المهام التعليمية بدلًا عن العقوبة السالبة للحرية
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
سمر بنت سعيد الراسبية **
أشارت الأمم المتحددة إلى العقوبات البديلة، وذلك في مؤتمرها السابع الذي عُقد في ميلانوعام 1985 وذلك لمعالجة ظاهرة اكتظاظ السجون وتم إدراجها ضمن قواعد طوكيو(قواعد الأمم المتحدة النموذجية للتدابير غير الاحتجازية)، التي تهدف إلى إيجاد بدائل للعقوبات التقليدية السالبة للحرية مع الأخذ بعين الاعتبار جسامة الجريمة ومدى خطورة الجاني على المجتمع؛ إذ لا يمكن تطبيق العقوبات البديلة إلا في المخالفات والجنح البسيطة.
بالتالي تأتي العقوبات البديلة لتساهم بشكل كبير في الحد من الآثار السلبية للسجن على الفرد والمجتمع الناتجة عن انفصال المحكوم عليه عن المجتمع واختلاطه بالسجناء مما قد يولد لديه سلوكيات وأفكاراً إجرامية، ناهيك عن المصاريف التي تتكبدها الدولة عند اللجوء إلى عقوبة السجن؛ حيث يكلف السجين الواحد يوميًا حوالي (30- 40 ريالًا عُمانيًا) تُصرف لاحتياجاته اليومية.
ولهذا بدأت التشريعات باتخاذ سياسة الإلغاء التدريجي للعقوبات التقليدية واستبدالها بالعقوبات البديلة كإلزام المحكوم عليه بالعمل في خدمة المجتمع أو الإقامة الجبرية في مكان محدد، حضور برامج التدريب والتأهيل، تكليف المحكوم عليه بمهام تعليمية وغيرها من العقوبات البديلة التي تهدف إلى إصلاح المحكوم عليه وتحقيق الردع.
ومن الأمثلة أيضًا على العقوبات البديلة "تنفيذ مهام تعليمية"، والتي يتم من خلالها تكليف المحكوم عليه بمهام، مثل حضور دورات تعليمية أو المشاركة في الأعمال التطوعية أو البرامج التوعوية وكذلك يمكن أن يتم تكليف المحكوم عليه بإعداد أبحاث وتقارير ثقافية وتعليمية أو أية مهمة أخرى تسهم في إعادة تأهيل المحكوم عليه وإصلاحه ليصبح فردًا صالحًا في المجتمع.
وإذا ما تحدثنا عن دول مجلس التعاون الخليجي وموقفها تجاه العقوبات البديلة، تعد دولة قطر من الدول التي بادرت إلى تبني العقوبات البديلة وإدراجها ضمن تشريعها الوطني. وذلك بعد صدور القانون رقم 23 لعام 2009 بتعديل نص المادة رقم 57 من قانون العقوبات لسنة 2004 والذي أدرج فيها عقوبة "التشغيل الاجتماعي"، ضمن العقوبات الأصلية التي تعطي القاضي سلطة تقديرية للحكم بها منفردة، كما جاء في نص المادة 63 من نفس القانون؛ حيث يجوز للمحكمة بناءً على طلب النيابة العامة أن تحكم بعقوبة التشغيل الاجتماعي لمدة لا تزيد على 12 يومًا، أو أن تستبدل هذه العقوبة بعقوبة الحبس الذي لا يجاوز هذه المدة أو بعقوبة الغرامة المالية، وذلك في الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبالغرامة التي تزيد على ألف ريال قطري، أو بإحدى هاتين العقوبتين، متى رأت المحكمة أن طبيعة الجريمة أوالظروف التي ارتكبت فيها تبرر ذلك.
وحذت حذوها كل من مملكة البحرين ودولة الكويت والمملكة العربية السعودية، ومن ثم الإمارات العربية المتحدة؛ لتتبنى هي الأخرى العقوبات البديلة لتصبح جزءًا من تشريعها الوطني.
