أهمية توثيق الأعمال لتجنُّب النزاعات المستقبلية
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
في عالم الأعمال المتسارع والمتغير، تعدّ النوايا الحسنة والمصافحة على الصفقات، رموزًا للثقة والتفاهم بين الأطراف. ومع ذلك، يظل السؤال: هل تكفي هذه لضمان الحقوق وتنفيذ الاتفاقيات؟ الإجابة، كما تثبت التجارب، هي لا قاطعة. إن غياب التوثيق يفتح المجال لسوء الفهم، والخلافات التي يمكن أن تتفاقم لتصبح نزاعات قانونية معقَّدة.
ففي ساحات القضاء، لا وزن للنوايا الطيبة، أو الوعود الشفهية، ما لم تدعمها وثائق رسمية وأدلة واضحة.
لقد شهدت شخصيًا العديد من الحالات لأصدقاء ومعارف وقعوا ضحايا للثقة المفرطة عند إبرام اتفاقيات غير موثَّقة. وانتهى الأمر بهم في إجراءات قانونية طويلة، خسروا فيها حقوقهم فقط لأنهم لم يوثقوا اتفاقياتهم، أو يضمنوا حقوقهم بإتفاقيات مكتوبة.
توّثيق الاتفاقيات، سواء كان ذلك عبر عقود مكتوبة، أو محاضر اجتماعات، أو حتّى مراسلات رسمية، ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو ضمانة أساسية، تحمي جميع الأطراف المعنية، وتجنِّب المشاكل المستقبلية. في بيئة الأعمال المعاصرة، حيث تتزايد تعقيد العلاقات والمعاملات، يصبح التوثيق أداة ضرورية لإدارة المخاطر، وبناء علاقات تجارية قوية ومستدامة. بالنسبة لأي شخص يسعى إلى النجاح والاستقرار في تعاملاته التجارية، فإن الالتزام بالتوثيق الشامل يعد ضرورة لا غنى عنها.
كنت قد كتبت في أغسطس الماضي مقالاً بعنوان “قراءة العقود قبل التوقيع عليها”، تناولت فيه حالات لأشخاص واجهوا مشكلات كبيرة لأنهم لم يراجعوا العقود بعناية قبل التوقيع. كان بالإمكان تجنُّب تلك المشكلات، لو أُخذت العقود بعين الاعتبار، وفُهمت شروطها بشكل دقيق. واليوم، أكرر المبدأ ذاته، مع إضافة خطوة أخرى: يجب تحويل الوعود الشفهية أو المصافحة على الصفقات إلى اتفاقيات مكتوبة لضمان الوضوح والعدالة.
لماذا يعتبر هذا الأمر بالغ الأهمية؟ إن الاتفاقيات الشفهية، رغم نواياها الحسنة، قد تؤدي إلى عواقب كارثية. فالالتباس، أو التفاصيل المنسية، أو حتى تغيّر الظروف، يمكن أن يحوّل الوعد الشفهي، إلى كابوس قانوني. تحويل هذه الاتفاقيات إلى وثائق مكتوبة لا يضمن فقط الوضوح، بل يوفر أيضًا الحماية لجميع الأطراف من التبعات القانونية والمالية المحتملة. حتَّى أصغر الاتفاقيات، يجب توثيقها لتجنُّب النزاعات المكلفة، والقضاء على الغموض الذي يكتنف الاتفاقيات الشفهية.
الشركات الكبرى، والعديد من رواد الأعمال الشباب، يدركون جيدًا ضرورة التوثيق. غالبًا ما يكون لديهم فرق قانونية متخصصة تقوم بمراجعة جميع الاتفاقيات بدقة، وتضع جميع السيناريوهات المحتملة لحفظ الحقوق، وتجنُّب المشكلات. ومع ذلك، غالبًا ما تكون الشركات الصغيرة، والأفراد أقل حرصًا، ممّا يجعلهم عرضة لمخاطر الترتيبات غير الرسمية.
