طهران- منذ استئناف فصائل المعارضة السورية عملياتها العسكرية شمالي سوريا، بدأ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اتصالات دبلوماسية مع نظيريه الروسي سيرغي لافروف والسوري بسام الصباغ، لتنسيق الجهود "دعما للسيادة السورية وسلامة أراضيها".

وعلى وقع التطورات المتسارعة وبسط فصائل المعارضة السورية المسلحة سيطرتها على كامل مدينة حلب وعشرات البلدات والقرى في محافظتي إدلب وحماة، توجه عراقجي، مساء اليوم الأحد، إلى دمشق في مستهل جولة إقليمية ستقوده غدا الاثنين إلى أنقرة، على أن يتوجه بعدها إلى وجهة أخرى لبحث التصعيد العسكري في سوريا مع مسؤولي هذه الدول.

وقبيل زيارته لدمشق، شدد عراقجي على وقوف بلاده إلى جانب النظام السوري "في مواجهة المجموعات الإرهابية"، موضحا أنه سينقل "رسالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الحكومة السورية"، وفحواها أن طهران "ستدعم بشكل حازم الحكومة والجيش السوريين".

وفي تصريح للصحفيين من مطار مهرآباد الدولي، قال عراقجي إن "بلاده ترفض أي تغيير في الحدود والتدخل والاحتلال الأجنبي، وانتشار الإرهاب، واستخدام العنف ضد الحكومات الوطنية والعدوان على الشعوب".

هواجس ومصالح

في غضون ذلك، يعتقد الدبلوماسي سفير طهران السابق في أرمينيا والبرازيل علي سقائيان أنه لا بد من تكثيف الحراك الدبلوماسي الإيراني "لإسناد الحليف السوري ومواجهة المؤامرة الصهيوأميركية، الرامية إلى فرط عقد محور المقاومة عبر إسقاط النظام السوري وقطع الطريق البري الواصل بين سوريا ولبنان".

وفي حديث للجزيرة نت، يقرأ سقائيان جولة عراقجي الإقليمية واتصالاته الهاتفية في إطار "سياسة طهران لتنسيق جهود الدول الصديقة لمواجهة ظاهرة الإرهاب في سوريا، وذلك وفقا لمسار أستانة بين إيران وروسيا وتركيا".

واعتبر أنه لا يمكن الفصل بين سياسات طهران الإستراتيجية وأمن سوريا واستقرارها، على ضوء وجود مصالح إيرانية جيوسياسية واقتصادية كبيرة في بلاد الشام، التي وصفها بأنها "تمثل الجبهة الأمامية في مواجهة إسرائيل التي دأبت -بدورها- خلال السنوات الأخيرة على استهداف مصالح إيران السياسية والدبلوماسية والعسكرية في سوريا".

وفي ظل التهديدات الإسرائيلية المتواصلة بتصفية بعض القيادات السورية، وانتهاك سيادة هذا البلد بشكل شبه يومي، لا يستبعد الدبلوماسي الإيراني السابق "أن يقوم الكيان الإسرائيلي بمغامرة أخرى داخل الأراضي السورية، تمهيدا للانقضاض على باقي حلقات محور المقاومة، في حال واصلت المجموعات المسلحة فرض سيطرتها على بعض المدن الأخرى".

عراقجي أكد أن طهران ستدعم بشكل حازم الحكومة والجيش السوريين (الفرنسية) حرب استنزاف

من ناحيته، يعتقد مدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري أن ما تخشاه طهران حيال التطورات الجارية في سوريا هو تكرار أحداث عام 2011، وما تلتها من تطورات إرهابية في مدينة الموصل العراقية، مما يحتم على الجانب الإيراني التحرك بسرعة من أجل تنسيق الجهود المشتركة دعما لحكومة دمشق ومساندتها في مواجهة الجماعات المسلحة.

