إعداد: راشد النعيمي

بين تعليم بدأ على يد المطاوعة في زوايا من بيوتهم السكنية ضمن التجمعات المستقرة غير المتنقلة كالبدو، حيث كان لا يتعدى قراءة القرآن وتحفيظه، إلى تعليم ابتكاري لمجتمع معرفي ريادي ذي تنافسية عالمية، ويلبي احتياجات سوق العمل المستقبلية، حققت دولة الإمارات قفزات رائدة في هذا القطاع، وذلك عبر انتقالها من أساليب ومناهج بدائية وتقليدية بسيطة إلى مستويات راقية، رافقتها إنجازات مميزة على مستوى العالم.


تلقى المنظومة التعليمية في الإمارات اهتماماً كبيراً وعناية خاصة من صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، حيث تعمل الدولة على تطوير مناهجها بما يناسب التطور العالمي، مع الحفاظ على اللغة العربية وآداب وقيم المنهج الوطني الذي يعزز حب الوطن لدى الطلاب.
حازت دولة الإمارات المرتبة الأولى عالمياً في قطاع التعليم والتدريب التقني والمهني، ضمن مؤشر المعرفة العالمي 2022، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، كما منحت 4 مرجعيات دولية متخصصة في رصد التنافسية الأممية، دولة الإمارات عضوية نادي العشرين الكبار في قطاع التربية والتعليم، وهو ما يُعد إنجازاً وطنياً كبيراً ومستحقاً لدولة فتية استطاعت في غضون فترة قياسية أن تتصدر في مؤشرات استدامة قطاع التعليم.
واليوم، تملك الإمارات منظومة تعليم شاملة ومتكاملة من حيث انسجام مخرجات التعليم العام مع التعليم العالي والتركيز على التخصصات المستقبلية والمهمة مثل الفضاء والطاقة المتجددة وتعزيز منظومة التعلم الذكي، بما يتناغم مع أهداف مئوية الإمارات 2071 من حيث الرؤى والمستهدفات المستقبلية للوطن.
قصة نهضة
كان قيام الاتحاد انطلاقة لنهضة تعليمية شاملة تؤسس لتوسع كمي ونوعي في الخدمات، وخلال 60 عاماً خطت دولة الإمارات خطوات ثابتة واثقة متسارعة تحددت فيها ملامح التنمية والتعليم والرفاه في بلد تتجه بوصلة القيادة والشعب فيه نحو مستقبل عنوانه، اقتصاد قوي وعماده قدرات بشرية إماراتية شابة تنقل الإمارات إلى مصاف دول العالم المتقدم.
وبين افتتاح المدرسة القاسمية في الشارقة عام 1953 والمدرسة الأحمدية في دبي عام 1955، ومدرسة النهيانية الابتدائية للبنين كأول مدرسة نظامية في الإمارات عام 1959، وإنشاء أول جامعة اتحادية عام 1977، وما تلى ذلك من انتشار للمدارس والجامعات والمعاهد ومؤسسات التعليم المهني والتقني، وبين إطلاق «مئوية الإمارات 2071» في عام 2017، قصة تنمية بشرية شاملة ومتكاملة برعاية ودعم من قيادة أولى أولوياتها الاستثمار في الإنسان.
وكان التعليم أهم أولويات الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي خاطب شعبه ناصحاً، موجهاً ومحباً حين قال: «لقد آن لنا أن نستعيد عزتنا ومجدنا، ولن يكون ذلك بالمال وحده، وما لم يقترن المال بعلم يخطط له، وعقول مستنيرة ترشده، فإن مصير المال إلى الزوال والضياع وإن أكبر استثمار للمال هو استثماره في خلق الأجيال من المتعلمين والمثقفين».
عناية بالغة
حافظت القيادة الرشيدة على هذا النهج في إيلاء قطاعات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية عناية بالغة، فرصدت الموازنات من عائدات النفط، وتبنت البرامج النوعية، واستقطبت النخبة من الخبرات العربية والأجنبية وابتعثت الإماراتيين إلى أفضل الجامعات العالمية كخطوة تأسيسية لبناء دولة تتصدر عالمياً انطلاقاً من أدائها وفق مؤشرات التنافسية العالمية، والتنمية البشرية، والرخاء العالمي، وجودة أداء النظام التعليمي، والتوازن بين الجنسين، وريادة الأعمال.
وجاءت رؤية الإمارات 2021 كخطوة استثنائية لتعلن أن الاتحاد، والعمل والجهد والموارد، والخطط ستوجه ّ جميعها، حتى تكون دولة الإمارات ضمن أفضل دول العالم بحلول اليوبيل الذهبي للاتحاد، حيث استندت الرؤية إلى أن الإماراتيين متحدون في المسؤولية والمصير والمعرفة والرخاء.
وفي قلب هذه الرؤية، جاء التعليم كونه هدفاً ووسيلةً، من حيث التحول الكامل في أنظمة التعلم وممارساتهما بحيث تكون جميع المدارس والجامعات مجهزة، وجميع الطلاب مزودين بالأجهزة والأنظمة الذكية التي تستخدم المناهج والمشاريع والأبحاث المناسبة، ومضاعفة الاستثمار خلال السنوات المقبلة، لتعزيز الالتحاق برياض الأطفال ووضع طلبتنا ضمن أفضل طلبة العالم في اختبارات تقييم المعرفة والمهارات في القراءة والرياضيات والعلوم، ورفع نسبة التخرج من المرحلة الثانوية بما يتناسب مع المعدلات العالمية، من خلال تعزيز جميع المدارس بقيادات ومعلمين مرخصين وفق المعايير الدولية وأن يكون طلبتنا فيها متقنين للغة العربية.