على سبيل المثال، عند التفاوض على صفقة تجارية، من الضروري توقع جميع السيناريوهات الممكنة، بما في ذلك النزاعات، أو التأخيرات، أو تغييرات نطاق العمل. يحدد الاتفاق الموثق الأدوار والمسؤوليات والتوقعات، ممّا يضمن وضوح الرؤية بين جميع الأطراف. علاوة على ذلك، يوفر وجود عقد مكتوب مرجعًا للعودة إليه عند الحاجة، ممّا يقلِّل من احتمالية الخلافات ويوفر أساسًا قويًا لحل أي قضايا قد تطرأ.
الثقة، والنوايا الحسنة، لاَّ يمكن أن تحل محل قيمة اتفاقية موثقة كتابةً. ما هو مكتوب محفوظ، وما هو غير مكتوب، عُرضة للنزاع. إن استثمار الوقت والجهد في توثيق كل صفقة، مهما كانت صغيرة، هو استراتيجية حكيمة لضمان النجاح والاستقرار على المدى الطويل.
jebadr@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
ناقد عن توثيق «المتحدة» لمسيرة رموز الفن المصري: «ستواجه الصفحات المزيفة»
خطة شاملة جديدة تقوم بها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، في إطار مواكبة الإعلام الرقمي، إذ تقدم محتوى جديدا، بعناصر جذب مختلفة، يناسب اهتمامات كل الفئات في مختلف المجالات، وذلك بالتعاون مع عدد كبير من صناع المحتوى ونجوم اليوتيوب ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وعلى رأسها «حروف من دهب» الذي يقدم مسيرة رموز الفن المصري.
«حروف من دهب»، أحدث حملات الشركة «المتحدة» لتوثيق مسيرة رموز الفن المصري في 60 ثانية فقط، والمقرر أن تُذاع في «الفواصل» بين الفقرات على قنواتها عن تاريخ عن النجوم المصريين المؤثرين، بمضمون سريع يوثق مسيرة النجم.
حروف من دهب تبدأ بمسيرة 16 نجماوبدأ عرض «حروف من دهب» بتقديم مسيرة 16 فنانًا وفنانة، لهم إرثًا واسعًا في الفن، وهم على النحو التالي: «فريد شوقي، أحمد زكي، زينب سويدان، سمير غانم، شادية، عمرو الشريف، محمد فوزي، محمود مختار، أحمد راتب، درية شرف الدين، سعاد حسني، سيد درويش، صفاء حجازي، عمرو دياب، محمد منير، ومنير مراد».
ناقد فني.. حفظ لتاريخ الفنان مع مواكبة الجيل الحاليفي هذا الصدد، أثنى الناقد الفني محمد عبدالرحمن، على الانطلاقة الجديدة لفواصل «حروف من دهب» التي من المقرر إذاعتها ضمن الفواصل لتعريف جميع الأجيال بتاريخ الفنانين والفنانات، أبطال القوة الناعمة في مصر، مؤكدًا أن هذا النوع من الإعلام الحقيقي، يقف في وجه الصفحات والمواقع مروجي الشائعات عن الفنانين والفنانات: «إحنا في الزمن هذا الطوفان المعلوماتي الخاطئة، وفي صفحات للهواة اللي بتخلط المعلومات الصح بالغلط وبتنتشر بشكل كبير، وحتى لو الفنان نفسه كذبها بيعيدوا نشرها، وطبعًا ده خطأ وخطر».
وتابع «عبدالرحمن» خلال حديثه لـ«الوطن»، أن ما قامت به الشركة المتحدة، هو بالفعل دور القنوات المصرية لمواجهة المعلومات الخاطئة بالمعلومات الصحيحة والدقيقة، وعرضها بشكل مكثف.
وأشار الناقد الفني إلى أن الشكل البرامجي المطروح له القدرة على جذب المشاهد بشكل كبير، ومواكبة الجيل الحالي، من خلال تقديم معلومة صحيحة بشكل جاذب، وفي وقت سريع.