لجريدة عمان:
2025-01-05@10:49:48 GMT

ساعدونا في معارضة استبداد نتنياهو

تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

فوجئ كثيرون في المجتمع الدولي بمذكرتي الاعتقال الصادرتين من المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت. فكيف لبلد يفترض أنه ديمقراطي دستوري مقيد بسيادة القانون ويفترض أن فيه قضاء مستقلا أن يُدَّعى عليه مثل هذا الانتهاك الجسيم للقوانين والأعراف الدولية؟

غير أن الذين تابعوا في فزع ما يجري منذ عام من إبادة جماعية ما كانوا بحاجة إلى أن توضح لهم المحكمة الجنائية الدولية ما يعرفون من حجم جرائم الحرب والأعمال الوحشية المرتكبة في غزة.

فلا شك في أن الدهشة لم تصب الفلسطينيين في أطلال غزة المقصوفة والضفة الغربية المحتلة أو القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل بشكل غير قانوني. فعلى مدى عقود، تعرض جيل تلو جيل من الفلسطينيين للحرمان من حقوقهم وحرياتهم الأساسية بسبب الاحتلال الإسرائيلي. ففكرة سيادة القانون في إسرائيل بالنسبة لهم فكرة عبثية شأن أي محاولة استعمارية لإضفاء الشرعية على الاستبداد من خلال شرعية جوفاء.

وقد استعملت حكومة إسرائيل مفهوم الشرعية الجوفاء نفسه لتسويغ قتل أعداد كبيرة من الفلسطينيين في غزة، واستهداف المستشفيات والمراكز الطبية، ومنع توزيع المساعدات الإنسانية، وطرد سكان شمال غزة بالقوة. وحينما تستعمل المجاعة والحرمان من ضروريات الحياة البشرية الأساسية ضمن أساليب الحرب على مدى أكثر من عام، فأي كلمة يمكن استخدامها لوصف هذا الواقع غير الإبادة الجماعية؟ وفي الوقت نفسه، ثمة حملة تطهير عرقي مستمرة في الضفة الغربية، حيث تعرض السكان في أكثر من عشرين حي للطرد الجبري وسط مستويات متصاعدة من عنف المستوطنين. وفي هذا الصدد، تأتي مذكرتا المحكمة الجنائية الدولية متأخرتين أكثر مما ينبغي، وأقل أيضا مما ينبغي.

لم تصب الدهشة الفلسطينيين، ولا الإسرائيليين في حقيقة الأمر. فنحن نقرأ ونرى تصريحات الحكومة الإسرائيلية، بلا تنقية ولا ترجمة. ونعرف وزراء بارزين احتفوا بقتل الأبرياء بينما أعلن آخر عن خطته لإفراغ أكثر من نصف السكان من أجل إفساح المجال للمستوطنات اليهودية في غضون السنوات القليلة المقبلة. لكن عندما تحدثت أنا، بوصفي عضوا في الكنيست، ضد هذه الجرائم في البرلمان، عوقبت بقسوة. إذ أقضي حاليا عقوبة الإيقاف لمدة ستة أشهر عن جميع الأنشطة البرلمانية لاستخدامي مصطلح «الإبادة الجماعية». وقد ذكرت لجنة الأخلاقيات أنها توصلت إلى القرار على أساس استخدامي لمصطلح «الإبادة الجماعية» ومعارضتي لجرائم الحرب المزعومة التي ارتكبت في غزة.

في ديستوبيا البرلمان الإسرائيلي الأورويلية، يعتبر المحتفون بجرائم الحرب أبطالا، في حين يتعرض المناضلون من أجل العدالة للاضطهاد والتخوين. وما عقوبتي إلا استمرار للاضطهاد السياسي بسبب معارضي للحرب القذرة وانتقادي لحكم نتنياهو الدموي.

