هكذا استغلت المعارضة السورية المسلحة الفراغ الذي تركه "حزب الله" للسيطرة على مدن عدّة
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
◄ "حزب الله" أعاد انتشار قواته مع بدء الحرب ضد الاحتلال الإسرائيلي
◄ تدهور قدرة روسيا على دعم الأسد بسبب الحرب مع أوكرانيا
◄ محللون: المعارضة السورية استغلت الفراغ الذي تركه "حزب الله"
◄ "وول ستريت جورنال": تأثر القوة القتالية لـ"حزب الله" ساهم في خسارة الجيش السوري لحلب
◄ الانسحاب الفوضوي للجيش السوري يشير إلى ضعف التدريب العسكري
◄ بشار الأسد بتعهد بـ" استخدام القوة للقضاء على الإرهاب"
الرؤية- غرفة الأخبار
تواصل فصائل المعارضة السورية المسلحة تقدمها في عدد من البلدات والقرى جنوبي مدينة حلب، إذ تمكنت من السيطرة على بلدة خناصر في محاولة لقطع طريق الإمدادات الرئيسي للجيش السوري إلى المدينة.
وكانت هذه الفصائل المسلحة التي تقودها "هيئة تحرير الشام" أطلقت، الأربعاء، عملية أسمتها "ردع العدوان"، وسيطرت على مساحات واسعة في شمال غرب سوريا، بما في ذلك معظم مدينة حلب.
واعتبرت صحيفة "فايننشال تايمز البريطانية" أن ما يحدث "أكبر انتكاسة للنظام السوري وداعميه منذ سنوات عديدة".
ويرى محللون أن الفصائل السورية المسلحة سعت لاستغلال الفراغ الذي تركه حزب الله في سوريا، لإحراز تقدم عسكري واستعادة مناطق فقدت السيطرة عليها عام 2016 بعد هجوم للقوات الحكومية السورية بدعم من حليفتها روسيا.
ومنذ بدء عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها الفصائل الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023، تصاعدت الغارات الإسرائيلية بشكل غير مسبوق على الأراضي السورية، مستهدفة مواقع لقوات النظام وأهدافا إيرانية وأخرى لحزب الله.
وقال أحد كبار المحللين المختصين بالشأن السوري، ننار حواش، لشبكة "سي إن إن" الأمريكية إن "الفصائل المسلحة ترى فرصة لاختبار الخطوط الأمامية مع إضعاف حزب الله، وضغوط على إيران، وانشغال روسيا بأوكرانيا، وفوجئوا بالنجاح الذي حققوه، وفاق ما كانوا يتوقعونه، ليبدأوا بعدها بالضغط بقوة".
وأوضح حواش أن الفصائل المسلحة أقدمت على ذلك بعد أن رأت "تحولاً ملحوظاً بميزان القوى".
وسلط تقرير نشرته "وول ستريت جورنال" الضوء على الأسباب التي جعلت المعارضة السورية المسلحة تحقيق تقدم كبير ومفاجئ أمام الجيش السوري.
وأشار التقرير إلى أن حالة الضعف التي يعاني منها حزب الله اللبناني والذي كان يعد القوة القتالية الأكثر فاعلية لدعم نظام الأسد، لعبت دورا كبيرا في خسارة النظام لحلب، حيث أعاد الحزب انتشار قواته في حربه ضد الاحتلال الإسرائيلي.
ويقول التقرير إن هذه المواجهة مع إسرائيل تركت فراغا عسكريا في سوريا، وكشف عن أن قوات الأسد تفتقر إلى التدريب والانضباط لمواجهة قوى المعارضة، مما أدى بالنتيجة إلى انسحاب فوضوي من حلب.
كما لفت إلى تدهور قدرة روسيا على دعم نظام الأسد بصورة كبيرة بسبب استنزاف مواردها العسكرية في أوكرانيا، فقد أضعفت الحرب الطويلة روسيا عسكرياً واقتصادياً، مما جعل ضرباتها الجوية في سوريا قليلة التأثير في تقدم المعارضة.
وفي المقابل، شدد الرئيس السوري بشار الأسد، الأحد، على أن "الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة"، في الوقت الذي يشهد فيه شمال بلاده قصفا مكثفا لصد هجوم الفصائل المسلحة.
وشدد في اتصال هاتفي مع بادرا غومبا القائم بصلاحيات الرئيس في جمهورية أبخازيا، على أن "الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة وهي اللغة التي سنكسره ونقضي عليه بها أيا كان داعموه ورعاته.. كما أن الإرهابيين لا يمثلون لا شعبا ولا مؤسسات يمثلون فقط الأجهزة التي تشغلهم وتدعمهم".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: المعارضة السوریة السوریة المسلحة الفصائل المسلحة حزب الله
إقرأ أيضاً:
السؤال المهم عن سوريا!
