هل وقف إطلاق النار في لبنان يعد نكسة استراتيجية لإيران؟
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
ترجمة: بدر بن خميس الظفري -
الآن وقد استقرت الأمور، حرفيًا، في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، فمن الأهمية بمكان أن نسأل ما إذا كان هذا الاتفاق سوف يدوم لأننا مررنا بهذا من قبل.
في عام 2006، خاض حزب الله وإسرائيل قتالًا شرسًا لأكثر من شهر لأسباب لا تختلف كثيرًا عن سياق اليوم. ومن خلال شن غارة عبر الحدود ضد القوات الإسرائيلية، سعى حزب الله إلى تخفيف بعض الضغوط على حماس، التي كانت تقاتل إسرائيل في غزة.
في ذلك الوقت، أدى مزيج من التعب العسكري، والافتقار إلى استراتيجية للخروج، والضغوط الدولية بقيادة الولايات المتحدة إلى إنهاء الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله في الرابع عشر من أغسطس 2006. ولكن لم توضع خطة محكمة لمنع اندلاع القتال مرة أخرى.
لقد دعا قرار الأمم المتحدة رقم 1701 إلى اتخاذ كل الإجراءات الصحيحة: نشر القوات اللبنانية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان، وانسحاب الجيش الإسرائيلي وحزب الله من تلك المنطقة ونزع سلاح الأخير، ولكن أيًا من هذه الإجراءات لم يتحقق تقريبًا. فقد انتهكت إسرائيل السيادة والمجال الجوي اللبنانيين بشكل منتظم؛ وسرعان ما أعاد حزب الله تسليح نفسه وبنى بنية تحتية عسكرية واسعة النطاق في جنوب لبنان؛ ولم ينتشر الجيش اللبناني قط؛ ولم تُمنح قوات الأمم المتحدة سوى تفويض رمزي.
من حيث المبدأ، لا يختلف وقف إطلاق النار الحالي بشكل كبير عن القرار رقم 1701. ومن المتوقع أن ينسحب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان مع سحب حزب الله لمقاتليه وأسلحته من منطقة الحدود إلى حوالي عشرين ميلًا إلى الشمال من نهر الليطاني. إن هذه الخطوة سوف تؤدي إلى هدنة مدتها 60 يومًا، وخلال هذه الفترة سوف ينشر الجيش اللبناني نحو 5000 جندي على الحدود وينضم إلى قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. وخلال هذه المرحلة الانتقالية، سوف يتفاوض لبنان وإسرائيل، بمساعدة دولية، على القضية الحيوية المتمثلة في ترسيم الحدود البرية لإزالة مصدر مهم للاحتكاك بينهما.
إن هذا يبدو وكأنه حدث من قبل، أليس كذلك؟ فحزب الله ليس منزوع السلاح ويحتفظ بقدرة قتالية كافية لمهاجمة إسرائيل ومنع سكانها في الشمال من العودة إلى ديارهم، وهو هدف رئيسي للحكومة الإسرائيلية؛ كما أن إسرائيل لديها الضوء الأخضر من الولايات المتحدة لمهاجمة الحزب كلما رأت ذلك ضروريًا؛ وليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كانت أدوار الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة سوف تكون أكثر فعالية هذه المرة. وهذا يفترض أيضًا أن الجيش اللبناني سوف يتلقى الدعم المالي الذي يحتاج إليه بشدة من القوى الدولية الصديقة، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، للانتشار بشكل كاف. ولا تستطيع الحكومة اللبنانية توفير هذا النوع من التمويل بسبب الوضع الاقتصادي في البلاد.
إن بعض المراقبين سوف يشيرون إلى حقيقة مفادها أن آلية مراقبة جديدة وأكثر قوة، حيث تعمل الولايات المتحدة وفرنسا كحكمين، سوف تجعل العودة إلى استخدام السلاح بين إسرائيل وحزب الله أقل احتمالًا. والواقع أن مثل هذه القوة الدبلوماسية التي تدعم الاتفاق قد تكون مفيدة، ولكنني لا أعتقد أنها سوف تشكل تحولا جذريًا.
والواقع أن البنية الدبلوماسية المعززة للقرار 1701 ليست السبب الحقيقي وراء اختلاف الأمور هذه المرة. بل إن البيئة الاستراتيجية برمتها تغيرت إلى حد كبير لصالح إسرائيل، بسبب آلتها العسكرية التي لا هوادة فيها ودعمها الأمريكي غير المشروط تقريبًا. ولم تستخدم إسرائيل قوتها العسكرية على هذا النحو من قبل قط، ولم تقدم لها واشنطن مثل هذا الدعم غير المشروط.
إن حزب الله وإيران لن يعترفا بذلك أبدًا، ولكنهما عانيا من نكسة استراتيجية. وكان هدفهما ربط كل ساحات القتال الإقليمية التي تتمتع إيران بنفوذ فيها من أجل استنزاف إسرائيل وإخضاعها. ولكن إسرائيل نجحت بشكل كبير في منع هذا الهدف، من خلال استخدام القوة الغاشمة.
وحتى وقت قريب للغاية، كان شرط حزب الله لوقف هجماته هو أن تنهي إسرائيل حملتها ضد حماس. ولكن بموافقته على شروط وقف إطلاق النار، التي تفصلُ بوضوح بين لبنان وغزة، تخلى حزب الله عن حماس في الأساس ومعها مفهوم الترابط الاستراتيجي، على الأقل في الوقت الحالي.
ولم يتوصل حزب الله إلى هذا القرار بمفرده. فقد رأت إيران كيف كان حليفها يتعرض لهجوم عنيف من قِبَل إسرائيل، فقامت، مثلها كمثل ملاكم جيد في مباراة ملاكمة، بإلقاء المنشفة في الحلبة لمنع ملاكمها من الموت.