أما بالنسبة للتشريع العُماني لم يتطرق إلى العقوبات البديلة في قانون الجزاء العُماني، وإنما اكتفى بإدراجها تحت مسمى العقوبات التبعية والتكميلية والتي تناولتها كل من المادة 57 و58 من القانون؛ إذ إن الحكم بهذه العقوبات يتوقف على نطق القاضي بها عند الحكم بالعقوبة الأصلية، بحيث لا يمكن أن تُرد كعقوبة وحيدة، وإنما تلحق العقوبة الأصلية؛ لذلك سُميت بالعقوبات التبعية والتكميلية. ونستحضر في هذا السياق ما قضت به المحكمة الإبتدائية بالدقم، بإدانة حَدَثٍ جانحٍ بجنحة السرقة ليلًا، وإلزامه بحفظ خمسة أجزاء من المصحف الشريف خلال مدة سنة.
وأخيرًا.. نرى أنه قد آن الآوان للمشرع العُماني أن يُدرج العقوبات البديلة ضمن تشريعه الوطني؛ لما لها من مزايا في إعادة تأهيل المحكوم عليه؛ بما يتماشى مع رؤية "عُمان 2040" التي تهدف إلى مواكبة المتغيرات والتطورات الإقليمية والعالمية، وكل ما يصب في مصلحة الفرد والمجتمع، فضلًا عن تحقيقها للغاية المرجوة من العقوبة وهي الإصلاح.
** باحثة ماجستير بكلية الحقوق في جامعة السلطان قابوس
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بنك مسقط.. مسيرة متواصلة في دعم الشباب العُماني وتوفير فرص التطوير والنمو
مسقط- الرؤية
يحرص بنك مسقط- المؤسسة المالية الرائدة في سلطنة عُمان- على رفد الشباب العماني بالخبرات وتنمية مهاراتهم وقدراتهم في مجالات العمل، من خلال البرامج والورش التدريبية التي ينظمها باستمرار مع الحرص على توفير الفرص الوظيفية لهم في مختلف دوائر وفروع البنك.
ويمثل الاهتمام بهذه الفئة ومناقشة ما تم إنجازه سنويًا محطة مهمة لدراسة النتائج التي تحققت في هذا الجانب واستكشاف الفرص المستقبلية للاستمرار في ترسيخ مبدأ المشاركة الفاعلة القائمة على التميز والإبداع من خلال تعزيز التعلم وتطوير المهارات المختلفة للكوادر البشرية العُمانية.
ويلتزم بنك مسقط بتبني مختلف المبادرات المبتكرة من أجل الاستمرار في توفير فرص التعلم وتطوير المهارات، كما أن البرامج التي ينفذها تهدف إلى تشكيل بيئة خصبة للأفكار الإبداعية والاستفادة من تجارب الآخرين، حيث يعمل البنك وفق خطة واستراتيجية تساهم في تحقيق المزيد من النجاحات والإنجازات في مجال تنمية وتطوير الموارد البشرية وتعمل على فتح آفاق جديدة أمام الشباب العُماني لإظهار قدراتهم ومهاراتهم في مجال العمل لذلك يقوم سنويًا بتحديد كافة الاحتياجات بمختلف الدوائر في البنك والأخذ بعين الاعتبار كافة المستجدات ومتطلبات البنك من القوى البشرية من كافة التخصصات المصرفية.
وأكد سعيد بن سالم العوفي، مدير عام الموارد البشرية والأعمال الإدارية ببنك مسقط، الأهمية الكبيرة التي يحتلها الشباب ودورهم المحوري في بناء المجتمع فهم شركاء فاعلون في إنجازات اليوم وينظر لهم باعتبارهم قادة الغد، مضيفًا: "في بنك مسقط نفتخر بالشباب العُماني الذين يعملون في مختلف دوائر وفروع البنك فهم ركيزة أساسية في رحلة نجاح البنك، لذا نحرص بشكل سنوي على توفير مختلف الفرص التعليمية والتدريبية لتمكينهم من تحقيق طموحاتهم وتعزيز أدائهم في الأعمال التي يقومون بها".
وعبّر عدد من الشباب العماني الذين يعملون في البنك عن رأيهم بخصوص الفرص التي يوفرها لهم بنك مسقط للنمو والتطور، حيث قالت إسراء بنت طلال العريمية مدير وحدة -بالإنابة- الأعمال المصرفية للشركات الكبيرة، إن ثقافة البنك تدعم بشكل كبير موضوع التطور المهني من خلال البرامج التدريبية وورش العمل، فلقد شاركت في الكثير من هذه الدورات منها التمويل والتحليل المالي وأيضا في دورات تركز على المهارات الشخصية مثل مهارات التفاوض والتعامل مع الشخصيات المختلفة، حيث أضافت هذه الدورات قيمة كبيرة لها، مضيفة: "نصيحتي للشباب هي أن يكونوا منفتحين على التعلم المستمر وأن يواصلوا تطوير مهاراتهم الشخصية والمهنية ولا يترددوا في طلب المساعدة من زملائهم، ومن المهم أن يكون الشخص متفائلا ومرنا ومستعدا لمواكبة التغيرات في سوق العمل."
