الأزمة السورية.. ماذا دار بين الأسد وعراقجي في دمشق؟
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
أكد الرئيس السوري بشار الأسد على أهمية الحلفاء خلال اجتماع الأحد مع وزير الخارجية الإيراني الزائر عباس عراقجي، حيث تواجه دمشق هجومًا كبيرًا للمتمردين في شمال البلاد.
وشدد الأسد على 'أهمية دعم الحلفاء والأصدقاء في مواجهة الهجمات الإرهابية المدعومة من الخارج'، حسبما جاء في بيان للرئاسة بعد الاجتماع مع مبعوث الحليف الرئيسي طهران.
ذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي التقى في دمشق اليوم الأحد مع الرئيس بشار الأسد، في أول اجتماع للرئيس السوري منذ الهجوم المفاجئ الذي شنه مقاتلو المعارضة على حلب.
وذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإيرانية أن عراقجي والأسد 'ناقشا العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية' خلال الاجتماع، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وفرضت هيئة تحرير الشام والفصائل الموالية لها حظر التجوال في حلب اعتباراً من الساعة السابعة مساءً. وذكرت قناة العربية أنه حتى الساعة السابعة صباحًا.
وأعلن الجناح المسلح لحركة حماس أن مقاتليه ضربوا دبابة ميركافا إسرائيلية بـ”جهاز شواز” ما أدى إلى استشهاد ركابها.
وذكرت الحركة أن الحادث وقع يوم السبت شمال مدينة غزة، بحسب رسالة عبر قناتها على تطبيق 'تلغرام'.
وسارع الجيش السوري بتعزيزات يوم الأحد لصد المتمردين من التقدم أبعد في ريف حماة الشمالي بعد أن سيطروا على حلب والمواقع الاستراتيجية المحيطة بها في محافظة مجاورة في هجوم مفاجئ.
وسيطر المتمردون بقيادة هيئة تحرير الشام على معظم مدينة حلب يوم السبت وزعموا أنهم دخلوا مدينة حماة.
ولم يكن هناك تأكيد مستقل لمطالبتهم. وقال قائد المتمردين العقيد حسن عبد الغني بشكل منفصل إن المتمردين سيطروا أيضًا على الشيخ نجار، المعروفة أيضًا باسم مدينة حلب الصناعية، شمال شرق المدينة، وأكاديمية حلب العسكرية وكلية المدفعية الميدانية إلى الجنوب الغربي.
وقال التلفزيون الرسمي السوري إن القوات الحكومية قتلت ما يقرب من 1000 مسلح خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وأسفرت الغارات الجوية الحكومية خلال الليل في مدينة إدلب عن مقتل أربعة مدنيين وإصابة 54 آخرين، وفقًا للدفاع المدني السوري، المعروف أيضًا باسم الخوذ البيضاء.
وذكرت وكالة الأنباء السورية سانا والمرصد السوري لحقوق الإنسان أن الجيش صد خلال الليل مسلحين في ريف حماة الشمالي.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، إن التعزيزات الحكومية خلقت “خطا دفاعيا قويا” في ريف حماة الشمالي.
كما أفاد المرصد وشبكة الأخبار السورية الرسمية 'الإخبارية' عن غارات جوية روسية، في كل من إدلب وبعض المناطق الخاضعة الآن لسيطرة المتمردين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: بشار الأسد الرئيس السوري دمشق وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي المزيد المزيد
إقرأ أيضاً:
حيرة مصرية في التجاوب مع الإدارة السورية ورفضها
كانت الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية السوري في حكومة تصريف الأعمال أسعد الشيباني إلى القاهرة مؤخراً دالة في توقيتها ومضمونها، فقد كتب الرجل على حسابه الرسمي على منصة إكس "إن بلاده تتطلع إلى بناء علاقات إستراتيجية قوية مع مصر"، مشدداً على "أهمية احترام سيادة البلدين وعدم التدخل في شؤونهما الداخلية"، في وقت بدت فيه القاهرة متمهلة كثيراً في الانفتاح على السلطة الجديدة، التي تحاط بعدد كبير من رموز جماعة الإخوان.