وبطبيعة الحال، لا يعني أي من هذا أن إسرائيل حققت نصرًا دائمًا، أو أن إيران لن تجد وسيلة لإعادة تأهيل شبكتها الإقليمية من الحلفاء. ولكن هذه المرة، ونظرًا لحجم الضرر الجسدي والنفسي الذي ألحقته إسرائيل بخصومها، فإن الأمر سوف يستغرق وقتًا أطول كثيرًا من ذي قبل. ويتعين على إيران التي تخشى المجازفة أيضًا أن تفكر مرتين فيما قد تفعله بها إسرائيل حتى مع محاولة إحياء استراتيجيتها الإقليمية.
إن دونالد ترامب، الرئيس المنتخب، سوف يحافظ على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، لكنه سيعود إلى المكتب البيضاوي في يناير برغبة في إنهاء الحروب في الشرق الأوسط، وربما في أوكرانيا. وإذا كان هدفه هو التعجيل بإبرام اتفاق سلام مع عزل إيران وحلفائها، فلا توجد طريقة أفضل لتحقيق ذلك من توسيع اتفاقيات إبراهيم، والتي يمكن لترامب أن ينسب الفضل في بدئها في ولايته الأولى.
إن توسيع اتفاقيات إبراهيم من شأنه أن يمنح الفلسطينيين في نهاية المطاف دولة مستقلة وتطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية، ومعها العالمان العربي والإسلامي، والدولة اليهودية. وسوف يكون هذا النوع من السلام أقوى وأطول أمدًا من أي رادع مؤقت قد توجده إسرائيل من خلال القوة العسكرية.
بلال صعب، زميل مشارك في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، ورئيس قسم العلاقات الأمريكية - الشرق أوسطية في مركز تريندز للبحوث والاستشارات.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة وقف إطلاق النار الجیش اللبنانی جنوب لبنان حزب الله
إقرأ أيضاً:
توك شو| بكري: الصعيد شهد نهضة غير مسبوقة في عهد الرئيس السيسي.. الأمم المتحدة: نثمن جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار بغزة
تناولت برامج التوك شو خلال الساعات الماضية، عددا من الأخبار الهامة نرصد أبرزها فى التقرير التالى:
مجاهدي سيناء: الدولة استثمرت 700 مليار جنيه بمشروعات التنمية
قال الشيخ عبد الله جهامة رئيس جمعية مجاهدي سيناء، إن الاحتفال هذا العام بذكرى تحرير سيناء يأتي بطابع خاص عقب الإنجازات الضخمة التى تم تحقيقها على أرض الواقع.
العليا للحج: رصد 2000 شركة مخالفة تروج لأداء الفريضة
تحدث ناصر تركي نائب عضو اللجنة العليا للحج عن آخر تفاصيل موسم الحج هذا العام 2025.
هشام الحلبي: مشروع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء موجود منذ فترة الخمسينيات
أكد اللواء طيار الدكتور هشام الحلبي، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أن إسرائيل لديها مشروع استيطاني للسيطرة على الضفة الغربية وقطاع غزة، مشيرا إلى أن إسرائيل لديها هدف لتهجير أهالي الضفة الغربية للأردن، وأهالي غزة لسيناء.
الأمم المتحدة: نثمن جهود الوساطة المصرية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بغزة
أكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن الفلسطينيون في قطاع غزة لا يمتلكون أدوات المعيشة الأساسية، حسبما أفادت قناة “ القاهرة الإخبارية ” في خبر عاجل .
انت اللي قتلت ابني يا مجدي.. ريم مصطفى عن تريند رمضان: اتخضيت
حلت الفنانة ريم مصطفى، ضيفة على الإعلامية منى الشاذلي في حلقة اليوم من برنامج " معكم " المذاع على قناة " أون".
بكري: الصعيد شهد نهضة في عهد الرئيس السيسي غير مسبوقة
أكد الإعلامي مصطفى بكري، أن الصعيد شهد نهضة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي غير مسبوقة، مشيرا إلى أنه تم بناء المحاور والخدمات لأهالي الصعيد، مع العمل على تطوير البنية التحتية.
بلاغ عاجل من مصطفى بكري لوزارة الداخلية ضد هذا الشخص على الهواء
تقدم الإعلامي مصطفى بكري، ببلاغ لوزارة الداخلية والجهات المعنية ضد مواطن في أسيوط يدعى صلاح محمد حسنين، قائلا “إن هذا المواطن لا هم له إلا السباب والتطاول على مؤسسات الدولة والتشهير بالشخصيات العامة من بينها الشهيد النائب العام السابق هشام بركات”.
ترامب: أحرزنا تقدما كبيرا لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا
أكد الرئيس الامريكي دونالد ترامب، إحراز تقدم كبير لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حسبما افادت قناة “ القاهرة الإخبارية ” في خبر عاجل .
جيش الاحتلال يصدر أوامر إخلاء جديدة لمناطق في بيت حانون شمالي غزة
أصدر جيش الاحتلال، أوامر إخلاء جديدة لمناطق في بيت حانون والشيخ زايد شمالي قطاع غزة، حسبما افادت قناة “ القاهرة الإخبارية ” في خبر عاجل .
صندوق النقد: مخاطر اقتصادات الشرق الأوسط الأزمات السياسية والصراعات
أكد صندوق النقد الدولي، أن المخاطر التي تهدد اقتصادات الشرق الأوسط هي الأزمات السياسية والصراعات والتغير المناخي، حسبما أفادت قناة “ القاهرة الإخبارية ” في خبر عاجل .