ساعدونا في معارضة استبداد نتنياهو
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
ترجمة: أحمد شافعي -
فوجئ كثيرون في المجتمع الدولي بمذكرتي الاعتقال الصادرتين من المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت. فكيف لبلد يفترض أنه ديمقراطي دستوري مقيد بسيادة القانون ويفترض أن فيه قضاء مستقلا أن يُدَّعى عليه مثل هذا الانتهاك الجسيم للقوانين والأعراف الدولية؟
غير أن الذين تابعوا في فزع ما يجري منذ عام من إبادة جماعية ما كانوا بحاجة إلى أن توضح لهم المحكمة الجنائية الدولية ما يعرفون من حجم جرائم الحرب والأعمال الوحشية المرتكبة في غزة.
وقد استعملت حكومة إسرائيل مفهوم الشرعية الجوفاء نفسه لتسويغ قتل أعداد كبيرة من الفلسطينيين في غزة، واستهداف المستشفيات والمراكز الطبية، ومنع توزيع المساعدات الإنسانية، وطرد سكان شمال غزة بالقوة. وحينما تستعمل المجاعة والحرمان من ضروريات الحياة البشرية الأساسية ضمن أساليب الحرب على مدى أكثر من عام، فأي كلمة يمكن استخدامها لوصف هذا الواقع غير الإبادة الجماعية؟ وفي الوقت نفسه، ثمة حملة تطهير عرقي مستمرة في الضفة الغربية، حيث تعرض السكان في أكثر من عشرين حي للطرد الجبري وسط مستويات متصاعدة من عنف المستوطنين. وفي هذا الصدد، تأتي مذكرتا المحكمة الجنائية الدولية متأخرتين أكثر مما ينبغي، وأقل أيضا مما ينبغي.
لم تصب الدهشة الفلسطينيين، ولا الإسرائيليين في حقيقة الأمر. فنحن نقرأ ونرى تصريحات الحكومة الإسرائيلية، بلا تنقية ولا ترجمة. ونعرف وزراء بارزين احتفوا بقتل الأبرياء بينما أعلن آخر عن خطته لإفراغ أكثر من نصف السكان من أجل إفساح المجال للمستوطنات اليهودية في غضون السنوات القليلة المقبلة. لكن عندما تحدثت أنا، بوصفي عضوا في الكنيست، ضد هذه الجرائم في البرلمان، عوقبت بقسوة. إذ أقضي حاليا عقوبة الإيقاف لمدة ستة أشهر عن جميع الأنشطة البرلمانية لاستخدامي مصطلح «الإبادة الجماعية». وقد ذكرت لجنة الأخلاقيات أنها توصلت إلى القرار على أساس استخدامي لمصطلح «الإبادة الجماعية» ومعارضتي لجرائم الحرب المزعومة التي ارتكبت في غزة.
في ديستوبيا البرلمان الإسرائيلي الأورويلية، يعتبر المحتفون بجرائم الحرب أبطالا، في حين يتعرض المناضلون من أجل العدالة للاضطهاد والتخوين. وما عقوبتي إلا استمرار للاضطهاد السياسي بسبب معارضي للحرب القذرة وانتقادي لحكم نتنياهو الدموي.
ولست وحدي المعارض لاستبداد نتنياهو. ذلك أن المعارضة السياسية المتسقة داخل إسرائيل ذاتها، والتي تتألف من يهود ديمقراطيين ومواطنين عرب، تجد هي الأخرى أن فكرة الديمقراطية في إسرائيل تحت حكم نتنياهو عبثية. فالديمقراطية في إسرائيل لم توجد قط وجودا حقيقيا، وذلك لأن تعريف دولة إسرائيل وفقا لمفهوم عرقي يتناقض مع المساواة السياسية.
فالدولة التي تعلن قوانينها الأساسية تفوق مجموعة سياسية على أخرى لا يمكن اعتبارها دولة ديمقراطية، بل هي دولة عرقية. وإسرائيل منذ تأسيسها تنتهج سياسات تمييزية تجاه مواطنيها الفلسطينيين في شتى مناحي الحياة ــ من الإسكان، والتوظيف، والرعاية الاجتماعية، والتعليم. وحتى قانون الحقوق الإسرائيلي المفترض، أي (القانون الأساسي: الكرامة والحرية الإنسانية) لا يجرؤ على ذكر الحق في المساواة.
