قال الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، إن العلماء وهم يسبرون أغوار الكون، يكتشفون يومًا بعد يوم أسرارا جديدة، ومهما حققوا من تقدم علمي واكتشافات في شتى المجالات، فهو قليل بالنسبة لكلام الله وأسراره التي وضعها في الكون، "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"، والإعجاز العلمي يوضح لنا يومًا بعد يوم أن علمنا لا يزال ناقصًا مقارنة بالأسرار التي وضعها الله في مخلوقاته في هذا الكون، فالحق سبحانه وتعالى أعلم بهذه الأسرار وكلامه عنها علم كامل، والإنسان عليه أن يتدبر المعاني التي جاءت في القرآن حول الكون.

وجوه الإعجاز القرآني

وأوضح الهدهد، خلال ملتقى التفسير ووجوه الإعجاز القرآني بالجامع الأزهر، أن القرآن يقدم رؤية شاملة عن الكون وحياة الكائنات الحية، ويعرض لنا نظرة كاملة ودقيقة لتشجيع العقل البشري على البحث والعمل لفهم أسراره: فالإشارة القرآنية للنحل "أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ" دليل على الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، فاستخدام حرف "من" دليل أنه ليس كل الجبال ولا كل الشجر ولا كل ما يعرشه الناس يصلح أن يكون بيوتًا للنحل، وهو ما توصل إليه العلم بأن النحل لها بيئات محددة تناسب طبيعته، وهو المعنى الذي جاء في القرآن الكريم، كما أن القرآن جاءت آياته مرة بأسلوب الإفصاح وهو اللفظ الذي يفهم معناه الصريح ويقدم خلاصة مباشرة، ومرة بأسلوب الإفهام، ليحثنا على دراسة الكون وفهم أسراره، لهذا حثنا القرآن الكريم على طلب العلم والفهم والفكر.

وبيّن الهدهد أن حياة النحل تمثل نموذجًا مثاليًا للتنظيم والتخطيط، وتعطينا درسًا مهمًا في الحياة، وهو ما أوضحه القرآن الكريم في حقيقة دقيقة حول النحل، فعلى الرغم من أهمية الغذاء لبقائها على قيد الحياة، لكن الحق أمرها بأن تتخذ بيوتا أولًا ثم جاء بعد ذلك بالأمر بالبحث عن الغذاء "ثمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ" وهو ما اكتشفه العلم بعد ذلك أن النحل تبنى البيوت أولًا كدليل على شعورها بالطمأنينة والأمان المتحقق بالسكن، ثم بعد ذلك تبدأ في جمع غذائها، ومن الحقائق التي سبق بها القرآن العلم وأثبتها العلم بعد ذلك أن كل نوعية من الغذاء يتغذى عليها النحل تخرج لونًا مختلفا من العسل وهذا اللون يكون مناسبًا لشفاء مرض بعينه.

التنوع البيولوجي والتكاثر

وأضاف الدكتور مصطفى إبراهيم، عضو لجنة الإعجاز العلمي بمجمع البحوث الإسلامية، أن النحل يمثل نموذجًا حيًا للإعجاز الإلهي، إذ يعمل النحل في نسق نظامي عجيب، ليتمكن من الحفاظ على التنوع البيولوجي والتكاثر، وعمليات البناء التي يقوم بها النحل والدفاع عن مستعمراته ضد الأعداء تتطلب مستوى دقيقا من الذكاء، وهو ما أثبته العلم بعد ذلك، ومن بين ما أجمعت عليه الدراسات العلمية ما يقوم به النحل في التصدي لبعض أعدائه عن طريق الالتفاف حوله لتصل درجة حرارته إلى 42 درجة مئوية وهي الدرجة التي تؤدي إلى هلاكه، هذه القدرة الفريدة والسلوكيات المعقدة استطاع العلم أن يفهم حكمتها، وهي أن وصول درجة حرارة الكائن الحي إلى 42 درجة فهي تمثل خطورة عليه، وهو ما أكده العلم بعد ذلك.

وبيّن عضو لجنة الإعجاز العلمي بمجمع البحوث الإسلامية، أن العلم يكشف لنا أن ثلث غذاء الإنسان من خضروات وفواكه يعتمد بشكل أساسي على التقنية الفطرية التي يقوم بها النحل وهي عملية التلقيح مما يؤدي إلى الثمار والبذور الصحيحة، من خلال ما يقوم به النحل من الحصول على رحيق الأزهار وتلقيحها، ولولا هذه العملية لما اكتملت دورة الغذاء للإنسان بشكل منتظم، لهذا جاء النص القرآني "من كل الثمرات" في إشارة قرآنية إلى عملية التلقيح التي تتم من عملية التبادل التي تتم بين النحل والأزهار، وهو ما أثبته العلم بعد ذلك من فائدة النحل.

