الأسرى وغزة على رأس أولويات الشعب الفلسطيني في يومه العالمي
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
نابلس- هذه المرة تختلف عن سابقاتها بالنسبة للحاجة نايفة بدير، أم الأسير سامر، فالحضور إلى دوار الشهداء وسط مدينة نابلس كان على رأس مهامها اليوم، وتكبدت لأجله مشقة السفر من قريتها بيتا جنوب المدينة، مجتازة حاجز عورتا الذي يعد أحد أسوأ الحواجز العسكرية لجيش الاحتلال، لتشارك الجماهير الفلسطينية التي خرجت رفضا للإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة ونصرة للأسرى.
تزامنا مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، احتشد آلاف الفلسطينيين بعد ظهر اليوم وسط مراكز المدن بالضفة الغربية، ضمن برنامج فعاليات وطني تبنته مؤسسات الأسرى والقوى الوطنية والإسلامية، وبمشاركة واسعة من مختلف القطاعات الأهلية والرسمية.
وندد المشاركون في الوقفات بجرائم الاحتلال الإسرائيلي والإبادة التي يرتكبها في غزة، وبجرائمه وعنفه المتصاعد تجاه الأسرى الذين تجاوز عددهم 10 آلاف أسير، وقتل الاحتلال منهم منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ما يزيد على 47 أسيرا.
الفعاليات شملت مختلف مدن الضفة الغربية تزامنا مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (الجزيرة) حقوق أبنائهموقفت أم سامر (60 عاما) إلى جانب رفيقاتها من أمهات الأسرى، ورفعت عاليا صورة ابنها الأسير سامر بدير، المحكوم بالسجن مدة 22 عاما، والذي لم تزره منذ 16 شهرا، ولا تعرف عنه سوى ما رشح من معلومات، تدفع ثمنا كبيرا حتى تصلها وتطمئن على نجلها، وما يعانيه في سجن النقب الذي يكابد الأسرى فيه صنوفا شتى من العذاب.
وعبر الجزيرة نت، نقلت أم سامر رسالتها للعالم والهدف الذي جاءت من أجله اليوم، إذ تقول "عانيت منذ أكثر من عقدين خلال زياراتي لابني في سجون الاحتلال، لكن معاناتي ومنذ الحرب على غزة أشد وأقسى، فقد سلبوا الأسرى كل شيء، الطعام والشراب والغطاء والعلاج والزيارات، وأنا جئت اليوم لتعاد لهم أبسط حقوقهم".
ومثل أم سامر، رفعت الأمهات والآباء صور أبنائهم الأسرى ورددوا هتافاتهم نصرة لهم، ووجهوا رسائل للعالم قبل المجتمع المحلي بوقف ما سموها مجازر الاحتلال وجرائمه بحقهم.
وكان من بين الحضور الأسير السابق "م. ن"، الذي أفرج عنه قبل أيام، والذي ينحدر من مدينة نابلس، وجاء ليدلي بشهادته عما واجهه من معاناة طوال سنة من الاعتقال، لم يتوقف خلالها التعذيب بحقه وبحق الأسرى في سجن شطة حيث كان يقبع، ويقول إن ضربهم بالعصي ورشهم بغاز الفلفل ونهش الكلاب لهم "أقل أدوات العقاب" حسب قوله.
ويضيف الأسير المفرج عنه، الذي دخل عقده السابع، "رأيت أسرى كسرت أسنانهم، وأسرى تم تعريتهم بالكامل ووضعهم فوق بعضهم، وآخرين تعرضوا لشكل من الاغتصاب عبر أداة التفتيش الإلكترونية، وأنا أصبت بنزيف وبالإغماء 3 مرات خلال دقائق معدودة بفعل الضرب".
ويؤكد "لم يمر على الحركة الأسيرة كهذا العام، وهم يواجهون العذاب والعقاب بكل أشكاله والتجويع، ولا يعطوا الأسير إلا ما يبقيه على قيد الحياة ليستمروا في تعذيبه".
يوم التضامنبعثت مؤسسات الأسرى والمسؤولون الفلسطينيون رسائل عديدة عبر فعاليات التضامن اليوم بالضفة الغربية، وحذرت من خطورة ما يتعرض له الأسرى في هذه المرحلة، خاصة مع تزايد عمليات الاعتقال التي اقتربت من 12 ألف حالة منذ الحرب على غزة، وكثَّفها الاحتلال الفترة الأخيرة.
ويصف رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبد الله زغاري ما يجري بحق الأسرى بـ"الإبادة الجماعية" التي أدت لارتفاع أعداد الشهداء الأسرى إلى 47 شهيدا منذ الحرب على غزة، في حين أن آخرين -خاصة أسرى غزة- يواجهون "الإخفاء القسري والمصير المجهول لدى الاحتلال".
ويقول زغاري للجزيرة نت إن "إسرائيل تنفذ حربا انتقامية، تنم عن حقد وكراهية ضد الأسرى، الذين لا يمتلكون سوى إراداتهم بعد أن جرَّدهم الاحتلال من كل حقوقهم، واستفرد بهم بعد أن حوّل سجونهم لمعازل ومقابر".