وشاركها الرأي محمد بن عبدالله المخيني مدير فرع منطقة الشرية بولاية صور، قائلاً: "يجب على الشباب أن يكونوا مرنين ومنفتحين على التحديات الجديدة وأن يسعوا لبناء علاقات قوية داخل المؤسسة. وعن الفرص التدريبية التي استفاد منها، أشار بأنه استفاد من ورش العمل المتخصصة في الإدارة كذلك برامج القيادة مثل برنامج جدارة لمدراء الفروع وكل هذه الفرص ساهمت في تعزيز معرفته المالية وتطوير مهاراته مما أهلّه لأدوار قيادية أكبر.
ومن جانبها، وضحّت نجلاء بنت علي الحسنية، مسؤول أول الابتكار التقني، أنه من الطبيعي مواجهة التحديات في البداية، ولكن الأهم هو الاستفادة والتعلم منها والاستمرار في التطور، كما أنه لا يجب رفض الفرص فكل شيء يعد تجربة للتعلم والنضج واكتشاف الذات، مؤكدة أن التغيير قد يكون مخيف في البداية، ولكن بسرعة سيجد الشخص نفسه قد كوّن شبكة دعم واستفاد من أصحاب الخبرات.
وعن دور البنك في دعم الشباب، قالت إن بنك مسقط يسعى بشكل مستمر في تقديم برامج تدريبية متنوعة لتأهيل الكادر الوطني والشباب للقيادة، حيث إنها حظيت بفرصة المشاركة في برنامج تدريب الخريجين وبرنامج تدريب المدراء الجدد مما عزّز بشكل كبير من فهمها وإدراكها للقطاع المصرفي بالإضافة إلى تطوير مهارتها الشخصية كالعمل في الفريق الواحد وابتكار حلول بطرق مختلفة.
كما أشار مازن بن موسى الفارسي موظف في فرع برج الصحوة، إلى النتائج التي حصل عليها نتيجة للدورات التدريبية التي يوفرها البنك حيث حضر دورة تدريبية مقدمة من إحدى المؤسسات التعليمية في السلطنة في موضوع خدمة الزبائن وكيفية التعامل مع الزبائن من ذوي الإعاقة وساهمت المعرفة التي اكتسبها في حصوله على شهادة أفضل موظف في خدمة الزبائن.
وعن النصيحة التي يقدمها للشباب، قال: "من المهم الموازنة بين بيئة العمل والحياة الشخصية إضافة إلى الالتزام في العمل والاعتماد على النفس والحرص على أن يكونوا على اطلاع دائم بالمستجدات".
ويساهم قسم التعليم والتطوير (أكاديمية جدارة) التابع لبنك مسقط في تعزيز الكفاءات الوطنية من خلال برامج التدريب والتطوير الإداري والمهني التي تهدف إلى تطوير مهارات وقدرات الموظفين من خلال وحدات التعليم الإلكتروني والمنح الدراسية والشهادات المهنية وبرامج التدريب على الإدارة والقيادة.
وعلى مدار السنوات الماضية، حرص البنك على تعزيز بيئة العمل النموذجية بهدف تقديم أفضل الخدمات والتسهيلات للزبائن من الأفراد والشركات بحيث أصبح بنك مسقط اليوم الجهة المفضلة للعمل وأحد الخيارات الأساسية لمجموعة كبيرة من الشباب العُماني.
ويعمل لدى بنك مسقط أكثر من 4000 موظف وموظفة في مختلف الدوائر والفروع المنتشرة في مختلف محافظات السلطنة ويحصلون على فرص مختلفة للمشاركة في البرامج والورش التدريبية. وإشادة بدوره في هذا الجانب، توّج بنك مسقط بجائزة أفضل مكان عمل على مستوى العالم لعام 2024م من مؤسسة "أفضل الأماكن للعمل" وهي جهة عالمية موثوقة.