ولست وحدي المعارض لاستبداد نتنياهو. ذلك أن المعارضة السياسية المتسقة داخل إسرائيل ذاتها، والتي تتألف من يهود ديمقراطيين ومواطنين عرب، تجد هي الأخرى أن فكرة الديمقراطية في إسرائيل تحت حكم نتنياهو عبثية. فالديمقراطية في إسرائيل لم توجد قط وجودا حقيقيا، وذلك لأن تعريف دولة إسرائيل وفقا لمفهوم عرقي يتناقض مع المساواة السياسية.

فالدولة التي تعلن قوانينها الأساسية تفوق مجموعة سياسية على أخرى لا يمكن اعتبارها دولة ديمقراطية، بل هي دولة عرقية. وإسرائيل منذ تأسيسها تنتهج سياسات تمييزية تجاه مواطنيها الفلسطينيين في شتى مناحي الحياة ــ من الإسكان، والتوظيف، والرعاية الاجتماعية، والتعليم. وحتى قانون الحقوق الإسرائيلي المفترض، أي (القانون الأساسي: الكرامة والحرية الإنسانية) لا يجرؤ على ذكر الحق في المساواة.

غير أن حكومة نتنياهو الحالية تتميز عن سابقاتها بأنها لا تتظاهر بالتمسك بأي وهم بالديمقراطية. وقوام هذه الحكومة الإسرائيلية الجديدة هو من أسوأ ما في المجتمع الإسرائيلي، ففيها المزيد من الوزراء الأشرار، والمزيد من المتعصبين العنصريين، والمزيد من المستوطنين المسيحانيين، والمزيد من المتعصبين المجرمين. ولقد ورد في النقطة الأولى من اتفاق تشكيل الحكومة أن «الشعب اليهودي يمتلك الحق الوحيد الذي لا يسقط في كامل أرض إسرائيل، وأن الحكومة سوف تعمل على إقامة المستوطنات في جميع أجزائها، بما في ذلك يهودا والسامرة»، كان ذلك قبل هجمات السابع من أكتوبر التي أدنتها أنا وجميع المواطنين بأشد العبارات قسوة. وقلنا إنه حتى الفظائع التي ارتكبها الاحتلال لا يمكن أن تسوغ مثل هذه المذبحة الرهيبة التي ارتكبتها حماس ضد الأبرياء ـ ولكن بالمنطق نفسه، فإن هذه المذبحة الرهيبة لا يمكن أن تسوغ الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في غزة.

في الوقت الراهن، تعمل حكومة إسرائيل مع كل يوم يمر على صياغة دولة أكثر جمودا، وعنفا، وسفورا في العنصرية. وتحت ستار مكافحة الإرهاب، تجاز بسرعة متزايدة تشريعات تهدف إلى تقليص المجال الديمقراطي. ويتعرض المعلمون والأكاديميون والطلبة والصحفيون والعمال جميعا للاستهداف والرقابة والإسكات. وتجري حاليا صياغة مشروع قانون خاص لمنع الأحزاب التي يشكل المواطنون العرب في إسرائيل غالبية أعضائها من المشاركة في الانتخابات الوطنية.

وينتظر المستوطنون المتعصبون الضوء الأخضر لإعادة احتلال قطاع غزة، بل إنهم ينظمون حملات بالفعل خارج حدود القطاع دون تدخل من جانب أجهزة تنفيذ القانون. ويتركز الفلسطينيون في جيوب تزداد صغرا، تستهدفها قوة عسكرية تزداد ثقلا. والآن تجري «الخطة الحاسمة»، التي تصورها لأول مرة عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش، في حين يسعى نتنياهو إلى تحقيق وهمه بأن يكون أول رئيس وزراء إسرائيلي منذ عقود يوسع أراضي الدولة. ومن أجل تحقيق هذه الخطة، فهو على استعداد لإغراق المنطقة بأكملها في أنهار من دماء اليهود والعرب والإسرائيليين والفلسطينيين. وتضحي حكومته بالرهائن ولا ترى خطأ في التخلي عن كل أمل في وقف إطلاق النار الكامل والسلام.

