قادة الاستيطان يعدون خطة لضم كامل الضفة وتفكيك السلطة
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
في خطوة وُصفت بأنها عملية وغير مسبوقة في تاريخ الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، كشفت صحيفة "إسرائيل اليوم" عن خطة شاملة يعمل عليها مجموعة من القادة السياسيين ورؤساء المستوطنات الإسرائيلية بهدف ضم كامل الضفة وتحويلها إلى جزء لا يتجزأ من إسرائيل.
وكشف عن هذه الخطة الكاتب حنان غرينوود، وهو مستوطن من مواليد مستوطنة "كريات أربع" في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، ويسكن حاليا في مستوطنة "إفرات" قرب مدينة القدس.
وتأتي هذه الخطة التي أعدها المجلس الإقليمي للمستوطنات "يشع" وأعضاء الكنيست اليمينيون في إطار استغلال ما يقولون إنه "نافذة الفرص" التي توفرها إدارة الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب، وتشمل إقامة 4 مدن جديدة، وتوسيع السيطرة الإسرائيلية على مناطق شاسعة، وتحويل المجالس المحلية إلى سلطات إقليمية.
ويكشف الكاتب حنان غرينوود أنه في الأسبوع الماضي تجمع عشرات الناشطين اليمينيين والشخصيات العامة ورؤساء البلديات في فندق "رمادا" في القدس كجزء من مؤتمر استثنائي نظمه مجلس يشع.
ويقول غرينوود "في الوقت الذي تصدرت فيه تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش حول مستقبل الاستيطان في قطاع غزة عناوين الصحف، فإن الدراما الحقيقية وقعت وراء الكواليس: الخطة التنفيذية للمستوطنات، التي بدأت تتبلور".
وحسب الكاتب، فقد جلس حول المائدة المستديرة برئاسة عضو الكنيست أفيحاي بوارون كل من "رئيس مجلس يشع إسرائيل غانتس، المدير العام للمجلس عمر رحاميم، رئيس مجلس مستوطنة شاعر شومرون آفي روا، الذي شغل سابقا منصب رئيس مجلس يشع، ورؤساء مجالس مستوطنات إفرات وكارني وشومرون وكدوميم وأورانيت، وغيرهم".
مدن استيطانية
أحد العناصر الرئيسية في الخطة هو إنشاء 4 مدن جديدة في الضفة الغربية، وتخصيصها لفئات سكانية معينة. ووفقًا للتفاصيل التي وردت في التقرير، فإن الخطة تشمل إنشاء مدينة درزية وأخرى أرثوذكسية متطرفة، فضلا عن تحويل المستوطنات القائمة إلى مدن كبيرة ذات بنية تحتية حديثة.
وفي هذا السياق، أكد عضو الكنيست أفيحاي بوارون، الذي يقود الحملة، أن هذه المبادرة ليست مجرد خطة نظرية بل "خطوة عملية يجب تنفيذها فورًا". وقال بوارون "نحن في نافذة من الفرص يمكننا استغلالها بحكمة لتحويل يهودا والسامرة إلى جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل".
ولتحقيق هذا الهدف، تسعى الخطة إلى توسيع صلاحيات المجالس الإقليمية لتشمل المناطق الواقعة بين المستوطنات الإسرائيلية (المنطقة ج الخاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية وللسلطة المدنية للسلطة الفلسطينية).
ويقول المستوطنون إن المستوطنات الإسرائيلية في مناطق محدودة فقط، بينما يتسم الوضع في الأراضي بين هذه المستوطنات بالفراغ الإداري، متجاهلين أن وضع هذه الأراضي مرهون بالمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين حسب اتفاق أوسلو. ولكن وفقا لهذه الخطة، "سيتم تطبيق اختصاص المجالس الإقليمية للمستوطنات القائمة على كافة الأراضي بين المستوطنات، مما سيزيد من فاعلية إدارة هذه المناطق"، حسب زعمهم.
وأوضح بوارون أن "الخطة تهدف إلى تغيير المعادلة بشكل كامل" من خلال جعل جميع الأراضي الواقعة بين المستوطنات تحت سيطرة كاملة للإدارة الإسرائيلية، وتوسيع سلطات هذه المجالس لتشمل ما يسمى بالمنطقة (ج)".