وفي حديثه للجزيرة نت، يطرح الباحث الإيراني تساؤلا عن سبب التزامن بين وقف إطلاق النار في لبنان واستئناف العمليات العسكرية في سوريا، وذلك بعد قيام إسرائيل بسلسلة هجمات صاروخية على منشآت سوريا الحيوية على مدى الأعوام الماضية، وأرجع السبب إلى "خطأ في حسابات العدو بشأن تقويض قدرات المقاومة عقب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023″.

وانطلاقا من دوافع موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على وقف اطلاق النار مع لبنان، بذريعة "التركيز على تهديد إيران وإنعاش الجيش وعزل حركة حماس وفصل الساحات العسكرية"، يعتقد زواري بـ"ضرورة مساندة إيران لنظام بشار الأسد وحسم الجبهة السورية قبيل عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، كونه يعتبر داعما أساسيا لمغامرات تل أبيب".

وخلص زواري إلى أن "الجهات الإقليمية والدولية المستفيدة من زعزعة استقرار سوريا، تراهن على استنزاف قدرات كل من روسيا وإيران، بعد استنزافها القدرات العسكرية لفصائل المقاومة في قطاع غزة ولبنان والعراق واليمن، ومنح إسرائيل الفرصة الكافية لترميم قوتها، في سياق بناء نظام دولي حديث بمحورية القوى الغربية".

خطوات متسارعة

ويفرض التقدم المتسارع الذي تحققه العمليات المسلحة للمعارضة السورية في كل من محافظات حلب وحماة وإدلب على الجانب الإيراني اتخاذ خطوات ميدانية فورية، "لوقف تقدم الجماعات المسلحة بمشاركة الحليف الروسي"، وفق ما يرى الكاتب والمحلل السياسي الإيراني ما شاء الله شمس الواعظين.

وفي حديثه للجزيرة نت، يشير شمس الواعظين إلى أن العلاقات بين طهران ودمشق تتسم بطابع إستراتيجي، ويتوقع اتخاذ إيران خطوات تتناسب ومستوى هذه العلاقة الثنائية، ومنها المساعدات العسكرية الفورية.

ويقرأ المتحدث نفسه جولة عراقجي الإقليمية ومحادثاته مع نظيره الروسي في سياق الدعم الميداني للحكومة السورية، وتنشيط الدبلوماسية من أجل ترغيب الجانب الروسي للانخراط بشكل أكبر لمواجهة الجماعات المسلحة في سوريا من جهة، وتفعيل اتفاق مسار أستانة بمشاركة الجانب التركي، من جهة أخرى.

وتوقع "حلحلة القضية السورية عبر الخيار الدبلوماسي، بمشاركة الأطراف الضامنة لمسار أستانة، وذلك بعد وقف تقدم الجماعات المسلحة"، مضيفا أنه "إذا فشلت الدبلوماسية في إيقاف ماكينة الصراع المسلح، فإن قوة الميدان ستكون حاسمة لما يجري في سوريا، على غرار نموذج عام 2011، حين حظي الجيش السوري بمساندة برية من إيران وفصائل المقاومة وغطاء جوي من روسيا".

ولدى إشارته إلى الدور الإسرائيلي في الأحداث السورية، رجح شمس الواعظين دخول الجانب الروسي على خط التفاوض مع إسرائيل لتحييد العامل الأخير عن الصراع السوري، كما توقع أن تحث الأطراف الضامنة في مسار أستانة دمشق على القيام بإصلاحات سياسية، تفضي إلى مشاركة بعض التيارات المعارضة الوطنية في السلطة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجماعات المسلحة للجزیرة نت فی سوریا

إقرأ أيضاً:

بين النفوذ الإيراني والمصالح الأميركية.. العراق أمام اختبار السيادة

2 فبراير، 2025

بغداد/المسلة: يجمع مراقبون على أن الحكومة العراقية تواجه اختباراً صعباً في تحقيق توازن بين الضغوط الأميركية والمطالب الداخلية، وسط تزايد الدعوات إلى إعادة تنظيم العلاقة مع الفصائل المسلحة فيما حذر تقرير أميركي من أن فشل العراق في حل الفصائل المسلحة سوف يؤدي إلى سياسة ترامبية اكثر تشددا.

