جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-17@04:34:16 GMT

من ذاكرة التاريخ: "الرُز المُر"

تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT

من ذاكرة التاريخ: 'الرُز المُر'

 

علي عبدالله اللواتي  

رجل أربعيني ذو شخصية هادئة وعبقرية تجارية، كان ضمن مجموعة إخوة، وهم أحمد وقمر وعلي وعبد الأمير، عملوا على توسعة مجموعة شركات والدهم سلطان فاضل المُسماة بشركة "دبليو. جي. تاول وشركاه".

ورغم شدة عطفه على الفقراء والأيتام، وتخصيصه يوم الجمعة لزيارتهم، كانت له شخصية مهابة من جهة، وخدومة من جهة أخرى، ممتدة اليد تجاه من عرفه ومن لم يعرفه، فقد كان يكرر: "هذا من فضل ربي".

إنِّه المغدور به عبد الأمير بن سلطان بن فاضل، خامس أصغر شخصية قيادية من أبناء المرحوم سلطان فاضل، ونظرا لرقة عواطفه، خصوصا على الفقراء والقاصدين له، فقد لُقِب "بجوهر العائلة".

عُرف المغدور به أيضًا بـ"حلال المشاكل"، لاهتمامه بحل الخلافات الأسرية، وكان قد تخرج في المدرسة السعيدية، مُحبًا للعلم، واستقر به الحال بعد التخرج في الكويت ومنها انطلق مؤسسًا لتجارة العائلة.

يذكر سائقه أحمد، وكذلك حسن مندوب العلاقات العامة في مؤسسته، أنه كان يشجعهما على الالتحاق بالدراسة مساءً، ويمنحهما مبالغ مالية لشراء القرطاسية، ولولا هذا التشجيع والدعم والسخاء من جانب عبد الأمير لما تمكن حسن من الحصول على وظيفة في "مطار السيب الدولي" كما كان يُعرف سابقًا وفي بداية عصر النهضة.

ربما لا يعلم الكثير بأن المغدور به كان قد قدم دعمًا للطلبة العُمانيين القاصدين روسيا وبعض البلدان العربية كاليمن والعراق ومصر للتعلم، ليس هذا فحسب، وإنما ساهم مع الشيخ أحمد السعدون الذي كان يعمل على ملف إرجاع العُمانيين من اليمن ودول عربية أخرى فور تقلد السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- الحكم في عام 1970، فقد كان يعمل جاهدًا على توفير سكن لهم، وكذلك مستلزمات ضرورية تمكنهم من السفر بما فيها شراء تذاكر السفر ونفقة الجيب لاستقبال هؤلاء وتوفير ضروريات المعيشة لهم.

لكن شاءت الأقدار أن يبدأ معه مشوار الخديعة من لبنان، والذي انتهى باغتياله. وبدايات المأساة كانت عندما رست مناقصة شراء الأرز الباكستاني من الحكومة الباكستانية على شركتهم (شركة تاول)، بجهود متميزة بذلها أخوه الأكبر أحمد سلطان، ولكنَّ تاجرًا عراقيًا يُدعى مهدي بن صالح اليعقوبي، والذي كان منافسًا لهم في نيل المناقصة، وعندما فقدها ولم ترسو على شركته، طالب شركة "دبليو جي تاول وشركاه" بدفع عمولة تقدر بمائة ألف دينار كويتي، بحجة أنه صاحب الفضل في رسو المناقصة الباكستانية على شركة "دبليو جي تاول وشركاه"، ولرفضها ذلك، باشر المدعو اليعقوبي برفع قضية على الشركة، وعندما لم يكتب للقضية النجاح، دبّر مكيدة عبر شركة وهمية بعث من خلالها ببرقية إلى شركة "دبليو جي تاول" يدعوها للحضور إلى بيروت لمناقشة مشروع بناء مدينة سكنية متكاملة على غرار مدينة السلطان قابوس في مسقط، فانطلق المغدور به لحضور ذلك الاجتماع الوهمي، نيابة عن أخيه الأكبر أحمد سلطان، والذي أصيب بوعكة صحية، ويقول المقربون إن عبدالأمير لم يكن مرتاحًا من هذه السفرة، وهذا الشعور كان قد سرى في أفراد الأسرة أيضًا، إلّا أنه آخر المطاف حسم الأمر وتوجه نحو ما خططه القدر.

