نابلس- هذه المرة تختلف عن سابقاتها بالنسبة للحاجة نايفة بدير، أم الأسير سامر، فالحضور إلى دوار الشهداء وسط مدينة نابلس كان على رأس مهامها اليوم، وتكبدت لأجله مشقة السفر من قريتها بيتا جنوب المدينة، مجتازة حاجز عورتا الذي يعد أحد أسوأ الحواجز العسكرية لجيش الاحتلال، لتشارك الجماهير الفلسطينية التي خرجت رفضا للإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة ونصرة للأسرى.

تزامنا مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، احتشد آلاف الفلسطينيين بعد ظهر اليوم وسط مراكز المدن بالضفة الغربية، ضمن برنامج فعاليات وطني تبنته مؤسسات الأسرى والقوى الوطنية والإسلامية، وبمشاركة واسعة من مختلف القطاعات الأهلية والرسمية.

وندد المشاركون في الوقفات بجرائم الاحتلال الإسرائيلي والإبادة التي يرتكبها في غزة، وبجرائمه وعنفه المتصاعد تجاه الأسرى الذين تجاوز عددهم 10 آلاف أسير، وقتل الاحتلال منهم منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ما يزيد على 47 أسيرا.

الفعاليات شملت مختلف مدن الضفة الغربية تزامنا مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (الجزيرة) حقوق أبنائهم

وقفت أم سامر (60 عاما) إلى جانب رفيقاتها من أمهات الأسرى، ورفعت عاليا صورة ابنها الأسير سامر بدير، المحكوم بالسجن مدة 22 عاما، والذي لم تزره منذ 16 شهرا، ولا تعرف عنه سوى ما رشح من معلومات، تدفع ثمنا كبيرا حتى تصلها وتطمئن على نجلها، وما يعانيه في سجن النقب الذي يكابد الأسرى فيه صنوفا شتى من العذاب.

وعبر الجزيرة نت، نقلت أم سامر رسالتها للعالم والهدف الذي جاءت من أجله اليوم، إذ تقول "عانيت منذ أكثر من عقدين خلال زياراتي لابني في سجون الاحتلال، لكن معاناتي ومنذ الحرب على غزة أشد وأقسى، فقد سلبوا الأسرى كل شيء، الطعام والشراب والغطاء والعلاج والزيارات، وأنا جئت اليوم لتعاد لهم أبسط حقوقهم".

ومثل أم سامر، رفعت الأمهات والآباء صور أبنائهم الأسرى ورددوا هتافاتهم نصرة لهم، ووجهوا رسائل للعالم قبل المجتمع المحلي بوقف ما سموها مجازر الاحتلال وجرائمه بحقهم.

وكان من بين الحضور الأسير السابق "م. ن"، الذي أفرج عنه قبل أيام، والذي ينحدر من مدينة نابلس، وجاء ليدلي بشهادته عما واجهه من معاناة طوال سنة من الاعتقال، لم يتوقف خلالها التعذيب بحقه وبحق الأسرى في سجن شطة حيث كان يقبع، ويقول إن ضربهم بالعصي ورشهم بغاز الفلفل ونهش الكلاب لهم "أقل أدوات العقاب" حسب قوله.

ويضيف الأسير المفرج عنه، الذي دخل عقده السابع، "رأيت أسرى كسرت أسنانهم، وأسرى تم تعريتهم بالكامل ووضعهم فوق بعضهم، وآخرين تعرضوا لشكل من الاغتصاب عبر أداة التفتيش الإلكترونية، وأنا أصبت بنزيف وبالإغماء 3 مرات خلال دقائق معدودة بفعل الضرب".

ويؤكد "لم يمر على الحركة الأسيرة كهذا العام، وهم يواجهون العذاب والعقاب بكل أشكاله والتجويع، ولا يعطوا الأسير إلا ما يبقيه على قيد الحياة ليستمروا في تعذيبه".

يوم التضامن

بعثت مؤسسات الأسرى والمسؤولون الفلسطينيون رسائل عديدة عبر فعاليات التضامن اليوم بالضفة الغربية، وحذرت من خطورة ما يتعرض له الأسرى في هذه المرحلة، خاصة مع تزايد عمليات الاعتقال التي اقتربت من 12 ألف حالة منذ الحرب على غزة، وكثَّفها الاحتلال الفترة الأخيرة.

ويصف رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبد الله زغاري ما يجري بحق الأسرى بـ"الإبادة الجماعية" التي أدت لارتفاع أعداد الشهداء الأسرى إلى 47 شهيدا منذ الحرب على غزة، في حين أن آخرين -خاصة أسرى غزة- يواجهون "الإخفاء القسري والمصير المجهول لدى الاحتلال".