تفكيك السلطة
من بين أبرز النقاط التي ناقشتها الخطة، هي إلغاء السلطة الفلسطينية وإنشاء بلديات عربية مكانها (شبيهة بتجربة إسرائيل في تشكيل روابط القرى عام 1976 التي أفشلها الفلسطينيون)، الأمر الذي من شأنه أن يحول إسرائيل إلى حكومة فدرالية في بعض النواحي.
ويقول عضو الكنيست بوارون إن "حل الدولتين يجب أن يكون خارج جدول الأعمال إلى الأبد، وفقا لتوجيه واضح من المستوى السياسي"، في إشارة إلى القرار الذي اتخذه الكنيست الإسرائيلي في 18 يوليو/تموز العام الحالي برفض إقامة دولة فلسطينية من جانب واحد.
ويضيف شارحا الخطة التي اتفق عليها المستوطنون "بدلا من ذلك، سيركز السكان العرب في يهودا والسامرة على عدد قليل من البلديات التي ستدير نفسها، وتتلقى الخدمات من إسرائيل وتدفع ثمنها، وستكون مكانة السكان هي نفسها تماما مثل مكانة العرب في القدس (الإقامة)، وسيكون توجههم الوطني هو نفسه كما كان قبل عام 1967 في ظل الإدارة الأردنية".
ولتبرير هذا الموقف، يقول "يجب ألا نسمح للمليشيات الإرهابية بالعمل ضدنا، فسوف تنفجر علينا كما حدث في 7 أكتوبر على مسافات أقصر بكثير.. من الخليل إلى قلقيلية وبئر السبع وكفار سابا".
ويمضي قائلا إن "أكبر تجمع يهودي في العالم هو عرضة للذبح، ولذلك يجب تفكيك الحكومة المركزية الفلسطينية وتحويلها إلى سلطات بلدية تابعة لحكومة فدرالية".
ويشير هذا الاقتراح إلى تحويل المدن والقرى في الضفة الغربية إلى بلديات ضمن نظام الحكم المحلي الإسرائيلي، وهو ما يعكس تحولًا جذريًا في سياسة في الواقع الجيوسياسي في المنطقة.
بنية تحتية للضم
تتضمن الخطة أيضًا مشاريع ضخمة للبنية التحتية تهدف إلى تعزيز الربط بين المستوطنات الإسرائيلية والمناطق الأخرى في إسرائيل، حيث سيتم توسيع شبكة الطرق السريعة.
كما لن تقتصر هذه المشاريع على الطرق فقط، بل تشمل أيضا خططا لبناء محطات توليد الكهرباء في المنطقة، ومشاريع لإنتاج الطاقة الشمسية. وأعلن وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، عن خطط لبناء أكبر حقل للطاقة الشمسية في غور الأردن. ووفقا للخطط، "ستكون الضفة الغربية مركزا للطاقة والصناعة، مما سيحولها إلى "محطة توليد الكهرباء لدولة إسرائيل"، على حد تعبير بوارون.
أحد العناصر المثيرة في الخطة هو المشروع الزراعي الذي يهدف إلى زيادة عدد المزارع في المنطقة، لا سيما في المناطق التي تعتبر "مناطق مفتوحة" أو "أراضي دولة". ويرغب القادة المستوطنون في تعزيز الاستيطان الزراعي من خلال إنشاء مئات المزارع الجديدة، وهو ما سيسهم في "حماية الأراضي" وزيادة وجود إسرائيل في الضفة الغربية.
وينقل الكاتب عن إحدى الشخصيات العامة التي شاركت في إعداد الخطة: "الهدف هو الحد الأقصى من الأراضي مع الحد الأدنى من الناس"، وهو تصريح يعكس التوجه نحو تعزيز السيطرة الإسرائيلية على الأراضي مع تقليل الكثافة السكانية العربية، ويشير بشكل واضح إلى نية تهجير الفلسطينيين لإنجاح المشروع الاستيطاني.