استشعر الشيباني ما يدور في عقل الإدارة المصرية وحاول تبديد هواجسها من المنابع الأيديولوجية لهيئة تحرير الشام، فأكد على عنصري بناء "علاقات إستراتيجية قوية" و"عدم التدخل" وهو يعلم الخصوصية التاريخية بين الشعبين المصري والسوري، والمخاوف التي تنتاب القاهرة من احتضان دمشق لفلول الإخوان المصريين وانشغالهم بتصفية الحسابات مع الدولة والسعي للعودة إلى السلطة بزعم تكرار تجربة سوريا.لم ترد القاهرة على تغريدة الشيباني (حتى منتصف الأحد)، ونفت ما راج من شائعات حول قيام وزير الخارجية بدر عبد العاطي بزيارة دمشق، ما ينطوي على إشارة غير إيجابية، ورغبة في المزيد من التمهل لتحويل حسن النوايا الظاهر من قبل وزير الخارجية في الحكومة السورية إلى خطوات تحمل تطمينات ملموسة، وربما يكون خروج عبدالرحمن (ابن يوسف القرضاوي) من الأراضي السورية بعد فيديو بثه من باحة المسجد الأموي بدمشق، علامة ترضية للقاهرة ورفض لما حواه من تطاول.
لا تزال مصر، التي شددت على أهمية وحدة واستقرار وأمن سوريا ومشاركة كل الأطياف في السلطة، قلقة من الطريقة التي تدار بها الأمور في دمشق، إذ يمكن أن تفتح طوفاناً من العنف داخل سوريا ودول أخرى، ولم تصل إلى المرحلة التي تؤكد لها أن الأوضاع مستقرة، فالعلاقات المتشابكة بين السلطة وتركيا تثير المزيد من الهواجس، والطريقة التي تتعامل بها أنقرة مع نظام الحكم في دمشق توحي بالوصاية عليه، وقد تتخذه مطية لطموحات تريد أن تحققها في المنطقة، والعودة إلى الاستثمار علنا في الإسلام السياسي الذي خاضت مصر معارك ضارية لتقويض أذرعه المختلفة.
لا توجد الدولة المقدسة في العالم التي تضع رزمة ثوابت لا تحيد عنها، لكن توجد الدولة المرنة التي تسعى للحفاظ على مصالحها وتستطيع عقد اتفاق مع الدولة الشيطان إذا التزمت بعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وابتعدت عن الإضرار بالأمن القومي، بكلام آخر لا توجد إشكالية في تعامل مصر مع أيّ دولة أو جهة، شريطة التقيد بمعايير الحفاظ على الأمن والمصالح المتبادلة.
ولنا في العلاقة مع حركة حماس أسوة، فرغم الموقف المصري الصارم من جماعة الإخوان، إلا أن القاهرة قبلت التعامل مع الحركة الفلسطينية ذات الجذور الإخوانية، وتوصلت معها إلى تفاهمات أمنية وسياسية عندما كانت تسيطر على قطاع غزة المجاور للحدود، وأوقفت حماس كل تدخلاتها السابقة في سيناء، من تهريب للمتطرفين إلى تزويدهم بالأسلحة، وأدى التزامها إلى تصاعد وتيرة الاتصالات بين الجانبين.
المقصود هنا أن ضوابط الأمن ومعايير السياسة والحفاظ على المصالح تلعب دوراً رئيسياً في تحديد توجهات الدولة، وفي حالة مصر لا توجد ممانعات قاطعة لعدم التعامل مع تيار الإسلام السياسي، ومهما كانت قوة الرفض السياسي له، توجد مصالح من الضروري عدم تعريضها للخطر، وتظهر مرونة وترفع حجبا وتكسر مسلمات سياسية عندما يقتضي الأمن القومي ذلك، وهو ما ينسحب على حالة السلطة الجديدة في سوريا، التي تحيط بها شكوك من قبل مصر، وما لم يتم تبديدها سريعاً ربما يستمر التنافر وقتاً، بشكل يضر بمصالح القاهرة ودمشق أيضاً.