غير أن حكومة نتنياهو الحالية تتميز عن سابقاتها بأنها لا تتظاهر بالتمسك بأي وهم بالديمقراطية. وقوام هذه الحكومة الإسرائيلية الجديدة هو من أسوأ ما في المجتمع الإسرائيلي، ففيها المزيد من الوزراء الأشرار، والمزيد من المتعصبين العنصريين، والمزيد من المستوطنين المسيحانيين، والمزيد من المتعصبين المجرمين. ولقد ورد في النقطة الأولى من اتفاق تشكيل الحكومة أن «الشعب اليهودي يمتلك الحق الوحيد الذي لا يسقط في كامل أرض إسرائيل، وأن الحكومة سوف تعمل على إقامة المستوطنات في جميع أجزائها، بما في ذلك يهودا والسامرة»، كان ذلك قبل هجمات السابع من أكتوبر التي أدنتها أنا وجميع المواطنين بأشد العبارات قسوة. وقلنا إنه حتى الفظائع التي ارتكبها الاحتلال لا يمكن أن تسوغ مثل هذه المذبحة الرهيبة التي ارتكبتها حماس ضد الأبرياء ـ ولكن بالمنطق نفسه، فإن هذه المذبحة الرهيبة لا يمكن أن تسوغ الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في غزة.
في الوقت الراهن، تعمل حكومة إسرائيل مع كل يوم يمر على صياغة دولة أكثر جمودا، وعنفا، وسفورا في العنصرية. وتحت ستار مكافحة الإرهاب، تجاز بسرعة متزايدة تشريعات تهدف إلى تقليص المجال الديمقراطي. ويتعرض المعلمون والأكاديميون والطلبة والصحفيون والعمال جميعا للاستهداف والرقابة والإسكات. وتجري حاليا صياغة مشروع قانون خاص لمنع الأحزاب التي يشكل المواطنون العرب في إسرائيل غالبية أعضائها من المشاركة في الانتخابات الوطنية.
وينتظر المستوطنون المتعصبون الضوء الأخضر لإعادة احتلال قطاع غزة، بل إنهم ينظمون حملات بالفعل خارج حدود القطاع دون تدخل من جانب أجهزة تنفيذ القانون. ويتركز الفلسطينيون في جيوب تزداد صغرا، تستهدفها قوة عسكرية تزداد ثقلا. والآن تجري «الخطة الحاسمة»، التي تصورها لأول مرة عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش، في حين يسعى نتنياهو إلى تحقيق وهمه بأن يكون أول رئيس وزراء إسرائيلي منذ عقود يوسع أراضي الدولة. ومن أجل تحقيق هذه الخطة، فهو على استعداد لإغراق المنطقة بأكملها في أنهار من دماء اليهود والعرب والإسرائيليين والفلسطينيين. وتضحي حكومته بالرهائن ولا ترى خطأ في التخلي عن كل أمل في وقف إطلاق النار الكامل والسلام.
علينا أن نستمر في الإيمان بأن السلام العادل ممكن وأن نعمل على تحقيقه. وفور أن يشعر الناس بأن الحرية والعدالة قريبان، فإنهم سوف ينزعون إلى رفض التعصب والعنف وتبني حلول أكثر عقلانية وسلمية. وبالتالي، يمكن أن تنتهي حتى أكثر الصراعات مرارة.
يجب أن يظل الأمل حيا في إسرائيل وفلسطين أيضا، ولكن لا ينبغي أن يعمينا عن الواقع المظلم الذي نعيشه اليوم. فعلى المجتمع الدولي أن يفهم أن دعم حكومة إسرائيل يتعارض مع دعم شعب إسرائيل. فحكومتنا هي أكثر ما نخشاه ولا بد من التخلص منها. ولو أنكم راغبون حقا في الأفضل لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين، فعليكم تسليحنا بوسائل السلام والحرية، وليس بالحرب والدمار.