ويقول زغاري للجزيرة نت إن "إسرائيل تنفذ حربا انتقامية، تنم عن حقد وكراهية ضد الأسرى، الذين لا يمتلكون سوى إراداتهم بعد أن جرَّدهم الاحتلال من كل حقوقهم، واستفرد بهم بعد أن حوّل سجونهم لمعازل ومقابر".

وأمام تنكر الاحتلال لكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وتلك التي وقعها مع الفلسطينيين، وعرقلته عمل المنظمات الإنسانية الدولية وأهمها الصليب الأحمر، الذي يُمنع من زيارة الأسرى، يؤكد زغاري أن قضية الأسرى تعتبر بالنسبة للقيادة الفلسطينية "مركزية"، وتقف على سلم أولويات السلطة الفلسطينية، وتبقي على طرحها أمام مختلف الجهات القانونية، خاصة محكمة الجنايات الدولية.

ويضيف زغاري أن "قضية الأسرى -مثل باقي القضايا الفلسطينية- تتنكر لها إسرائيل وتساندها في ذلك أميركا، وتمنع عبر الفيتو تنفيذ كثير من القرارات التي اتخذت منذ 14 شهرا من الحرب على غزة"، معتبرا أن هذا أكبر تحد يواجهه الفلسطينيون.

ويرى زغاري أن وحدة الفلسطينيين اليوم على مستوى مدن الضفة الغربية لها وقعها وتأثيرها في دعم الأسرى وتسليط الضوء العالمي على معاناتهم، وتحميل المنظومة الدولية مسؤولية توفير الحماية لهم وللشعب الفلسطيني عامة، ويقول "اليوم أصبحت قضية الأسرى -كما قضية فلسطين- لها وضعها على المستوى الدولي، خاصة في ظل ما يمارسه الاحتلال من جرائم ضدهم تفوق العقل البشري".

واصل أبو يوسف: صمت أميركا على إسرائيل وجرائمها يؤكد شراكتها معها (الجزيرة) دور السلطة

يقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف إن الأسرى يتعرضون لأنواع مختلفة من القتل والعزل والتعذيب، ويحرمون من النوم والطعام والشراب، ويمنع الاحتلال ذويهم والمؤسسات الحقوقية من زيارتهم، ويحرمهم العلاج في ظل انتشار الأمراض المعدية، تحديدا المرض الجلدي "سكابيوس"، إضافة للاكتظاظ داخل السجون.

ويستدرك أبو يوسف "لكن رغم كل ذلك ورغم ألمه، فإنه لن يكسر إرادة الفلسطينيين أو ينهي قضيتهم الوطنية وحقوقهم، ولن يحول دون تحقيق حلمهم بدولتهم المستقلة" .

وفي كلمة ألقاها خلال فعالية مدينة نابلس المركزية، يضيف المتحدث ذاته أن حرب الإبادة التي يواصلها الاحتلال، لم تكن لتستمر لولا الصمت والشراكة الأميركية مع إسرائيل، وصمت العالم على جرائمها.

وأكد أن هذه الفعاليات التضامنية تبعث برسائل للعالم، أهمها أن أي حل للفلسطينيين يجب أن يستند إلى وقف الحرب العدوانية والإبادة والإجرام، ورفض كل ما له علاقة بأهداف الاحتلال، سواء التهجير أو التجويع والتعطيش أو الحصار.

واعتبر المسؤول أن قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت "أعطى الفلسطينيين بارقة أمل في توجههم لمحكمة العدل الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة ومحاسبة إسرائيل"، معتبرا أن هذا يأتي في الاتجاه الصحيح، "لأنه دون فرض عقوبات على إسرائيل ومحاكمتها وعزلها ستزداد جرائمها، خاصة في ظل الدعم الأميركي اللامحدود".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحرب على غزة

إقرأ أيضاً:

نبيل أبو ردينة يدين توسيع الاحتلال حربها على الشعب الفلسطيني بالضفة الغربية

أدان الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، قيام سلطات الاحتلال بتوسيع حربها الشاملة على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية لتنفيذ مخططاتها الرامية لتهجير المواطنين والتطهير العرقي، محذراً من خطورة هذه المخططات على مستقبل المنطقة برمتها .