استراتيجية جديدة
كفل الدستور الإماراتي حق التعليم لكل مواطن، وهو إلزامي حتى المرحلة الثانوية ومجاني في جميع المراحل للمواطنين، مما يضمن حصول جميع الفتيات والأولاد على تعليم مجاني بجودة عالية في مراحل التعليم الأساسي والثانوي، وركز الدستور في المادة (17) على الدور الأساسي للتعليم في تقدم المجتمع، كما أكد على دور الحكومة في وضع الخطط اللازمة للقضاء على الأمية.
وتهدف الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي 2030، لتزويد الطلبة بالمهارات الفنية والعملية لدفع عجلة الاقتصاد في القطاعين الحكومي والخاص، وتخريج أجيال من المتخصصين والمحترفين في القطاعات الحيوية ليكونوا ركيزة رئيسية في بناء اقتصاد معرفي، ويشاركوا بفاعلية في ريادة الأعمال وسوق العمل حيث تخصص حكومة دولة الإمارات حصة كبيرة من ميزانيتها الاتحادية لقطاع التعليم كل عام، وذلك من أجل توفير خدمات تعليمية ذات جودة عالية تلبي احتياجات المواطنين وتعزز مسيرة الدولة نحو اقتصاد قائم على المعرفة.
كما تبنت دولة الإمارات نظاماً جديداً لترخيص المعلمين والقيادات المدرسية، ويقوم النظام على أربعة معايير، هي: السلوك المهني والأخلاقي، والمعرفة المهنية، والممارسات المهنية، والتطوير المهني، ويرتكز أيضاً على مرتكزات أساسية هي: القيادة المهنية والأخلاقية، والقيادة الاستراتيجية، والقيادة التربوية، والقيادة التشغيلية.
جودة التعليم
حققت جودة التعليم في الإمارات إنجازات كبيرة بفضل الاهتمام الذي توليه الحكومة وسعيها الدائم للتطوير والتحديث حيث تم تخصيص ما يقرب من 20% من حجم الإنفاق الرئيسي لتطوير نظام التعليم، إضافة لتوفير تعليم مجاني للمواطنين في المدارس العامة حتى مرحلة التعليم العالي، والعمل بنظام تعليم المدارس العامة والخاصة، والذي يقدم أكثر من 16 منهج دراسي لخدمة أبناء الجنسيات المختلفة التي تقيم في الدولة.
كما يتمثل ذلك في وجود مجموعة كبيرة من أفضل الجامعات المعتمدة العامة والخاصة ومنشآت خاصة لتعليم الكبار، والتعليم المستمر وتخفيض نسبة الأمية إلى أقل من 1% كما تم توقيع اتفاقية مع شركة مايكروسوفت لاتباع أفضل الممارسات في مجال برامج التعليم الذكي وتوقيع اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري واعتماد دليل المنظومة الوطنية للمؤهلات 2012 لجميع المسارات. ويتضح ذلك أيضاً في وجود منشآت تعليمية وتدريبية معتمدة لطرح مؤهلات مهنية وطنية وتطوير مؤهلات مهنية وطنية في مجالات اقتصادية مختلفة وحسب احتياجات سوق العمل.
يوم للتعليم
احتفاءً بأهمية التعليم في دولة الإمارات ودوره المحوري في تنميتها وتقدمها وبناء أجيالها ومجتمعها والإسهام في نهضتها الحضارية، وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، باعتماد الثامن والعشرين من شهر فبراير من كل عام، اليوم الإماراتي للتعليم، وقال سموه: «إن دولة الإمارات آمنت منذ نشأتها بأهمية التعليم ودوره الرئيسي في دفع مسيرة تنميتها وتطورها ونهضتها الحضارية الشاملة.. فوضعته في صدارة خططها التنموية وهو النهج الراسخ الذي تواصل السير عليه حاضراً ومستقبلاً».
وأضاف سموه: «إنه تأكيد لمكانة التعليم في رؤيتنا التنموية وعرفان وتقدير لكل القائمين على المنظومة التعليمية.. نحتفي في الثامن والعشرين من شهر فبراير من كل عام باليوم الإماراتي للتعليم وهو اليوم الذي شهد فيه المغفور له المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات تخريج أول دفعة من المعلمين من جامعة الإمارات عام 1982»، مشيراً سموه إلى أن ترسيخ ركائز التعليم ومواصلة إعلاء مكانته يبقى محل اهتمام خاص من قبل الدولة منذ تأسيسها وخلال جميع مراحل تقدمها.
ويأتي تخصيص هذا اليوم ضمن الأجندة الوطنية لدولة الإمارات، تعبيراً عن إيمان القيادة الحكيمة الراسخ بقيمة التعليم ودوره الجوهري في بناء الأجيال وتقدم الدول كونه المحرك الرئيس لعجلة تنميتها وتطورها.
ويؤكد كل هذا على أن التعليم أصبح محورياً في الرؤية الاستشرافية الشاملة للقيادة الحكيمة، فجعلته ركيزة رئيسة لبناء مجتمع معرفي متطور، وفي الوقت نفسه متأصل بجذور تستمد أصالتها من القيم والتقاليد والهوية الإماراتية، بجانب وضع بناء الإنسان في مقدمة أولوياته والتركيز على تمكين أفراده وتنمية قدراتهم واعتباره المسرع الأول في الوصول إلى اقتصاد قائم على المعرفة وتحقيق التنمية المستدامة لجيل اليوم والأجيال القادمة.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات عيد الاتحاد التعليم دولة الإمارات

