التعليم.. نهضة شاملة انتقلت بالإمارات إلى العالمية
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
إعداد: راشد النعيمي
بين تعليم بدأ على يد المطاوعة في زوايا من بيوتهم السكنية ضمن التجمعات المستقرة غير المتنقلة كالبدو، حيث كان لا يتعدى قراءة القرآن وتحفيظه، إلى تعليم ابتكاري لمجتمع معرفي ريادي ذي تنافسية عالمية، ويلبي احتياجات سوق العمل المستقبلية، حققت دولة الإمارات قفزات رائدة في هذا القطاع، وذلك عبر انتقالها من أساليب ومناهج بدائية وتقليدية بسيطة إلى مستويات راقية، رافقتها إنجازات مميزة على مستوى العالم.
تلقى المنظومة التعليمية في الإمارات اهتماماً كبيراً وعناية خاصة من صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، حيث تعمل الدولة على تطوير مناهجها بما يناسب التطور العالمي، مع الحفاظ على اللغة العربية وآداب وقيم المنهج الوطني الذي يعزز حب الوطن لدى الطلاب.
حازت دولة الإمارات المرتبة الأولى عالمياً في قطاع التعليم والتدريب التقني والمهني، ضمن مؤشر المعرفة العالمي 2022، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، كما منحت 4 مرجعيات دولية متخصصة في رصد التنافسية الأممية، دولة الإمارات عضوية نادي العشرين الكبار في قطاع التربية والتعليم، وهو ما يُعد إنجازاً وطنياً كبيراً ومستحقاً لدولة فتية استطاعت في غضون فترة قياسية أن تتصدر في مؤشرات استدامة قطاع التعليم.
واليوم، تملك الإمارات منظومة تعليم شاملة ومتكاملة من حيث انسجام مخرجات التعليم العام مع التعليم العالي والتركيز على التخصصات المستقبلية والمهمة مثل الفضاء والطاقة المتجددة وتعزيز منظومة التعلم الذكي، بما يتناغم مع أهداف مئوية الإمارات 2071 من حيث الرؤى والمستهدفات المستقبلية للوطن.
قصة نهضة
كان قيام الاتحاد انطلاقة لنهضة تعليمية شاملة تؤسس لتوسع كمي ونوعي في الخدمات، وخلال 60 عاماً خطت دولة الإمارات خطوات ثابتة واثقة متسارعة تحددت فيها ملامح التنمية والتعليم والرفاه في بلد تتجه بوصلة القيادة والشعب فيه نحو مستقبل عنوانه، اقتصاد قوي وعماده قدرات بشرية إماراتية شابة تنقل الإمارات إلى مصاف دول العالم المتقدم.
وبين افتتاح المدرسة القاسمية في الشارقة عام 1953 والمدرسة الأحمدية في دبي عام 1955، ومدرسة النهيانية الابتدائية للبنين كأول مدرسة نظامية في الإمارات عام 1959، وإنشاء أول جامعة اتحادية عام 1977، وما تلى ذلك من انتشار للمدارس والجامعات والمعاهد ومؤسسات التعليم المهني والتقني، وبين إطلاق «مئوية الإمارات 2071» في عام 2017، قصة تنمية بشرية شاملة ومتكاملة برعاية ودعم من قيادة أولى أولوياتها الاستثمار في الإنسان.
وكان التعليم أهم أولويات الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي خاطب شعبه ناصحاً، موجهاً ومحباً حين قال: «لقد آن لنا أن نستعيد عزتنا ومجدنا، ولن يكون ذلك بالمال وحده، وما لم يقترن المال بعلم يخطط له، وعقول مستنيرة ترشده، فإن مصير المال إلى الزوال والضياع وإن أكبر استثمار للمال هو استثماره في خلق الأجيال من المتعلمين والمثقفين».
عناية بالغة
حافظت القيادة الرشيدة على هذا النهج في إيلاء قطاعات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية عناية بالغة، فرصدت الموازنات من عائدات النفط، وتبنت البرامج النوعية، واستقطبت النخبة من الخبرات العربية والأجنبية وابتعثت الإماراتيين إلى أفضل الجامعات العالمية كخطوة تأسيسية لبناء دولة تتصدر عالمياً انطلاقاً من أدائها وفق مؤشرات التنافسية العالمية، والتنمية البشرية، والرخاء العالمي، وجودة أداء النظام التعليمي، والتوازن بين الجنسين، وريادة الأعمال.
