لجريدة عمان:
2025-02-04@13:55:56 GMT

نصف نصر ونصف هزيمة لا تصنع شرق أوسط إسرائيلي

تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT

تفصح التطورات العسكرية الأخيرة في سوريا عن تعقيد المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط. تفصح بالتالي عن تسرع الإعلان الأمريكي - الإسرائيلي أنهما يوشكان على بناء شرق أوسط جديد.

فالهجوم المخطط له بعناية كما يوحي اتساع نطاقه ونوع الأسلحة المتطورة التي استخدمتها قوات تحرير الشام «جبهة النصرة» المنتمية لتنظيم القاعدة على ريف إدلب وحلب وحماة يكشف أولا عن حجم مهول من اختلاط أوراق اللعبة وثانيا عن تعدد اللاعبين المحليين والإقليميين والدوليين، وتنازع مصالحهم بصورة قد تجعل المنطقة مقبلة على حالة تصعيد عسكري وفوضى وليس على نظام مهندس أمريكيا وإسرائيليا تستقر فيه الأمور لصالحهم على طول الخط.

لابد هنا من ملاحظة أن عودة الجماعات الإرهابية في سوريا لحالة الهجوم الكاسح بعد سنوات من الهزائم تمت بعد أيام قليلة من إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان. والأهم من ذلك بعد إعلان نتنياهو أن إسرائيل ستحقق جزءًا مهمًا من أهدافها منه طالما استمرت في حرية العمل العسكري وضرب طريق بيروت دمشق وكل مسار يربط لبنان بسوريا لمنع حزب الله من إعادة بناء نفسه عسكريا. وهو الطريق الذي يدعي أنه الطريق الأساسي الذي تقوم إيران بتهريب الأسلحة لحزب الله من خلاله. جاء هجوم جبهة تحرير الشام بقيادة الإرهابي المعروف أبو محمد الجولاني ليحقق وبالحرف الواحد هدف نتنياهو بإضعاف النظام السوري وإشغاله في الصراع الداخلي خاصة وأن التحالف الاستراتيجي الذي صنعه حافظ الأسد مع إيران بعد الثورة الإسلامية كما يقول الإسرائيليون يجعل سوريا وبعدها حزب الله في لبنان درة التاج للنفوذ الذي اكتسبته طهران في المنطقة.

يعتمد تنظيم تحرير الشام -كما كشفت اعترافات صريحة لمسؤولين عرب كبار سابقين - ماليا وعسكريا على تحالف قادته واشنطن وشمل دولا إقليمية ودولا عربية وهو بالتالي نموذج لخلط مذهل في الأوراق وكيف تجد دولا -مؤيدة للحق الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية - نفسها منخرطة في عملية تخدم أهداف نتنياهو المعلنة قبل أيام في ضرب جناح المقاومة اللبناني لأنه أعاق مشروعها بعد ٢٠١١ في إسقاط النظام السوري.

كان طبيعيًا أن تقول طهران إن واشنطن وتل أبيب وراء هجوم حلب بعد تسريبات إسرائيلية واضحة أن استمرار الهجوم الحالي لتنظيمات التطرف السورية يصب في مصلحة إسرائيل في منع حزب الله من تعويض خسائره في السلاح وفي استكمال ما تسميه تل أبيب النجاح في كسر حلقة النار التي كانت إيران قد نجحت في تطويق إسرائيل بها.

التطورات الخطيرة في الوضع السوري تفصح عن أن باب المفاجآت في الشرق الأوسط مازال مفتوحا على مصراعيه، وأن مخاطر التوقع والتنبؤ السياسي بما تقبل عليه شعوب المنطقة تزداد صعوبة وغموضا.

فالهجوم الأخير لبقايا القاعدة سيستفز أطرافا إقليمية ودولية بدا أنها على استعداد للانحناء لموجة نشوة الفوز الأمريكية - الإسرائيلية العالية في الشهور الثلاث الأخيرة وعدم استفزاز الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب بخطوات مواجهة تعقد العلاقة معه. النشوة الإسرائيلية - الأمريكية تمثلت في أنها تمكنت من التخلص من «إسماعيل هنية وحسن نصرالله ويحيى السنوار» وأضعفت قوة حماس وحزب الله العسكرية والتنظيمية وأنها توجت ذلك بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في لبنان تزعم أنها ترجمت فيه المكاسب العسكرية لإنجاز سياسي يعطي نصرا صريحا لإسرائيل والولايات المتحدة.