علينا أن نستمر في الإيمان بأن السلام العادل ممكن وأن نعمل على تحقيقه. وفور أن يشعر الناس بأن الحرية والعدالة قريبان، فإنهم سوف ينزعون إلى رفض التعصب والعنف وتبني حلول أكثر عقلانية وسلمية. وبالتالي، يمكن أن تنتهي حتى أكثر الصراعات مرارة.

يجب أن يظل الأمل حيا في إسرائيل وفلسطين أيضا، ولكن لا ينبغي أن يعمينا عن الواقع المظلم الذي نعيشه اليوم. فعلى المجتمع الدولي أن يفهم أن دعم حكومة إسرائيل يتعارض مع دعم شعب إسرائيل. فحكومتنا هي أكثر ما نخشاه ولا بد من التخلص منها. ولو أنكم راغبون حقا في الأفضل لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين، فعليكم تسليحنا بوسائل السلام والحرية، وليس بالحرب والدمار.

عوفر كاسيف عضو في الكنيست يمثل الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش) منذ عام ٢٠١٩

عن الجارديان البريطانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة فی إسرائیل فی غزة

إقرأ أيضاً:

خبير بالشأن الإسرائيلي: «نتنياهو» يعرقل الوصول إلى صفقة تبادل الأسرى

أكد مراد حرفوش، خبير الشؤون الإسرائيلية، اليوم الخميس، أن الخلافات التي تعصف بالحكومة الإسرائيلية، التي أدت إلى استقالة جانتس وقبله آيزنكوت من مجلس الحرب الإسرائيلي، وستستمر هذه الخلافات طالما لم يرد نتنياهو على موضوع الوصول إلى صفقة أو الخلافات التي تعصب في الائتلاف الحكومي.

وأضاف خلال مداخلة على قناة «القاهرة الإخبارية»، أن هناك خلافات مستمرة في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي بشأن تجنيد الحريديم والموازنة الخاصة بالدولة، لافتًا إلى أن الائتلاف الحكومي يدير ظهره لهذه الاستحقاقات ومطالبات المعارضة الإسرائيلية أو حتى الشارع الإسرائيلي الذي يطالب بالوصول إلى صفقة وإبرام صفقة لتبادل الأسرى.

وتابع: «أصبح نتنياهو في هذه اللحظة هو الوحيد الذي يعارض الوصول إلى صفقة، ويضع كافة الشروط التعجيزية والمطالب التي تحول دون الوصول إلى صفقة»، مؤكدًا أن الخلافات في الحكومة الإسرائيلية مستمرة، وتؤثر على استمرار الحكومة نفسها بشكل مباشر.

اقرأ أيضاًباحث سياسي: التطهير العرقي خطة نتنياهو غير المعلنة لقطاع غزة

بعد مرض نتنياهو.. إصابة زوجة رئيس وزراء الاحتلال بفيروس كورونا

بعد خضوع نتنياهو لعملية جراحية.. من هو القائم بأعمال رئيس وزراء الاحتلال؟

مقالات مشابهة

  • العائلات المالكة الأوروبية التي أنفقت أكثر على الملابس في 2024
  • الصحفيين الفلسطينيين: منظومة الاحتلال الإسرائيلي تواصل منهجيتها في استهداف الصحفيين
  • رصاص الفراشة الحديدية المتفجر.. كيف أصبح سلاحا للاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين؟
  • صحف عالمية: التجاهل المتعمد لانتهاك إسرائيل حقوق الفلسطينيين انحراف خطير
  • أونروا تحذر: حظر إسرائيل مساعدتنا لملايين الفلسطينيين يقترب
  • تفاصيل خطة الكنيست الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين من شمال غزة
  • باحث: الاحتلال الإسرائيلي يضغط على الفلسطينيين لإسقاط حماس
  • إعلام عبري يكشف حالة نتنياهو الصحية بعد عملية استئصال البروستات
  • إعلام عبري يكشف حالة نتنياهو الصحية بعد عملية استئصال البروستات والأخير يغرّد على "إكس"
  • خبير بالشأن الإسرائيلي: «نتنياهو» يعرقل الوصول إلى صفقة تبادل الأسرى