة التغيرات في الوضع العسكري والسياسي.

وفي السياق يقول الصحفي والباحث أحمد الشلفي: الضغوط الداخلية في إيران، مع الاحتجاجات والتحديات الاقتصادية، تزيد من صعوبة الحفاظ على دورها الإقليمي.

لافتاً إلى أن “محور المقاومة يمر بأضعف حالاته منذ عقود، مع تصاعد التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه أركانه. في المقابل، تعمل قوى إقليمية ودولية على استثمار هذا التراجع لبناء نظام إقليمي جديد قائم على توازنات مختلفة”.

يستخدمون محور إيران كأداة.. الحوثيون يبنون “محور المقاومة” الخاصة بهم الضربة الإسرائيلية تعزز موقف الحوثيين على طاولة محور إيران الحوثيون يوسعون العلاقات خارج محور إيران الحوثيون تالياً؟!

يشير الشلفي: مع تراجع حزب الله في لبنان بسبب تداعيات حرب غزة والضغوط الإسرائيلية، قد تتحول الأنظار نحو الحوثيين باعتبارهم الأكثر نشاطًا عسكريًا في المحور الإيراني.

ولفت الورد إلى أن معركة حلب “تشكل ضغطا إضافيا على الحوثيين في سياق المتغيرات التي يتعرّض لها المحور الإيراني، وتبعا لذلك سيتحدد موقفهم أكثر فضلا عن التأثير المحتمل الذي سيعتمد على تداعياتها النهائية”.

هذا الوضع يجعل الحوثيين “أكثر مرونة مع السعودية-عدنان الجبرني، باحث في شؤون الجماعات المسلحة

من جهته يرى عدنان الجبرني الصحافي والباحث في شؤون الجماعات المسلحة أن مشاهدة قادة الحوثيين أن قلاع “المحور تتساقط بينما تقف إيران عاجزة حتى عن حماية نفسها ويتابع تعقيدات الموقف الدولي الحالي، فذلك يعني الكثير للحوثي فيما يتعلق بجموحه للعب أدوار إقليمية، مع أن التأثير على المستوى المحلي أقل بالطبع”.

ويعتقد الشلفي أن الولايات المتحدة والسعودية وحلفاؤهما قد يرون “في استهداف الحوثيين خطوة ضرورية لتهدئة التوترات في الخليج وتأمين الممرات المائية. فرغم الهدنة النسبية بين السعودية والحوثيين بعد الاتفاقات الأخيرة، لكن التصعيد الحوثي المستمر يُهدد هذه التفاهمات.

لكن الجبرني يرى أن هذا الوضع يجعل الحوثيين “أكثر مرونة مع السعودية”.

وحول المرحلة القادمة للحوثيين قال الشلفي إنها “ستعتمد على قدرتهم على المناورة”!

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: جماعة الحوثي حلب سوريا محور المقاومة النظام السوری محور المقاومة حزب الله فی سوریا فی وقت

إقرأ أيضاً:

إيران تحظر دبلجة وبث مسلسل “معاوية”..تعرف على السبب

أعلنت هيئة تنظيم الإعلام المرئي والمسموع في ايران حظر دبلجة ونشر مسلسل “معاوية” على كل منصات البث المرئي والمسموع، ومن ضمنها الوسائط القائمة على النشر وتلك القائمة على المستخدِمين.

وأفادت وكالة “تسنيم” للأنباء بأنه بناء على إعلان نائب مسؤول قسم الرقابة في هيئة تنظيم الإعلام المرئي والمسموع في إيران، فإن مسلسل “معاوية”، وهو من إنتاج شبكة MBC السعودية، غير قابل للنشر في جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في البلاد بسبب روايته الجديدة لحياة معاوية و”محاولته تبرئة ساحة أسرة بني أمية”، بحسب وصف الوكالة.

وعلى هذا الأساس، وبناء على مراسلة من هيئة تنظيم قواعد وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في الفضاء الإلكتروني إلى المنصات المرخصة من قبل الهيئة بتاريخ 13 مارس من هذا العام، تم الإعلان عن حظر دبلجة هذا المحتوى وأي نوع من بثه.

وأضافت “تسنيم”: “تم إبلاغ أن بعض الوسائط القائمة على المستخدِمين قامت بنشر النسخة الأصلية باللغة العربية للحلقتين الأولى والثانية، وقد تمت بالتعاون مع النيابة العامة الإيرانية إزالة الحلقتين المذكورتين من جميع الوسائط القائمة على المستخدمين”.

وفي وقت سابق، أعلنت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية منع بث مسلسل “معاوية” ضمن قناة MBC-العراق، وأكدت أن “بث أعمال ذات طابع تاريخي جدلي قد يؤدي إلى إثارة السجالات الطائفية، مما يهدد السلم المجتمعي ويؤثر على النسيج الاجتماعي، خاصة خلال شهر رمضان”.

مقالات مشابهة

  • إيران تحظر دبلجة وبث مسلسل “معاوية”..تعرف على السبب
  • عبثًا يصوّب “ترامب” سهامه على إيران
  • الحوثيون يشنون حملة تعسفية ضد سائقي الدراجات النارية وأصحاب البسطات في صنعاء
  • الأمن السوري يعتقل مجموعة من فلول نظام الأسد
  • اليمن يرحب بدخول قرار تصنيف الحوثيين “منظمة إرهابية” حيز التنفيذ
  • الولايات المتحدة تدرج جماعة “الحوثيين” على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية
  • مقتل عنصرين من الأمن السوري في اللاذقية جراء كمين لـفلول النظام المخلوع
  • التكبالي عن مقترح “الفيدرالية”: خطوة نحو تقسيم ليبيا
  • الجيش السوداني يعلن سيطرته على “مواقع استراتيجية” شرقي الخرطوم ويتقدم في محور “شرق النيل” مقتربا من جسر المنشية المؤدي إلى وسط العاصمة
  • تقرير صيني يحذر من عودة اعمال انتقامية كبيرة لـ”الحوثيين” اذا استأنفت “إسرائيل” عدوانها على غزة