تعلم مصر أن ابتعادها عن سوريا في هذه اللحظة الحرجة يمنح تركيا مزايا مضاعفة للسيطرة على مفاصل السلطة في دمشق، وعزوف القاهرة يشير إلى خطأ إستراتيجي، فمهما كانت التحفظات على الإدارة الجديدة هناك دول عديدة يمكن أن تشغل الفراغ الذي تتركه مصر وغيرها من الدول العربية، وتعي سوريا في عهد أحمد الشرع أهمية أن تكون منفتحة على الساحة العربية الواسعة، وأن علاقاتها مع دولها يجب أن تكون جيدة وهادئة ومستقرة ولا تعتريها مخاوف من شيوع التطرف والعنف والتصورات والتصرفات العقائدية ذات المرجعية الإسلامية.
يمثل التوازن في العلاقات مصلحة كبيرة لمصر وسوريا، لكن الوصول إلى هذه الحلقة يحتاج إلى جهد عملي من السلطة في البلدين، وعدم الاكتفاء بكلمات رمزية تحوي مضموناً سياسياً مؤقتاً، وكل ما تريده القاهرة رسائل تتجاوز حسن النوايا التقليدية، لأنها جزء من سياستها الخارجية، فكل الدول التي أعادت العلاقات معها احتاجت إلى وقت طويل ومرت باختبارات في محكات كي تصل إلى قناعة بالتطبيع الدبلوماسي معها، وهناك دول حدث معها تطبيع (مثل تركيا وقطر)، لكنه لا يزال يواجه مطبات حتى تصل مصر إلى المستوى الذي تصفو فيه تماماً.
ولذلك فوجود تبادل للسفراء لا يعني أن الأجواء صافية، بل يؤكد أن المصالح الحيوية لها أحكامها وطقوسها، وهو ما يمكن أن يحدث في حالة سوريا الجديدة إذا طبقت المحددات الرئيسية التي حوتها تغريدة أسعد الشيباني مؤخراً، ووصلت مصر إلى مرحلة تجعلها تقترب من الثقة في نوايا السلطة الجديدة، وهي مسألة قد تكون صعبة، غير أنها ليست مستحيلة إذا وصل الطرفان إلى قناعة تعزز الأهمية الفائقة للعلاقات المشتركة بينهما بلا التفات لمرارات قديمة، فالدول تدار بالمصالح وليس العواطف.
مهما كانت الحيرة التي تنتاب الإدارة المصرية حيال التجاوب مع السلطة الجديدة في دمشق أو رفضها، ففي الحالتين لن يصب الخصام في مصلحة أحدهما، في وقت تحاول قوى إقليمية ودولية أن تكون لها أفضلية في المنطقة من خلال توثيق العلاقات مع سوريا، التي يمكن أن تتحول إلى مفتاح للأمن والاستقرار أو العنف والفوضى، ومن مصلحة مصر أن تكون عنصراً فاعلاً في سوريا، لأن إحجامها بحجة عدم اطمئنانها إلى مناورات هيئة تحرير الشام لن يمنع دخول قوى أخرى.
وبالتالي تكرر القاهرة أخطاء عزوفها عن الانخراط مباشرة في أزمات إقليمية كان يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً في تحديد مصيرها بما يخدم مصالحها، وتركت قوى أخرى تعبث فيها، وتحولت الأزمات إلى حالات مستعصية في ليبيا واليمن والسودان، وقبلها العراق، ما يفرض التعامل مع سوريا بشكل خلّاق قبل فوات الأوان.