وجاءت رؤية الإمارات 2021 كخطوة استثنائية لتعلن أن الاتحاد، والعمل والجهد والموارد، والخطط ستوجه ّ جميعها، حتى تكون دولة الإمارات ضمن أفضل دول العالم بحلول اليوبيل الذهبي للاتحاد، حيث استندت الرؤية إلى أن الإماراتيين متحدون في المسؤولية والمصير والمعرفة والرخاء.
وفي قلب هذه الرؤية، جاء التعليم كونه هدفاً ووسيلةً، من حيث التحول الكامل في أنظمة التعلم وممارساتهما بحيث تكون جميع المدارس والجامعات مجهزة، وجميع الطلاب مزودين بالأجهزة والأنظمة الذكية التي تستخدم المناهج والمشاريع والأبحاث المناسبة، ومضاعفة الاستثمار خلال السنوات المقبلة، لتعزيز الالتحاق برياض الأطفال ووضع طلبتنا ضمن أفضل طلبة العالم في اختبارات تقييم المعرفة والمهارات في القراءة والرياضيات والعلوم، ورفع نسبة التخرج من المرحلة الثانوية بما يتناسب مع المعدلات العالمية، من خلال تعزيز جميع المدارس بقيادات ومعلمين مرخصين وفق المعايير الدولية وأن يكون طلبتنا فيها متقنين للغة العربية.
استراتيجية جديدة
كفل الدستور الإماراتي حق التعليم لكل مواطن، وهو إلزامي حتى المرحلة الثانوية ومجاني في جميع المراحل للمواطنين، مما يضمن حصول جميع الفتيات والأولاد على تعليم مجاني بجودة عالية في مراحل التعليم الأساسي والثانوي، وركز الدستور في المادة (17) على الدور الأساسي للتعليم في تقدم المجتمع، كما أكد على دور الحكومة في وضع الخطط اللازمة للقضاء على الأمية.
وتهدف الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي 2030، لتزويد الطلبة بالمهارات الفنية والعملية لدفع عجلة الاقتصاد في القطاعين الحكومي والخاص، وتخريج أجيال من المتخصصين والمحترفين في القطاعات الحيوية ليكونوا ركيزة رئيسية في بناء اقتصاد معرفي، ويشاركوا بفاعلية في ريادة الأعمال وسوق العمل حيث تخصص حكومة دولة الإمارات حصة كبيرة من ميزانيتها الاتحادية لقطاع التعليم كل عام، وذلك من أجل توفير خدمات تعليمية ذات جودة عالية تلبي احتياجات المواطنين وتعزز مسيرة الدولة نحو اقتصاد قائم على المعرفة.
كما تبنت دولة الإمارات نظاماً جديداً لترخيص المعلمين والقيادات المدرسية، ويقوم النظام على أربعة معايير، هي: السلوك المهني والأخلاقي، والمعرفة المهنية، والممارسات المهنية، والتطوير المهني، ويرتكز أيضاً على مرتكزات أساسية هي: القيادة المهنية والأخلاقية، والقيادة الاستراتيجية، والقيادة التربوية، والقيادة التشغيلية.
جودة التعليم
حققت جودة التعليم في الإمارات إنجازات كبيرة بفضل الاهتمام الذي توليه الحكومة وسعيها الدائم للتطوير والتحديث حيث تم تخصيص ما يقرب من 20% من حجم الإنفاق الرئيسي لتطوير نظام التعليم، إضافة لتوفير تعليم مجاني للمواطنين في المدارس العامة حتى مرحلة التعليم العالي، والعمل بنظام تعليم المدارس العامة والخاصة، والذي يقدم أكثر من 16 منهج دراسي لخدمة أبناء الجنسيات المختلفة التي تقيم في الدولة.
كما يتمثل ذلك في وجود مجموعة كبيرة من أفضل الجامعات المعتمدة العامة والخاصة ومنشآت خاصة لتعليم الكبار، والتعليم المستمر وتخفيض نسبة الأمية إلى أقل من 1% كما تم توقيع اتفاقية مع شركة مايكروسوفت لاتباع أفضل الممارسات في مجال برامج التعليم الذكي وتوقيع اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري واعتماد دليل المنظومة الوطنية للمؤهلات 2012 لجميع المسارات. ويتضح ذلك أيضاً في وجود منشآت تعليمية وتدريبية معتمدة لطرح مؤهلات مهنية وطنية وتطوير مؤهلات مهنية وطنية في مجالات اقتصادية مختلفة وحسب احتياجات سوق العمل.