على رأس هذه الأطراف القابلة للاستفزاز من احتمال سقوط دمشق والدولة السورية ثم العودة للانخراط في المباشر في المشهدين السوري واللبناني هما إيران إقليميا وروسيا دوليا. كما ستشعر دول مثل مصر التي تقف في مواجهة قوى الإسلام السياسي منذ سنوات بقلق شديد من انتصار جماعات القاعدة في سوريا يمكن أن تحيي جماعات الإرهاب المحلية في سيناء والتي ضعفت وذبلت في السنوات الأخيرة. السعودية أيضا من الدول التي قد يقلقها صعود جماعات العنف في سوريا وكتب صحفي سعودي معروف أن الجولاني، المنسل من تنظيم القاعدة، سيكون من «الكوارث العظمى لو حكم على رقاب السوريين»

من هنا فإن الصراع في سوريا -بعد عودة الطائرات الروسية لشن هجمات على تحرير الشام وإسناد الجيش النظامي السوري بأسلحة جديدة وربما بعودة إيرانية نشطة لدعم الأسد - مرشح للاستمرار لفترة طويلة والبقاء في حالة نصف نصر ونصف هزيمة لطرفيه المتحاربين. وهذا الوضع بصورة أو بأخرى يمكن وصف الوضع على الجبهة اللبنانية بين حزب الله وإسرائيل به بعد الاتفاق الأخير لوقف النار. فالمقاومة اللبنانية حققت نصف نصر بنجاحها في ألّا يتضمن الاتفاق نزعا لسلاحها أو إقامة منطقة عازلة تحمي إسرائيل في جنوب لبنان. لكنها تلقت نصف هزيمة بموافقتها المؤقتة على كسر وحدة الساحات وإنهاء ربط وقف إطلاق النار في الجبهة اللبنانية بوقف إطلاق النار في غزة وبموافقتها وهذه هي الأخطر على آلية عسكرية يقودها جنرال أمريكي لمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار وهي آلية لها سوابق في الانحياز لإسرائيل في جبهات أخرى. يتذكر الجميع كيف أن مساوئ اتفاقيات أوسلو تضاعفت مئات المرات بعد دخول المنسق الأمني الأمريكي كيث دايتون على الخط بخطته الشهيرة للتنسيق الأمني التي حولت فعليا قوات السلطة الفلسطينية إلى مركز متقدم لحماية أمن إسرائيل وتعقب المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية فيما يعرف بالتنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل.

هندسة الشرق الأوسط على مقاس مصالح أمريكا وإسرائيل على حساب شعوب المنطقة الأصليين إذن ليست بيد واشنطن وتل أبيب وحدهما فهناك أطراف أخرى لها مصالح استراتيجية ولن تتخلى عنها بسهولة إلا إذا نجح ترامب في تقديم صفقات مقايضة مفاجئة لموسكو في النزاع الأوكراني على سبيل المثال.

أيضا ورغم خضوع النظام الرسمي العربي للإرادة الأمريكية وتحكم مسألة الثأر من تجارب الماضي في سلوكيات بعض وحداتها وقياداتها فإن أطرافًا محلية في الإقليم ستستمر في مقاومة المشروع الصهيوني لابتلاع الضفة وترحيل الفلسطينيين منها ومن قطاع غزة. الشواهد التاريخية تقول أيضا: إن تغيير الشرق الأوسط في اتجاه واحد وعلى طول الخط لصالح قوة عظمى كأمريكا لم يتحقق أبدا بصورة كاملة فحتى أنجح محاولة في التاريخ الأمريكي للهيمنة على الشرق الأوسط التي قادتها إدارة نيكسون - وكيسنجر والتي أخرجت مصر من الصراع وألحقتها بالاستراتيجية الأمريكية- كانت تتوخى تحالفا إقليميا وقتها بين السادات في مصر وشاه إيران في طهران تنسق فيه واشنطن بينهما مع إسرائيل. هذا التحالف المخطط له تلقى ضربة هائلة بسقوط الشاه وقيام الجمهورية الإسلامية المعادية للغرب. وقس على ذلك محاولة بوش الابن ووزيرة خارجيته كونداليزا رايس عن بناء الشرق الأوسط الكبير والجديد. والأخطر محاولة ترامب لتصفية القضية الفلسطينية تماما بما سمي صفقة القرن والتي كان الرد الأولي عليها في معركة سيف القدس ٢٠٢١ والرد الحاسم في طوفان الأقصى ٧ من أكتوبر ٢٠٢٣.