رجّح التقرير أن يكون النفوذ الإيراني في العراق قد تراجع بشكل ملحوظ، ما يفتح المجال أمام إصلاحات أمنية تهدف إلى دمج الفصائل المسلحة ضمن المنظومة العسكرية الرسمية. ويرى محللون أن هذه الفرصة قد لا تتكرر في المستقبل، ما يجعل التحرك السريع أمراً حاسماً.

وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إن الفصائل المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة تمثل تحدياً . وأوضح أن المناقشات بدأت بالفعل بين القوى السياسية لإقناع قادة هذه الفصائل بالاندماج ضمن القوات المسلحة الحكومية. ويبدو أن هذا التوجه يحظى بتأييد بعض الأوساط السياسية، لكنه يواجه رفضاً من قيادات الفصائل التي ترى أن تخليها عن السلاح يجب أن يكون ضمن صفقة سياسية تضمن لها نفوذاً مستقبلياً.

ذكر جوناثان شانزر، المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أن انهيار نظام الأسد كان لحظة حاسمة للحكومة العراقية للتحرك ضد الفصائل. وأشار إلى أن العراقيين يتساءلون اليوم إن كانوا سيكونون الهدف التالي في سلسلة المواجهات الإقليمية، في ظل تزايد المخاوف من النفوذ الإيراني. ورغم ذلك، يؤكد المسؤولون العراقيون أن بلادهم لن تكون الحلقة الأضعف في هذه المواجهة، وأن الحكومة مصممة على الحفاظ على سيادتها.

وقالت إينا رودولف، الزميلة في المركز الدولي لدراسة التطرف في كينغز كوليدج لندن، إن النقاشات الحالية تتركز حول كيفية إدارة الفصائل المسلحة التي اكتسبت زخماً بعد 7 أكتوبر 2023. وأوضحت أن بعض هذه الفصائل سجلت ألوية ضمن الحشد الشعبي، ما يجعل التعامل معها أكثر تعقيداً.

و تشير تقارير عراقية إلى أن أحد المقترحات المطروحة هو تعيين ضابط عسكري بارز لإدارة هيئة الحشد الشعبي، في محاولة لإدماج الفصائل بشكل رسمي وتقليل تأثيرها السياسي. لكن هذا الحل يصطدم بعقبات عديدة، من بينها مطالب قادة الفصائل بالحصول على امتيازات سياسية مقابل القبول بالإصلاحات الأمنية.

و أكدت كارولين روز، رئيسة برنامج فراغات السلطة في معهد نيو لاينز، أن التغييرات الجارية في قطاع الأمن تعكس تراجع دور إيران في العراق. وأضافت أن القوى الأكثر اعتدالاً، إلى جانب الولايات المتحدة، تحاول استغلال هذا الوضع لخلق زخم سياسي وأمني يمهد لتحولات أكبر.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز: إيران تسعى إلى طريق سريع لصنع قنبلة نووية
  • المشهداني يقترح على إيران دعم استقرار سوريا
  • تطورات الوضع في فلسطين.. إيران تكشف تفاصيل زيارة عراقجي إلى قطر
  • إيران تتعرض للزلازل 200 مرة خلال الأسبوع الماضي
  • إيران تتعرض للزلزال 200 مرة خلال الأسبوع الماضي
  • إيران تحذر قيادة سوريا الجديدة: الوضع لن يبقى هكذا
  • المشهداني من طهران: إيران سند قوي جداً للعراق
  • المشهداني يلتقي نظيره الإيراني في طهران
  • بين النفوذ الإيراني والمصالح الأميركية.. العراق أمام اختبار السيادة
  • عراقجي: أي هجوم على إيران سيدخل المنطقة في حرب شاملة