وفي بيروت، كان اليعقوبي قد حجز له غرفة في فندق "هوليداي إن"، وعند الاجتماع بينهما في غرفة الفندق وبحضور ولد اليعقوبي، احتدم النقاش بينهما حول دفع  العمولة إجبارًا، واستعرت المناقشة والاحتدام بعدم أحقيته في نيل العمولة لتنتهي بإخراج اليعقوبي مسدسًا من جيبه، وأفرغ رصاصاته في قلب عبد الأمير ليُرديه قتيلًا، وكان مقتله في يوم الجمعة، وقد تمَّ إخفاء جثته في الغرفة لفترة حتى تم اكتشافها بعد يومين من مقتله.

تناقلت وسائل الإعلام الكويتية الخبر، وكذلك بعض الصحف اللبنانية، وانتشر خبر مقتل التاجر العُماني عبد الأمير في بيروت، وقامت جريدة "الحوادث" العريقة برئاسة الصحفي القدير "سليم اللوزي" بنشر حلقات يومية عن الحادثة تحت مسمى "الرز المُر" ، كما شاركت الأديبة والروائية غادة السمان بكتابة مقال حزين عن الحادثة.

وفي سلطنة عُمان، أغلق مجموعة من التجار محالِّهم حدادًا على مقتل زميلهم، وأصدر السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- أمرًا بسحب القنصل العُماني من لبنان على إثر هذه الحادثة احتجاجًا على هذه الحادثة الأليمة.

وقد نعى المرحوم عبد الأمير، كل البيوت التي كان يصل إليها خير يده، ولا يسعنا إلّا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمك الله يا أبا محمد، وأسكنك في جناته، وخالص التعازي لأسرته.

 (*) العنوان مقتبس من الحلقات التي نشرتها جريدة الحوادث اللبنانية برئاسة سليم اللوزي

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

سلطان بن أحمد القاسمي يشهد انطلاق أعمال مؤتمر مقاصد القرآن الكريم بين التأصيل والتفعيل

الشارقة-وام
شهد سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة رئيس جامعة الشارقة، الأربعاء، انطلاق أعمال مؤتمر «مقاصد القرآن الكريم بين التأصيل والتفعيل» الذي تنظمه كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الشارقة، وذلك في قاعة الرازي بمجمع الكليات الطبية والصحية بالجامعة.
استهل افتتاح المؤتمر بالسلام الوطني، تُليت بعده آياتٍ بيّنات من القرآن الكريم، ألقى بعدها الدكتور حميد مجول النعيمي، مدير جامعة الشارقة كلمةً رحّب فيها بسمو نائب حاكم الشارقة، وضيوف المؤتمر، مشيراً إلى رعاية سموه الكريمة لكافة أنشطة الجامعة ما جعلها تواصل مسيرتها العلمية والأكاديمية بنجاح وتفوق.
وأكد النعيمي أهمية المؤتمر وأهدافه في خدمة البحث العلمي، لافتاً إلى أن جامعة الشارقة تعمل وفق خططٍ إستراتيجية في تنظيم وترتيب مؤتمراتها الدولية وفقاً للموضوعات المختارة التي تتصل بالواقع، وتعمل على صياغة الغد الأفضل للبشرية، ودراسة الآثار المعرفية والحضارية.
وتناول مدير جامعة الشارقة خلال حديثه مكانة الجامعة المرموقة وحصولها على المراكز العليا في التصنيفات العالمية، قائلاً: في التصنيف العالمي للجامعات تبوأت جامعة الشارقة المرتبة 67 عالمياً والمرتبة الأولى محلياً في مجال الاستدامة، وكذلك نيلها للمركز 53 عالمياً والمركز الأول محلياً في جودة البحث العلمي، وما كان لهذه الإنجازات أن تتم وتتصل لولا رعاية سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، نائب حاكم الشارقة، ورئيس الجامعة، الذي وجدنا فيه على دوامٍ واستمرار - من رحابة الصدر، وسخاء النفس، ما وطأ السبل، وأنجح المقاصد.
وفي ختام حديثه تقدم مدير جامعة الشارقة بالشكر والتقدير لرعاة المؤتمر والضيوف والعلماء الأجلاء الذين قدموا للمشاركة من مختلف الدول.