عوفر كاسيف عضو في الكنيست يمثل الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش) منذ عام ٢٠١٩
عن الجارديان البريطانية
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة فی إسرائیل فی غزة
إقرأ أيضاً:
كيف تفاعل النشطاء مع إفراج إسرائيل عن الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين
لكنها عادت وأفرجت اليوم الخميس عن الأسرى الـ600 الذين عطلت الإفراج عنهم، وذلك بالتزامن مع تسلم الصليب الأحمر جثث 4 أسرى إسرائيليين، وهم: إيتسيك إلغارت، أوهاد يهالومي، شلومو منصور، وتساحي عيدان.
ووفقا لحلقة 2025/2/27 من برنامج "شبكات"، فقد أرجأت حكومة الاحتلال الإفراج عن 46 أسيرا فلسطينيا جديدا لحين التأكد من هويات الجثث الأربع، وهو ما تم لاحقا.
وفي حين تم إبعاد 97 من المفرج عنهم إلى خارج الأراضي الفلسطينية، وصل آخرون إلى مدينة رام الله بالضفة الغربية، حيث كان ذووهم في انتظارهم منذ أسبوع.
تحرير بالقوة
وتفاعلت مواقع التواصل مع إطلاق سراح هذه الدفعة المؤجلة من الأسرى الفلسطينيين، حيث كتب أحمد يقول: "الفلسطينيون استطاعوا تحرير أسراهم بالقوة غصبن عن (رغما عن) إسرائيل، في المقابل بنيامين نتنياهو لم يستطع تحرير الأسرى الصهاينة إلا بالتفاوض مع حماس".
كما كتب صلاح: "عار أن يشتكي الأسرى الفلسطينيون الذين خرجوا من سجون إسرائيل بعاهات مستديمة ومعاملة زى الزفت والقطران ! ثم يقام للأسرى الإسرائيليين لدى حماس المفرج عنهم الرقص والاحتفالات وكل مظاهر التبجيل والاحترام".
أما عمار، فقال إن الافراج المتزامن ولأول مرة منذ بدء الحرب "يعد إنجازا للمقاومة، بعد أن كانت إسرائيل تلعب بتوقيت إخراج الأسرى وتماطل حسب مزاجها".
إعلانوأخيرا، كتبت نورى تقول: "بكل صدق رؤية الأسرى وآثار التعذيب ظاهرة في وجوههم يجعلني أحقد أكثر على إسرائيل"، مضيفة: "المقاومة لديها كل الحق في القتال من أجل تحرير هؤلاء الأسرى.. لا أعتقد أن أي أسير منهم يمكنه أن ينسى أو يغفر لإسرائيل".
من جانبها، قالت حركة حماس إنها "فرضت التزامن في عملية تسليم جثامين أسرى العدو مع إطلاق سراح أسرانا الأبطال لمنع الاحتلال مواصلة التهرب من استحقاقات الاتفاق".
وهذه هي الدفعة الأخيرة من عمليات التبادل المنصوص عليها في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، والتي من المفترض أن تنتهي السبت المقبل.
إسرائيل تحاول التراجع
ولا تزال المقاومة تحتفظ بـ59 أسيرا إسرائيليا يعتقد أن 24 منهم ما زالوا أحياء، ومن المفترض أن يتم إطلاق سراحهم في المرحلتين الثانية والثالثة، وفق ما تقوله وسائل إعلام إسرائيلية.
لكن حكومة الاحتلال ترفض الانتقال إلى مفاوضات المرحلة الثانية التي ستنتهي بوقف الحرب وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة بشكل كامل، وهي تطالب حاليا بتمديد المرحلة.
وفي حين أكدت حماس رفضها تمديد المرحلة الأولى، وأنه لم يعد أمام إسرائيل سوى الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق، قال مسؤول إسرائيلي إن وقف إطلاق النار في شكله الحالي يمكن تمديده إذا استمرت حماس في إطلاق سراح الأسرى وإلا فإن البديل هو العودة للقتال.
وتخالف إسرائيل بموقفها الاتفاق الذي وقعت عليه سابقا والذي قالت المقاومة إنها التزمت بكل ما عليها من التزامات فيه، وطالبت الوسطاء بإلزام الاحتلال بتنفيذ تعهداته.
27/2/2025