إقرأ أيضاً:

عضو غرفة الأخشاب: دعم الدولة والمكون المحلي مفتاح اختراق الأسواق العالمية

قال المهندس علاء نصر الدين، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأخشاب والأثاث باتحاد الصناعات، وعضو لجنة التعاون العربي بالاتحاد، إن مصر تمتلك كافة المقومات التي تؤهلها لتكون مركزًا إقليميًا لصناعة الأثاث، موضحًا أن القطاع يتمتع بطاقة إنتاجية عالية، وخبرة فنية متراكمة، وتنوع في التصميمات يجعله مؤهلًا للمنافسة بقوة في الأسواق العالمية، لا سيما الخليجية والأفريقية والأمريكية.

وأكد أن تحقيق طفرة في صادرات الأثاث يتطلب خطة شاملة تتكامل فيها جهود الدولة والقطاع الخاص، تبدأ بتوفير تسهيلات إنتاجية وإجرائية، وتمر عبر دعم المشاركة في المعارض الدولية، وتنتهي بفتح أسواق جديدة مستهدفة من خلال الدبلوماسية التجارية والتمثيل الخارجي الفعال.

ولفت إلى أن رؤية تطوير الصادرات يجب أن تُبنى على محاور عدة، أهمها توطين صناعة مستلزمات الإنتاج مثل الإكسسوارات والمفصلات وبعض أنواع الأخشاب، بدلًا من الاعتماد على المكونات المستوردة التي تجعل الصناعة رهينة لتقلبات سعر الصرف وسلاسل الإمداد الخارجية.

المجلس التصديري للأثاث والغرفة التجارية الإيطالية ينظمان ورشة لزيادة الصادراتقرار جمهوري بالموافقة على اتفاق الدعم الفني للمناطق الصناعية للجلود والأثاث والرخام بين مصر وإيطالياغرفة الأخشاب والأثاث: ورش العمل المتخصصة تساهم في نقل الخبرات العالمية للمصنعين المحليين

وأشار إلى أن الدولة تستطيع لعب دور محوري في هذا الإطار عبر تقديم حوافز استثمارية للمصانع الصغيرة والمتوسطة، ودعم برامج التدريب الفني لتجهيز عمالة مؤهلة لخدمة هذه الصناعات المغذية.