أبو ردينة: وقف عمل الأونروا مرفوض ومدان واستفزاز لشعبنا ومخالف لقرارات الأمم المتحدة أبو ردينة: مشروعات التهجير والوطن البديل مرفوضة لأنها تعزز عدم الاستقرار والفوضى

وأضاف أبو ردينة،في تصريح اليوم الاثنين،وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية"وفا"،أن هذه السياسات العدوانية التي تنفذها قوات الاحتلال في الضفة الغربية، أدت إلى استشهاد 29 مواطنا، ومئات الجرحى والمعتقلين، إضافة إلى نسف مربعات سكنية كاملة في مخيمي جنين وطولكرم، ونزوح آلاف المواطنين، وتدمير هائل للبنية التحتية .

وطالب بتدخل الإدارة الأمريكية قبل فوات الأوان، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني و أرضه، الذي سيؤدي إلى تفجر الأوضاع بشكل لا يمكن السيطرة عليه، وسيدفع ثمنه الجميع، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بأي مخططات سواء بالتهجير أو الوطن البديل، وتهديده لن يكون مفيداً لأحد، بل سيؤدي لدمار واسع هنا أو في المنطقة، سواء كان ذلك اليوم أو غداً .

 

متحدث حركة فتح: ما يجرى بالضفة الغربية استكمال لما حدث فى قطاع غزة

 

اتهم المتحدث باسم حركة فتح، عبدالفتاح دولة، المجتمع الدولي بـ "العجز" عن وضع حد لما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية.. وقال إن "ما يحدث في الضفة الغربية هو استكمال لأعمال الإبادة الجماعية التي تمارسها قوات الاحتلال في قطاع غزة".

 

وأضاف دولة، في مداخلة لقناة "العربية" اليوم الاثنين، أن "الاحتلال عندما تيقن من عجز دول العالم عن وضع حد لأعمالها، يستكمل اليوم المشروع القائم على التهجير والتدمير والإبادة؛ تماشيا مع مشروع فرض السيادة وضم أراضي دولة فلسطين".

وأوضح المتحدث أن العمل الدبلوماسي لم يتوقف منذ بدء الهجوم والعدوان على الشعب الفلسطيني في السابع من أكتوبر 2023، كما أن النشاط السياسي والدبلوماسي لم يكن فلسطينيا فحسب، بل هناك جهود عربية متنوعة على صعيد الضغط على دول العالم، إضافة إلى قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، معتبرا أنه لا توجد "إرادة دولية حقيقية" قادرة على فرض إرادتها على الاحتلال.

 

وحمل المتحدث باسم فتح دول العالم مسؤولياتها، خاصة بعد اعترافها بدولة فلسطين، كعضو مراقب في المنظومة الدولية، وبالتالي فمن واجب المنظومة الدولية ممارسة مسؤولياتها لحماية الشعب الفلسطيني ووقف العدوان.. وتابع إن "حكومة نتانياهو ضد قيام الدولة الفلسطينية في المطلق، وتتعمد شن عدوان شامل على الأراضي الفلسطينية، لضمان الفصل السياسي والجغرافي ما بين غزة والضفة، وإعاقة الوصول والقيام بالدولة الفلسطينية".

 

ودعا المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية إلى العمل باتجاه وقف هذا العدوان، والالتزام بقوانين الشرعية الدولية لتثبيت حقوق الشعب الفلسطيني، وتجسيد الدولة الفلسطينية، مما سيؤدي للاستقرار والسلام، وأنه دون ذلك فستكون المرحلة القادمة أشد صعوبة وخطورة من المرحلة السابقة.

مقالات مشابهة

  • في يومه العالمي.. هل ما زال السرطان مرضا قاتلا؟
  • منصور يجدد دعوة مجلس الأمن للتحرك السريع لحماية الشعب الفلسطيني ومحاسبة إسرائيل
  • نبيل أبو ردينة يدين توسيع الاحتلال حربها على الشعب الفلسطيني بالضفة الغربية
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: أمريكا تتحمل مسؤولية اعتداءات إسرائيل على الضفة الغربية وغزة
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل أعمالها الاستفزازية بحق الشعب الفلسطيني
  • أحمد موسى: الشعب الفلسطيني سيستمر في مقاومة الاحتلال
  • كاتس يهدد بإعادة اعتقال الأسير المحرر زكريا الزبيدي.. خطأ واحد
  • “قبور للأحياء”: الحالة الصحية التي يخرج بها المعتقلون الفلسطينيون من سجون إسرائيل تعكس تعذيبًا وتجويعًا ممنهجًا
  • الأسير الإسرائيلي سيغال يشكر القسام.. مشاهد لتسليم الدفعة الرابعة
  • فيديو | «حماس» تشكر الإمارات على دعم الشعب الفلسطيني