ونظّم الجامع الأزهر اليوم، ملتقى "التفسير والإعجاز" تحت عنوان: "أمة النحل في القرآن الكريم بين الإعجاز البلاغي والإعجاز العلمي" وذلك بحضور كل من الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، والدكتور مصطفى إبراهيم، الأستاذ بكلية العلوم جامعة الأزهر وعضو لجنة الإعجاز العلمي بمجمع البحوث الإسلامية، وأدار الحوار الدكتور مصطفى شيشي مدير إدارة شئون الأروقة بالجامع الأزهر الشريف.

يذكر أن ملتقى "التفسير ووجوه الإعجاز القرآني" يُعقد الأحد من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى إلى إبراز المعاني والأسرار العلمية الموجودة في القرآن الكريم، ويستضيف نخبة من العلماء والمتخصصين.

من جهته، أوضح الدكتور مصطفى شيشي، مدير إدارة شئون الأروقة بالجامع الأزهر، أن الحضارة الإسلامية هي حضارة علمية ثقافية بالدرجة الأولى اعتمدت في نشأتها على مصدر لم تقم على مثله أي حضارة أخرى ألا وهو الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد فالقرآن الكريم هو المعجزة الخالدة الباقية مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم (مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدِ اُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاه اللهُ إِلَيَّ ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فمن تمام إنعام الله سبحانه وكمال تفضله على هذه الأمة أن خص نبيها الكريم صلى الله عليه وسلم بأن جمع بين المعجزة والرسالة في كتاب واحد هو القرآن الكريم المعجز بما فيه من آيات تدل عليه سبحانه وعلى مدى قدرته وعظمته.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الجامع الأزهر الأزهر الإعجاز القرآني القرآن الكريم فی القرآن الکریم الإعجاز العلمی الدکتور مصطفى جامعة الأزهر وهو ما

إقرأ أيضاً:

نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد أعمال الامتحانات بفرع بالزقازيق.. صور

تفقد الدكتور رمضان عبد الله الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري أعمال الامتحانات بكليات فرع جامعة الأزهر بالزقازيق.

وتفقد نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري، لجان الامتحانات بكلية أصول الدين، واللغة العربية والدراسات الإسلامية بنات بالزقازيق وحرص على الاطمئنان على توفير الجو الملائم للطلاب لأداء الامتحانات بسهولة ويسر، والتأكيد علي مناسبة الامتحان لكافة مستويات الطلاب.

وخلال جولة التفقدية طالب فضيلته بضروة الالتزام بضوابط الامتحان وشدد علي عدم اصطحاب المحمول داخل لجان الامتحان وحسن ترتيب وتوزيع لجان الامتحانات، كما طالب فضيلته الطلاب بالالتزام بالزي اللائق.

وطالب نائب رئيس جامعة الأزهر، عمداء الكليات بعدم اجراء أي أعمال للصيانة أثناء إجراء الامتحانات لتوفير الهدوء للطلاب. 

وعلي هامش تفقده لأعمال الامتحانات عقد الصاوي، اجتماعا مصغرا بعمداء كليات فرع جامعة الأزهر بالزقازيق، والذين أكدوا حرصهم علي  التعاون المشترك بين عمداء الفرع والعمل المشترك لرفعة شأن الأزهر الشريف وجامعته؛ لأن الجميع يعمل تحت مظلة مؤسسة واحدة.

مقالات مشابهة

  • مظاهر الإعجاز في خلق الذباب.. الجامع الأزهر يعقد ملتقى التفسير الأسبوعي غدًا
  • نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد أعمال الامتحانات بفرع بالزقازيق.. صور
  • نائبة رئيس جامعة بنها تستقبل مسئولًا عن البحث العلمي بالأردن
  • رئيس جامعة الأزهر: القرآن الكريم يربط الاستغفار بنزول المطر كدلالة على استجابة السماء
  • رئيس جامعة الأزهر: الاستغفار في القرآن ليس مجرد طلب للمغفرة
  • رئيس جامعة القاهرة: قصر العيني رائد في تقديم الخدمات الصحية
  • رئيس جامعة الأزهر: القرآن يربط الاستغفار بنزول المطر كدلالة على استجابة السماء
  • بجوائز مالية ضخمة.. جامعة الأزهر تُعلن عن مسابقة كبرى لحفظ القرآن الكريم
  • جامعة الأزهر تُعلن عن مسابقة كبرى لحفظ القرآن الكريم بجوائز مالية ضخمة
  • رئيس جامعة الأزهر: 100 ألف جنيه قيمة الجائزة الكبرى لمسابقة القرآن الكريم