وأمام تنكر الاحتلال لكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وتلك التي وقعها مع الفلسطينيين، وعرقلته عمل المنظمات الإنسانية الدولية وأهمها الصليب الأحمر، الذي يُمنع من زيارة الأسرى، يؤكد زغاري أن قضية الأسرى تعتبر بالنسبة للقيادة الفلسطينية "مركزية"، وتقف على سلم أولويات السلطة الفلسطينية، وتبقي على طرحها أمام مختلف الجهات القانونية، خاصة محكمة الجنايات الدولية.
ويضيف زغاري أن "قضية الأسرى -مثل باقي القضايا الفلسطينية- تتنكر لها إسرائيل وتساندها في ذلك أميركا، وتمنع عبر الفيتو تنفيذ كثير من القرارات التي اتخذت منذ 14 شهرا من الحرب على غزة"، معتبرا أن هذا أكبر تحد يواجهه الفلسطينيون.
ويرى زغاري أن وحدة الفلسطينيين اليوم على مستوى مدن الضفة الغربية لها وقعها وتأثيرها في دعم الأسرى وتسليط الضوء العالمي على معاناتهم، وتحميل المنظومة الدولية مسؤولية توفير الحماية لهم وللشعب الفلسطيني عامة، ويقول "اليوم أصبحت قضية الأسرى -كما قضية فلسطين- لها وضعها على المستوى الدولي، خاصة في ظل ما يمارسه الاحتلال من جرائم ضدهم تفوق العقل البشري".
واصل أبو يوسف: صمت أميركا على إسرائيل وجرائمها يؤكد شراكتها معها (الجزيرة) دور السلطةيقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف إن الأسرى يتعرضون لأنواع مختلفة من القتل والعزل والتعذيب، ويحرمون من النوم والطعام والشراب، ويمنع الاحتلال ذويهم والمؤسسات الحقوقية من زيارتهم، ويحرمهم العلاج في ظل انتشار الأمراض المعدية، تحديدا المرض الجلدي "سكابيوس"، إضافة للاكتظاظ داخل السجون.
ويستدرك أبو يوسف "لكن رغم كل ذلك ورغم ألمه، فإنه لن يكسر إرادة الفلسطينيين أو ينهي قضيتهم الوطنية وحقوقهم، ولن يحول دون تحقيق حلمهم بدولتهم المستقلة" .
وفي كلمة ألقاها خلال فعالية مدينة نابلس المركزية، يضيف المتحدث ذاته أن حرب الإبادة التي يواصلها الاحتلال، لم تكن لتستمر لولا الصمت والشراكة الأميركية مع إسرائيل، وصمت العالم على جرائمها.
وأكد أن هذه الفعاليات التضامنية تبعث برسائل للعالم، أهمها أن أي حل للفلسطينيين يجب أن يستند إلى وقف الحرب العدوانية والإبادة والإجرام، ورفض كل ما له علاقة بأهداف الاحتلال، سواء التهجير أو التجويع والتعطيش أو الحصار.
واعتبر المسؤول أن قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت "أعطى الفلسطينيين بارقة أمل في توجههم لمحكمة العدل الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة ومحاسبة إسرائيل"، معتبرا أن هذا يأتي في الاتجاه الصحيح، "لأنه دون فرض عقوبات على إسرائيل ومحاكمتها وعزلها ستزداد جرائمها، خاصة في ظل الدعم الأميركي اللامحدود".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحرب على غزة
إقرأ أيضاً:
خلال الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع ألشعب الفلسطيني.. أبو الغيط يدعو الى تجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة
طالب أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية في كلمته باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني بضرورة تجميد عضوية اسرائيل في الأمم المتحدة نظرًا لخرقها شروط العضوية وقيامها بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
وفي بداية كلمته قال أبو الغيط إن الاحتفال بالعالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني يحل علينا هذا العام في وقت كرب عظيم. فالظرف الذي تمر به القضية الفلسطينية هو تاريخي وصعب، واليوم، وبعد أن زالت الأقنعة وانكشف المخطط الإسرائيلي بكل بشاعته، ظهر واضحاً أن ما ترمي إليه عُصبة اليمين المتطرف هو إنهاء الوجود الفلسطيني على أرض الوطن الفلسطيني، وتصفية مشروع الدولة الفلسطينية، وتحقيق أحلام التهجير القسري، بجعل حياة المجتمع الفلسطيني في غزة - وفي الضفة الغربية- مستحيلة، وجعل بقاء الفلسطينيين غير قابل للاحتمال.. أقول: اليوم وبعد أن انكشف هذا المخطط كله، فإن تمريره أمام بصر العالم، بالصمت والعجز، هو ليس أقل من اشتراك في تلك الجريمة التاريخية واسهام -بالتخاذل واللامبالاة- في مشهد لا يُمكن وصفه سوى بالعار.