يوم للتعليم
احتفاءً بأهمية التعليم في دولة الإمارات ودوره المحوري في تنميتها وتقدمها وبناء أجيالها ومجتمعها والإسهام في نهضتها الحضارية، وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، باعتماد الثامن والعشرين من شهر فبراير من كل عام، اليوم الإماراتي للتعليم، وقال سموه: «إن دولة الإمارات آمنت منذ نشأتها بأهمية التعليم ودوره الرئيسي في دفع مسيرة تنميتها وتطورها ونهضتها الحضارية الشاملة.. فوضعته في صدارة خططها التنموية وهو النهج الراسخ الذي تواصل السير عليه حاضراً ومستقبلاً».
وأضاف سموه: «إنه تأكيد لمكانة التعليم في رؤيتنا التنموية وعرفان وتقدير لكل القائمين على المنظومة التعليمية.. نحتفي في الثامن والعشرين من شهر فبراير من كل عام باليوم الإماراتي للتعليم وهو اليوم الذي شهد فيه المغفور له المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات تخريج أول دفعة من المعلمين من جامعة الإمارات عام 1982»، مشيراً سموه إلى أن ترسيخ ركائز التعليم ومواصلة إعلاء مكانته يبقى محل اهتمام خاص من قبل الدولة منذ تأسيسها وخلال جميع مراحل تقدمها.
ويأتي تخصيص هذا اليوم ضمن الأجندة الوطنية لدولة الإمارات، تعبيراً عن إيمان القيادة الحكيمة الراسخ بقيمة التعليم ودوره الجوهري في بناء الأجيال وتقدم الدول كونه المحرك الرئيس لعجلة تنميتها وتطورها.
ويؤكد كل هذا على أن التعليم أصبح محورياً في الرؤية الاستشرافية الشاملة للقيادة الحكيمة، فجعلته ركيزة رئيسة لبناء مجتمع معرفي متطور، وفي الوقت نفسه متأصل بجذور تستمد أصالتها من القيم والتقاليد والهوية الإماراتية، بجانب وضع بناء الإنسان في مقدمة أولوياته والتركيز على تمكين أفراده وتنمية قدراتهم واعتباره المسرع الأول في الوصول إلى اقتصاد قائم على المعرفة وتحقيق التنمية المستدامة لجيل اليوم والأجيال القادمة.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات عيد الاتحاد التعليم دولة الإمارات
إقرأ أيضاً:
الإمارات تواصل ريادتها حلقة وصل مركزية بين الأسواق العالمية
واصلت دولة الإمارات ترسيخ مكانتها واحدة من أبرز الدول المتقدمة لوجستياً، إذ باتت تمثل نموذجاً ملهماً في هذا القطاع الحيوي، بفضل رؤيتها الاستراتيجية واستثماراتها الذكية، إضافة إلى اعتمادها على أحدث التقنيات، وتطوير سياسات مرنة تدعم التجارة العالمية وسلاسل التوريد والنقل.
وساهمت المزايا الاستراتيجية التي تتمتع بها دولة الإمارات، بما في ذلك موانئها ومطاراتها المتطورة، في تعزيز مكانتها كمركز لوجستي عالمي يربط بين الشرق والغرب، مما يدعم دورها المحوري في الاقتصاد العالمي. موقع استراتيجي وفي هذا الإطار، قالت نادية عبد العزيز، رئيسة اللجنة الوطنية للشحن والإمداد "نافل"، في تصريح لوكالة أنباء الإمارات "وام"، إنه بفضل موقع الإمارات الاستراتيجي بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، تعد الدولة حلقة وصل مركزية للربط بين الأسواق العالمية الرئيسية.وأشارت إلى أبرز عناصر البنية التحتية المتطورة في دولة الإمارات التي عززت مكانتها في حركة التجارة العالمية مثل الموانئ البحرية عالمية المستوى، والمطارات ذات الطاقة الاستيعابية الكبيرة مثل مطار دبي الدولي ومطار زايد الدولي، بالإضافة إلى شبكات الطرق والسكك الحديدية التي تربط بين المناطق الحيوية في الدولة.