صالح البلوشي
في الساعات الأولى من فجر يوم الأحد الموافق 8 ديسمبر 2024، تناقلت وكالات الأنباء العالمية خبر مُغادرة الرئيس السابق بشار الأسد لسوريا، ودخول قوات هيئة تحرير الشام إلى العاصمة دمشق بعد 14 عامًا من الثورة المسلحة، هذه الثورة التي بدأت سلمية تُطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية، ولكنها سرعان ما تحولت بعد أشهر قليلة إلى ثورة مُسلحة، شاركت فيها جماعات سورية مُنشقَّة عن النظام مثل الجيش السوري الحر، ثم التحقت بها جماعات راديكالية مسلحة جاءت من شرق الأرض وغربها، برعاية دول مختلفة الأفكار والتوجهات، ما بين متطرفة وشديدة التطرف وإرهابية، جميعها شدت الرحال إلى سوريا بحجة الجهاد في سبيل الله أو الدفاع عن الأماكن المُقدسة.
لكن كثيرًا من هؤلاء كانوا لا يعلمون- أو يعلمون- بأنهم في الواقع كانوا يدافعون عن مصالح دول أخرى، استغلت الوضع لوضع موطئ قدم لها في الجغرافيا السورية، مثل روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل وبعض الدول العربية وغيرهم، حتى بزغ نجم تنظيم الدولة الإسلامية الذي كاد أن يبتلع سوريا والعراق معًا لولا تدخل التحالف الدولي ضده من الجو وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" وقوات عشائرية في الأرض استطاعت طرد تنظيم الدولة "داعش" من معظم المناطق والمحافظات السورية التي قامت باحتلالها، ولم يتبق لهذا التنظيم المتطرف إلّا بعض الجيوب الصغيرة في بعض المناطق.
وبينما كانت الفصائل المسلحة تختلف وتدخل في صراع دامٍ بينها وتُكفِّر بعضها البعض، كان النظام في دمشق يتنفس الصعداء وهو يُشاهد اقتتال أعدائه مُتمتعًا بحماية كاملة من روسيا وإيران والتنظيمات المسلحة التي جاءت من خارج الحدود، ناسيًا أو مُتناسيًا أنَّ الحلفاء قد يستغنون بكل سهولة عن حليفهم في حال تغيرت المصالح الدولية ونشأت ظروف أخرى يكون فيها الاستمرار في الدفاع عن الحليف عبئًا ثقيلًا عليها.
هكذا هي الأنظمة الاستبدادية في كل عصر، تعتقد أنها خالدة وتنسى في غمرة الشعور بالقوة والانتصار أن الشرعية تأتي دائما من الشعب وليس من الخارج، وأن الحليف الدائم لها هو الشعب وليس القوى الخارجية، فمشكلة هذه الأنظمة أنها لا تقرأ التاريخ، ربما لانشغالها بأمور الحكم وبناء التحالفات، فلو كانت الحكومة السورية السابقة -مثلًا- وافقت على القرار الدولي رقم 2254 الذي كان يهدف إلى وضع إطار لحل سياسي للأزمة السورية، لجنبت البلاد سنوات الدمار التي أعقبت القرار وما وصل إليه الوضع اليوم، ولكن للأسف ونتيجة لتدخل الأطراف الدولية التي لم تكن تُريد إنهاء الحرب وتريد استمرار الأعمال القتالية بين أطراف النزاع لم تنفذ بنود القرار بشكل كامل.
لقد استطاعت هيئة تحرير الشام الدخول إلى دمشق دون إطلاق رصاصة واحدة والاستفراد بالحكم وإقصاء الفصائل والشخصيات المعارضة الأخرى بالداخل والخارج، وبقيت بعض الفصائل تحتفظ بالمناطق التي تحت سيطرتها وتترقب الأوضاع، بينما تحتفظ الولايات المتحدة وتركيا بوجودهما العسكري، واستغلت "إسرائيل" الفرصة وقصفت ما تبقى من مُقدَّرات الجيش السوري وتوغَّلت في بعض المناطق، ولا تزال تقصف حتى كتابة هذه السطور.
وفي الجانب السياسي لا يزال شد الرحال إلى دمشق مُستمرًا من بعض عواصم الشرق والغرب، ولكن يبقى السؤال الأهم لدى السوريين: هل تُحقق الفصائل المسلحة الأهداف التي حاربت 14 عامًا من أجلها وكلَّفت الشعب السوري أكثر من نصف مليون قتيل وملايين المهجَّرين وتدمير أغلب المُحافظات وانهيار اقتصادي تام للدولة؟
يقول المفكر الراحل عبدالله القصيمي: "مهما كان النَّاس طيبين، فكم هو غباء أن نلتمس الحرية لدى من قفزوا فوق التاريخ بالتآمر والسلاح".
رابط مختصر