مازال الوقت مبكرا أمام أي رئيس وزراء إسرائيلي أو أي رئيس أمريكي أن يعلن أن فلسطين قد ماتت والعرب قد انتهوا وإيران قد عادت إلى عهد الشاه شرطيا للعم سام في الخليج.

حسين عبد الغني كاتب وإعلامي مصري

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وقف إطلاق النار الشرق الأوسط تحریر الشام فی سوریا حزب الله

إقرأ أيضاً:

لبنان .. زورق إسرائيلي يعتقل صياداً في الجنوب

سرايا - اعتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، صياداً لبنانياً عند نقطة رأس الناقورة في جنوب لبنان.

ووفق الوكالة الوطنية للإعلام "تم اعتقال صياد لبناني من قبل زورق" تابع لـ "إسرائيل" عند نقطة رأس الناقورة، حيث كان وشقيقه يقومان بعمل الصيد البحري وتركت شقيقه .

وأشارت إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي "ألقى عبر طائرة درون، قنبلتين صوتيتين عند مدخل بلدة يارون بالقرب من الجيش والأهالي المجتمعين عند مدخل البلدة".

كما لفتت إلى فتح كل الطرقات من واديي الحجير والسلوقي في مسيرات العودة للأحد الثاني فتوافد المواطنون منذ الصباح الباكر إلى المدخل الغربي لميس الجبل وحولا مطالبين بالدخول إليهما بمواكبة الجيش.

كما توافد أهالي كفركلا إلى الممر الفاصل بينها وبين ديرميماس للمطالبة بالدخول إليها رغم أن الجيش الإسرائيلي نفذ تفجيراً كبيراً في كفركلا لأكثر من 10 منازل.


وطبقا للوكالة، خرج جيش الاحتلال الإسرائيلي من عيترون ودخل الجيش اللبناني إليها "ثم تبعه الأهالي ووصلوا إلى مختلف الأحياء" رغم أن القوات الإسرائيلية ما زالت في أطرافها. وقد باشرت جرافات الجيش اللبناني بفتح الطرقات في البلدة بينما قامت القوات الإسرائيلية "بإطلاق النار على يارون وأهلها المحتشدين للوصول إلى بلدتهم لمنعهم من العودة، وألقت محلقة إسرائيلية قنبلة صوتية على الأهالي لكنهم تشبثوا بمواقفهم للدخول إلى بلدتهم".

وبحسب الوكالة، وصلت مسيرات من الأهالي إلى مارون الراس في مواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي "وافترش الأهالي الأرض قرب الجيش اللبناني، ورفعوا الأعلام على الأشجار" ما دفع قوات الاحتلال الإسرائيلية إلى إطلاق النار في الهواء.

كما تجمّع عدد من أهالي العديسة على مدخل البلدة، وتعرضوا لإطلاق نار من قوات الاحتلال الإسرائيلية بعدما كانت أحرقت عدداً من المنازل في العديسة ورب ثلاثين، وترافق ذلك مع تحليق للطيران المسير الإسرائيلي فوق النبطية.

وبدأ تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان و "إسرائيل" في 2 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ووافقت الحكومة اللبنانية على استمرار العمل بموجب الاتفاق حتى 18 فبراير/شباط المقبل.

إقرأ أيضاً : "معاريف" تكشف تفاصيل "مُثيرة" عن هوية "ضباط" بالشَّركة الَّتي قامت بقرصنة واتسابإقرأ أيضاً : القوات المسلحة تواصل عملية إرسال المساعدات عبر الجسر الجوي إلى قطاع غزةإقرأ أيضاً : قطر: لا خطة واضحة بشأن مفاوضات ثاني مراحل وقف إطلاق النار بغزة



تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #قطر#لبنان#اليوم#الحكومة#العمل#الاحتلال#الثاني#القوات