وأوضح لا نتحدث هنا عن أصحاب المبادئ من أركان العالم شرقاً وغرباً، الذين انتفضت ضمائرهم لمرأى جريمة العصر، فهؤلاء هم الدليل الحي على أن إنسانيتنا لم تمت، وعلى أنه لا يزال هناك من يُسمي الأشياء بأسمائها: ما يجري في غزة تطهير عرقي، وحرب إبادة، لا هدف لها سوى ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي، وبسط نظام التفرقة العنصرية البغيض من النهر إلى البحر.
وقال أبو الغيط إننا نحيي أصحاب المبادئ
والضمائر.. شعوباً ودولاً.. الذين رفعوا صوتهم في مواجهة جبروت القوة، ونقف احتراماً للدول التي اعترفت بفلسطين، إدراكاً منها أنه لن يكون هناك سلام أو استقرار في المنطقة من دون تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشريف، وندعو كافة الدول إلى اتخاذ هذه الخطوة التي تُسهم في تجسيد حل الدولتين، وتُعطي أملاً للفلسطينيين في لحظة حالكة، ونُرحب أيضاً بقراراتٍ مهمة اتخذتها بعض الدول بوقف تصدير السلاح إلى إسرائيل وبوضع عقوبات على الاستيطان والمستوطنين، ونؤكد أن المحاسبة والعقاب على جرائم الاحتلال هي السبيل إلى انهائه، وتقويض الأسس التي يستند إليها.
وأضاف قائلًا وفي هذا السياق، فإننا نحيي التحرك الشجاع للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات توقيف بحق قادة الاحتلال، على خلفية ارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ونعتبر ذلك خطوة مهمة نحو تحقيق المحاسبة والعدالة.. وهما ركيزتان للسلام المستدام.
وقال إننا نُرحب بهذه الإجراءات، مع إدراكنا أنها ليست كافية بعد لتحقيق هدف وقف العدوان ووضع حدٍ للإبادة.
لقد وصلنا إلى لحظة الحقيقة بعد أكثر من 400 يوم من القتل العشوائي.. إن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، الصادر في 19 يوليو 2024، يؤكد على أن احتلال إسرائيل لأرض فلسطين منذ 1967، هو غير قانوني ويجب إنهاؤه في أقرب وقت.. وصدر قرار من الجمعية العامة بتأييد هذا الرأي الاستشاري.. .أي أن دول العالم جميعها مطالبة بالعمل على إنهاء الاحتلال، وعدم التعاون بأية صورة مع استمراره على أرض فلسطين.. .وعلى الدول أن تختار إن كانت تُريد الوقوف على الجانب الصحيح أم الخطأ من التاريخ.
ودعا أبو الغيط العالم لإدراك الحقيقة الساطعة.. وهي أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي يُضعف الثقة في النظام الدولي كله.. فهذا الاحتلال، في حد ذاته وايضا بممارساته اللاإنسانية وخرقه المتواصل للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، بل وباستهانته العلنية بالمنظمة الأممية وبممثلها الأعلى، هو عامل من عوامل انهيار المنظومة الدولية نفسها.
وأوضح أن القمة العربية الإسلامية دعت في شهر نوفمبر 2024، من بين ما دعت إليه من قرارات وإجراءات، إلى حشد الدعم الدولي لتجميد مشاركة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة.. ونرى هذا التوجه منطقياً في ظل ما يُمثله الاحتلال من تهديد للأمن والسلم الدوليين، بل وفي ظل إخلاله بشروط قبول إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة منذ أكثر من 75 عاماً.. وقد رأينا القرارات، الباطلة قانونياً والساقطة أخلاقيا، الصادرة مؤخراً عن الكنيست بدولة الاحتلال بحظر وكالة الأونروا في الوقت الذي يُمثل فيه عملها وتواجدها على الأرض شريان حياة لملايين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وفي الوقت الذي يعيش فيه سكان قطاع غزة واقعاً يقترب من المجاعة.
وفي ختام كلمته توجه أبو الغيط بالتحية لأبناء الشعب الفلسطيني، اجلالاً واعتزازاً وتقديراً لنضالاتهِ وصموده في وجه آلة القهر والظلم والطغيان الإسرائيلي، كما نعبر عن تقديرنا لجميع الدول والشعوب التي وقفت موقفاً مشرفا في دعم القضية الفلسطينية العادلة.. .فالتضامن العالمي الذي لمسناه من أصحاب الضمائر، في الجنوب العالمي وفي الشمال أيضاً، إنما يعكس الالتزام بالقيم الإنسانية والمبادئ الدولية التي تُعلي حق الشعوب في الحرية والاستقلال. ويؤكد هذا التضامن أيضا أن العدالة والحقوق الإنسانية تظل ماثلة في ضمير العالم.. .ولا شك أن استمرار ذلك التضامن يعزز الأمل لدى الشعب الفلسطيني ويقربنا أكثر من تحقيق السلام المنشود.. السلام القائم على العدل والحق، وليس على القوة أو الطغيان.