قبل عدة أعوام، ودّعت مصر قاسم أمين، الذي ارتبط اسمه بقضية تحرير المرأة والدفاع عن حقوقها، مثل التعليم والميراث وغيرها من القضايا التي أثارها في مواجهة تحديات المجتمع. ومع ذلك، ظلّت وفاته مصدرًا للجدل والتساؤلات لسنوات طويلة.


 

رواية أحمد طلعت باشا

في شهادته عن الواقعة، قال أحمد طلعت باشا، وزير الحقانية آنذاك ورئيس محكمة الاستئناف، إنه كان أول من وصل إلى منزل قاسم أمين بعد وفاته، برفقة يحيى إبراهيم باشا، الذي كان مستشارًا بمحكمة الاستئناف.

وأشار إلى أنهما وجدا في جيب قاسم أمين حافظة نقود تحتوي على صورة امرأة ليست زوجته، وأكد طلعت باشا أنهما كانا على علم بأن قاسم أمين كان يحب هذه السيدة حبًا عذريًا طاهرًا. خشيةً من أن تسبب الصورة مزيدًا من الألم لزوجته، زينب هانم، قررا تمزيقها.


 

الرواية الرسمية وشكوك سعد زغلول

لفترة طويلة، استقر المؤرخون على أن وفاة قاسم أمين كانت نتيجة إرهاق شديد ونوبة قلبية أصابته عقب يوم شاق ألقى فيه خطابًا في نادي المعلمين. لكن ظهور مذكرات سعد زغلول أعاد فتح ملف وفاته. ففي إحدى صفحات مذكراته، كتب سعد:

“فوجئت بالتليفون يدق، فأحسست بالخطر، وعلمت أن قاسم أمين قد مات. سألني أحدهم: انتحر الرجل؟”


 

يروي سعد زغلول أنه هرع إلى منزل قاسم أمين برفقة عبدالخالق ثروت ومحمد صدقي، حيث التقوا أحمد طلعت باشا ويحيى إبراهيم، وكذلك الدكتور عباس الذي أكد أن الوفاة كانت طبيعية، رغم وجود علامات تردد في حديثه.

ووفقًا لشهادة الحاضرين، عاد قاسم أمين إلى منزله مساءً ورفض تناول الطعام. شكا من ألم في صدره، فدعكته زوجته بماء الكولونيا. بعد ذلك طلب إشعال سيجارة، وفارق الحياة فجأة. هذه الأحداث أثارت الشكوك حول احتمالية انتحاره بسبب حبه الذي لم يُفصح عنه، رغم تأكيد الطبيب أن الوفاة طبيعية.


 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: سعد زغلول قاسم أمين حرية المرأة تحرير المرأة المزيد المزيد قاسم أمین

إقرأ أيضاً:

سامح قاسم يكتب | مجدي أحمد علي.. عينٌ على المدينة وقدمٌ في الحلم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ليس من السهل أن تقف في منتصف الحكاية، أن تتأمل النهر دون أن تغرق فيه أو تبتعد عنه. مجدي أحمد علي، المخرج الذي لم يأتِ من الحكاية، بل جاء من أطرافها، من شوارع ضيّقة في مدينة تعج بالمفارقات، ومن أصوات النساء اللواتي يُخفين وجوههن في الأحياء الشعبية، ومن عيون الرجال الذين فقدوا البوصلة في زمن مشوَّه. في كل فيلم يوقعه مجدي، تشعر أنه لا يخرج من العدم، بل ينبعث من طبقات دفينة في الوعي الجمعي، ومن أرشيف روحي لا تزال فيه الجراح تنزف.

 

ولد مجدي في صخب القاهرة، وعاش على تخوم الحلم القومي والسقوط الاجتماعي. درس الصيدلة أولًا، وكأن القدر شاء أن يجعله يعرف معنى المداواة قبل أن يجرحه الفن، لكنه ما لبث أن انحاز إلى المعهد العالي للسينما، متّبعًا صوتًا داخليًا لا يمكن إسكاتُه. وهناك، بدأ في شق طريقه ببطء وصدق، بعيدًا عن بهرجة الضوء، قريبًا من قلب الواقع.