ويقول الكاتب إن الخطة بدأت في عهد إدارة ترامب، حيث كانت السياسة الأميركية أكثر دعما للمستوطنات، ولكنه يشير إلى أن الشخصيات السياسية المؤيدة للاستيطان في إسرائيل مصممة على تنفيذها بغض النظر عن التغيرات السياسية في واشنطن.
وكان ترامب قد قدم خلال فترة رئاسته الماضية خطة "صفقة القرن" التي تدعو إلى تسوية طويلة الأمد تشمل إقامة دولة فلسطينية مع ضم مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية إلى إسرائيل. ومع ذلك، يعتقد قادة المستوطنين أن "صفقة القرن" قد لا تكون كافية لضمان السيطرة الكاملة على الضفة الغربية، لذا فإنهم يسعون لتنفيذ خططهم الخاصة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات المستوطنات الإسرائیلیة فی الضفة الغربیة بین المستوطنات
إقرأ أيضاً:
منظمة حقوقية: جرائم المستوطنين في الضفة الغربية تزداد توسعا
في الوقت الذي يواصل فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي شنّ هجومه الدموي على الشعب الفلسطيني قطاع غزة، يستمر المستوطنون في استهدافه بالضفة الغربية، وسط دعم الاحتلال وإسناد جيشه، الذي يغضّ طرفه عن آلاف الشهادات التي يقدمها فلسطينيون تعرضوا لعمليات عنف المستوطنين بشكل مباشر، ورغم توثيقها، وفتح آلاف ملفات التحقيق لدى الشرطة، لكنها كلها ذهبت هباءً وسط قرار من الحكومة برمّتها.
واستندا زئيف ستاهل٬ ونوعا كوهين٬ العاملان في منظمة "يش دين" الحقوقية، وهي منظمة إسرائيلية بمعنى "هناك قانون"٬ إلى قاعدة بيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، المصدر الأكثر شمولاً للمعلومات حول عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وإساءة معاملتهم، حيث تم توثيق 6 آلاف و285 اعتداء وقعت بين 2016-2023 في الضفة الغربية فقط، دون إحصاء عنفهم في القدس المحتلة التي بلغ عددها ألف و704 اعتداء، كأداة في خدمة الاستيطان في أحياء سلوان والشيخ جراح، وهناك ألف و613 اقتحام قام به مستوطنون لأراضي الفلسطينيين بزعم أنها جولات سياحية".
إحراق الأراضي وسرقة الممتلكات
وأضافا في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" إن "هذه الجولات والنزهات اسم احتيالي للممارسة الفاحشة والبلطجية المتمثلة باقتحام المستوطنين للقرى والبلدات الفلسطينية، وأراضيهم الزراعية الخاصة، بهدف مضايقتهم، وإيذائهم، وإتلاف الممتلكات والمحاصيل الزراعية، وإزالة أصحابها الشرعيين منها، وإقامة بؤر استيطانية فيها، أو إحداث دمار عام، وهذا نشاط مبادر ومنظم يعبر عن الشعور بالسيادة والتفوق اليهودي الذي يميز "فتيان التلال"، وهم من عتاة المستوطنين".
وضربا على ذلك العديد من الأمثلة، لكن أخطرها ما "شهده عام 2022، حين أجرى أبراهام شيمش، المرافق لمجموعة من "فتيان التلال" جولة في أرض عائلة حرب من قرية إسكاكا، وصلوا مزودين بالأدوات بهدف إقامة بؤرة استيطانية غير قانونية ضمن فعاليات "أسبوع إقامة المستوطنات" التي تنظمها حركة "نحلة"، حيث هرع أهالي القرية للمكان، وطالبوا المستوطنين بمغادرة المكان، إلا أنهم تجاهلوهم، وواصلوا التقدم داخل الأراضي الخاصة، ورغم أن سكان القرية لم يكونوا مسلحين، إلا أن "شيمش" اقترب من علي حرب البالغ من العمر 27 عاماً، وطعنه بقوة في قلبه، حيث انهار على الفور، وتوفي".