وفيما يتعلق بالعبء الضريبي، ثمّن نصر الدين توجيهات الرئيس بإلغاء الرسوم المتعددة واستبدالها بضريبة موحدة، معتبرًا أنها خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تبسيط احتساب التكلفة، وتقليص الازدواج الضريبي، ومن ثمّ تحسين قدرة المنتج المصري على التسعير والمنافسة في الأسواق الخارجية.

وأوضح أن هذه الخطوة من شأنها تخفيف الضغوط على المصانع، لا سيما في القطاعات ذات المدخلات الإنتاجية المرتفعة مثل الأثاث، مشددًا على أهمية الاستمرار في مراجعة السياسات الضريبية والجمركية بما يتناسب مع طبيعة هذا القطاع الصناعي الحيوي.

وأضاف أن من أبرز التحديات التي يواجهها المصنعون اليوم ارتفاع تكلفة الإفراج الجمركي على الماكينات ومستلزمات الإنتاج، فضلًا عن بطء بعض الإجراءات في عدد من الموانئ، مما يؤدي إلى تأخر التوريد وزيادة التكلفة الكلية.

واقترح نصر الدين تخصيص شباك جمركي موحد لصناعة الأثاث، وتوسيع نطاق التحول الرقمي والتخليص الإلكتروني، بما يسرّع دورة الإنتاج، ويمنح المصانع المصرية ميزة في الالتزام بالمواصفات والمواعيد التصديرية.

وأكد أن التمثيل المصري في المعارض الدولية لا يزال بحاجة إلى دفعة قوية، من حيث الدعم اللوجستي والتمويلي. مشيرًا إلى أن تكلفة المشاركة المرتفعة تُعد عائقًا أمام الكثير من المصنعين، رغم كون المعارض هي البوابة الأولى لفتح أسواق جديدة وترويج المنتج المصري.

وشدد نصر الدين على أن صناعة الأثاث تحتاج إلى دعم نوعي وليس فقط تمويلي، موضحًا أن تسهيل إجراءات التمويل الصناعي، وتقديم برامج مبتكرة لتمويل الصادرات غير التقليدية، يمكن أن يحرك عجلة الاستثمار داخل هذا القطاع سريعًا.

واختتم تصريحاته بالتأكيد على أن الفرصة ما زالت قائمة لتحقيق طفرة في صادرات الأثاث المصري، لكن بشرط أن يتم التعامل مع التحديات الحالية بفكر استراتيجي، يُركز على تحويل نقاط الضعف إلى فرص نمو من خلال منظومة متكاملة تربط بين التصنيع المحلي، والتدريب، والدعم الإجرائي، والتسويق الخارجي.

طباعة شارك صناعة الأثاث الأسواق العالمية سلاسل الإمداد

مقالات مشابهة

  • حامد بن زايد يحضر حفل السفارة الأسترالية بمناسبة مرور 50 عاماً على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين
  • تعاون بين «العالمية القابضة» و«القابضة» و«أبوظبي الأول» لإطلاق عملة رقمية مستقرة مدعومة بالدرهم الإماراتي
  • التعليم العالي: نسعى لتقديم الدعم لأبنائنا الطلاب من خلال منظومة شاملة ومتكاملة لتأهيلهم لسوق العمل
  • وزارة الخارجية تتسلم نسخة من أوراق اعتماد سفير جمهورية الإكوادور لدى الدولة
  • مشروعات عملاقة فى الصحراء.. مستقبل مصر يقود الدولة إلى نهضة زراعية جديدة
  • الإمارات.. نموذج عالمي في تطوير البنية التحتية الرقمية والذكاء الاصطناعي
  • عضو غرفة الأخشاب: دعم الدولة والمكون المحلي مفتاح اختراق الأسواق العالمية
  • التعليم في السودان.. تداعيات كارثية للنزاع ودعم إماراتي متواصل
  • رئيس الدولة يعزي رئيس وزراء الهند في ضحايا الحادث الإرهابي
  • محمد بن راشد: انطلاقنا نحو المستقبل مرتكز على إرث حضاري غني