وألقى الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد المستشار بالديوان الملكي السعودي، وإمام الحرم المكي، كلمةً أثنى فيها على جهود إقامة واختيار المؤتمر الذي يعنى بأحد أهم الموضوعات عن مقاصد القرآن الكريم التي تنبثق من التوحيد والعبادة وقيم العدل والرحمة وحفظ الكرامة الإنسانية، وتتجلى في حماية الضروريات الخمس التي أرساها الإسلام وتزكية النفس وتحريرها والسموّ بها.
وتناول إمام الحرم المكي أهمية الاجتهاد في دراسة القرآن الكريم والتخصص في علومه، والتعمق في مقاصده لأنها الكاشفة لحقائق الإسلام ومعالمه والمرشدة إلى معانيه وقيمه والهاديةُ إلى أسراره وغاياته، مشيراً إلى أن المقصود بالمقاصد القرآنية هو الغايات التي نزل القرآن لأجلها تحقيقاً لعبودية الله ومصالح العباد في المعاش والمعاد.
من جانبه، ألقى الشيخ الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف بجمهورية مصر العربية كلمةً تناول فيها اجتهادات العلماء في مقاصد القرآن الكريم، وتفسير معانيه وتدبرها، قائلاً إن الأقرب لمقاصد القرآن هي القضايا الكبرى والموضوعات العامة التي عالجتها آيات القرآن الكريم، والأصوب أن تكون المقاصد هي ما وراء هذه الموضوعات من غاياتٍ وأهدافٍ نزل القرآن لأجلها، وأنّ الجمع بين التأصيل وهو فهم المقاصد بعمق، والتفعيل وهو تطبيق هذه المقاصد بفاعلية هو السبيل لإحياء رسالة القرآن الكريم.
ولفت وكيل الأزهر الشريف إلى أهمية دراسة القرآن الكريم ومعرفة مقاصده، حيث إن القرآن وضع الحلول الناجعة لمشكلات الواقع، ووصف الأدوية الشافية لأدواء النفوس والعقول، وإن تواتر القرآن ليذكّرنا بأننا أمة لها تاريخ، ولها هوية راسخة كالجبال الشُّمّ، وإنّ آياته لتذكرنا بالأخلاق التي يجب أن نكون عليها، وإنّ أوامره لتذكّرنا بأننا أمةُ العلم والعمل.
وفي ختام حفل الافتتاح تفضل سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي بتكريم المتحدثين الرئيسيين ورعاة المؤتمر من المؤسسات المختلفة.
حضر افتتاح المؤتمر إلى جانب نائب حاكم الشارقة كل من: الدكتور عمر حبتور الدرعي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، والشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد المستشار بالديوان الملكي بالمملكة العربية السعودية، إمام وخطيب المسجد الحرام، وفضيلة الدكتور محمد عبدالرحمن الضويني وكيل الأزهر الشريف بجمهورية مصر العربية، والدكتور خليفة مصبح الطنيجي رئيس مجمع القرآن الكريم بالشارقة، والدكتور منصور محمد بن نصار رئيس الدائرة القانونية لحكومة الشارقة، وجمال سالم الطريفي رئيس الجامعة القاسمية، وعبدالله خليفة السبوسي رئيس دائرة الشؤون الإسلامية، وعدد من كبار المسؤولين والعلماء من داخل وخارج الدولة.

مقالات مشابهة

  • سلطان بن أحمد القاسمي يشهد انطلاق مؤتمر «مقاصد القرآن الكريم»
  • سلطان بن أحمد القاسمي يشهد انطلاق أعمال مؤتمر مقاصد القرآن الكريم بين التأصيل والتفعيل
  • فريقا جامعة الأمير سلطان يحصدان المركزين الأول والثالث في مسابقة البرمجة لعام ٢٠٢٥
  • سلطان بن أحمد القاسمي يشهد انطلاق النسخة الثانية من معرض الصحة والسلامة والبيئة 2025
  • سلطان بن أحمد يشهد توقيع اتفاقية تعاون بين «التنمية الاقتصادية» و«الشارقة للإعلام»
  • رسالة محبة وتقدير من الرئيس أحمد الشرع لأخيه سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني
  • جامعة الأمير سلطان تطلق “منارة الرياض الفضائية” لتدريب الطلبة على تقنيات الفضاء
  • لمواكبة مستهدفات رؤية السعودية 2030.. جامعة الأمير سلطان تطلق “منارة الرياض الفضائية” في مقرها لتدريب الطلبة على تقنيات تتبّع الأقمار الصناعية واستكشاف الفضاء
  • مركز الأمير سلطان للدراسات والبحوث الدفاعية يوقع 6 عقود واتفاقيات بحثية خلال المعرض الدولي للتعليم
  • الأمير فيصل بن خالد بن سلطان يهنئ جمعية “معافى” بمناسبة حصولها على جائزة عربية في مكافحة التبغ