طباعة المشاهدات: 1176  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 02-02-2025 04:26 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
تأجيل النوم الانتقامي .. اكتشف ثمن متعة الثأر من ساعات النهار العلماء الروس يرصدون 7 توهجات شمسية قوية دراسة تكشف حقيقة الفرق في الثرثرة بين الرجال والنساء مؤثرة صينية تصدم جمهورها بمظهرها الحقيقي بالفيديو .. إحدى ضحايا قضية الموقر تروي تفاصيل... هل ستشهد المملكة تساقطاً للثلوج هذا الأسبوع؟ السجن 17 عامًا لمزور شهادتي دراسات عليا لمسؤولين في... مهم للأردنيين بشأن "التعرفة الزمنية" و... التلفزيون الأردني يشطب اقتباسا لـ"سمية... ضربات جوية أميركية في الصومال تقتل "قادة..."معاريف" تكشف تفاصيل "مُثيرة"...القوات المسلحة تواصل عملية إرسال المساعدات عبر...قطر: لا خطة واضحة بشأن مفاوضات ثاني مراحل وقف إطلاق...الشرع يصل إلى السعودية بأول زيارة خارجية له منذ...المستوطنون نفذوا جولات مشبوهة في باحات الأقصى اليوم...تصاعد التوتر في الضفة ونتنياهو يؤكد العمل مع ترامب...الأونروا تؤكد استمرار تقديم خدماتها في كل أنحاء... نتنياهو: غيرنا وجه الشرق الأوسط وسأبحث مع ترامب... دنيا بطمة تنهي محكوميتها في قضية "حمزة مون... فنانة مصرية تفجر قنبلة .. وتكشف أجرها بمقلب رامز جلال هنا الزاهد: يجذبني الرجل الأكبر مني بـ 10 سنوات طارق العريان "ينتقم" من أصالة .. ويحذف... القبض على مغني الراب التونسي "سمارا "... عكس الشائع .. التمارين الرياضية لا تحرق السعرات الحرارية بالقدر الذي تظنه! التعمري يقترب من الانضمام لرين الفرنسي المحترف التونسي الحمروني يلتحق بتدريبات الفيصلي لماذا تتزايد سرعة الرياضيين باستمرار؟ لاعب الحسين إربد سيف درويش ينتقل إلى فريق الصريح من هي الدولة الأكثر استهلاكًا للشاي في العالم؟ بالفيديو .. عجلٌ يتسبّب بعرقلة حركة السير بالفيديو .. "الله أكبر" رجل يوثق لحظة سقوط طائرة فيلادلفيا مقتل شاب إثر اعتداء آخرين عليه .. اليكم التفاصيل مغامرة كادت تودي بحياتهما .. متزلجان يتسببان في كارثة ثلجية وينجوان بأعجوبة من الموت مرتضى منصور يحذر ترامب من زيارة مصر - (فيديو) بعد مقتل العراقي حارق المصحف .. شريكه يطل مرعوباً "دوري آت" موظف بدار الأوبرا يلقي نفسه في النيل .. رسالة أبكت المصريين ماسك يضرب ثانية .. ومساعدوه يقيدون موظفي الحكومة الأميركية تفاصيل صادمة .. أم مصرية تنهي حياة رضيعها بطريقة وحشية بسبب كراهية الإنجاب

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • «ترامب» يستقبل «نتنياهو».. ماهي «إسرائيل الصغيرة» التي تحدّث عنها؟
  • إسرائيل قطعة أرض صغيرة للغاية.. ترامب يرد على إذا ما كان يؤيد ضمها للضفة
  • لافروف يكشف عن خطط إسرائيل في غزة والضفة ولبنان وسوريا
  • في خرق إسرائيلي فاضح : مناورات إسرائيلية على حدود لبنان... و«حزب الله» يؤكد التزامه وقف النار
  • كاتب إسرائيلي: لقاء نتنياهو ترامب سيهز الشرق الأوسط
  • ترامب: هناك "تقدم" في المحادثات حول الشرق الأوسط
  • إسرائيل: "لن يكون هناك حزب الله" في هذه الحالة
  • لبنان .. زورق إسرائيلي يعتقل صياداً في الجنوب
  • سقوط الأسد خلط أوراق الشرق الأوسط.. أي تحدّيات تواجه رئيس سوريا الجديد؟
  • خطر قد يهدّد جنازة نصرالله.. باحث إسرائيليّ يكشف!