 

لكن مجدي ليس مخرجًا فقط، بل هو ناسك سينمائي؛ يكتب ويخرج وكأنه يفتح أبواب بيت قديم يسكنه الحنين والغضب. في فيلمه الأول "يا دنيا يا غرامي"، لا يستعرض المجد بقدر ما يستعرض المأساة اليومية للمرأة المصرية التي تُجلد في صمت. تلك النبرة، النابعة من تعاطف حقيقي، ظلت ترافقه في أفلامه التالية، كـ"خلطة فوزية" و"أسرار البنات"، حيث الكاميرا ليست عينًا عُليا تحكم، بل رفيق درب يحاول أن يفهم.

 

يملك مجدي قدرة فريدة على الإنصات. أفلامه لا تصرخ، بل تهمس. وفي الهمس، غالبًا ما يُقال كل شيء. خذ مثلًا "عصافير النيل"، المأخوذ عن رواية إبراهيم أصلان، ستجد فيه تأملًا طويلًا في الإنسان الذي يعيش على حافة الانطفاء. لا بطولة هنا، بل هشاشة. لا صراع خارجي، بل داخل روح باردة تبحث عن شيء يشبه الحياة.

 

أما فيلم "مولانا"، فكان بمثابة منعطف. ليس لأنه يقترب من موضوعات شائكة كالدين والسياسة فحسب، بل لأنه يعلن بوضوح عن شجاعة مجدي في اقتحام المسكوت عنه، دون أن يفقد رهافته. الشيخ في الفيلم ليس مجرد رمز، بل هو رجل ممزق بين الميكروفون والمحراب، بين الإيمان واللعبة الكبرى.

 

وفي "2 طلعت حرب"، يصل مجدي إلى ذروة رمزيته، إذ تتحول الشقة المطلة على الميدان إلى مسرح مغلق لتاريخ وطن بحاله. أربعة مشاهد، أربعة أزمنة، أربعة وجوه للخذلان. هنا، لم تعد السينما مرآة للواقع، بل صدى لما لم يُقَل بعد. الحكايات ليست متجاورة فحسب، بل متورطة في بعضها، كما هو حال التاريخ عندما يُعاد تدويره في غرف مغلقة.

 

لكن ما يُميز مجدي أحمد علي، بعيدًا عن مُنجزه السينمائي، هو حضوره الخافت والمستمر في المشهد الثقافي. لا يُكثر من الظهور، لكنه حين يتكلم، يضع إصبعه على الجرح دون تردد. لا يسعى إلى النجومية، بل إلى بناء أرشيف سينمائي مقاوم للنسيان، أرشيف يحاول فيه كل فيلم أن يستبقي لحظة ما من الصدق قبل أن تبتلعها الموجة.

 

أخيرًا، لا يمكن الحديث عن مجدي دون التوقف عند ابنه أحمد مجدي، الذي ورث الفن بروحه لا بألقه. من السهل أن ترى بين الاثنين جسرًا غير مرئي، مبنيًا على احترام الحكاية والانحياز إلى الإنسان العادي، إلى الذين لا يملكون أصواتًا ولكنهم يملكون وجوهًا لا تُنسى.

 

في زمن السينما التي تحاول أن تُرضي الجميع، يظل مجدي أحمد علي مخرجًا لا يهمّه أن يُرضي أحدًا سوى وعيه وضميره. ولذلك تحديدًا، تظل أفلامه شاهدة على عصر، لا بوقًا له.

مقالات مشابهة

  • سلوى عثمان: أصريت على الظهور بمكياج في مسلسل حكيم باشا لهذا السبب
  • هل الحجاب قاصر على الصلاة فقط؟.. أمين الفتوى يوضح
  • ما هو الخمار المقصود في القرآن؟.. أمين الفتوى يوضح المعايير وكيفية تطبيقه
  • حكم النقاب.. أمين الفتوى: لو كان فرضا لما منعه النبي فى الحج والعمرة
  • هاجر الشرنوبي: لا أمانع تقديم الأدوار الجريئة لكن بشروط
  • سامح قاسم يكتب | مجدي أحمد علي.. عينٌ على المدينة وقدمٌ في الحلم
  • 100 عام من مهاتير محمد صاحب نهضة ماليزيا الذي لم يفلت من قسوة التاريخ
  • هاجر الشرنوبي: «ممكن أقدم أدوار إغراء ولكن بدون تلامس»
  • هاجر الشرنوبي: «لا أقبل أن أكون زوجة ثانية»
  • «بسبب مرض نجله».. رامي صبري يتصدر الترند