وأكدت أن التحولات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي وتقنية البلوك تشين لعبت دورًا جوهريًا في تحسين الكفاءة اللوجستية في الإمارات من خلال مجموعة واسعة من التأثيرات المبتكرة التي دعمت إدارة سلاسل التوريد وتتبع الشحنات، وتحسين المسارات، والعقود الذكية، وأنظمة الأمان والأمان السيبراني، والتجارة الرقمية وغير ذلك. بوابة رئيسية وتواصل الإمارات تعزيز مكانتها في مختلف القطاعات اللوجستية بما فيها الموانئ، حيث يبرز ميناء جبل علي في دبي كأحد أكبر الموانئ البحرية عالمياً، ويُعد بوابة رئيسية للتجارة بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، كما يعد ضمن قائمة أكبر 10 موانئ على مستوى العالم في التعامل مع الحاويات.
بدورها، أسهمت موانئ أبوظبي في تعزيز مكانة الإمارة كمركز عالمي للتجارة، حيث حصدت العديد من الجوائز العالمية خلال الأعوام الماضية، منها جائزة أفضل محطة للسفن السياحية في العالم ضمن "ورلد بيست كروز تيرمينال" لمحطة أبوظبي للسفن السياحية في ميناء زايد، واختيار ميناء خليفة كميناء العالم ضمن جوائز "ماريتايم ستاندرد" في العام ذاته.
وعلى صعيد قطاع الطيران، تفردت مطارات الدولة لتكون ضمن أفضل وأكثر المطارات ازدحاماً وكفاءة على مستوى العالم، فقد نال مطار زايد الدولي مؤخراً جائزة "ثالث أفضل مبنى مطار جديد للمسافرين بالعالم" ضمن جوائز "سكاي تراكس" العالمية للمطارات لعام 2024.
ووفق مزود بيانات قطاع الطيران "أو أيه جي"، يتبوأ مطار دبي الدولي المركز الأول عالمياً من حيث أعداد المسافرين الدوليين، حيث يتمتع المطار بقدرة استيعابية هائلة تتخطى حاجز الـ 5 ملايين مقعد شهرياً.
مركز طيران من جانبه، سيصبح مطار آل مكتوم أكبر مركز طيران في العالم من حيث السعة الاستيعابية، وستصل القدرة الاستيعابية الأولية للمطار إلى 150 مليون مسافر سنوياً خلال العقد المقبل، مع زيادة السعة في نهاية المطاف إلى 260 مليون مسافر سنوياً و12 مليون طن من الشحن الجوي.
ووفرت الإمارات شبكة طرق متطورة تربط بين المدن والمناطق الحرة، إلى جانب شبكة السكك الحديدية الوطنية الإماراتية التي تعمل وفقاً لأعلى المعايير العالمية، لتربط المراكز الرئيسية للصناعة والإنتاج والسكان، ونقاط الاستيراد والتصدير في الدولة، على أن تكون جزءاً حيوياً من شبكة السكك الحديدية الخليجية المخطط لها.
كما توفر الدولة خدمات لوجستية متكاملة تشمل التخزين والشحن والتعبئة والتغليف، مما يضمن حركة انسيابية للبضائع عبر سلاسل الإمداد المحلية والدولية، وتلعب المناطق الحرة، مثل "جافزا" و"كيزاد"، دوراً محورياً في تقديم حلول لوجستية مبتكرة تقلل من الوقت والتكاليف المرتبطة بعمليات التجارة.
ووفقاً لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، تحتل الإمارات موقعاً متقدماً ضمن أفضل 10 دول عالمياً في جودة البنية التحتية للنقل، إذ جاءت في المركز الخامس عالمياً والأول عربياً في جودة الطرق، والعاشر عالمياً والثاني عربياً في فعالية خدمات النقل العام، والتاسع عالمياً والأول عربياً في فعالية خدمات الموانئ.
وقدر تقرير لـ "موردور إنتليجنس" العالمية للأبحاث، حجم سوق الشحن والخدمات اللوجستية في الإمارات بنحو 20.11 مليار دولار أمريكي في عام 2024، مع توقعات بتحقيق نمو سنوي مركب يتجاوز 7% ليصل إلى 30.19 مليار دولار بحلول عام 2030.