وواصلا أن "شيمش أخفى السكين، وعاد لمنزله، دون اعتقاله من الشرطة المتواجدين في المكان، ولم يتم القبض عليه إلا في اليوم التالي، وبعد أن أنكر في البداية، اعترف لاحقا بالطعن، لكن ملف التحقيق تم إغلاقه بزعم عدم وجود أدلة كافية، وأنه تصرّف "دفاعا عن النفس"، وبالتالي فإن كل هذه الرحلات والجولات التي يقوم بها المستوطنون تنتهي بشكل مأساوي".
تواطؤ الجيش والشرطة
وأوضحا أن "هناك 2039 حادثة من عنف المستوطنين تتضمن الاعتداء أو إتلاف الممتلكات دون إصابة جسدية، لا يتم إدراجها في الإحصائيات بزعم أنها لم تسفر عن أذى جسدي، وكأن إشعال النار في المنازل، وحرق المحلات التجارية والسيارات، وتحطيم وسحق وكسر الممتلكات، وتخريب المباني، وسرقة الحيوانات، وإلحاق الضرر بأشجار الزيتون والمحاصيل الزراعية، كلها لا تعتبر عنفاً استيطانياً، مع أننا أمام جرائم ينفذها المستوطنون بدوافع أيديولوجية كامنة وراءها بهدف إرهاب الفلسطينيين، ومنعهم من وصول أراضيهم ، سواء بسبب حظر عسكري، أو خوفًا من الجيش، وفي النهاية يتم طردهم من منازلهم".
وأشارا أن "جرائم المستوطنين وعدم متابعة الجهات الأمنية والقانونية لها ينطلق من فرضية عنصرية مفادها أن الفلسطينيين ليسوا مواطنين يتمتعون بحقوق متساوية، وليس لديهم الوسائل أو القدرة للدفاع عن أنفسهم، فليس لديهم مجموعات حراسة مسلحة، أو جنودا يحرسون المستوطنات ضد "الغزاة" غير المدعوين، ولا يُسمح لهم بحمل الأسلحة، أو إبعاد "المخربين" بأي وسيلة أخرى، لأن الفلسطيني الذي يحاول الدفاع عن نفسه أو عائلته أو ممتلكاته سيتم اعتقاله، واتهامه بالإرهاب في أفضل الأحوال، أو "العثور عليه ميتاً" في أسوأ الأحوال، وبالتالي يقفون عاجزين أمام حكومة والمستوطنين المسلحين والجيش".
تمهيد للضم
وأكدا أن "العديد من جرائم المستوطنين تنتهي بإتلاف ممتلكات الفلسطينيين، لأنهم يغزون قرية طواعية ، ويلحقون الضرر بممتلكاتهم، تنتهي بتدخل عنيف من جانب الجيش لصالحهم، وحتى قتل أو إصابة الفلسطينيين الذين سعوا لحمايتها، وهذا يعني أن بعض الحالات التي يتعرض فيها الفلسطينيون للإصابة بنيران الجنود ترتبط بعنف المستوطنين، التي بلغت وفق الإحصائيات اليومية بين كانون الثاني/ يناير 2016 ونيسان/أبريل 2023، قرابة ألف 104 اعتداءً عنيفاً على الفلسطينيين، شملت: الاعتداء والضرب وإطلاق النار وإلقاء الحجارة والتهديد، فضلاً عن الحرق العمد والسرقة وإتلاف المحاصيل الزراعية، وتدمير أنواع مختلفة من الممتلكات".
وكشفا أننا "التقينا بالعديد من الضحايا الفلسطينيين لجرائم المستوطنين، وجمعنا شهاداتهم حول ما حدث لهم، وساعدنا بتقديم الشكاوى للشرطة، لكن عددا كبيرا منهم، بنسبة 66%، تخلوا عن شكاواهم، لأن غالبيتهم العظمى لا تثق في الجهات القانونية، مما يسفر في النهاية عن استغلال الحكومة الإسرائيلية لجرائم المستوطنين في السيطرة على المزيد والمزيد من أراضي الفلسطينيين، وإفراغها بأكملها من وجودهم، وبناء البؤر الاستيطانية على طول وعرض الضفة الغربية لضمان السيطرة الأبدية والضم".